رواية-راضية- الحلقات 13:15- بقلم نهال عبد الواحد - مجلة سحر الروايات
(13)
(بقلم : نهال عبد الواحد )
أنهت راضية الغسيل و ذهبت متجهة للمطبخ فوجدت منال تخرج من المطبخ تحمل صينية بها عصير و تتلفت حولها فاختبأت راضية و شعرت بأنها قد دبرت لها مكيدة.
ما أن غادرت منال المطبخ حتى دخلت راضية تفاح وتفتش لتستكشف ما فعلته منال.
بداية وجدت نار الموقد عالية فأخفضتها وتذوقت الطعام فوجدته شديد الملوحة.
فقالت:منك لله يا بعيدة ! يجيكي الهم والغم ! أدعي عليكي بايه وانت فيكي كل العبر إسترها معاي يا رب !
أخذت تقطع البطاطس وتضعها بداخل المرقة و الصلصة لتسحب الملح ثم تنزعها وتضع غيرها ، وبعد مرور فترة من الزمن تمت المهمة.
إنتهت راضية من الطبخ وأعدت الطعام على المائدة و جلس الجميع لتناول الغداء بينما كانت لا تزال واقفة ربما يحتاجون المزيد من الطعام أو الخبز.
وبدأ الجميع في الأكل إلا منال التي كانت تتابع الجميع في دهشة و غيظ شديدين ، بينما تنظر إليها راضية بإبتسامة كيدية ثم قالت :وااااه يا منال!!! ما تمدي يدك يا خيتي ده الوكل زين أهو جدامك وكله تمام.
وكان قاسم يأكل و يتابع حديثهما ويبدو أنه قد فهم مابين منال و راضية.
قاسم:ما تجعدي يا بت كلي معانا.
راضية :لا تعوزوا حاجة إكده ولا إكده.
كامل:إجعدي لو عوزنا حاجة تبجي تجوم بجرة منيهم وتجيبها ، إجعدي عدمتي يا بت.
فما أن جلست راضية حتى قالت منال:وعلى إكده خلصتي الغسيل ؟؟
راضية:خلصته.
منال:نشرتيه ؟؟
راضية :لا.
فرفعت منال صوتها :ليييه ؟؟؟ الغسيل إكده يكمكم.
راضية :أحسن ما الوكل ينحرج ، إبجي جومي إنتِ واتشمللي ونشريه.
منال:وااااه !!
راضية:معلهش يا مي ماعدتش أغسل لحد واصل إلا لي وليكي ولعلي لما يعاود بالسلامة ، وهم كل واحدة منيهم تغسل غسيلها و غسيل جوزها وعيالها.
منال:واااااه !!!
حسنى:لا ، إما كنتيش تغسلي الغسيل كله يبجي ما تغسليش هدوماتي.
راضية:بشوجك يا مي.
منال:شوف المرة جليلة الرباية عتكلم حماتها كيف ؟!!
قاسم :ماتسكتي يا بجرة إنتِ ، إييييه الواحد ما عيعرفش ياكل ؟!!!
منال:كن حديتها لادد عليك ؟؟
قاسم :أيوة لادد ، ويمين بالله ماحد غاسل هدوماتي غيرك يا منال.
كامل:ويمين طلاج ما حد غاسل هدوماتي غيرك يا أسما.
فسكت الجميع وأكملوا طعامهم في صمت.
وفي المساء وبعد أن أنهت راضية كل الأعمال همت بالصعود لأعلى منهكة و تتمنى من يحملها ويوصلها لفراشها من شدة التعب ، لكن هناك من ينادي!!
حسنى:راضية ، رايحة فين دلجيتي ؟؟
راضية:عتسبح عبال العشا ما تدن ، عصلي وارجد ، ما شايفاش جدامي.
حسنى:كنا عايزين فطير.
راضية:حاضر يا مي ف الصبح عجهزلكم مع العيش فطير.
حسنى:لا عايزين نتعشي فطير.
راضية:يا مي بجولك ماشيفاش جدامي .
حسنى:ونجول للرجالة اللي عايزة تتعشي فطير خليه ف الصبح عشان الست راضية هانم بدها ترجد.
فجزت راضية على أسنانها ثم ردت بهدوء عكس داخلها:حاضر يا مي.
ونزلت لمكان الخبز و أحضرت السمن وجلست تفرد الفطير وترش عليه السمن وتقول وهي تتألم :صبرني يارب ! توب علي يا رب !
وظلت هكذا حتى إنتهت و وضعته في صينية كبيرة حتى يبرد وكانت متعبة كأشد ما يكون ولا تستطيع النهوض وبالكاد تمسك في أي شيء وتقوم لتقف ثم تتحرك بوهن.
نادت راضية على أحد الأطفال ليخبر جدته أنها قد أنهت عمل الفطير.
ثم بدأت في صعود بعض درجات السلم وفجأة وجدت من يجذبها من رأسها فخلع العصبة من على رأسها و انسدل شعرها على ظهرها ونظرا لشدة تعبها سقطت على الأرض ولم تستطع المقاومة.
إنها حسنى تمسكها من شعرها و تنزل بها ضرباً بالنعل و راضية تصرخ تحت يدها و تجمع كل من في البيت وطبعاً كانت منال في قمة سعادتها.
دخل قاسم وكامل من فورهم فصوت صراخ راضية يصل للخارج.
قاسم:في إيه يا مي ؟؟
كامل :سيبي البت يا مي عتموت ف يدك ، عملت إيه هي ؟؟
حسنى:بت المركوب دخلت تعمل الفطير وما بايتتش الطير ، بحيتين طلعوا ع الطريج طستهم عربية ، إن شا الله تطسك عربية وتباتي مجطعة مافيكي حتة سليمة .
كامل:طب هي وبتعمل الفطير ماحدش م البجر اللي أكل ومرعى وجلة صنعه دول راح بيت الطير ؟؟
قاسم :وفطير ايه يا مي اللي عل مسا ؟؟ النهار ليه عينين.
راضية:والله بيته ، والله بيته وحطيتله الميه وجفلت عليه بيدي.
منال:صحيح إنك مرة جليلة الرباية ، عتردي على حماتك يا ولية وتكدبيها ، معلهش يا مرت عمي عادتها ولا هتشتريها ، اضربي اضربي يا مرت عمي.
قاسم :يمين بالله لو ما غورتي من وشي دلجيتي ماعخلي فيكي حتة سليمة ولا عيطلع عليكي صبح.
منال:وعتدافع عنيها كماني دي حتى ف ذمة راجل .
فخلع قاسم نعله وجرى خلفها يضربها فعلى صريخها هي الأخرى ولا زالت حسنى تضرب راضية .
ويعلو الصراخ و أصوات متداخلة و إذا بمن يدخل فجأة ويصمت و يتوقف الجميع.
حسنى:علي ، جلب أمك يا ولدي إتوحشتك جوي.
وجريت عليه تحتضنه وبعد أن سلم عليها وعلى إخوته.
علي:إكده يا مي ؟! هي دي الأمانة اللي فايتهالكم ؟
وكان ينطر نحو راضية التي تحاول التحرك والوقوف بصعوبة ، و رغم عينيها المملوءة بالدموع إلا أن سمة إبتسامة قد لاحت ، وقد لاحظها علي وأذابت قلبه.
حسنى:دي مرة جليلة الرباية وش بومة شوم ، طفشتك م البيت وخلتك تسافر و تسيبنا.
علي:يا مي إيه اللي عتجوليه دي ؟ ده الشغل هو اللي نجلني وبعدين كانت عملت إيه عشان تدجي فيها إكده وتشبعيها جتل ؟؟
حسنى:دخلت تعمل الفطير و ما بيتتش الطير و بحيتين طلعوا ع الطريج طستهم عربية.
علي:فداها يامي فدا عيل من عيال خواتي.
راضية :والله بيتهم وجفلت عليهم وحطيتلهم المية ، كيف ما بعمل كل عشية.
حسنى وهي تزيدها ضرباً:إكتمي ، كن عفريت هو اللي فتح عليهم.
فنظر قاسم لزوجته وقال:لا وإنتِ الصادجة ، دي جزمة وبت جزمة اللي فتحت عليهم.
علي:بزياداكي يا مي عتضروبيها جدامي كماني ، هاتي يدك يا راضية اتسندي على.
قاسم :شيلها ياعم إنت نفسك مجطوع ولا إيه ؟؟
فحملها وصعد بها لغرفتهما وكانت شديدة الخجل وصل بداخل الغرفة وأنزلها برفق وأغلق الباب.
راضية:حمد الله على سلامتك يا علي ، ما جولتش يعني إنك جاي؟؟
علي:كان عيفرج يعني لو جلتلك ؟!!
فهزت رأسها بأن نعم وهي تنظر للأرض خجلاً.
فإبتسم وقال :اعتبريها مفاجأة، على فين ؟
راضية :عروح أتسبح من هباب الفرن دي.
فقامت راضية وهي تستند في أجزاء الأثاث بجانبها حتى دخلت الحمام ، بينما علي أبدل ملابسه وخرج وأغلق باب الغرفة خلفه.
ونكمل الحلقة الجاية ،
NoonaAbdElWahed
(14)
(بقلم : نهال عبد الواحد )
أبدل علي ملابسه ثم إنصرف من الحجرة ، أخذت راضية حماماً دافئاً لكنها تفاجئت أن لم تأخذ ملابسها فهي منذ زمن وحدها وقد إعتادت أن تخرج من الحمام بالمنشفة.
راضية :يخيبك يا راضية ، نسيتي هدوماتك ، عطلع كيف دلجيتي ؟؟؟!!!!
ففتحت الباب قليلاً فلم تجد أحداً فتنفست و خرجت تتلفت فتأكدت أنه قد نزل وبدأت ترتدي ملابسها مسرعة.
وفجأة فتح الباب ولم تكن أكملت ملابسها فإنتفضت وشهقت ، وكان علي يحمل صينية عشاء كبيرة بها فطيرة و جبن وعسل فوضعها على المنضدة وكاد ينفجر ضاحكاً من هيئتها لكنه كتمها ولم يعلق حتى لا يزيد من إحراجها ، لكن لاحظ كدمات على كتفيها و ذراعيها فأسرع نحوها.
علي:إستني عنديكي.
فقالت بإرتباك :خير ؟!!
ففتح علي بعض الأدراج يبحث عن شيئاً ما حتى وجد نوع مرهم و أحضره وجلس بجوارها.
علي:الله يسامحك يامي ،هو في إكده ؟!!
فقالت :ما تعذبش حالك ، هي عتخف وحديها.
علي:دي حصل جبل سابج ؟
فسكتت ونظرت إلى الأرض فقال :آسف... آسف يا راضية.
راضية :على إيه بس ؟
علي:على حاجات كتير ، إنعدلي خليني أحطلك الدهان.
فجلست راضية و رفعت شعرها و تشعر بحرج شديد من تدليكه لكتفيها ولمسه لبشرتها ولم يكن حرجه هو بالأقل منها، حتى إنتهى وغسل يديه فأكملت ملابسها وجلست أمام المرآة تصفف شعرها وهو جالس ينظر إليها يتأملها فأربكتها نظراته تلك فإبتسم من ربكتها.
علي:تعالي كلي معاي ، ريحة الفطير مااجولكيش عاد ،جربي يابت.
فإبتسمت وجلست بجواره لكن عن مسافة قليلاً وبدأ يأكل و هي تتابعه بنظرها.
علي:واااه ! مدي يدك ، تعرفي كنت جاي وبشتهي الفطير اللي من يدك ، آجي ألاجيه يا سبحان الله !
راضية:بألف هنا.
وبدأت راضية تمد يدها لكن كانت تؤلمها كلما مدت وكان ذلك باد عليها ، فاقترب منها و بدأ يقطع الفطير ويغمسه في جبن أو عسل ويطعمها وكانت تأكل على إستحياء ، لكن بداخلها سعادة كبيرة.
فلأول مرة تسعد بقربه هكذا وترى رفقه ولطفه و حنانه هكذا.
وبعد الإنتهاء من الطعام جلست راضية على السرير وجعلت خلفها وسادة تستند عليها وتتكيء ، وجاء علي وجلس بجوارها فشعرت بحرج شديد.
علي:عاملة كيف دلجيتي ؟
راضية :نحمد الله... وإنت.... كيفك ؟
علي :الحمد لله... زين جوي.
راضية :خلصت شغلك وعاودت خلاص ؟
علي:لا ، عرجع تاني.
فتغير وجهها وقالت :تروح وتاجي بالسلامة.
وسكتت فسكت ولاذ الصمت و الإرتباك يسود الموقف لفترة من الزمن.
علي:لساتك موجوعة ؟
راضية :عادي ما تشغلش بالك.
علي:معلهش ، هي امي إكده يدها تجيلة جوي يا ما خدنا منيها.
فضحكت بشدة فإستدار بوجهه لقد زاد جمالها ذاك فوق إحتماله إهدأ يا علي ولا تفسد كل شيء بتسرعك وإشتياقك.
شعرت راضية أنه لازال يضغط على نفسه لمجرد التحدث معها والرفق بها ، لكن على أية حال ذلك يكفيها فقد إفتقدت وجوده كثيراً ، لكنه الآن بجوارها بل ويحادثها برفق وتلك نقلة لم تكن تحلم بها حتى.
لكن و كالعادة ذلك المجهود الشاق طوال اليوم بالإضافة لتلك المعركة جعلتها رأسها تميل فجأة في سبات عميق.
فسحب علي الوسادة من خلفها وعدل من وضعيتها ليعتدل سائر جسدها في نومتها ، كم كان ذلك مربكاً !!!
وضع عليها الغطاء و أطفأ النور وإتكأ بجوارها يرى بعض من ملامح وجهها الجميل المتعب من ضوء القمر الذي يتسلل لداخل الغرفة ، وظل ناظراً إليها لتكون آخر ما يراه وأول ما يراه ، حتى ذهب في نومه.
وقبيل الفجر فتحت راضية عيونها فشعرت بشخص ما بجوارها فقد نسيت قدوم علي وعودته بالأمس فإنتفضت مفزوعة تضيء المصباح ومع نفضتها تلك إنسدل شعرها على وجه علي فأيقظه.
علي :في إيه ؟
وجمت قليلاً وهي تنظر إليه كأنما تحاول تذكر وإدراك ما إن كانت في حلم أم حقيقة بطريقة جعلت علي يبتسم بعد ما إستيقظ مفزوعاً.
علي :مالك ؟!!
راضية:هه ، ولا حاجة ، جلجت بس.
علي:كملي نومك طيب الفجر لساته مادنش.
راضية :يا دوب ، أجوم عشان أجهز للخبيز ، كمل نومك أنا آسفة جلجتك معاي.
فنام علي بجسده بينما قامت هي ودخلت الحمام وبعد قليل خرجت مبدلة جلبابها بآخر ثم ربطت شعرها و عصبته جيداً ، سارت بضع خطوات ثم عادت وجلست أمام المرآة ولأول مرة تمسك بالكحل و تكتحل.
كان علياً يتابعها بنظره باسماً وبعد قليل خرجت ثم عادت بعد أذان الفجر لتصلي وتعود من جديد لفرنها وخبزها.
بدأت الشمس تشرق وترسل بنورها معلنة عن ميلاد نهار جديد وكان علي يجلس مع أخواه يحكون و يتسامرون فمنذ زمن لم يجتمعوا معاً ، ونزلت حسنى وجلست معهم.
بعد فترة جاءت إليهم راضية مبتسمة بوجهها الوضاء بهيئة لم يروها عليها من قبل وخاصة وهي مكتحلة ولم ينزل علي عينه من عليها و ظل ناظراً نحوها فتوردت وجنتيها فازدادت جمالاً أخاذ ، ولولا أن علي لازال بعقله لقفز من بين إخوته وأمه وحملها وذهب بها.
راضية:صباح الخير عليكم.
قاسم :يسعد صباحك يا راضية كيفك يا بت ؟؟
راضية :الحمد لله... أ... أ...
حسنى:مالك بتهتهي ليه ؟خلصتي الخبيز ؟؟
راضية:لسه يامي ، أ أصلي عملت شوية رشتة ، فكنت جاية أجول أجيب منيها دلجيتي ولا ميتي ؟
حسنى:ومين جالك تعمليها ؟ ماعندناش حد إهني عيحبها.
فوجمت راضية قليلاً.
فرد علي :ليه يا مي ؟ ده أنا نفسي فيها و جولتلها لو تعرفي إعمليلي.
حسني:واااه !! و ده من ميتى؟
علي :هاتيلي صحن و زودي السمن و السكر.
فقالت بسعادة :حاضر.
قاسم :إستني عنديكي يا بت ، هاتيلي منيه.
كامل:وأنا كماني زييهم بالضبط ، وهاتي لأمك حسنى.
فجريت مسرعة للداخل في سعادة شديدة تشبه سعادة الأطفال ليلة العيد.
حسنى:جلع فيها إنت يا خوي منك ليه ، طب هي مرته وبيجامله إنتوا ايه ؟؟!
قاسم :يا مي جبر الخواطر علي الله ، و بصراحة أي حاجة من يدها بتبجي زينة.
ثم إلتفت لأخيه قال غامزاً :شوفت ياض يا علي مرتك وشها نور كيف ومن ليلة واحدة.
فنظر لأخيه و إبتسم دون رد.
كامل:بس الحج يا مي كان لازمن راضية تريح إنهاردة و تجضيه مع جوزها.
فنظرت إليه و زمت شفتيها ولم ترد.
ثم جاءت راضية تحمل صينية كبيرة بها أطباق الرشتة و وضعتها ثم ذهبت حيث كانت في مكان الخبيز بجوار الفرن تضع رغيفاً عجين و تأخذه بعد تمام نضجه وتزج بغيره في الفرن...وهكذا،
ونكمل الحلقة الجاية ،
NoonaAbdElWahed
(15)
أصبحنا وأصبح الملك لله....وأول صباح في أول يوم من العام الجديد.
يا رب إجعله عاما نزداد إليك قربا
فمن قربه منك يا الله لا يمسه ضر قط
Happy 2019
-----------------------------------------------------------
الحلقة (15)
(بقلم :نهال عبد الواحد )
بينما راضية تجلس بجوار الفرن تصنع الخبز فهاهي تضع رغيفاً من عجين وبعد قليل تخرجه رغيفاً ناضجاً رائحته الذكية تملأ المكان.
فإذا بعلي قد جاء يحمل طبقاً في يده فنظرت إليه وإلى الطبق مبتسمة و مستفهمة ثم قالت بنبرة بها خيبة أمل :كن أمي حسنى عنديها حق إكمني عملت الرشتة ؟
علي بإبتسامة عريضة :ليييييييه؟؟؟ تسلم يدك.
راضية :ماهو باين ، الطبج زي ما هو.
فضحك وقال:الطبج !!!! إنتِ عارفة دي الطبج الكام؟؟ ده إحنا مسحناها مسح ، خلصنا كل اللي عملتيه والغايب مالوش نايب ، لكن حوشتلك نايبك إنتِ وماليش صالح بخواتي.
راضية بسعادة:بألف هنا.
ثم قال بأسلوب لم تعهده راضية من قبل :كني حبيتها وخت عليها كماني.
فتوردت خجلاً وحاولت أن تخفي إرتباكها لكن طبعاً كان واضحاً للغاية.
علي:جبلتلك دول تفطري بيهم.
راضية:تعيش يا خوي.
علي:ما كنتش أعرف إن الرشتة زينة إكده ولا إكمنها من يديكي ، أحلى رشتة دوجتها وغلاوتك.
فقالت بخجل :كني عاخد على كلامك الحلو دي.
علي:وماله....براحتك... إفتحي.
وإقترب منها ليطعمها في فمها.
فقالت بحرج شديد و وجه كاد يشتعل من شدة حمرته :واااااه!!!! حد يوعالنا.
علي:اللي يوعي يوعي ، بس إيه الحلاوة دي يا بت ، وكل ما بتستحي بتحلو أكتر.
و إذا بصوت حسنى :الله... الله... إيه المسخرة دي ؟!!
إيه اللي موجفك إهني يا علي ؟؟!!ما تعرفش إن البكان دي للحريم ؟؟
علي:صوح يا مي دي بكان الحريم لكن مافيهش دلجيتي حد غير مرتي، مالك بس يا مي ؟ مرتي وجاعد معاه بجالي كد إيه ما شوفتهاش واتوحشتها.
حسنى:سيبها دلجيتي تخلص اللي وراها لسه حداها شغل كتير ، إبجى جلع فيها ف الليل لما تبجو لحالكم مجفول عليكم بابكم ، وإنتِ يا بت جوزك جاي م السفر ومحتاج وكل زين.
راضية :عيني يا مي.
حسنى:ادبحي كد عشرين جوز حمام ونضفيهم واحشيهم وسويهم.
علي:وااه يا مي ! كتير كل دي !!حد جالك إني بجيت ديناصور ؟!
حسنى:واحنا كتير يا ولدي و بعدين احنا عناكل والباجي تشيله و تجمده وتاخده معاك وإنت معاود مصر ، انت مسافر ميتى يا وليدي ؟؟
علي:بكرة إن شاء الله يا مي.
فاختفت إبتسامة راضية وقد لاحظ ذلك علي.
حسنى:طب يا دوب ، إدبحي كماني جوزين تلاتة فروجات وجهزيهم برديكي.
علي:ما تسويش يا غالية الطير اللي عاخده معاي.
حسنى:عتاخده ني يا ولدي ؟
علي:أيوة يا مي.
حسني:طب خلصي الحمامات وإعملي شوية فريك بالتجلية و شوية ملوخية.
ثم نظرت لولدها قائلة :وبعدين نبجي نشوف حكاية الوكل الني دي ، جرى إيه يا علي ماتروح تنام ولا تشوف حالك عتفضل لازجلها اكده العيال زمانتهم عيصحو ماعايزنهمش يشوفوا المسخرة دي.
فقال علي مضد :حاضر يا مي.
ثم إنصرف هو وأمه وتركا راضية وحدها بعد أن اختفت منها الإبتسامة.
أنهت راضية الخبيز ثم ذهبت لتعد الطير كما طُلب منها ثم أعدت الغداء.
وعلى مائدة الغداء كانت راضية واقفة كعادتها بعد وضع الطعام على السفرة وكانت رائحته الشهية تفوح في المكان ، فطبخة اليوم خاصة جداً فهي مهداة لعلي ، وإن كان الطبيخ نفَس كما يقال ، فقد صنعتها بكل الحب الذي تكنه له بداخلها.
علي:تعالي يا بت إجعدي جاري.
راضية:يمكن حد منيكم يحتاج حاجة إكده ولا إكده .
علي:إجعدي إنتِ ، جومي يا أسما جمري عيش.
فنظرت أسماء لمنال وكأنها تنتظر أن تأذن لها.
علي:إنتِ يا بت !!! مش بنادم عليكي ؟؟!!!
كامل:فزي يا ولية جمري العيش.
فهبت أسماء من فورها مسرعة فأشار علي لراضية أن تجيء بجواره فجلست ، فأمسك علي بأحد الحمامات و قسمها بينه وبينها و وضع أمامها فنظرت إليه بسعادة غامرة مصحوبة ببعض الحياء ، فإبتسم إليها و قطع لقمة وغمسها و أطعمها في فمها فأكلت وهي تنظر للأرض تهرب من العيون الفاحصة لها خاصة عيون منال.
حسنى:خلصتي يا راضية اللي جلتلك عليه ؟؟
فإنتفضت وأجابت بصوت متقطع :أيوة يا مي ، نضفت باجي الحمامات ، والفروجات ، وحطتهم ف الفريزر.
حسنى:طايبين ولا نايين ؟؟
راضية:نايين يا مي.
حسنى:ليه ؟؟؟؟ ومين اللي عيطبخهم ؟جوزك لما يعاود من شغله هلكان ؟؟!!!
علي:في إيه يا مي؟؟ أنا اللي جلتلها ، عخدهم نايين.
حسنى:كيف يا ولدي؟؟؟ ومين اللي عيطبخهم ؟؟
علي:مرتي طبعاً.
منال:مرتك كيف ؟؟هو إنت إتجوزت ف مصر ؟؟
قالتها بطريقة كيدية وهي تنظر ناحية راضية.
علي:أستغفر الله العظيم ، مرتي اللي جعدة جاري دي ، عتاجي معاي و تطبخلي هي.
وما أن سمعت راضية تلك الكلمات حتى توقفت عن الطعام و نظرت في الطبق الذي أمامها تستمع بكل حواسها دون أي حراك بينما وجمت منال وحسنى.
علي:إيه مالكم ؟؟؟إتنجلت ف بلد تانية و الست مُطرح ما يكون راجلها ولا إيه ؟؟ واديني ظبطت حالي هناك واهي تاجي معاي ولا عفضل رايح جاي ؟؟!!
منال:وتروح وتاجي ليه ؟؟؟ رجالة كتير بيسيبو حريمهم ويسافروا بالسنة عادي يعني ، الراجل من دول يسافر ويسيب مرته حبلى عبال ما يعاود تكون ولدت والعيل بجي حلو إكده، لكن اللي حدانا لا حبلى ولا غيره.
حسنى: إسكتي ساكتة انتي.
منال:وااه يا مرت عمي!!! عتسبيها تسافر وياه ؟؟!!!
حسنى:أمال ولدي يعيش عازب وهو متجوز !!!
منال:ومين اللي عيعمل شغل البيت ويطبخ ويخبز ؟؟
علي بحدة وصوت أفزعها:إنتو كيف ما كنتم طول عمركم بتعملو ، وبعدين ما لكيش صالح إنتِ ، أنا بتحدت مع أمي وخواتي.
منال :وااه!! ده أنا بت عمك يا علي.
قاسم :ما تكتمي يا ولية إنتِ ولا اتوحشتي البلغة بتاعة عشية ؟؟؟سافر يا خوي طبعاً وخدها معاك.
حسنى:أيوة يا ولدي سافروا بالسلامة.
وما أن سمعت راضية تلك الكلمات حتى تنفست ثم وقفت وجريت لأعلى متجهة لغرفتها ونظر علي نحوها وسط دهشة الجميع ثم تبعها.
جرت راضية حتى دخلت حجرتها وارتمت على الأرض تسجد سجدة شكر لربها وتبكي بشدة وهي تحمده بصوت مسموع قليلاً تخالطه شهقات بكاءها.
نظر إليها علي وإبتسم ثم تركها ونزل في هدوء وجلس ليكمل طعامه.
منال:مالها مرتك يا علي؟؟؟إيه اللي عفرتها ؟!!
فنظر إليها علي بفرغ صبر ، ثم نزلت راضية مجدداً وجلست بجوار علي وقد صارت أكثر هدوءاً ، فربت علي على يدها فنظرت إليه مبتسمة وعادت لتكمل طعامها.
علي:ميتى روحتي آخر مرة بيت ابوكي يا راضية ؟؟
راضية :من عشية ماودتني يوم ما سافرت وأنا ما عتبتش باب البيت.
منال:بس مرت أخوها بتاجي.
فنظر نحوها علي بتوعد ثم نظر لراضية بإبتسامة :خلصي وكلك واتسبحي وجهزيحالك عشان نروح ببت أبوكي بعد صلاة المغرب.
فإنتفضت راضية وتهللت أساريرها بشدة ولم تعرف ماذا تفعل ؟؟ وبماذا تعبر له عن سعادتها؟؟
لكنه إنحنت فجأة و جذبت يده وقبلتها ، هزته بفعلتها تلك و زلزلته من داخله لكنه بدا متماسكا أمام الجميع وضغط بيده على يدها وقد أعجب بذلك حسنى و إخوته ، لكن منال بالطبع...
أنهت راضية طعامها و لأول مرة تترك المائدة وغسل الأطباق وأي شيء لغيرها ، دخلت حجرتها و تحممت وارتدت عباءة سوداء وكان لازال هناك متسع من الوقت ، فأخذت تخرج ملابسها من الدولاب و تضعها في الحقائب.
ونكمل الحلقة الجاية ،
NoonaAbdElWahed
(بقلم : نهال عبد الواحد )
أنهت راضية الغسيل و ذهبت متجهة للمطبخ فوجدت منال تخرج من المطبخ تحمل صينية بها عصير و تتلفت حولها فاختبأت راضية و شعرت بأنها قد دبرت لها مكيدة.
ما أن غادرت منال المطبخ حتى دخلت راضية تفاح وتفتش لتستكشف ما فعلته منال.
بداية وجدت نار الموقد عالية فأخفضتها وتذوقت الطعام فوجدته شديد الملوحة.
فقالت:منك لله يا بعيدة ! يجيكي الهم والغم ! أدعي عليكي بايه وانت فيكي كل العبر إسترها معاي يا رب !
أخذت تقطع البطاطس وتضعها بداخل المرقة و الصلصة لتسحب الملح ثم تنزعها وتضع غيرها ، وبعد مرور فترة من الزمن تمت المهمة.
إنتهت راضية من الطبخ وأعدت الطعام على المائدة و جلس الجميع لتناول الغداء بينما كانت لا تزال واقفة ربما يحتاجون المزيد من الطعام أو الخبز.
وبدأ الجميع في الأكل إلا منال التي كانت تتابع الجميع في دهشة و غيظ شديدين ، بينما تنظر إليها راضية بإبتسامة كيدية ثم قالت :وااااه يا منال!!! ما تمدي يدك يا خيتي ده الوكل زين أهو جدامك وكله تمام.
وكان قاسم يأكل و يتابع حديثهما ويبدو أنه قد فهم مابين منال و راضية.
قاسم:ما تجعدي يا بت كلي معانا.
راضية :لا تعوزوا حاجة إكده ولا إكده.
كامل:إجعدي لو عوزنا حاجة تبجي تجوم بجرة منيهم وتجيبها ، إجعدي عدمتي يا بت.
فما أن جلست راضية حتى قالت منال:وعلى إكده خلصتي الغسيل ؟؟
راضية:خلصته.
منال:نشرتيه ؟؟
راضية :لا.
فرفعت منال صوتها :ليييه ؟؟؟ الغسيل إكده يكمكم.
راضية :أحسن ما الوكل ينحرج ، إبجي جومي إنتِ واتشمللي ونشريه.
منال:وااااه !!
راضية:معلهش يا مي ماعدتش أغسل لحد واصل إلا لي وليكي ولعلي لما يعاود بالسلامة ، وهم كل واحدة منيهم تغسل غسيلها و غسيل جوزها وعيالها.
منال:واااااه !!!
حسنى:لا ، إما كنتيش تغسلي الغسيل كله يبجي ما تغسليش هدوماتي.
راضية:بشوجك يا مي.
منال:شوف المرة جليلة الرباية عتكلم حماتها كيف ؟!!
قاسم :ماتسكتي يا بجرة إنتِ ، إييييه الواحد ما عيعرفش ياكل ؟!!!
منال:كن حديتها لادد عليك ؟؟
قاسم :أيوة لادد ، ويمين بالله ماحد غاسل هدوماتي غيرك يا منال.
كامل:ويمين طلاج ما حد غاسل هدوماتي غيرك يا أسما.
فسكت الجميع وأكملوا طعامهم في صمت.
وفي المساء وبعد أن أنهت راضية كل الأعمال همت بالصعود لأعلى منهكة و تتمنى من يحملها ويوصلها لفراشها من شدة التعب ، لكن هناك من ينادي!!
حسنى:راضية ، رايحة فين دلجيتي ؟؟
راضية:عتسبح عبال العشا ما تدن ، عصلي وارجد ، ما شايفاش جدامي.
حسنى:كنا عايزين فطير.
راضية:حاضر يا مي ف الصبح عجهزلكم مع العيش فطير.
حسنى:لا عايزين نتعشي فطير.
راضية:يا مي بجولك ماشيفاش جدامي .
حسنى:ونجول للرجالة اللي عايزة تتعشي فطير خليه ف الصبح عشان الست راضية هانم بدها ترجد.
فجزت راضية على أسنانها ثم ردت بهدوء عكس داخلها:حاضر يا مي.
ونزلت لمكان الخبز و أحضرت السمن وجلست تفرد الفطير وترش عليه السمن وتقول وهي تتألم :صبرني يارب ! توب علي يا رب !
وظلت هكذا حتى إنتهت و وضعته في صينية كبيرة حتى يبرد وكانت متعبة كأشد ما يكون ولا تستطيع النهوض وبالكاد تمسك في أي شيء وتقوم لتقف ثم تتحرك بوهن.
نادت راضية على أحد الأطفال ليخبر جدته أنها قد أنهت عمل الفطير.
ثم بدأت في صعود بعض درجات السلم وفجأة وجدت من يجذبها من رأسها فخلع العصبة من على رأسها و انسدل شعرها على ظهرها ونظرا لشدة تعبها سقطت على الأرض ولم تستطع المقاومة.
إنها حسنى تمسكها من شعرها و تنزل بها ضرباً بالنعل و راضية تصرخ تحت يدها و تجمع كل من في البيت وطبعاً كانت منال في قمة سعادتها.
دخل قاسم وكامل من فورهم فصوت صراخ راضية يصل للخارج.
قاسم:في إيه يا مي ؟؟
كامل :سيبي البت يا مي عتموت ف يدك ، عملت إيه هي ؟؟
حسنى:بت المركوب دخلت تعمل الفطير وما بايتتش الطير ، بحيتين طلعوا ع الطريج طستهم عربية ، إن شا الله تطسك عربية وتباتي مجطعة مافيكي حتة سليمة .
كامل:طب هي وبتعمل الفطير ماحدش م البجر اللي أكل ومرعى وجلة صنعه دول راح بيت الطير ؟؟
قاسم :وفطير ايه يا مي اللي عل مسا ؟؟ النهار ليه عينين.
راضية:والله بيته ، والله بيته وحطيتله الميه وجفلت عليه بيدي.
منال:صحيح إنك مرة جليلة الرباية ، عتردي على حماتك يا ولية وتكدبيها ، معلهش يا مرت عمي عادتها ولا هتشتريها ، اضربي اضربي يا مرت عمي.
قاسم :يمين بالله لو ما غورتي من وشي دلجيتي ماعخلي فيكي حتة سليمة ولا عيطلع عليكي صبح.
منال:وعتدافع عنيها كماني دي حتى ف ذمة راجل .
فخلع قاسم نعله وجرى خلفها يضربها فعلى صريخها هي الأخرى ولا زالت حسنى تضرب راضية .
ويعلو الصراخ و أصوات متداخلة و إذا بمن يدخل فجأة ويصمت و يتوقف الجميع.
حسنى:علي ، جلب أمك يا ولدي إتوحشتك جوي.
وجريت عليه تحتضنه وبعد أن سلم عليها وعلى إخوته.
علي:إكده يا مي ؟! هي دي الأمانة اللي فايتهالكم ؟
وكان ينطر نحو راضية التي تحاول التحرك والوقوف بصعوبة ، و رغم عينيها المملوءة بالدموع إلا أن سمة إبتسامة قد لاحت ، وقد لاحظها علي وأذابت قلبه.
حسنى:دي مرة جليلة الرباية وش بومة شوم ، طفشتك م البيت وخلتك تسافر و تسيبنا.
علي:يا مي إيه اللي عتجوليه دي ؟ ده الشغل هو اللي نجلني وبعدين كانت عملت إيه عشان تدجي فيها إكده وتشبعيها جتل ؟؟
حسنى:دخلت تعمل الفطير و ما بيتتش الطير و بحيتين طلعوا ع الطريج طستهم عربية.
علي:فداها يامي فدا عيل من عيال خواتي.
راضية :والله بيتهم وجفلت عليهم وحطيتلهم المية ، كيف ما بعمل كل عشية.
حسنى وهي تزيدها ضرباً:إكتمي ، كن عفريت هو اللي فتح عليهم.
فنظر قاسم لزوجته وقال:لا وإنتِ الصادجة ، دي جزمة وبت جزمة اللي فتحت عليهم.
علي:بزياداكي يا مي عتضروبيها جدامي كماني ، هاتي يدك يا راضية اتسندي على.
قاسم :شيلها ياعم إنت نفسك مجطوع ولا إيه ؟؟
فحملها وصعد بها لغرفتهما وكانت شديدة الخجل وصل بداخل الغرفة وأنزلها برفق وأغلق الباب.
راضية:حمد الله على سلامتك يا علي ، ما جولتش يعني إنك جاي؟؟
علي:كان عيفرج يعني لو جلتلك ؟!!
فهزت رأسها بأن نعم وهي تنظر للأرض خجلاً.
فإبتسم وقال :اعتبريها مفاجأة، على فين ؟
راضية :عروح أتسبح من هباب الفرن دي.
فقامت راضية وهي تستند في أجزاء الأثاث بجانبها حتى دخلت الحمام ، بينما علي أبدل ملابسه وخرج وأغلق باب الغرفة خلفه.
ونكمل الحلقة الجاية ،
NoonaAbdElWahed
(14)
(بقلم : نهال عبد الواحد )
أبدل علي ملابسه ثم إنصرف من الحجرة ، أخذت راضية حماماً دافئاً لكنها تفاجئت أن لم تأخذ ملابسها فهي منذ زمن وحدها وقد إعتادت أن تخرج من الحمام بالمنشفة.
راضية :يخيبك يا راضية ، نسيتي هدوماتك ، عطلع كيف دلجيتي ؟؟؟!!!!
ففتحت الباب قليلاً فلم تجد أحداً فتنفست و خرجت تتلفت فتأكدت أنه قد نزل وبدأت ترتدي ملابسها مسرعة.
وفجأة فتح الباب ولم تكن أكملت ملابسها فإنتفضت وشهقت ، وكان علي يحمل صينية عشاء كبيرة بها فطيرة و جبن وعسل فوضعها على المنضدة وكاد ينفجر ضاحكاً من هيئتها لكنه كتمها ولم يعلق حتى لا يزيد من إحراجها ، لكن لاحظ كدمات على كتفيها و ذراعيها فأسرع نحوها.
علي:إستني عنديكي.
فقالت بإرتباك :خير ؟!!
ففتح علي بعض الأدراج يبحث عن شيئاً ما حتى وجد نوع مرهم و أحضره وجلس بجوارها.
علي:الله يسامحك يامي ،هو في إكده ؟!!
فقالت :ما تعذبش حالك ، هي عتخف وحديها.
علي:دي حصل جبل سابج ؟
فسكتت ونظرت إلى الأرض فقال :آسف... آسف يا راضية.
راضية :على إيه بس ؟
علي:على حاجات كتير ، إنعدلي خليني أحطلك الدهان.
فجلست راضية و رفعت شعرها و تشعر بحرج شديد من تدليكه لكتفيها ولمسه لبشرتها ولم يكن حرجه هو بالأقل منها، حتى إنتهى وغسل يديه فأكملت ملابسها وجلست أمام المرآة تصفف شعرها وهو جالس ينظر إليها يتأملها فأربكتها نظراته تلك فإبتسم من ربكتها.
علي:تعالي كلي معاي ، ريحة الفطير مااجولكيش عاد ،جربي يابت.
فإبتسمت وجلست بجواره لكن عن مسافة قليلاً وبدأ يأكل و هي تتابعه بنظرها.
علي:واااه ! مدي يدك ، تعرفي كنت جاي وبشتهي الفطير اللي من يدك ، آجي ألاجيه يا سبحان الله !
راضية:بألف هنا.
وبدأت راضية تمد يدها لكن كانت تؤلمها كلما مدت وكان ذلك باد عليها ، فاقترب منها و بدأ يقطع الفطير ويغمسه في جبن أو عسل ويطعمها وكانت تأكل على إستحياء ، لكن بداخلها سعادة كبيرة.
فلأول مرة تسعد بقربه هكذا وترى رفقه ولطفه و حنانه هكذا.
وبعد الإنتهاء من الطعام جلست راضية على السرير وجعلت خلفها وسادة تستند عليها وتتكيء ، وجاء علي وجلس بجوارها فشعرت بحرج شديد.
علي:عاملة كيف دلجيتي ؟
راضية :نحمد الله... وإنت.... كيفك ؟
علي :الحمد لله... زين جوي.
راضية :خلصت شغلك وعاودت خلاص ؟
علي:لا ، عرجع تاني.
فتغير وجهها وقالت :تروح وتاجي بالسلامة.
وسكتت فسكت ولاذ الصمت و الإرتباك يسود الموقف لفترة من الزمن.
علي:لساتك موجوعة ؟
راضية :عادي ما تشغلش بالك.
علي:معلهش ، هي امي إكده يدها تجيلة جوي يا ما خدنا منيها.
فضحكت بشدة فإستدار بوجهه لقد زاد جمالها ذاك فوق إحتماله إهدأ يا علي ولا تفسد كل شيء بتسرعك وإشتياقك.
شعرت راضية أنه لازال يضغط على نفسه لمجرد التحدث معها والرفق بها ، لكن على أية حال ذلك يكفيها فقد إفتقدت وجوده كثيراً ، لكنه الآن بجوارها بل ويحادثها برفق وتلك نقلة لم تكن تحلم بها حتى.
لكن و كالعادة ذلك المجهود الشاق طوال اليوم بالإضافة لتلك المعركة جعلتها رأسها تميل فجأة في سبات عميق.
فسحب علي الوسادة من خلفها وعدل من وضعيتها ليعتدل سائر جسدها في نومتها ، كم كان ذلك مربكاً !!!
وضع عليها الغطاء و أطفأ النور وإتكأ بجوارها يرى بعض من ملامح وجهها الجميل المتعب من ضوء القمر الذي يتسلل لداخل الغرفة ، وظل ناظراً إليها لتكون آخر ما يراه وأول ما يراه ، حتى ذهب في نومه.
وقبيل الفجر فتحت راضية عيونها فشعرت بشخص ما بجوارها فقد نسيت قدوم علي وعودته بالأمس فإنتفضت مفزوعة تضيء المصباح ومع نفضتها تلك إنسدل شعرها على وجه علي فأيقظه.
علي :في إيه ؟
وجمت قليلاً وهي تنظر إليه كأنما تحاول تذكر وإدراك ما إن كانت في حلم أم حقيقة بطريقة جعلت علي يبتسم بعد ما إستيقظ مفزوعاً.
علي :مالك ؟!!
راضية:هه ، ولا حاجة ، جلجت بس.
علي:كملي نومك طيب الفجر لساته مادنش.
راضية :يا دوب ، أجوم عشان أجهز للخبيز ، كمل نومك أنا آسفة جلجتك معاي.
فنام علي بجسده بينما قامت هي ودخلت الحمام وبعد قليل خرجت مبدلة جلبابها بآخر ثم ربطت شعرها و عصبته جيداً ، سارت بضع خطوات ثم عادت وجلست أمام المرآة ولأول مرة تمسك بالكحل و تكتحل.
كان علياً يتابعها بنظره باسماً وبعد قليل خرجت ثم عادت بعد أذان الفجر لتصلي وتعود من جديد لفرنها وخبزها.
بدأت الشمس تشرق وترسل بنورها معلنة عن ميلاد نهار جديد وكان علي يجلس مع أخواه يحكون و يتسامرون فمنذ زمن لم يجتمعوا معاً ، ونزلت حسنى وجلست معهم.
بعد فترة جاءت إليهم راضية مبتسمة بوجهها الوضاء بهيئة لم يروها عليها من قبل وخاصة وهي مكتحلة ولم ينزل علي عينه من عليها و ظل ناظراً نحوها فتوردت وجنتيها فازدادت جمالاً أخاذ ، ولولا أن علي لازال بعقله لقفز من بين إخوته وأمه وحملها وذهب بها.
راضية:صباح الخير عليكم.
قاسم :يسعد صباحك يا راضية كيفك يا بت ؟؟
راضية :الحمد لله... أ... أ...
حسنى:مالك بتهتهي ليه ؟خلصتي الخبيز ؟؟
راضية:لسه يامي ، أ أصلي عملت شوية رشتة ، فكنت جاية أجول أجيب منيها دلجيتي ولا ميتي ؟
حسنى:ومين جالك تعمليها ؟ ماعندناش حد إهني عيحبها.
فوجمت راضية قليلاً.
فرد علي :ليه يا مي ؟ ده أنا نفسي فيها و جولتلها لو تعرفي إعمليلي.
حسني:واااه !! و ده من ميتى؟
علي :هاتيلي صحن و زودي السمن و السكر.
فقالت بسعادة :حاضر.
قاسم :إستني عنديكي يا بت ، هاتيلي منيه.
كامل:وأنا كماني زييهم بالضبط ، وهاتي لأمك حسنى.
فجريت مسرعة للداخل في سعادة شديدة تشبه سعادة الأطفال ليلة العيد.
حسنى:جلع فيها إنت يا خوي منك ليه ، طب هي مرته وبيجامله إنتوا ايه ؟؟!
قاسم :يا مي جبر الخواطر علي الله ، و بصراحة أي حاجة من يدها بتبجي زينة.
ثم إلتفت لأخيه قال غامزاً :شوفت ياض يا علي مرتك وشها نور كيف ومن ليلة واحدة.
فنظر لأخيه و إبتسم دون رد.
كامل:بس الحج يا مي كان لازمن راضية تريح إنهاردة و تجضيه مع جوزها.
فنظرت إليه و زمت شفتيها ولم ترد.
ثم جاءت راضية تحمل صينية كبيرة بها أطباق الرشتة و وضعتها ثم ذهبت حيث كانت في مكان الخبيز بجوار الفرن تضع رغيفاً عجين و تأخذه بعد تمام نضجه وتزج بغيره في الفرن...وهكذا،
ونكمل الحلقة الجاية ،
NoonaAbdElWahed
(15)
أصبحنا وأصبح الملك لله....وأول صباح في أول يوم من العام الجديد.
يا رب إجعله عاما نزداد إليك قربا
فمن قربه منك يا الله لا يمسه ضر قط
Happy 2019
-----------------------------------------------------------
الحلقة (15)
(بقلم :نهال عبد الواحد )
بينما راضية تجلس بجوار الفرن تصنع الخبز فهاهي تضع رغيفاً من عجين وبعد قليل تخرجه رغيفاً ناضجاً رائحته الذكية تملأ المكان.
فإذا بعلي قد جاء يحمل طبقاً في يده فنظرت إليه وإلى الطبق مبتسمة و مستفهمة ثم قالت بنبرة بها خيبة أمل :كن أمي حسنى عنديها حق إكمني عملت الرشتة ؟
علي بإبتسامة عريضة :ليييييييه؟؟؟ تسلم يدك.
راضية :ماهو باين ، الطبج زي ما هو.
فضحك وقال:الطبج !!!! إنتِ عارفة دي الطبج الكام؟؟ ده إحنا مسحناها مسح ، خلصنا كل اللي عملتيه والغايب مالوش نايب ، لكن حوشتلك نايبك إنتِ وماليش صالح بخواتي.
راضية بسعادة:بألف هنا.
ثم قال بأسلوب لم تعهده راضية من قبل :كني حبيتها وخت عليها كماني.
فتوردت خجلاً وحاولت أن تخفي إرتباكها لكن طبعاً كان واضحاً للغاية.
علي:جبلتلك دول تفطري بيهم.
راضية:تعيش يا خوي.
علي:ما كنتش أعرف إن الرشتة زينة إكده ولا إكمنها من يديكي ، أحلى رشتة دوجتها وغلاوتك.
فقالت بخجل :كني عاخد على كلامك الحلو دي.
علي:وماله....براحتك... إفتحي.
وإقترب منها ليطعمها في فمها.
فقالت بحرج شديد و وجه كاد يشتعل من شدة حمرته :واااااه!!!! حد يوعالنا.
علي:اللي يوعي يوعي ، بس إيه الحلاوة دي يا بت ، وكل ما بتستحي بتحلو أكتر.
و إذا بصوت حسنى :الله... الله... إيه المسخرة دي ؟!!
إيه اللي موجفك إهني يا علي ؟؟!!ما تعرفش إن البكان دي للحريم ؟؟
علي:صوح يا مي دي بكان الحريم لكن مافيهش دلجيتي حد غير مرتي، مالك بس يا مي ؟ مرتي وجاعد معاه بجالي كد إيه ما شوفتهاش واتوحشتها.
حسنى:سيبها دلجيتي تخلص اللي وراها لسه حداها شغل كتير ، إبجى جلع فيها ف الليل لما تبجو لحالكم مجفول عليكم بابكم ، وإنتِ يا بت جوزك جاي م السفر ومحتاج وكل زين.
راضية :عيني يا مي.
حسنى:ادبحي كد عشرين جوز حمام ونضفيهم واحشيهم وسويهم.
علي:وااه يا مي ! كتير كل دي !!حد جالك إني بجيت ديناصور ؟!
حسنى:واحنا كتير يا ولدي و بعدين احنا عناكل والباجي تشيله و تجمده وتاخده معاك وإنت معاود مصر ، انت مسافر ميتى يا وليدي ؟؟
علي:بكرة إن شاء الله يا مي.
فاختفت إبتسامة راضية وقد لاحظ ذلك علي.
حسنى:طب يا دوب ، إدبحي كماني جوزين تلاتة فروجات وجهزيهم برديكي.
علي:ما تسويش يا غالية الطير اللي عاخده معاي.
حسنى:عتاخده ني يا ولدي ؟
علي:أيوة يا مي.
حسني:طب خلصي الحمامات وإعملي شوية فريك بالتجلية و شوية ملوخية.
ثم نظرت لولدها قائلة :وبعدين نبجي نشوف حكاية الوكل الني دي ، جرى إيه يا علي ماتروح تنام ولا تشوف حالك عتفضل لازجلها اكده العيال زمانتهم عيصحو ماعايزنهمش يشوفوا المسخرة دي.
فقال علي مضد :حاضر يا مي.
ثم إنصرف هو وأمه وتركا راضية وحدها بعد أن اختفت منها الإبتسامة.
أنهت راضية الخبيز ثم ذهبت لتعد الطير كما طُلب منها ثم أعدت الغداء.
وعلى مائدة الغداء كانت راضية واقفة كعادتها بعد وضع الطعام على السفرة وكانت رائحته الشهية تفوح في المكان ، فطبخة اليوم خاصة جداً فهي مهداة لعلي ، وإن كان الطبيخ نفَس كما يقال ، فقد صنعتها بكل الحب الذي تكنه له بداخلها.
علي:تعالي يا بت إجعدي جاري.
راضية:يمكن حد منيكم يحتاج حاجة إكده ولا إكده .
علي:إجعدي إنتِ ، جومي يا أسما جمري عيش.
فنظرت أسماء لمنال وكأنها تنتظر أن تأذن لها.
علي:إنتِ يا بت !!! مش بنادم عليكي ؟؟!!!
كامل:فزي يا ولية جمري العيش.
فهبت أسماء من فورها مسرعة فأشار علي لراضية أن تجيء بجواره فجلست ، فأمسك علي بأحد الحمامات و قسمها بينه وبينها و وضع أمامها فنظرت إليه بسعادة غامرة مصحوبة ببعض الحياء ، فإبتسم إليها و قطع لقمة وغمسها و أطعمها في فمها فأكلت وهي تنظر للأرض تهرب من العيون الفاحصة لها خاصة عيون منال.
حسنى:خلصتي يا راضية اللي جلتلك عليه ؟؟
فإنتفضت وأجابت بصوت متقطع :أيوة يا مي ، نضفت باجي الحمامات ، والفروجات ، وحطتهم ف الفريزر.
حسنى:طايبين ولا نايين ؟؟
راضية:نايين يا مي.
حسنى:ليه ؟؟؟؟ ومين اللي عيطبخهم ؟جوزك لما يعاود من شغله هلكان ؟؟!!!
علي:في إيه يا مي؟؟ أنا اللي جلتلها ، عخدهم نايين.
حسنى:كيف يا ولدي؟؟؟ ومين اللي عيطبخهم ؟؟
علي:مرتي طبعاً.
منال:مرتك كيف ؟؟هو إنت إتجوزت ف مصر ؟؟
قالتها بطريقة كيدية وهي تنظر ناحية راضية.
علي:أستغفر الله العظيم ، مرتي اللي جعدة جاري دي ، عتاجي معاي و تطبخلي هي.
وما أن سمعت راضية تلك الكلمات حتى توقفت عن الطعام و نظرت في الطبق الذي أمامها تستمع بكل حواسها دون أي حراك بينما وجمت منال وحسنى.
علي:إيه مالكم ؟؟؟إتنجلت ف بلد تانية و الست مُطرح ما يكون راجلها ولا إيه ؟؟ واديني ظبطت حالي هناك واهي تاجي معاي ولا عفضل رايح جاي ؟؟!!
منال:وتروح وتاجي ليه ؟؟؟ رجالة كتير بيسيبو حريمهم ويسافروا بالسنة عادي يعني ، الراجل من دول يسافر ويسيب مرته حبلى عبال ما يعاود تكون ولدت والعيل بجي حلو إكده، لكن اللي حدانا لا حبلى ولا غيره.
حسنى: إسكتي ساكتة انتي.
منال:وااه يا مرت عمي!!! عتسبيها تسافر وياه ؟؟!!!
حسنى:أمال ولدي يعيش عازب وهو متجوز !!!
منال:ومين اللي عيعمل شغل البيت ويطبخ ويخبز ؟؟
علي بحدة وصوت أفزعها:إنتو كيف ما كنتم طول عمركم بتعملو ، وبعدين ما لكيش صالح إنتِ ، أنا بتحدت مع أمي وخواتي.
منال :وااه!! ده أنا بت عمك يا علي.
قاسم :ما تكتمي يا ولية إنتِ ولا اتوحشتي البلغة بتاعة عشية ؟؟؟سافر يا خوي طبعاً وخدها معاك.
حسنى:أيوة يا ولدي سافروا بالسلامة.
وما أن سمعت راضية تلك الكلمات حتى تنفست ثم وقفت وجريت لأعلى متجهة لغرفتها ونظر علي نحوها وسط دهشة الجميع ثم تبعها.
جرت راضية حتى دخلت حجرتها وارتمت على الأرض تسجد سجدة شكر لربها وتبكي بشدة وهي تحمده بصوت مسموع قليلاً تخالطه شهقات بكاءها.
نظر إليها علي وإبتسم ثم تركها ونزل في هدوء وجلس ليكمل طعامه.
منال:مالها مرتك يا علي؟؟؟إيه اللي عفرتها ؟!!
فنظر إليها علي بفرغ صبر ، ثم نزلت راضية مجدداً وجلست بجوار علي وقد صارت أكثر هدوءاً ، فربت علي على يدها فنظرت إليه مبتسمة وعادت لتكمل طعامها.
علي:ميتى روحتي آخر مرة بيت ابوكي يا راضية ؟؟
راضية :من عشية ماودتني يوم ما سافرت وأنا ما عتبتش باب البيت.
منال:بس مرت أخوها بتاجي.
فنظر نحوها علي بتوعد ثم نظر لراضية بإبتسامة :خلصي وكلك واتسبحي وجهزيحالك عشان نروح ببت أبوكي بعد صلاة المغرب.
فإنتفضت راضية وتهللت أساريرها بشدة ولم تعرف ماذا تفعل ؟؟ وبماذا تعبر له عن سعادتها؟؟
لكنه إنحنت فجأة و جذبت يده وقبلتها ، هزته بفعلتها تلك و زلزلته من داخله لكنه بدا متماسكا أمام الجميع وضغط بيده على يدها وقد أعجب بذلك حسنى و إخوته ، لكن منال بالطبع...
أنهت راضية طعامها و لأول مرة تترك المائدة وغسل الأطباق وأي شيء لغيرها ، دخلت حجرتها و تحممت وارتدت عباءة سوداء وكان لازال هناك متسع من الوقت ، فأخذت تخرج ملابسها من الدولاب و تضعها في الحقائب.
ونكمل الحلقة الجاية ،
NoonaAbdElWahed
تعليقات
إرسال تعليق