نوفيلا- الجميلة و الدميم - الفصلين السابع والثامن والأخير - بقلم نهال عبد الواحد - مجلة سحر الروايات
الجميلة و الدميم
(7)
بقلم: نهال عبد الواحد
بينما كانت جميلة تقنع زين بمعاودته لفتح مكتبه والعمل معها في المصنع كمستشار قانوني إذ قاطعهم صوت : لكن ماذا أيها الأبله ؟!!!
فإلتفت زين وجميلة ناحية مصدر الصوت فيجدا محمد والد زين.
فسأله زين على مضد :ما الذي أتي بك إلي هنا أبي ؟!!
فأجاب محمد بلامبالاة :أليس هذا بيت أخي ؟!! كأني قد تركته بالأمس فلم يتغير كثيراً.
فقالت جميلة بعملية :تفضل عمي !
وهي تشير لخارج المكتب فخرج محمد وتبعه زين وجميلة وجلس الجميع .
ثم قالت :فلنحل الأمر عمي ، أتمنى أن تُصدقني القول وتخبرني، بالله عليك ما الذي تريده مني ؟!! لكن رجاءً بلا إتهامات لأبي فأنت تعلم جيداً أنه لم يسرق إرثك يوماً ، فلم إذن تعادينا حتى بعد وفاته ؟!!
فأجابها وهو يضع ساقاً فوق الأخرى : ربما تكوني محقة في أنه لم يسرق إرثي ، لكنه سرق كل شيء ، سرق محبة والدي وسرق الفتاة الوحيدة التي أحببتها.
فتابعت بهدوء :ولم تسميها سرقة ؟! لقد كان إنساناً محبوباً وباراً بوالديه لذلك أحباه ، أما أمي فقد كانت جارتكم وقد أحبت أبي وأحبها ،ومن حق كل إنسان أن يحب كيفما شاء ومن يريد لأن الإختيار حينها يكون لا إرادياً ، لكن كل ما ذكرته ليست أسباب .
فتسآل بحنق وحقد واضح :لماذا تفضله عليّ ؟
فأجابه زين بألم :لأنك مع كل أسفي لا تعرف كيف يكون الحب، حتى إنك لم تحبني وأنا إبنك .
فقال محمد مبرراً :تلك مخيلات في رأسك وحدك.
فرفع زين كتفيه بقلة حيلة قائلاً :ربما ، لكن لم تقل حتى الآن ماذا تريد من جميلة ؟
فأردفت جميلة :قبل أي شيء ، إن لك حق في إرث أبي لا أنكره فلم تكن بحاجة لإختطافي أو مثل تلك الأمور.
فأجابها عمها بنفس حقده :لكني أريد نصف ما تملكين فهذا تعويض مناسب لما لاقيته من ظلم طوال حياتي.
فصاح زين:مالك أبي تذهب لنفس النقطة ؟!! أنت لم تُظلم ، أنت جنيت فقط نتيجة أفعالك ، لو كنت ولداً باراً لأحبك أهلك ، لو كنت تفكر بالآخرين لأحبتك حبيبتك ، لماذا تفعل كل هذا ؟ لماذا تود حتى أن تفسد بيننا ؟ وكأن كوني أحب وأجد من تحبني أمراً لا أستحقه ، لأن كل ما جنيته أني إبنك وافتقدتك لكنك تركني بلا سبب محدد وتأتي إليّ كل أمد لتذكرني بعاهتي بدلاً أن تساعدني أتخطى الأزمة ، وكنت ستؤدي بي في قضية عندما جعلتني أخطف إبنة عمي ولم أدري لما أطعت أوامرك ربما لأني أردت أن أشعر برضاك عني ، لكن على أية حال كان ذلك أجمل شيء حدث لي على الإطلاق لأني قابلتها وأحببتها وسأفعل كل شيء من أجلها حتى لو اضطررت للخروج للمجتمع من جديد ومواجهته.
جميلة بسعادة:حقاً ؟!
فأجابها بعينين تضخان كل العشق :نعم ، لأجلك أنت ،لأجلك أنت سأفعل أي شيء .
فصاح محمد :وأنا لن أبارك تلك الزيجة إلا بعد إمضاءك لذلك التنازل.
فصاح زين:كفاك يا أبي ! إتركنا وشأننا.
فقالت جميلة بهدوء :حسناً حسناً عمي سأفعل ، المهم أن نصبح معاً.
فعارضها زين :لا يا جميلة ، لن أسمح لك أن تتنازلي عن أي شيء ، وإلا فلن تريني ثانيةً وسأختفي ولن تجديني أبداً .
فصاحت جميلة :كفاكما ! لماذا تفعلان بي ذلك ؟ تنازلا قليلاً !
فنهض زين قائلاً بجمود :إذن أنت من اختارتي.
وتحرك زين مسرعاً للخارج وأسرعت خلفه جميلة لتلحق به لكنه كان كمن غشيت عينه وانطلق بلا هدف ، لكن فجأة دهسته سيارة مسرعة ، وصرخت جميلة بمليء صوتها فخرج محمد والمربية والجميع ليجدوا زين ملقي بين بركة دماء لا يعلم إن كان لازال على قيد الحياة أم لا.
ونُقل سريعاً إلى المستشفى ودخل إلى غرفة العمليات مباشرةً فقد كان ينزف كثيراً وأكثر مكان قد تضرر هو وجهه فقد كان محطماً تماماً.
وقفت جميلة تنتظر وتبكي بكاءً شديداً وإذا بمحمد تجده قد أتى فصاحت فيه :ماذا تريد؟ لماذا أتيت ؟ أرأيت ما حدث له بسببك ؟ هل ستنفعك الأموال؟ لكن كيف لتلك الأمور أن تهمك ؟ لكن أقسم لك إن حدث له مكروه لن أتركك ، ولن تأخذ مني مليماً وسترى مني وجهاً لم تتخيله حتى في أحلامك.
فقال بنبرة نادمة :إهدئي ابنتي ! لم أعد أريد شيء سوى سلامته.
فهمست بوجع :للأسف كأنك قد فهمت متأخراً .
فربت عليها قائلاً بحنان :إطمأني سيكون كل شيء على ما يرام يا ابنتي !
فصاحت فيه وهي تنزع يده عنها : لا تقل ابنتي ! ولا تتحدث إليّ !
ثم إلتفتت ناحية باب غرفة العمليات وقالت بتوسل:يا ربِّ لا تحرمني منه ، يا ربِّ اكتب له الحياة و الشفاء ، تمسك بالحياة يا زين ! تمسك بالحياة يا حبيبي ولا تتركني ، لا تتركني ، تمسك بالحياة أرجوك ، يارب !!
ومضت ساعات وساعات وهما منتظران بلا حراك لا يملكان سوى الدعاء له بأن تكتب له النجاة ، وبعد طول إنتظار أخيراً خرج الطبيب فأسرعت إليه جميلة المنهارة ومحمد يقولان في نفس واحد : كيف صار؟
الطبيب بصوت حزين: الحالة لازالت حرجة ، والساعات القادمة ستحدد نجاح العملية ، هناك كسور في أنحاء جسده حتى في الوجه بالإضافة لذلك النزيف الداخلي ، حاولنا السيطرة عليه بقدر الإمكان وزرعنا شرائح بين العظام المتكسرة ، لكن لا زال الوضع غير مطمئن إدعوله.
وتركهما وكانت جميلة تبكي بشدة حتى سقطت أرضاً على ركبتيها وإذا بغرفة العمليات يفتح بابها ويخرج زين الغائب عن الوعي ومربط وجهه بالكامل إلا فتحات لعينيه وأنفه وفمه على السرير المتنقل وجبائر في ساقه السليمة وذراعه.
نهضت جميلة واقفة وسارت بجوار ذلك السرير المتحرك أثناء تحرك الممرضات بزين ليتجه لغرفة العناية المركزة وهي تصيح :تمسك بالحياة زين، أنا في إنتظارك ، تمسك بالحياة أن جميلة ، تمسك بالحياة أرجوووك.
مضت الأيام الأولى وكان لايزال فاقداً للوعي وموصل جسده بالأجهزة في غرفة العناية المركزة ،وكانت جميلة شبه مقيمة في المستشفي فطوال اليوم تقف بجوار ذلك الجدار الزجاجي لتراه .
وكان أحياناً يسمح لها بالدخول فكانت ترتدي غطاء الرأس والقدمين والكمامة وتدخل ثم تجلس بجواره وتزيح تلك الكمامة وتهمس له في أذنه تذكره بنفسها وبذكرياتهما معاً وتطلب منه بتوسل أن يتمسك بالحياة ولا يستسلم لحالته فهي لازالت تنتظره وستنتظره مهما طال الوقت.
وذات يوم وقد بدأت مؤشرات الأجهزة تشير لبداية تحسنه وكان أحياناً يلاحظ تحرك طفيف في جفنه أو صوت أنين أو عندما تمسك جميلة ببده تشعر بضغطة بسيطة من أطراف أنامله وكلها مؤشرات تدل علي بداية تحسنه حتى بدأ ييتعيد وعيه بشكل كامل لكن كان يتحدث بخفوت وصوت متقطع.
فنادته بهمس :زين ! أنا هنا جوارك ، هل تراني ؟ هل تشعر بوجودي ؟
فهمس بوجع :آاااه !
- إطمأن ستكون بخير ،كل شيء سيكون على ما يرام، أنا جميلتك معك وجوارك.
فضغط على يدها فانحنت وقبلتها فتلمس بأصابعه وجهها فابتسمت له.
ومرت أيام وأيام وجميلة تجيئه يومياً وكانت حالته قد بدأت في التحسن لحد كبير لكن لازال يتغذى عن طريق الرايل الموصل بالمعدة فهو لا يقوى علغي تحريك وجهه وفكيه بسبب الكسور والجروح وكان لازال وجهه مغطى.
وذات يوم بينما كانت جميلة تجلس معه وكانت تطمئن على حالته من الطبيب المعالج يومياً.
تحدث زين ببطء وصوت متقطع:إلى متى ستظلين هكذا مقيمة هنا ؟
فأجابت بحب :إلى ما شاء الله حتى تتحسن تماماً ، لقد أخبرني الطبيب اليوم أن الأشعة الأخيرة تشير لبداية التحام الكسور ، وهذا عظيم !
فأهدر زين بوجع :كفاكي !
- كفاني ماذا ؟!! سأظل معك للنهاية لقد تحسنت كثيراً فكيف كنت وكيف أصبحت ؟!! هذا غير أهم خبر ، سيتابع حالتك طبيب تجميل !
فأجاب بنبرة يائسة : قد علمت ، لكن هذا لا يعني أي شيء.
فتابعت بحب :لا تكن يائساً هكذا ! الأمل موجود.
فقال بصرامة : وإلى أن يصبح حقيقة اتركيني لمصيري ، سأخرج من حياتك حتى أصبح بهيئة طبيعية.
فقالت تحاول التخفيف عنه : كفاك أنت حديثك هذا ! أنا معك في كل أحوالك حلوها ومرها.
- لن أدعك تسجنين نفسك في سجن مسخ ، أعلم أنك متقبلاني لكن إلى متى عام إثنان ؟!! وإن افترضت أنك لن تتغيري أبداً ، كيف ستتقبلين نظرات وكلمات السخرية من المحيطين أم أعزلك عن كل العالم ، وإن رزقنا يوماً بأطفال كيف سيتقبلوني بهيئتي هذه ؟ وإن تقبلوني كيف سيتقبلون نظرات أصحابهم وسخريتهم من أبيهم.
- لماذا تفكر بتلك الطريقة؟!!
- لأنها الطريقة المثلى ، وكلامي هو الأصوب والأوقع.
- لكني لا أطيق فراقك.
- صدقيني ولا أنا ، لكن سأبتعد وأختفى من حياتك إلى أن أصبح في هيئة أفضل، وإلا.....
- وإلا ماذا.... ؟!!!!!
فالتفت بعينه عنها ثم قال:فراق.
فصاحت بصوت اختنقه البكاء :زين.........
فقاطعها بجموده المعهود : إن الكلام اجهدني ، لا تجيئيني مرة أخرى لأني لن أقابلك.
وأغمض عينه يكتم دمعه وأيضاً لأنها أسرع حركة يتمكن من فعلها الآن !
.........................................
NoonaAbdElWahed
الجميلة و الدميم
(8) والأخيرة
بقلم :نهال عبد الواحد
خرجت جميلة من المستشفي تكاد لا ترى أمامها من شدة البكاء وربما من هول الصدمة في تلك اللحظة، لحظة الفراق ،هل هو حقاً فراق أم ماذا ؟!!
هل تلومك على ما قولته أم تلتمس لك العذر؟!!
هل كلا منهما سيذهب في طريق حقاً؟!!
لأن ليس كل ما نتمناه في تلك الدنيا نجده ، ولأن أول الفراق صعب وبعد فترة سينسى كل منهما الآخر وستهدأ نار الحب !
أم ستظلان في كلمة ياليت ؟!
عامةً في تلك الدنيا الكثير الذي يخفى عنا ومهما كان القرار مدروس فنتيجته الفعلية غير معلومة.
هكذا تفكر جميلة طوال طريقها إلى البيت وحتى بعد مرور شهور وشهور بلا أي خبر ، لم يعد لديها سوى أن تشرد في ذكريات مضت وأمنيات تتمناها.
أما زين فربما ما يلاقيه من آلام عمليات التجميل المتكررة وعمليات لإلتئام عظامه كانت تكفيه ، لكنه لم يخلو هو الآخر من آلام الفراق رغم كونه صاحب قرار أن تتركه حتى يشفى ويكون أفضل ، فلم يكن يتمنى لها الشقاء حتى لو معه.
لكن ذلك لم يمنعه من الحنين إليها ، وأمنيته ألا تنساه وتظل على ذكراه حتى لو كان طلب منها عكس ذلك ، فهو لم يحب ولم يرى غيرها ويشعر أنها كل ماله في هذه الحياة ، ذلك الجمال الرائع وتلك العيون الساحرة التي لمست قلبه وأنسته ألمه وجراحه .
لكن ذلك الفراق هو الآن أصعب عذاب وكلما طال الغياب زاد العذاب ولم يكن يراعي ذلك في الحسبان وظن أن الشوق مع الأيام سيبرد.
وكعادتها جميلة تغمس نفسها في العمل وتهرب فيه ، وقد تطور ونهض بالفعل مستوى المصنع كثيراً في تلك الأشهر الأخيرة مع العمل المستمر.
وذات يوم بعد شهور وشهور بينما كانت تتابع العمل في المصنع إذ دخلت إليها السكرتيرة بظرف و وضعته أمامها على المكتب.
كانت جميلة مشغولة فلم تفتحه تواً حتى كاد ينتهي اليوم وبدأت تعد نفسها لتعود للمنزل فقد تعبت اليوم كثيراً .
لكنها تذكرت أمر ذلك الظرف وأمسكت به تتلمس بيدها أنها ليست مجرد رسالة ورقية فهناك شيئاً آخر ،لكنها ما أن قربته إليها لتفتحه جذبتها تلك الرائحة فاشتمتها وأخذت نفساً عميقاً وهي تغمض عينها وتبتسم ، إنها هي تلك الرائحة التي جذبتها منذ أول يوم ، إنها رسالة منه.
ففتحت الظرف مسرعة فإذا بداخلها زهرة نفس الزهرة التي أعطاها لها يوماً ،ثم ورقة صغيرة مطوية فأخذتها وفتحتها لتقرأها:
"إلى صاحبةأجمل عيون ، إلى أجمل حكاية حب لم أنساها لحظة ، حب كبير حب العمر ،إن حس قلبك بي انتظريني غداً في السادسة مساءً ،عند..........
وحتى ألقاكي لكِ قلبي وكل أشواقي. "
كانت تقرأ وكادت تقفز من شدة الفرحة ، إذن قد شفي وعاد للحياة من جديد ، لكن كيف سأعرفك ؟!!! مؤكد سيدلني إحساسي ، هكذا تقول لنفسها.
وأول شيء فعلته أن ألغيت كل مواعيدها في الغد فلديها الكثير من الأشياء التي ستفعلها ستذهب أولاً لشراء فستان جديد ، لا تفكر في شكل محدد لكن تنتظر أن يجذبها شيء مميز ، وبالفعل تركت المكتب وترتسم على وجهها أجمل إبتسامة وذهبت هنا وهناك تبحث عن ما يجذبها حتى أخيراً وجدت مطلبها بعد ساعات من البحث بين المحلات.
عادت للبيت ودخلت في فراشها لتنام لكن الفرحة قد سرقت النوم من عينها ، ما أن تغمض حتى تصحو من جديد وتنظر في الساعة وتتأفف فلازال الليل طويل ، متى سينتهي ؟ متى سيجيء الغد؟
وهكذا طوال الليل حتى بدأ النهار أخيراً يشق الكون بنوره وهبت من نومها لتبدأ في إعداد نفسها لذلك اللقاء الهام.
وبعد إعدادات طالت لساعات صارت جميلة على أتم إستعداد تطل في فستان أصفر فاتح اللون رائع يضيق من أعلى حتى الخصر ثم ينزل بإتساع مكشوف قليلاً من الكتفين ، وتسدل شعرها على ظهرها هكذا بدت بسيطة.
ذهبت للمكان المتفق عليه في السادسة وكانت تتلفت في كل إتجاه ولا تعلم هيئة من تبحث عنه لكنها على ثقة أن قلبها سيدلها الآن.
كان المكان مصحوب بحديقة فسارت فيها قليلاً ولازالت تتلفت حتى تعثرت قدمها فجأة فوجدت من يسندها فإلتفتت نحوه ، إنه شاب وسيم ظلت تنظر ببلاهة وعدم إستيعاب حتى نظرت في عينيه الرماديتين هي نفس العينين التي عشقتهما ، نفس العينين التي ترسل كل الحب والأشواق منذ أول مرة إلتقيا.
كان لايزال ممسكاً لها يد تسند ظهرها والأخرى يمسك يدها ويضحك منها لتعبيراتها تلك الغير مصدقة ، لكنه فجأة جذبها نحوه قربها منه ثم قال:ألا زلتي تشبهّين ؟!!!!
فهمست محملقة فيه :هي نفس عينيه ، إذن أنت زين.
وتعلقت في رقبته فضمها إليه أكثر وهمس إليها وهو يملأ رئتيه بعطرها: افتقدتك كثيراً حبيبتي، لم أنساكي لحظة يا أحلى حب وأول مشاعر تنتاب قلبي وتعصف به ، أرى في عينيك كلمة أحبك فهل تريها في عيني ؟!! جميلة ! هل تقبلين بي زوجاً ؟!! لقد تحسن كل شيء حتى أني قد عاودت أداوم عملي بالمكتب.
فابتعدت قليلاً وقالت: إذن سأحدد لك مواصفات من تجيء إليك لرفع أي دعوة.
فضحك بمليء فمه فازدادت هياماً ثم قال:أعدك ألا أتركك أبداً ، وأعدك أن أفعل كل مايرضيكي ، وأعدك بتلبية أي طلب لك حتى لو نجمة من السماء ، أعدك بالسعادة حبيبتي.
فهمست بشوق :أحبك !
فتابعها بنفس شوقه :بل أنا أكثر ، ما رأيك لو ذهبنا لنقضي أول أيامنا وليالينا في مدينة أسوان؟؟
فأهدرت بسعادة :ما أجملها ! لكن لماذا أسوان بالتحديد؟
فأجاب بعشق وهو يضمها إليه بقوة وينظر نحو الأفق :لأنها أرض الحب ، أرض العشاق ، أرض جمعت الحب بين كثير من مشاهير العالم وبدؤا حياتهم من هناك من أرض الحب.
فإبتعدت قليلاً وقالت بحماس:إذن إلى أرض الحب.
وتعانقا مجدداً ثم إبتعد قليلاً وأخرج من جيبه نفس نوع تلك زهرة وقدمها لها ثم جلسا معاً وسط الحديقة والأزهار الرائعة ، وبعدها بأيام تزوجا وذهبا ليبدءا حياتهما من أرض الحب.
تمت،
تحياتي،
NoonaAbdElWahed
(7)
بقلم: نهال عبد الواحد
بينما كانت جميلة تقنع زين بمعاودته لفتح مكتبه والعمل معها في المصنع كمستشار قانوني إذ قاطعهم صوت : لكن ماذا أيها الأبله ؟!!!
فإلتفت زين وجميلة ناحية مصدر الصوت فيجدا محمد والد زين.
فسأله زين على مضد :ما الذي أتي بك إلي هنا أبي ؟!!
فأجاب محمد بلامبالاة :أليس هذا بيت أخي ؟!! كأني قد تركته بالأمس فلم يتغير كثيراً.
فقالت جميلة بعملية :تفضل عمي !
وهي تشير لخارج المكتب فخرج محمد وتبعه زين وجميلة وجلس الجميع .
ثم قالت :فلنحل الأمر عمي ، أتمنى أن تُصدقني القول وتخبرني، بالله عليك ما الذي تريده مني ؟!! لكن رجاءً بلا إتهامات لأبي فأنت تعلم جيداً أنه لم يسرق إرثك يوماً ، فلم إذن تعادينا حتى بعد وفاته ؟!!
فأجابها وهو يضع ساقاً فوق الأخرى : ربما تكوني محقة في أنه لم يسرق إرثي ، لكنه سرق كل شيء ، سرق محبة والدي وسرق الفتاة الوحيدة التي أحببتها.
فتابعت بهدوء :ولم تسميها سرقة ؟! لقد كان إنساناً محبوباً وباراً بوالديه لذلك أحباه ، أما أمي فقد كانت جارتكم وقد أحبت أبي وأحبها ،ومن حق كل إنسان أن يحب كيفما شاء ومن يريد لأن الإختيار حينها يكون لا إرادياً ، لكن كل ما ذكرته ليست أسباب .
فتسآل بحنق وحقد واضح :لماذا تفضله عليّ ؟
فأجابه زين بألم :لأنك مع كل أسفي لا تعرف كيف يكون الحب، حتى إنك لم تحبني وأنا إبنك .
فقال محمد مبرراً :تلك مخيلات في رأسك وحدك.
فرفع زين كتفيه بقلة حيلة قائلاً :ربما ، لكن لم تقل حتى الآن ماذا تريد من جميلة ؟
فأردفت جميلة :قبل أي شيء ، إن لك حق في إرث أبي لا أنكره فلم تكن بحاجة لإختطافي أو مثل تلك الأمور.
فأجابها عمها بنفس حقده :لكني أريد نصف ما تملكين فهذا تعويض مناسب لما لاقيته من ظلم طوال حياتي.
فصاح زين:مالك أبي تذهب لنفس النقطة ؟!! أنت لم تُظلم ، أنت جنيت فقط نتيجة أفعالك ، لو كنت ولداً باراً لأحبك أهلك ، لو كنت تفكر بالآخرين لأحبتك حبيبتك ، لماذا تفعل كل هذا ؟ لماذا تود حتى أن تفسد بيننا ؟ وكأن كوني أحب وأجد من تحبني أمراً لا أستحقه ، لأن كل ما جنيته أني إبنك وافتقدتك لكنك تركني بلا سبب محدد وتأتي إليّ كل أمد لتذكرني بعاهتي بدلاً أن تساعدني أتخطى الأزمة ، وكنت ستؤدي بي في قضية عندما جعلتني أخطف إبنة عمي ولم أدري لما أطعت أوامرك ربما لأني أردت أن أشعر برضاك عني ، لكن على أية حال كان ذلك أجمل شيء حدث لي على الإطلاق لأني قابلتها وأحببتها وسأفعل كل شيء من أجلها حتى لو اضطررت للخروج للمجتمع من جديد ومواجهته.
جميلة بسعادة:حقاً ؟!
فأجابها بعينين تضخان كل العشق :نعم ، لأجلك أنت ،لأجلك أنت سأفعل أي شيء .
فصاح محمد :وأنا لن أبارك تلك الزيجة إلا بعد إمضاءك لذلك التنازل.
فصاح زين:كفاك يا أبي ! إتركنا وشأننا.
فقالت جميلة بهدوء :حسناً حسناً عمي سأفعل ، المهم أن نصبح معاً.
فعارضها زين :لا يا جميلة ، لن أسمح لك أن تتنازلي عن أي شيء ، وإلا فلن تريني ثانيةً وسأختفي ولن تجديني أبداً .
فصاحت جميلة :كفاكما ! لماذا تفعلان بي ذلك ؟ تنازلا قليلاً !
فنهض زين قائلاً بجمود :إذن أنت من اختارتي.
وتحرك زين مسرعاً للخارج وأسرعت خلفه جميلة لتلحق به لكنه كان كمن غشيت عينه وانطلق بلا هدف ، لكن فجأة دهسته سيارة مسرعة ، وصرخت جميلة بمليء صوتها فخرج محمد والمربية والجميع ليجدوا زين ملقي بين بركة دماء لا يعلم إن كان لازال على قيد الحياة أم لا.
ونُقل سريعاً إلى المستشفى ودخل إلى غرفة العمليات مباشرةً فقد كان ينزف كثيراً وأكثر مكان قد تضرر هو وجهه فقد كان محطماً تماماً.
وقفت جميلة تنتظر وتبكي بكاءً شديداً وإذا بمحمد تجده قد أتى فصاحت فيه :ماذا تريد؟ لماذا أتيت ؟ أرأيت ما حدث له بسببك ؟ هل ستنفعك الأموال؟ لكن كيف لتلك الأمور أن تهمك ؟ لكن أقسم لك إن حدث له مكروه لن أتركك ، ولن تأخذ مني مليماً وسترى مني وجهاً لم تتخيله حتى في أحلامك.
فقال بنبرة نادمة :إهدئي ابنتي ! لم أعد أريد شيء سوى سلامته.
فهمست بوجع :للأسف كأنك قد فهمت متأخراً .
فربت عليها قائلاً بحنان :إطمأني سيكون كل شيء على ما يرام يا ابنتي !
فصاحت فيه وهي تنزع يده عنها : لا تقل ابنتي ! ولا تتحدث إليّ !
ثم إلتفتت ناحية باب غرفة العمليات وقالت بتوسل:يا ربِّ لا تحرمني منه ، يا ربِّ اكتب له الحياة و الشفاء ، تمسك بالحياة يا زين ! تمسك بالحياة يا حبيبي ولا تتركني ، لا تتركني ، تمسك بالحياة أرجوك ، يارب !!
ومضت ساعات وساعات وهما منتظران بلا حراك لا يملكان سوى الدعاء له بأن تكتب له النجاة ، وبعد طول إنتظار أخيراً خرج الطبيب فأسرعت إليه جميلة المنهارة ومحمد يقولان في نفس واحد : كيف صار؟
الطبيب بصوت حزين: الحالة لازالت حرجة ، والساعات القادمة ستحدد نجاح العملية ، هناك كسور في أنحاء جسده حتى في الوجه بالإضافة لذلك النزيف الداخلي ، حاولنا السيطرة عليه بقدر الإمكان وزرعنا شرائح بين العظام المتكسرة ، لكن لا زال الوضع غير مطمئن إدعوله.
وتركهما وكانت جميلة تبكي بشدة حتى سقطت أرضاً على ركبتيها وإذا بغرفة العمليات يفتح بابها ويخرج زين الغائب عن الوعي ومربط وجهه بالكامل إلا فتحات لعينيه وأنفه وفمه على السرير المتنقل وجبائر في ساقه السليمة وذراعه.
نهضت جميلة واقفة وسارت بجوار ذلك السرير المتحرك أثناء تحرك الممرضات بزين ليتجه لغرفة العناية المركزة وهي تصيح :تمسك بالحياة زين، أنا في إنتظارك ، تمسك بالحياة أن جميلة ، تمسك بالحياة أرجوووك.
مضت الأيام الأولى وكان لايزال فاقداً للوعي وموصل جسده بالأجهزة في غرفة العناية المركزة ،وكانت جميلة شبه مقيمة في المستشفي فطوال اليوم تقف بجوار ذلك الجدار الزجاجي لتراه .
وكان أحياناً يسمح لها بالدخول فكانت ترتدي غطاء الرأس والقدمين والكمامة وتدخل ثم تجلس بجواره وتزيح تلك الكمامة وتهمس له في أذنه تذكره بنفسها وبذكرياتهما معاً وتطلب منه بتوسل أن يتمسك بالحياة ولا يستسلم لحالته فهي لازالت تنتظره وستنتظره مهما طال الوقت.
وذات يوم وقد بدأت مؤشرات الأجهزة تشير لبداية تحسنه وكان أحياناً يلاحظ تحرك طفيف في جفنه أو صوت أنين أو عندما تمسك جميلة ببده تشعر بضغطة بسيطة من أطراف أنامله وكلها مؤشرات تدل علي بداية تحسنه حتى بدأ ييتعيد وعيه بشكل كامل لكن كان يتحدث بخفوت وصوت متقطع.
فنادته بهمس :زين ! أنا هنا جوارك ، هل تراني ؟ هل تشعر بوجودي ؟
فهمس بوجع :آاااه !
- إطمأن ستكون بخير ،كل شيء سيكون على ما يرام، أنا جميلتك معك وجوارك.
فضغط على يدها فانحنت وقبلتها فتلمس بأصابعه وجهها فابتسمت له.
ومرت أيام وأيام وجميلة تجيئه يومياً وكانت حالته قد بدأت في التحسن لحد كبير لكن لازال يتغذى عن طريق الرايل الموصل بالمعدة فهو لا يقوى علغي تحريك وجهه وفكيه بسبب الكسور والجروح وكان لازال وجهه مغطى.
وذات يوم بينما كانت جميلة تجلس معه وكانت تطمئن على حالته من الطبيب المعالج يومياً.
تحدث زين ببطء وصوت متقطع:إلى متى ستظلين هكذا مقيمة هنا ؟
فأجابت بحب :إلى ما شاء الله حتى تتحسن تماماً ، لقد أخبرني الطبيب اليوم أن الأشعة الأخيرة تشير لبداية التحام الكسور ، وهذا عظيم !
فأهدر زين بوجع :كفاكي !
- كفاني ماذا ؟!! سأظل معك للنهاية لقد تحسنت كثيراً فكيف كنت وكيف أصبحت ؟!! هذا غير أهم خبر ، سيتابع حالتك طبيب تجميل !
فأجاب بنبرة يائسة : قد علمت ، لكن هذا لا يعني أي شيء.
فتابعت بحب :لا تكن يائساً هكذا ! الأمل موجود.
فقال بصرامة : وإلى أن يصبح حقيقة اتركيني لمصيري ، سأخرج من حياتك حتى أصبح بهيئة طبيعية.
فقالت تحاول التخفيف عنه : كفاك أنت حديثك هذا ! أنا معك في كل أحوالك حلوها ومرها.
- لن أدعك تسجنين نفسك في سجن مسخ ، أعلم أنك متقبلاني لكن إلى متى عام إثنان ؟!! وإن افترضت أنك لن تتغيري أبداً ، كيف ستتقبلين نظرات وكلمات السخرية من المحيطين أم أعزلك عن كل العالم ، وإن رزقنا يوماً بأطفال كيف سيتقبلوني بهيئتي هذه ؟ وإن تقبلوني كيف سيتقبلون نظرات أصحابهم وسخريتهم من أبيهم.
- لماذا تفكر بتلك الطريقة؟!!
- لأنها الطريقة المثلى ، وكلامي هو الأصوب والأوقع.
- لكني لا أطيق فراقك.
- صدقيني ولا أنا ، لكن سأبتعد وأختفى من حياتك إلى أن أصبح في هيئة أفضل، وإلا.....
- وإلا ماذا.... ؟!!!!!
فالتفت بعينه عنها ثم قال:فراق.
فصاحت بصوت اختنقه البكاء :زين.........
فقاطعها بجموده المعهود : إن الكلام اجهدني ، لا تجيئيني مرة أخرى لأني لن أقابلك.
وأغمض عينه يكتم دمعه وأيضاً لأنها أسرع حركة يتمكن من فعلها الآن !
.........................................
NoonaAbdElWahed
الجميلة و الدميم
(8) والأخيرة
بقلم :نهال عبد الواحد
خرجت جميلة من المستشفي تكاد لا ترى أمامها من شدة البكاء وربما من هول الصدمة في تلك اللحظة، لحظة الفراق ،هل هو حقاً فراق أم ماذا ؟!!
هل تلومك على ما قولته أم تلتمس لك العذر؟!!
هل كلا منهما سيذهب في طريق حقاً؟!!
لأن ليس كل ما نتمناه في تلك الدنيا نجده ، ولأن أول الفراق صعب وبعد فترة سينسى كل منهما الآخر وستهدأ نار الحب !
أم ستظلان في كلمة ياليت ؟!
عامةً في تلك الدنيا الكثير الذي يخفى عنا ومهما كان القرار مدروس فنتيجته الفعلية غير معلومة.
هكذا تفكر جميلة طوال طريقها إلى البيت وحتى بعد مرور شهور وشهور بلا أي خبر ، لم يعد لديها سوى أن تشرد في ذكريات مضت وأمنيات تتمناها.
أما زين فربما ما يلاقيه من آلام عمليات التجميل المتكررة وعمليات لإلتئام عظامه كانت تكفيه ، لكنه لم يخلو هو الآخر من آلام الفراق رغم كونه صاحب قرار أن تتركه حتى يشفى ويكون أفضل ، فلم يكن يتمنى لها الشقاء حتى لو معه.
لكن ذلك لم يمنعه من الحنين إليها ، وأمنيته ألا تنساه وتظل على ذكراه حتى لو كان طلب منها عكس ذلك ، فهو لم يحب ولم يرى غيرها ويشعر أنها كل ماله في هذه الحياة ، ذلك الجمال الرائع وتلك العيون الساحرة التي لمست قلبه وأنسته ألمه وجراحه .
لكن ذلك الفراق هو الآن أصعب عذاب وكلما طال الغياب زاد العذاب ولم يكن يراعي ذلك في الحسبان وظن أن الشوق مع الأيام سيبرد.
وكعادتها جميلة تغمس نفسها في العمل وتهرب فيه ، وقد تطور ونهض بالفعل مستوى المصنع كثيراً في تلك الأشهر الأخيرة مع العمل المستمر.
وذات يوم بعد شهور وشهور بينما كانت تتابع العمل في المصنع إذ دخلت إليها السكرتيرة بظرف و وضعته أمامها على المكتب.
كانت جميلة مشغولة فلم تفتحه تواً حتى كاد ينتهي اليوم وبدأت تعد نفسها لتعود للمنزل فقد تعبت اليوم كثيراً .
لكنها تذكرت أمر ذلك الظرف وأمسكت به تتلمس بيدها أنها ليست مجرد رسالة ورقية فهناك شيئاً آخر ،لكنها ما أن قربته إليها لتفتحه جذبتها تلك الرائحة فاشتمتها وأخذت نفساً عميقاً وهي تغمض عينها وتبتسم ، إنها هي تلك الرائحة التي جذبتها منذ أول يوم ، إنها رسالة منه.
ففتحت الظرف مسرعة فإذا بداخلها زهرة نفس الزهرة التي أعطاها لها يوماً ،ثم ورقة صغيرة مطوية فأخذتها وفتحتها لتقرأها:
"إلى صاحبةأجمل عيون ، إلى أجمل حكاية حب لم أنساها لحظة ، حب كبير حب العمر ،إن حس قلبك بي انتظريني غداً في السادسة مساءً ،عند..........
وحتى ألقاكي لكِ قلبي وكل أشواقي. "
كانت تقرأ وكادت تقفز من شدة الفرحة ، إذن قد شفي وعاد للحياة من جديد ، لكن كيف سأعرفك ؟!!! مؤكد سيدلني إحساسي ، هكذا تقول لنفسها.
وأول شيء فعلته أن ألغيت كل مواعيدها في الغد فلديها الكثير من الأشياء التي ستفعلها ستذهب أولاً لشراء فستان جديد ، لا تفكر في شكل محدد لكن تنتظر أن يجذبها شيء مميز ، وبالفعل تركت المكتب وترتسم على وجهها أجمل إبتسامة وذهبت هنا وهناك تبحث عن ما يجذبها حتى أخيراً وجدت مطلبها بعد ساعات من البحث بين المحلات.
عادت للبيت ودخلت في فراشها لتنام لكن الفرحة قد سرقت النوم من عينها ، ما أن تغمض حتى تصحو من جديد وتنظر في الساعة وتتأفف فلازال الليل طويل ، متى سينتهي ؟ متى سيجيء الغد؟
وهكذا طوال الليل حتى بدأ النهار أخيراً يشق الكون بنوره وهبت من نومها لتبدأ في إعداد نفسها لذلك اللقاء الهام.
وبعد إعدادات طالت لساعات صارت جميلة على أتم إستعداد تطل في فستان أصفر فاتح اللون رائع يضيق من أعلى حتى الخصر ثم ينزل بإتساع مكشوف قليلاً من الكتفين ، وتسدل شعرها على ظهرها هكذا بدت بسيطة.
ذهبت للمكان المتفق عليه في السادسة وكانت تتلفت في كل إتجاه ولا تعلم هيئة من تبحث عنه لكنها على ثقة أن قلبها سيدلها الآن.
كان المكان مصحوب بحديقة فسارت فيها قليلاً ولازالت تتلفت حتى تعثرت قدمها فجأة فوجدت من يسندها فإلتفتت نحوه ، إنه شاب وسيم ظلت تنظر ببلاهة وعدم إستيعاب حتى نظرت في عينيه الرماديتين هي نفس العينين التي عشقتهما ، نفس العينين التي ترسل كل الحب والأشواق منذ أول مرة إلتقيا.
كان لايزال ممسكاً لها يد تسند ظهرها والأخرى يمسك يدها ويضحك منها لتعبيراتها تلك الغير مصدقة ، لكنه فجأة جذبها نحوه قربها منه ثم قال:ألا زلتي تشبهّين ؟!!!!
فهمست محملقة فيه :هي نفس عينيه ، إذن أنت زين.
وتعلقت في رقبته فضمها إليه أكثر وهمس إليها وهو يملأ رئتيه بعطرها: افتقدتك كثيراً حبيبتي، لم أنساكي لحظة يا أحلى حب وأول مشاعر تنتاب قلبي وتعصف به ، أرى في عينيك كلمة أحبك فهل تريها في عيني ؟!! جميلة ! هل تقبلين بي زوجاً ؟!! لقد تحسن كل شيء حتى أني قد عاودت أداوم عملي بالمكتب.
فابتعدت قليلاً وقالت: إذن سأحدد لك مواصفات من تجيء إليك لرفع أي دعوة.
فضحك بمليء فمه فازدادت هياماً ثم قال:أعدك ألا أتركك أبداً ، وأعدك أن أفعل كل مايرضيكي ، وأعدك بتلبية أي طلب لك حتى لو نجمة من السماء ، أعدك بالسعادة حبيبتي.
فهمست بشوق :أحبك !
فتابعها بنفس شوقه :بل أنا أكثر ، ما رأيك لو ذهبنا لنقضي أول أيامنا وليالينا في مدينة أسوان؟؟
فأهدرت بسعادة :ما أجملها ! لكن لماذا أسوان بالتحديد؟
فأجاب بعشق وهو يضمها إليه بقوة وينظر نحو الأفق :لأنها أرض الحب ، أرض العشاق ، أرض جمعت الحب بين كثير من مشاهير العالم وبدؤا حياتهم من هناك من أرض الحب.
فإبتعدت قليلاً وقالت بحماس:إذن إلى أرض الحب.
وتعانقا مجدداً ثم إبتعد قليلاً وأخرج من جيبه نفس نوع تلك زهرة وقدمها لها ثم جلسا معاً وسط الحديقة والأزهار الرائعة ، وبعدها بأيام تزوجا وذهبا ليبدءا حياتهما من أرض الحب.
تمت،
تحياتي،
NoonaAbdElWahed
تعليقات
إرسال تعليق