رواية- راضية-الحلقات 4:6- بقلم نهال عبد الواحد -مجلة سحر الروايات
(4)
(بقلم :نهال عبد الواحد )
عادت أم علي وزوجات أبناءها فوجدت علي يجلس مع إخوته في حاله مهموماً وما أن وصلن.
كامل: هه ! شوفتو العروسة ؟؟
أسماء:زينة زينة زينة جمر والله !
منال:لا جمر ولا حاجة عادية يعني.
أسماء:عادية ؟؟!!!!! لا جمر.
منال:عتعرفي أكتر مني ده أنا الكبيرة و مرت الكبير.
أسماء :خلااااااص عادية يا منال إرتاحتي!!!
حسنى:بس يا بت إسكتي ساكته إنتِ وهي ، وإنتو خدوا حريمكم و فوتوا من إهني ، عايزة أتحدت مع ولدي حديت خصوصي.
قاسم :ماشي ! أيوة ياعم مبروك يا عريس.
منال:فرحان على ايه إنت التاني ؟؟!!!!!
قاسم :إكتمي وفوتي جدامي.
وبعد أن انصرف الجميع و إنفردت الأم بولدها.
حسنى:مالك بس يا وليدي ؟؟؟
علي :مالي يا مي؟! في إيه ؟؟
حسني:عروستك يا ولدي زي فلجة الجمر، بدر مصور الله أكبر ! مفيش ف جمالها ف بيت علي ، لا ولا ف البلد كلاتها ؛ عنيها واسعة اكده وزينة ، وشعرها أسود حرير تجعد عليه ، ولا رسمها يا ولدي تتمتع بيها يا حبيبي ، دي عليها...
علي:بزياداكي يا مي الحديت دي ، بتحليها ف عيني يعني إكده ؟؟
حسني:لا بجه هي جمرة وبكرة تسحرك بجمالها دي ، و بيحكوا ويتحاكوا على وكلها ، هو الراجل عيعوز إيه غير واحدة بت أصول وزينة يتمتع بيها وست بيت مفيش زييها ؟! في إيه تاني ؟؟!!!
علي:في إنه غصب بنغصب يا مي كيف البنتة ، طب البنتة لما تتغصب جوزها يراضيها ويجلعها لحد ما ترضى بيه وتعشجه صوح ، الراجل المتغصب بجه عيعمل إيه ؟!!! فوتيني لحالي و همليني يا مي.
حسنى:لا بجه ، ما ههملكش و هناجي مع الرجالة و تجعدوا و تتفجوا الخميس الجاي ، والجمعة ننزل كلاتنا نشتروا الدهبات ، و يادوب الشهر الباجي على معاد الدخلة كل واحد يجهز فيها حاله... واااااه ! عتفوتني و أنا بتحدت ؟!!
علي:جالوها جبل سابج هي موتة ولا أكتر.
وجاء بالفعل يوم الإتفاق و إمتلأ بيت صالح بإخوته و علي و إخوته وأعمامه وأمه و زوجات إخوته ، كانت راضية قد طبخت كل شيء وخبزت الخبز المقدم ، و تذوق الجميع أروع طعام يمكن أن يأكلوه لكن لم تظهر راضية إلا لحظات لأمه وسلفاتها ولم تخرج للرجال أبداً.
إتفق الرجال على تفاصيل الزواج و المهر و المؤخر و القائمة و ثمن الذهب الذي سيشتريه العريس لهاو...
قرؤا الفاتحة علي ذلك وظلت كريمة وحسني تطلقان الزغاريد والجميع سعداء بتلك الخطوة إلا أصحاب الزيجة أنفسهم راضية وعلي ؛ في قمة بؤسهما وقلبهما يعتصر حزنا من تتميم تلك الزيجة.
وكان في الغد موعد شراء الذهب و الجميع قد ذهب في فرحة ولم يحاول كلا من علي و راضية أن ينظر كلاً منهما للآخر ولا حتى على سبيل حب الإستطلاع فواضح أن الأمر مرفوض تماماً للطرفين ، وكلما إقترب موعد الزفاف زاد الهم والغم في قلبيهما.
وذات يوم دخلت كريمة في حجرة راضية.
كريمة :كيفك يا ست العرايس ؟
راضية:فوتيني لحالي سايج عليكِ النبي.
كريمة:وااااه ! ده إنتِ حتى ما فرحتيش بدهباتك اللي ما حدش جاله زييهم.
راضية:عادي ما بصيتش فيهم.
كريمة :طب وعريسك ؟؟ ده طلع بسم الله ما شاء الله جدع إحلوى وطول بعرض ، عريس ملو هدومه صوح.
راضية:ما بصيتش عليه هو التاني.
كريمة:وااه عليكِ يا بت عمي ! ما بصتيش حتى من تحت لتحت ؟؟!!!
راضية:ما بصيتش ياكريمة يا بصيتش ، ما عتفرجش كله محصل بعضيه ؛ كده كده كله غصب.
كريمة :بجيتي بتعزي النكد كد عينيكي.
راضية:بجهز نفسي للعيشة الجديدة.
كريمة :واااااا!! إيه اللي عتجوليه دي ؟؟
راضية :واضحة زي عين الشمش ، هو كماني متغصب ، الحال من بعضيه يا خيتي ؛ ما حاولش يشوفني ولا يكلمني ، ولا حتى ياجي يسلم علي ويجولي أنا فلان تمثيل يعني الحال من بعضيه ماعايزاش أفكر ف أي حاجة حتى خايفة أفكر ف أيامي الجاية شكلها كيف.
كريمة : خير وهنا يا حبيبتي إن شاء الله ، المهم دلجيتي عايزين ف الصبح ننزل نشتري جهازك وهدوماتك الجديدة يا عروسة.
راضية :ييييييييييه يا ولية ما عتفهميش ما عايزاش أسمع الكلمة دي واصل ، أجوم أبندجك وأخلص.
كربمة:يا بت عننزل نشتري هدومات جديدة وحاجات إكده لزوم الجلع ، هههههههههه.
راضية :يا مراري منيكي ! جبيهم لنفسك يا خيتي وإتجلعي وإتشخلعي لجوزك ، وفوتيني لحالي.
كريمة:وانا يعني مستنياكي تجوليلي جايبة يا خيتي كل حاجة... هههههههههههههه.
راضية :اختشي يا ولية عيب عليكِ.
كريمة:لا ما عيبش ولا حاجة مش لازم تعرفي عتعملي ايه... هههههههههههههه.
راضية :يا مراري ! جومي من إهني يلا جومي عايزة أرجد ، يلا فوتي.
وخرجت كريمة ولازالت تضحك ضحكات مدوية وبعد أن خرجت كريمة إبتسمت راضية.
وقالت :هم يضحك ، الله يجازيكي يا بعيدة ! جويني يارب !
أما عند علي فكان يجلس على باب المندرة حيث الهواء المنعش ويدخن بشراهة سيجارة خلف الأخرى فجاءه قاسم فأعطى لأخيه يدخن معه.
قاسم :إيه يا عريس ؟؟
فنظر له ثم استدار دون رد.
فأكمل قاسم :إيه ؟ لحجت تشغلك للدرجة دي ؟؟
علي:هي مين دي ؟؟؟!!!
قاسم :وااااه ! عروستك ياض !!!!
علي ببرود :ولا بصيتلها.
قاسم :واااه ! يا جلبك ! والله عروستك جمر ياض ما تخافش وعيشتك عتبجى زين الزين إن شاء الله.
علي :عجول إيه ؟! ماانت مااتجوزتش غصب بحكم جعدة رجالة.
قاسم :يا خوي جعدة ولا وجفة ، المهم جسمتك زين الزين ، مع إن البجرة اللي فوج مصممة إنها عادية.
فضحك علي:هي منال لحجت تحطها ف راسها ، الله يرحمك يا راضية !
فضحك قاسم ثم قال :أيوة إكده اضحك ، والله يا واد بوي كل الحريم واحد ف الآخر ، بس أجليها عتصطبح و تتمسى بخلجة زين مش فجر مصور زي اللي حدانا ، بجوا جوز غربان جمب مرتك ياعلي.
علي:عملتها مرتي خلاص ؟؟؟
قاسم:أمال إيه ؟! فات الكتير ومابجبش إلا الجليل وتبجى مرتك و ف فرشتك.
علي:ما تفكرنيش الله لا يسيجك.
قاسم :عيل فجري وبوز نكد ، خليك جاعد إندب حظك كيف الحريم.
وتركه وذهب وظل علياً جالساً وحده.
ونكمل الحلقة الجاية ،
NoonaAbdElWahed
(5)
(بقلم : نهال عبد الواحد )
وذات يوم كانت كريمة وراضية قد خرجتا لشراء لوازم وملابس العروسة و ذهبتا لموقف السيارات تنتظران سيارة أجرة تأخذهم للمدينة للشراء من المحلات هناك وأثناء إنتظارهما .
كريمة :إفردي وشك ع الصبح.
راضية :هو دي أخري.
كريمة :يا بت افرديه حتى عشان ربنا ييسرها ونلاجي طلباتنا بسرعة ، بدل ما نلف كتير و إنتِ عروسة و ماعايزنكيش تتعبي.
راضية :أباااااااي عليكِ.
وقد إرتفع صوتها وأسمع من حولها الذين يقفون في الموقف فانتبهوا إليها ونظروا إلى تلك الجميلة الغاضبة.
وكان من بين الواقفين الدكتور علي العريس الذي إنتبه للصوت و لصاحبة الصوت فنظر نحوها نظرة طويلة كأنه لم يصدق عينه أن هناك جمالاً هكذا لم يعرف كيف انجذب إليها؟؟؟؟
ولماذا؟؟؟؟؟
فهذا ليس بطبعه فكان يعتاد الذهاب لعمله في المدينة و العودة دون أن يرفع عينه في أي واحدة ... ترى من تكون ؟؟؟؟
وهل تجيء هنا بإستمرار أم ماذا ؟؟؟؟
إهدأ يا علي ماذا دهاك ؟؟
كان في صراع شديد مع نفسه يريد أن يستدير بنظره عنها فذلك لا يصح إطلاقاً لكن كان الأمر صعباً حقاً عليه.
وجاءت السيارة وركبت كريمة وراضية و ركب هو الآخر وكان يجلس خلفهما ولا ينزل عينه من عليها حتى وصلت السيارة ونزلتا الفتاتان وهو خلفهما.
كانت الفتاتان تسيران بين المحلات وتدخلان في كل محل وكانت راضية تسير مجبرة وتاركة لكريمة كل شيء تشتريه كما تريد وكما تراه حلواً.
ولا زال علي خلفهما وهو يتعجب من نفسه فلم يحدث له مثل ذلك من قبل ، وكانت كريمة قد ملت من سكوت راضية فنادتها وكان صوتها مسموعا :ما تجولي رأيك بجه يا عروسة.
وما أن سمع علي تلك الكلمات حتى نزلت على مسامعه كالصاعقة عرووووووسة!!!!!!
بالطبع نعم ، فكيف لذلك الجمال ألا تكون عروس ؟! فمن تكون إن لم تكن ؟
إنها إذن ملكاً لشخص ما فلا يصح ولا يحل أن ينظر إليها هكذا ، ولايفكر فيها إطلاقاً.
فتركهن وانصرف لكن صورتها وملامحها محفورة بداخله لا يستطيع نسيانها أو صرفها عن ذهنه و عن نفسه.
لماذا أقابلك وأنتِ لغيري؟؟؟
لماذا و كيف أقع في هواكي بتلك السهولة وأنتِ لن تكوني لي أصلاً؟؟؟
لماذا الآن وأنا قد إقترب موعد زواجي؟؟؟
موعد بلا خيار لي و زوجة بلا إرادة ولا رغبة.... ترى الآن بعد أن رأيت تلك القمر و تغلغلت في أعماق قلبي..... ما صعوبة ذلك الإبتلاء ؟!!!!
قويني يا الله !!!!
صبرني يا الله!!!!
إجعلني أنساها فأنا أخشاك ولا أغضبك ، قويني يا الله.... قويني ياااااااااا الله.
ولم يكن يعلم بالطبع أن تلك القمر التي تيم بها على غفلة وبدون مقدمات هي حظه ونصيبه الذي يود لو يفر منه.
رمت الفؤاد مليحة عذراء
بسهام لحظ ما لهن دواء
مرت أوان العيد بين نواهد
مثل الشموس لحاظهن ظباء
فاغتالني سقمي الذي في باطني
أخفيته فأذاعه الإخفاء
خطرت فقلت غزالة مذعورة
قد راعها وسط الفلاة بلاء
وبدت قلت البدر ليلة تمه
قد قلدته نجومها الجوزاء
بسمت فلاح ضياء لؤلؤ ثغرها
فيه لداء العاشقين شفاء
(عنترة بن شداد)
ظل علي أياما و ليالي يحاول أن يعيد لنفسه رشدها و يحاول نسيان تلك الفتاة ، لكنه قد شعر فجأة أنه قد مرض و أصيب بحبها بل إنه ليس بحب بل عشق غريب وفوق العادي ، فمجرد أن يتذكرها يشعر بروحه ترفرف.
لكن ماذا سيفعل ؟
فكلاهما سيتزوج ، هو سيتزوج بحكم مجلس الرجال زيجة غصباً وهي يبدو عليها عروس ستتزوج قريباً ،
إذن فاستعد لنسيانها و الإستعداد لحياة حقيقية .
أما راضية فكانت تخرج مع كريمة وأحياناً أخيها لإستكمال ما تبقى من شراء لوازم الزواج.
إنتهوا من كل شيء ولم يرى علي حتى الآن وجه راضية التي لم يسعى أصلاً لرؤيتها ولا للذهاب إليها مثل أي خاطب ، ولم يُرى على وجه راضية أي مظهر من مظاهر لفرح أو سرور.
وكانت رتيبة زوجة عمها قد حرضت نساء العائلة لمقاطعة راضية فلا يأتوها في خبيز العروس رغم أن راضية كانت دائماً هي أول الحاضرات في الخبيز و الحنة وفرش العروس.
فليلة الحنة التي تسبق يوم الزفاف فهي حسب عادات أهل الصعيد تكون أكثر وضوحاً في بيت العريس أما بيت العروس فللمقربات فقط اللاتي يكن غالباً في شقة العروس.
فالعروس حسب عاداتهم لا ترى بيتها و لاتذهب إليه لفرشه ولا لزيارة أهل العريس.
قامت راضية وكريمة بكل خبيز العروس وهو عبارة عن كميات كبيرة من الخبز نوع أو إثنان لأن النوع الثاني يُسمى الخبز الشمسي وهو يحتاج لمهارة عالية في صنعه وهي ليست عند الكثيرات.
وذلك الكم الهائل من الخبز يذهب به لبيت أهل العربس فيأكل منه المدعوون يوم الحنة و الفرح والصباحية مع الطعام الذي يطبخه الطباخ لكل الزائرين.
ويخبز أيضاً الناعم (الكعك) ويكون سادة و البسكويت ويكون أيضاً ناعم للغاية والفايش وأحياناً يكون هناك البيتي فور والغريبة لكن يختلفون عن البيتي فور والغريبة التي نعهدها من حيث الطعم والدسامة و اللون حيث أن السمن الصعيدي متسم بلونه الأصفر الكناري.
ذهبت كريمة ليلة الحناء لبيت راضية لتفرشه وتعده تماماً وقد تأخرت كثيراً.
إن الزائرات في ليلة الحناء تذهبن لمشاهدة بيت العروس وأشياءها فكلما وضعت الأشياء منها بداخل خزانة الملابس تجيء إحداهن لتفتح وتخرج الملابس لتفحصنها وأيضاً المفروشات وحتى الأواني .
وأخيراً عادت كريمة للبيت منهكة بعد مجهود شاق فوجدت راضية في مكان الخبيز.
كريمة:إيه يا راضية اللي مجعدك إهني دلجيتي !!!!
راضية:خبزت فطير الصباحية ؛ إنتِ إنهلكتي يا كريمة وهتاجي م الفرح مافكيش حيل لخبيز تاني.
كريمة :واااه يا راضية في عروسة ليلة جوازها تجعد جار الفرن و تعمل فطير ؟عتجنيني !!!
راضية :ععمل ايه ؟!! لا عندي أم ولااخت ، وإنتِ هديت حيلك بزياداكي يا كريمة إرتاحي إنتِ حبلى.
كريمة:إخس عليكِ يا راضية ، هو أنا مش بت عمك وأختك ؟! لو ماهدتش حيلي ليكي إنتِ ععمل لمين؟
راضية :نتعبلك يوم ما تفرحي بولادك يا خيتي .
كريمة :و الولية رتيبة مرت عمك دي طلعت مرة سو صوح ؛ راحت تجول لحريم العيلة ما يحضروش لا الخبيز و لا حاجة ، جاتها مصيبة !
راضية:والله مُصلحة أجليه ارتاحنا من عكعكة الحريم ف العجين.
كريمة:إسكتي يا راضية الناس عيتهبلوا عل عيش وبيحكوا ويتحاكوا بيه ، حتى الولية حماتك سألتني مين اللي خبز وما صدجتش لما جلتلها إن إنتِ كيف خبزتي كل دي وحديكي ويطلع زي العسل إكده ؟؟
راضية:هي البعيدة بجرة ولا إيه ؟؟؟!! رايحة تجولي للولية إني بطولي بكرة يمرمطوني عنديهم.
كريمة :واااه ! غابت عني كيف دي؟؟
راضية :ما جلتلك بجرة.
كريمة :مجبولة منيكِ يا عروسة ، تعالي يلا جومي خليكي تلحجي تتسبحي و ترجدي.
راضية :طب خلي بالك أنا فردت الفطير ، ما تنسيش تعبيه أول ما يبرد ف الفريزر ، ولما تاجي م الفرح تطاعيه يفك وعل الفجر إكده شمميه النار ، شمميه بس يا ناصحة عشان لا ينحرج ولا ينشف.
كريمة :حاضر حفضت جومي يلا.
وقامت راضية وذهبت مع كريمة.
ونكمل الحلقة الجاية ،
شكرا لحسن متابعتكم ،
NoonaAbdElWahed
(6)
(بقلم : نهال عبد الواحد )
وفي اليوم التالي يوم العرس ذهبت راضية والعروس الأخرى لنفس مكان التجميل وكان من عادة الكثيرات خلع الحجاب في الزفاف ولبس فستان مفتوح بعض الشئ.
و في مكان التجميل.
العروس:إنت بجه عروسة واد عمي علي ؟
راضية :إن شاء الله.
العروس:أمال ما فرحناش ليه ؟
ده انت عتاخدي زينة شباب العيلة ، لا ده زينة الشباب كلاتهم.
راضية:لا والله !!! طب ماانت كماني عتاخدي زينة الشباب.
العروس:أصلي ما شيفاكيش فرحانة.
راضية :أجوم أتحزملك و أرجص ولا إيه يا سامية ؟؟!!
سامية :وليه لا ؟! ما لونتيش شعراتك يعني؟!!!
راضية :بحبه أسود إكده.
سامية:وااه ! إفرضي واد عمي ما عيحبش الأسود؟!!
راضية :لما أبجى أعرفه الاول أبجى أغيرله لون شعري.
ثم مر بعض الوقت وبدأت خبيرة التجميل تصفف شعرهما وتصنع فورمة لشعر كلا منهما ، لكن لأن شعر راضية شديد النعومة كان ينزلق كلما فعلته خبيرة التجميل حتى ملت منه وقالت لها: معلش يا عروسة شعرك بيفك كل شوية مش عايز يثبت.
راضية :خلاص سبيه إكده.
فضحكتمنها سامية وقالت :واااه يا راضية عتخوفي الناس هههههههههه.
خبيرة التجميل :بالعكس والله شكلها كده أحلى وأرق.
راضية:وانا كماني شايفة إجده.
وفعلاً عندما إنتهت راضية وارتدت الفستان و أكملت كل شيء كانت هيئتها بشعرها الطويل المنسدل على ظهرها مع التاج في قمة الروعة و الرقة فكانت هيئتها كملاك ، كأميرة متوجة.
وحان موعد الزفة ولأن فستان راضية الذي اختارته لها كريمة كان عاري الذراعين فقد اختارت طرحة ثقيلة بعض الشيء ظنا منها أنها ستخفي شيء .
وعندما غطت وجهها كانت لا ترى إلا خيالات فوضعت إحدى ذراعيها في يد أبيها و الأخرى في يد أخيها ومشيت معهم على هديهم بثقة تامة وكان ذلك أشبه بحالها.
فحياتها المقبلة تلك لا ترى فيها إلا خيالات بل ربما لا ترى أي شيء ، لكن ماذا لو سارت على هدي أبيها و أخيها فهم يرون أنه زوج جيد ، لكن هذا في حال إختيارهم له وليس كونه مفروضاً عليهم جميعاً.
وصل الجميع لمكان الفرح وكان في القرية في ساحة كبيرة بين بيوت العائلتين فكل عروس قد أخذها عريسها من يد أبيها.
فسامية إستلمها عريسها و رفع الطرحة وقبّل جبهتها وسار بها ، بينما علي استلمها وسار بها دون أن يرفع الطرحة ويكشف عن وجهها.
وذلك قد زاد الأمر سوءا زاد من وجع راضية ، فحتى تلك الليلة لا يحرص على رؤيتها ، لا يحاول أن يعرف حتى شكل التي صارت زوجته ، ينظر أمامه ويبدو شارداً ولا ينظر نحوها أبداً ولم يتفوه بأي كلمة ولا حتى كلمة (مبروك ).
إن هذا لأكبر دليل على أنه لازال مكرهاً على تلك الزيجة ، لكن كيف ذلك وكلها دقائق و سيذهبا لبيتهما معاً ؟؟؟؟
كيف لرجل أن يعاشر إمرأة مفروضة عليه لا يرغبها تماماً ؟؟؟؟
واضح أنها ستكون حياة مؤلمة ومهينة لأنها لن تكون سوى خادمة و...
كل تلك الأفكار تزاحمت في رأس راضية لكنها قد قررت مع نفسها بأن لن تصير هكذا أبداً.
وعن بعد كانت كريمة تقف مع عمها صالح.
كريمة :ماله الراجل دي ما رفعش الطرحة ليه ؟؟ حد يجوله و ينوره ؟؟؟
صالح :عشان عنديه غيرة ونخوة والفستان اللي اختارتيه لبت عمك عريان ومجندل.
كريمة :وااااه يا عمي مش ليلة العمر ، حجا يا عمي راضية طالعة كيف البدر ، صورتها كام صورة عند الكوافير واتصورت معاها كماني.
صالح :ابجي ابعتيلي الصور دي يا بت.
كريمة :من عيني التنين يا عمي.
صالح:مُصلحة إنها متغطية إكده عشان ما تاخدش عين البت ما نجصاش.
كريمة :طب ياعمي هروح اجف جارها يمكن تعوزني ف حاجة كده ولا اكده.
ثم قالت في نفسها :صدجتي يا بت عمي ، في عريس ما عيحبش يشوف عروسته إلا لو ما عايزهاش و مجبور صوح ، الله يصبرك يا بت عمي ! حظك اجليل ، ماختيش منيه غير الجمال و الشطارة.
وماكانت إلا لحظات حتى ذهبت كل عروس مع عريسها تاركين الفرح للمدعويين و ذهبوا لبيوتهم ،
فتلك عادتهم في قرى الصعيد يترك العروسان الفرح ويذهبا لبيتهما ثم يدخل العريس بعروسه ثم يعود ويجلس مع الرجال و تذهب بعض المقربات تمكث مع العروس.
حمل علي راضية وصعد بها وهي ترتجف خوفا بين يديه وخلفه أمه و كريمة يتابعانهما بالزغاريد فأدخلها الحجرة ونادى عليه أخويه يريدان التحدث إليه الآن فدخلت حماتها وكريمة و منال و أسماء .
كانت راضية جالسة على السرير دون حراك كما وضعها على فرفعت حسني الطرحة من على وجهها وأخذت تزرغد كثيراً قائلة :الله أكبر الله أكبر ! بدر مصور والله ! من شر حاسد إذا حسد ، الله أكبر.
وتعاود الزغاريد مرة أخرى حتى جاء علي فغطت وجهها مجدداً وخرج الجميع من الحجرة ولم يبقى سوى العروسان.
كانا يجلسان كلا منهما على حافة السرير من جانب مختلف و يعطي للآخر بظهره ، وكان قد زاد قلق وتوتر راضية أضعافا فكيف لذلك الغريب أن يقترب منها بل ويعاشرها معاشرة الأزواج وهو حتى لم يتحدث إليها حتى الآن ، ولم ينظر إليها حتى الآن ، والآن يتركها هكذا طوال ذلك الوقت دون أي كلمة أو موقف يبشر بخير.
أما هو فلم يكن يرى أمامه سوى صورة تلك الجميلة التي عشقها وحفرت ملامحها في قلبه فلم ينساها ولم يستطع رؤية أي امرأة أخرى فكيف يقربها.
ومضت ساعة بل وأكثر في ذلك الصمت القاتل و لا أحد يتحرك كأن على رؤسهم الطير.
حتى قطع ذلك الصمت صوت طرق الباب ونداءات حسني:يا علي ، يا علي ، خلصت يا ولدي.
فأفاق علي فجأة وقال:هه ! نعم يا مي.
حسني :يلا يا ولدي الرجالة عايزينك تحت.
علي:طب روحي دلجيتي يا مي.
فلم يجد بداً و اضطر للقيام و إقترب نحوها ينظر إليها وهي لا تزال مغطاة وجهها بالطرحة حتى الآن فانحني نحوها وأمسك بالطرحة ورفعها.
وفجأة !
صعق مما رأى ؛ لقد اهتز ونزل جاثياً على ركبتيه أمامها يتأملها ولا يصدق ما يرى.
فتارة يفرك عينه وتارة يغمضها ثم يفتحها ثانياً ؛ إنها هي التي مرض بحبها و صار عشقها يجري في دمه ، أم قد أصابه الجنون ومسه الجان فيرى وجهها فيمن أمامه.
ظل هكذا ينظر إليها و تحول إحساسه فجأة من قمة التعاسة إلى قمة السعادة.
لم تكن راضية قد رفعت بنظرها إليه طوال ذلك الوقت ، فربما لو نظرت إليه لرأت تلك السعادة و ذلك العشق والشوق على وجهه ، ثم أمسك بيديها المثلجتين التي تفركهما في بعضهما البعض من شدة توترها.
لكن ما أن لمس يدها حتى سحبتها فجأة وإنتفضت واقفة وتتراجع بخطوات للخلف .
ونكمل الحلقة الجاية ،
NoonaAbdElWahed
(بقلم :نهال عبد الواحد )
عادت أم علي وزوجات أبناءها فوجدت علي يجلس مع إخوته في حاله مهموماً وما أن وصلن.
كامل: هه ! شوفتو العروسة ؟؟
أسماء:زينة زينة زينة جمر والله !
منال:لا جمر ولا حاجة عادية يعني.
أسماء:عادية ؟؟!!!!! لا جمر.
منال:عتعرفي أكتر مني ده أنا الكبيرة و مرت الكبير.
أسماء :خلااااااص عادية يا منال إرتاحتي!!!
حسنى:بس يا بت إسكتي ساكته إنتِ وهي ، وإنتو خدوا حريمكم و فوتوا من إهني ، عايزة أتحدت مع ولدي حديت خصوصي.
قاسم :ماشي ! أيوة ياعم مبروك يا عريس.
منال:فرحان على ايه إنت التاني ؟؟!!!!!
قاسم :إكتمي وفوتي جدامي.
وبعد أن انصرف الجميع و إنفردت الأم بولدها.
حسنى:مالك بس يا وليدي ؟؟؟
علي :مالي يا مي؟! في إيه ؟؟
حسني:عروستك يا ولدي زي فلجة الجمر، بدر مصور الله أكبر ! مفيش ف جمالها ف بيت علي ، لا ولا ف البلد كلاتها ؛ عنيها واسعة اكده وزينة ، وشعرها أسود حرير تجعد عليه ، ولا رسمها يا ولدي تتمتع بيها يا حبيبي ، دي عليها...
علي:بزياداكي يا مي الحديت دي ، بتحليها ف عيني يعني إكده ؟؟
حسني:لا بجه هي جمرة وبكرة تسحرك بجمالها دي ، و بيحكوا ويتحاكوا على وكلها ، هو الراجل عيعوز إيه غير واحدة بت أصول وزينة يتمتع بيها وست بيت مفيش زييها ؟! في إيه تاني ؟؟!!!
علي:في إنه غصب بنغصب يا مي كيف البنتة ، طب البنتة لما تتغصب جوزها يراضيها ويجلعها لحد ما ترضى بيه وتعشجه صوح ، الراجل المتغصب بجه عيعمل إيه ؟!!! فوتيني لحالي و همليني يا مي.
حسنى:لا بجه ، ما ههملكش و هناجي مع الرجالة و تجعدوا و تتفجوا الخميس الجاي ، والجمعة ننزل كلاتنا نشتروا الدهبات ، و يادوب الشهر الباجي على معاد الدخلة كل واحد يجهز فيها حاله... واااااه ! عتفوتني و أنا بتحدت ؟!!
علي:جالوها جبل سابج هي موتة ولا أكتر.
وجاء بالفعل يوم الإتفاق و إمتلأ بيت صالح بإخوته و علي و إخوته وأعمامه وأمه و زوجات إخوته ، كانت راضية قد طبخت كل شيء وخبزت الخبز المقدم ، و تذوق الجميع أروع طعام يمكن أن يأكلوه لكن لم تظهر راضية إلا لحظات لأمه وسلفاتها ولم تخرج للرجال أبداً.
إتفق الرجال على تفاصيل الزواج و المهر و المؤخر و القائمة و ثمن الذهب الذي سيشتريه العريس لهاو...
قرؤا الفاتحة علي ذلك وظلت كريمة وحسني تطلقان الزغاريد والجميع سعداء بتلك الخطوة إلا أصحاب الزيجة أنفسهم راضية وعلي ؛ في قمة بؤسهما وقلبهما يعتصر حزنا من تتميم تلك الزيجة.
وكان في الغد موعد شراء الذهب و الجميع قد ذهب في فرحة ولم يحاول كلا من علي و راضية أن ينظر كلاً منهما للآخر ولا حتى على سبيل حب الإستطلاع فواضح أن الأمر مرفوض تماماً للطرفين ، وكلما إقترب موعد الزفاف زاد الهم والغم في قلبيهما.
وذات يوم دخلت كريمة في حجرة راضية.
كريمة :كيفك يا ست العرايس ؟
راضية:فوتيني لحالي سايج عليكِ النبي.
كريمة:وااااه ! ده إنتِ حتى ما فرحتيش بدهباتك اللي ما حدش جاله زييهم.
راضية:عادي ما بصيتش فيهم.
كريمة :طب وعريسك ؟؟ ده طلع بسم الله ما شاء الله جدع إحلوى وطول بعرض ، عريس ملو هدومه صوح.
راضية:ما بصيتش عليه هو التاني.
كريمة:وااه عليكِ يا بت عمي ! ما بصتيش حتى من تحت لتحت ؟؟!!!
راضية:ما بصيتش ياكريمة يا بصيتش ، ما عتفرجش كله محصل بعضيه ؛ كده كده كله غصب.
كريمة :بجيتي بتعزي النكد كد عينيكي.
راضية:بجهز نفسي للعيشة الجديدة.
كريمة :واااااا!! إيه اللي عتجوليه دي ؟؟
راضية :واضحة زي عين الشمش ، هو كماني متغصب ، الحال من بعضيه يا خيتي ؛ ما حاولش يشوفني ولا يكلمني ، ولا حتى ياجي يسلم علي ويجولي أنا فلان تمثيل يعني الحال من بعضيه ماعايزاش أفكر ف أي حاجة حتى خايفة أفكر ف أيامي الجاية شكلها كيف.
كريمة : خير وهنا يا حبيبتي إن شاء الله ، المهم دلجيتي عايزين ف الصبح ننزل نشتري جهازك وهدوماتك الجديدة يا عروسة.
راضية :ييييييييييه يا ولية ما عتفهميش ما عايزاش أسمع الكلمة دي واصل ، أجوم أبندجك وأخلص.
كربمة:يا بت عننزل نشتري هدومات جديدة وحاجات إكده لزوم الجلع ، هههههههههه.
راضية :يا مراري منيكي ! جبيهم لنفسك يا خيتي وإتجلعي وإتشخلعي لجوزك ، وفوتيني لحالي.
كريمة:وانا يعني مستنياكي تجوليلي جايبة يا خيتي كل حاجة... هههههههههههههه.
راضية :اختشي يا ولية عيب عليكِ.
كريمة:لا ما عيبش ولا حاجة مش لازم تعرفي عتعملي ايه... هههههههههههههه.
راضية :يا مراري ! جومي من إهني يلا جومي عايزة أرجد ، يلا فوتي.
وخرجت كريمة ولازالت تضحك ضحكات مدوية وبعد أن خرجت كريمة إبتسمت راضية.
وقالت :هم يضحك ، الله يجازيكي يا بعيدة ! جويني يارب !
أما عند علي فكان يجلس على باب المندرة حيث الهواء المنعش ويدخن بشراهة سيجارة خلف الأخرى فجاءه قاسم فأعطى لأخيه يدخن معه.
قاسم :إيه يا عريس ؟؟
فنظر له ثم استدار دون رد.
فأكمل قاسم :إيه ؟ لحجت تشغلك للدرجة دي ؟؟
علي:هي مين دي ؟؟؟!!!
قاسم :وااااه ! عروستك ياض !!!!
علي ببرود :ولا بصيتلها.
قاسم :واااه ! يا جلبك ! والله عروستك جمر ياض ما تخافش وعيشتك عتبجى زين الزين إن شاء الله.
علي :عجول إيه ؟! ماانت مااتجوزتش غصب بحكم جعدة رجالة.
قاسم :يا خوي جعدة ولا وجفة ، المهم جسمتك زين الزين ، مع إن البجرة اللي فوج مصممة إنها عادية.
فضحك علي:هي منال لحجت تحطها ف راسها ، الله يرحمك يا راضية !
فضحك قاسم ثم قال :أيوة إكده اضحك ، والله يا واد بوي كل الحريم واحد ف الآخر ، بس أجليها عتصطبح و تتمسى بخلجة زين مش فجر مصور زي اللي حدانا ، بجوا جوز غربان جمب مرتك ياعلي.
علي:عملتها مرتي خلاص ؟؟؟
قاسم:أمال إيه ؟! فات الكتير ومابجبش إلا الجليل وتبجى مرتك و ف فرشتك.
علي:ما تفكرنيش الله لا يسيجك.
قاسم :عيل فجري وبوز نكد ، خليك جاعد إندب حظك كيف الحريم.
وتركه وذهب وظل علياً جالساً وحده.
ونكمل الحلقة الجاية ،
NoonaAbdElWahed
(5)
(بقلم : نهال عبد الواحد )
وذات يوم كانت كريمة وراضية قد خرجتا لشراء لوازم وملابس العروسة و ذهبتا لموقف السيارات تنتظران سيارة أجرة تأخذهم للمدينة للشراء من المحلات هناك وأثناء إنتظارهما .
كريمة :إفردي وشك ع الصبح.
راضية :هو دي أخري.
كريمة :يا بت افرديه حتى عشان ربنا ييسرها ونلاجي طلباتنا بسرعة ، بدل ما نلف كتير و إنتِ عروسة و ماعايزنكيش تتعبي.
راضية :أباااااااي عليكِ.
وقد إرتفع صوتها وأسمع من حولها الذين يقفون في الموقف فانتبهوا إليها ونظروا إلى تلك الجميلة الغاضبة.
وكان من بين الواقفين الدكتور علي العريس الذي إنتبه للصوت و لصاحبة الصوت فنظر نحوها نظرة طويلة كأنه لم يصدق عينه أن هناك جمالاً هكذا لم يعرف كيف انجذب إليها؟؟؟؟
ولماذا؟؟؟؟؟
فهذا ليس بطبعه فكان يعتاد الذهاب لعمله في المدينة و العودة دون أن يرفع عينه في أي واحدة ... ترى من تكون ؟؟؟؟
وهل تجيء هنا بإستمرار أم ماذا ؟؟؟؟
إهدأ يا علي ماذا دهاك ؟؟
كان في صراع شديد مع نفسه يريد أن يستدير بنظره عنها فذلك لا يصح إطلاقاً لكن كان الأمر صعباً حقاً عليه.
وجاءت السيارة وركبت كريمة وراضية و ركب هو الآخر وكان يجلس خلفهما ولا ينزل عينه من عليها حتى وصلت السيارة ونزلتا الفتاتان وهو خلفهما.
كانت الفتاتان تسيران بين المحلات وتدخلان في كل محل وكانت راضية تسير مجبرة وتاركة لكريمة كل شيء تشتريه كما تريد وكما تراه حلواً.
ولا زال علي خلفهما وهو يتعجب من نفسه فلم يحدث له مثل ذلك من قبل ، وكانت كريمة قد ملت من سكوت راضية فنادتها وكان صوتها مسموعا :ما تجولي رأيك بجه يا عروسة.
وما أن سمع علي تلك الكلمات حتى نزلت على مسامعه كالصاعقة عرووووووسة!!!!!!
بالطبع نعم ، فكيف لذلك الجمال ألا تكون عروس ؟! فمن تكون إن لم تكن ؟
إنها إذن ملكاً لشخص ما فلا يصح ولا يحل أن ينظر إليها هكذا ، ولايفكر فيها إطلاقاً.
فتركهن وانصرف لكن صورتها وملامحها محفورة بداخله لا يستطيع نسيانها أو صرفها عن ذهنه و عن نفسه.
لماذا أقابلك وأنتِ لغيري؟؟؟
لماذا و كيف أقع في هواكي بتلك السهولة وأنتِ لن تكوني لي أصلاً؟؟؟
لماذا الآن وأنا قد إقترب موعد زواجي؟؟؟
موعد بلا خيار لي و زوجة بلا إرادة ولا رغبة.... ترى الآن بعد أن رأيت تلك القمر و تغلغلت في أعماق قلبي..... ما صعوبة ذلك الإبتلاء ؟!!!!
قويني يا الله !!!!
صبرني يا الله!!!!
إجعلني أنساها فأنا أخشاك ولا أغضبك ، قويني يا الله.... قويني ياااااااااا الله.
ولم يكن يعلم بالطبع أن تلك القمر التي تيم بها على غفلة وبدون مقدمات هي حظه ونصيبه الذي يود لو يفر منه.
رمت الفؤاد مليحة عذراء
بسهام لحظ ما لهن دواء
مرت أوان العيد بين نواهد
مثل الشموس لحاظهن ظباء
فاغتالني سقمي الذي في باطني
أخفيته فأذاعه الإخفاء
خطرت فقلت غزالة مذعورة
قد راعها وسط الفلاة بلاء
وبدت قلت البدر ليلة تمه
قد قلدته نجومها الجوزاء
بسمت فلاح ضياء لؤلؤ ثغرها
فيه لداء العاشقين شفاء
(عنترة بن شداد)
ظل علي أياما و ليالي يحاول أن يعيد لنفسه رشدها و يحاول نسيان تلك الفتاة ، لكنه قد شعر فجأة أنه قد مرض و أصيب بحبها بل إنه ليس بحب بل عشق غريب وفوق العادي ، فمجرد أن يتذكرها يشعر بروحه ترفرف.
لكن ماذا سيفعل ؟
فكلاهما سيتزوج ، هو سيتزوج بحكم مجلس الرجال زيجة غصباً وهي يبدو عليها عروس ستتزوج قريباً ،
إذن فاستعد لنسيانها و الإستعداد لحياة حقيقية .
أما راضية فكانت تخرج مع كريمة وأحياناً أخيها لإستكمال ما تبقى من شراء لوازم الزواج.
إنتهوا من كل شيء ولم يرى علي حتى الآن وجه راضية التي لم يسعى أصلاً لرؤيتها ولا للذهاب إليها مثل أي خاطب ، ولم يُرى على وجه راضية أي مظهر من مظاهر لفرح أو سرور.
وكانت رتيبة زوجة عمها قد حرضت نساء العائلة لمقاطعة راضية فلا يأتوها في خبيز العروس رغم أن راضية كانت دائماً هي أول الحاضرات في الخبيز و الحنة وفرش العروس.
فليلة الحنة التي تسبق يوم الزفاف فهي حسب عادات أهل الصعيد تكون أكثر وضوحاً في بيت العريس أما بيت العروس فللمقربات فقط اللاتي يكن غالباً في شقة العروس.
فالعروس حسب عاداتهم لا ترى بيتها و لاتذهب إليه لفرشه ولا لزيارة أهل العريس.
قامت راضية وكريمة بكل خبيز العروس وهو عبارة عن كميات كبيرة من الخبز نوع أو إثنان لأن النوع الثاني يُسمى الخبز الشمسي وهو يحتاج لمهارة عالية في صنعه وهي ليست عند الكثيرات.
وذلك الكم الهائل من الخبز يذهب به لبيت أهل العربس فيأكل منه المدعوون يوم الحنة و الفرح والصباحية مع الطعام الذي يطبخه الطباخ لكل الزائرين.
ويخبز أيضاً الناعم (الكعك) ويكون سادة و البسكويت ويكون أيضاً ناعم للغاية والفايش وأحياناً يكون هناك البيتي فور والغريبة لكن يختلفون عن البيتي فور والغريبة التي نعهدها من حيث الطعم والدسامة و اللون حيث أن السمن الصعيدي متسم بلونه الأصفر الكناري.
ذهبت كريمة ليلة الحناء لبيت راضية لتفرشه وتعده تماماً وقد تأخرت كثيراً.
إن الزائرات في ليلة الحناء تذهبن لمشاهدة بيت العروس وأشياءها فكلما وضعت الأشياء منها بداخل خزانة الملابس تجيء إحداهن لتفتح وتخرج الملابس لتفحصنها وأيضاً المفروشات وحتى الأواني .
وأخيراً عادت كريمة للبيت منهكة بعد مجهود شاق فوجدت راضية في مكان الخبيز.
كريمة:إيه يا راضية اللي مجعدك إهني دلجيتي !!!!
راضية:خبزت فطير الصباحية ؛ إنتِ إنهلكتي يا كريمة وهتاجي م الفرح مافكيش حيل لخبيز تاني.
كريمة :واااه يا راضية في عروسة ليلة جوازها تجعد جار الفرن و تعمل فطير ؟عتجنيني !!!
راضية :ععمل ايه ؟!! لا عندي أم ولااخت ، وإنتِ هديت حيلك بزياداكي يا كريمة إرتاحي إنتِ حبلى.
كريمة:إخس عليكِ يا راضية ، هو أنا مش بت عمك وأختك ؟! لو ماهدتش حيلي ليكي إنتِ ععمل لمين؟
راضية :نتعبلك يوم ما تفرحي بولادك يا خيتي .
كريمة :و الولية رتيبة مرت عمك دي طلعت مرة سو صوح ؛ راحت تجول لحريم العيلة ما يحضروش لا الخبيز و لا حاجة ، جاتها مصيبة !
راضية:والله مُصلحة أجليه ارتاحنا من عكعكة الحريم ف العجين.
كريمة:إسكتي يا راضية الناس عيتهبلوا عل عيش وبيحكوا ويتحاكوا بيه ، حتى الولية حماتك سألتني مين اللي خبز وما صدجتش لما جلتلها إن إنتِ كيف خبزتي كل دي وحديكي ويطلع زي العسل إكده ؟؟
راضية:هي البعيدة بجرة ولا إيه ؟؟؟!! رايحة تجولي للولية إني بطولي بكرة يمرمطوني عنديهم.
كريمة :واااه ! غابت عني كيف دي؟؟
راضية :ما جلتلك بجرة.
كريمة :مجبولة منيكِ يا عروسة ، تعالي يلا جومي خليكي تلحجي تتسبحي و ترجدي.
راضية :طب خلي بالك أنا فردت الفطير ، ما تنسيش تعبيه أول ما يبرد ف الفريزر ، ولما تاجي م الفرح تطاعيه يفك وعل الفجر إكده شمميه النار ، شمميه بس يا ناصحة عشان لا ينحرج ولا ينشف.
كريمة :حاضر حفضت جومي يلا.
وقامت راضية وذهبت مع كريمة.
ونكمل الحلقة الجاية ،
شكرا لحسن متابعتكم ،
NoonaAbdElWahed
(6)
(بقلم : نهال عبد الواحد )
وفي اليوم التالي يوم العرس ذهبت راضية والعروس الأخرى لنفس مكان التجميل وكان من عادة الكثيرات خلع الحجاب في الزفاف ولبس فستان مفتوح بعض الشئ.
و في مكان التجميل.
العروس:إنت بجه عروسة واد عمي علي ؟
راضية :إن شاء الله.
العروس:أمال ما فرحناش ليه ؟
ده انت عتاخدي زينة شباب العيلة ، لا ده زينة الشباب كلاتهم.
راضية:لا والله !!! طب ماانت كماني عتاخدي زينة الشباب.
العروس:أصلي ما شيفاكيش فرحانة.
راضية :أجوم أتحزملك و أرجص ولا إيه يا سامية ؟؟!!
سامية :وليه لا ؟! ما لونتيش شعراتك يعني؟!!!
راضية :بحبه أسود إكده.
سامية:وااه ! إفرضي واد عمي ما عيحبش الأسود؟!!
راضية :لما أبجى أعرفه الاول أبجى أغيرله لون شعري.
ثم مر بعض الوقت وبدأت خبيرة التجميل تصفف شعرهما وتصنع فورمة لشعر كلا منهما ، لكن لأن شعر راضية شديد النعومة كان ينزلق كلما فعلته خبيرة التجميل حتى ملت منه وقالت لها: معلش يا عروسة شعرك بيفك كل شوية مش عايز يثبت.
راضية :خلاص سبيه إكده.
فضحكتمنها سامية وقالت :واااه يا راضية عتخوفي الناس هههههههههه.
خبيرة التجميل :بالعكس والله شكلها كده أحلى وأرق.
راضية:وانا كماني شايفة إجده.
وفعلاً عندما إنتهت راضية وارتدت الفستان و أكملت كل شيء كانت هيئتها بشعرها الطويل المنسدل على ظهرها مع التاج في قمة الروعة و الرقة فكانت هيئتها كملاك ، كأميرة متوجة.
وحان موعد الزفة ولأن فستان راضية الذي اختارته لها كريمة كان عاري الذراعين فقد اختارت طرحة ثقيلة بعض الشيء ظنا منها أنها ستخفي شيء .
وعندما غطت وجهها كانت لا ترى إلا خيالات فوضعت إحدى ذراعيها في يد أبيها و الأخرى في يد أخيها ومشيت معهم على هديهم بثقة تامة وكان ذلك أشبه بحالها.
فحياتها المقبلة تلك لا ترى فيها إلا خيالات بل ربما لا ترى أي شيء ، لكن ماذا لو سارت على هدي أبيها و أخيها فهم يرون أنه زوج جيد ، لكن هذا في حال إختيارهم له وليس كونه مفروضاً عليهم جميعاً.
وصل الجميع لمكان الفرح وكان في القرية في ساحة كبيرة بين بيوت العائلتين فكل عروس قد أخذها عريسها من يد أبيها.
فسامية إستلمها عريسها و رفع الطرحة وقبّل جبهتها وسار بها ، بينما علي استلمها وسار بها دون أن يرفع الطرحة ويكشف عن وجهها.
وذلك قد زاد الأمر سوءا زاد من وجع راضية ، فحتى تلك الليلة لا يحرص على رؤيتها ، لا يحاول أن يعرف حتى شكل التي صارت زوجته ، ينظر أمامه ويبدو شارداً ولا ينظر نحوها أبداً ولم يتفوه بأي كلمة ولا حتى كلمة (مبروك ).
إن هذا لأكبر دليل على أنه لازال مكرهاً على تلك الزيجة ، لكن كيف ذلك وكلها دقائق و سيذهبا لبيتهما معاً ؟؟؟؟
كيف لرجل أن يعاشر إمرأة مفروضة عليه لا يرغبها تماماً ؟؟؟؟
واضح أنها ستكون حياة مؤلمة ومهينة لأنها لن تكون سوى خادمة و...
كل تلك الأفكار تزاحمت في رأس راضية لكنها قد قررت مع نفسها بأن لن تصير هكذا أبداً.
وعن بعد كانت كريمة تقف مع عمها صالح.
كريمة :ماله الراجل دي ما رفعش الطرحة ليه ؟؟ حد يجوله و ينوره ؟؟؟
صالح :عشان عنديه غيرة ونخوة والفستان اللي اختارتيه لبت عمك عريان ومجندل.
كريمة :وااااه يا عمي مش ليلة العمر ، حجا يا عمي راضية طالعة كيف البدر ، صورتها كام صورة عند الكوافير واتصورت معاها كماني.
صالح :ابجي ابعتيلي الصور دي يا بت.
كريمة :من عيني التنين يا عمي.
صالح:مُصلحة إنها متغطية إكده عشان ما تاخدش عين البت ما نجصاش.
كريمة :طب ياعمي هروح اجف جارها يمكن تعوزني ف حاجة كده ولا اكده.
ثم قالت في نفسها :صدجتي يا بت عمي ، في عريس ما عيحبش يشوف عروسته إلا لو ما عايزهاش و مجبور صوح ، الله يصبرك يا بت عمي ! حظك اجليل ، ماختيش منيه غير الجمال و الشطارة.
وماكانت إلا لحظات حتى ذهبت كل عروس مع عريسها تاركين الفرح للمدعويين و ذهبوا لبيوتهم ،
فتلك عادتهم في قرى الصعيد يترك العروسان الفرح ويذهبا لبيتهما ثم يدخل العريس بعروسه ثم يعود ويجلس مع الرجال و تذهب بعض المقربات تمكث مع العروس.
حمل علي راضية وصعد بها وهي ترتجف خوفا بين يديه وخلفه أمه و كريمة يتابعانهما بالزغاريد فأدخلها الحجرة ونادى عليه أخويه يريدان التحدث إليه الآن فدخلت حماتها وكريمة و منال و أسماء .
كانت راضية جالسة على السرير دون حراك كما وضعها على فرفعت حسني الطرحة من على وجهها وأخذت تزرغد كثيراً قائلة :الله أكبر الله أكبر ! بدر مصور والله ! من شر حاسد إذا حسد ، الله أكبر.
وتعاود الزغاريد مرة أخرى حتى جاء علي فغطت وجهها مجدداً وخرج الجميع من الحجرة ولم يبقى سوى العروسان.
كانا يجلسان كلا منهما على حافة السرير من جانب مختلف و يعطي للآخر بظهره ، وكان قد زاد قلق وتوتر راضية أضعافا فكيف لذلك الغريب أن يقترب منها بل ويعاشرها معاشرة الأزواج وهو حتى لم يتحدث إليها حتى الآن ، ولم ينظر إليها حتى الآن ، والآن يتركها هكذا طوال ذلك الوقت دون أي كلمة أو موقف يبشر بخير.
أما هو فلم يكن يرى أمامه سوى صورة تلك الجميلة التي عشقها وحفرت ملامحها في قلبه فلم ينساها ولم يستطع رؤية أي امرأة أخرى فكيف يقربها.
ومضت ساعة بل وأكثر في ذلك الصمت القاتل و لا أحد يتحرك كأن على رؤسهم الطير.
حتى قطع ذلك الصمت صوت طرق الباب ونداءات حسني:يا علي ، يا علي ، خلصت يا ولدي.
فأفاق علي فجأة وقال:هه ! نعم يا مي.
حسني :يلا يا ولدي الرجالة عايزينك تحت.
علي:طب روحي دلجيتي يا مي.
فلم يجد بداً و اضطر للقيام و إقترب نحوها ينظر إليها وهي لا تزال مغطاة وجهها بالطرحة حتى الآن فانحني نحوها وأمسك بالطرحة ورفعها.
وفجأة !
صعق مما رأى ؛ لقد اهتز ونزل جاثياً على ركبتيه أمامها يتأملها ولا يصدق ما يرى.
فتارة يفرك عينه وتارة يغمضها ثم يفتحها ثانياً ؛ إنها هي التي مرض بحبها و صار عشقها يجري في دمه ، أم قد أصابه الجنون ومسه الجان فيرى وجهها فيمن أمامه.
ظل هكذا ينظر إليها و تحول إحساسه فجأة من قمة التعاسة إلى قمة السعادة.
لم تكن راضية قد رفعت بنظرها إليه طوال ذلك الوقت ، فربما لو نظرت إليه لرأت تلك السعادة و ذلك العشق والشوق على وجهه ، ثم أمسك بيديها المثلجتين التي تفركهما في بعضهما البعض من شدة توترها.
لكن ما أن لمس يدها حتى سحبتها فجأة وإنتفضت واقفة وتتراجع بخطوات للخلف .
ونكمل الحلقة الجاية ،
NoonaAbdElWahed
تعليقات
إرسال تعليق