نوفيلا- الجميلة و الدميم -الفصلين الأول و الثاني - بقلم نهال عبد الواحد - مجلة سحر الروايات
(1)
(2)
بقلم:نهال عبد الواحد
قالوا إن الحب يبدأ من نظرة فإبتسامة فموعد فلقاء ، لكن لكل قاعدة شواذ ، فلا قواعد في الحب ولا قواعد للنفس البشرية ، فالحب لا يعرف آداب الإستئذان وقتما يقدر يدفع و يدخل القلب فجأة ، ولو نظرت لأسباب وجوده فلن تجد سبباً مقنعا.
عزاء كبير في فيلا بحي راقي ، لم يكن المعزّون بالكثيرين فلم يكن هناك حاجة لقاعة مناسبات فالبيت يكفي للرجال والنساء ، وعندما إقتربت الساعة من العاشرة بدأ يرحل المعزّون تدريجياً حتى رحلوا جميعاً وصار البيت موحشاً.
ظلت جالسة مكانها والحزن الشديد يملأها ، لقد صارت وحيدة بعد أن فقدت أبيها ومن قبله أمها ولم يعد غيرها يحيا في هذا الفراغ العملاق سوى مربيتها وإحدى الخادمات لكنها عادت لبيتها وستأتي في الصباح وحارس البيت (البواب).
بعد أن ازدحمت ذكريات الآونة الأخيرة في رأسها كيف مرض أبيها فجأة ؟ وكيف كان في آخر أيامه ؟ وها هو الآن قد لقى ربه وتركها وحيدة بلا أب ولا أم ولا أخوة فبكت بحرقة شديدة من جديد، فجاءتها مربيتها من جديد تربت عليها وتنصحها بحمامٍ دافئ لتتمكن من النوم ، فقد كان يوماً طويلاً وعصيباً.
و لم تجد بداً إلا أن تجر قدميها وتصعد لغرفتها وتأخذ حمامها ثم خرجت وجلست أمام المرآة وتنظر لوجهها رائع الجمال رغم كونه منهك و تجفف شعرها البني متوسط الطول وتنظر لعينيها العسليتين كم هي متورمة من كثرة البكاء وقد تحول ذلك البياض لاحمرار.
جففت شعرها وصففته ودخلت في فراشها ، لم يمر كثيراً من الوقت حتى سقطت في سبات عميق فقد أنهكها التعب حقاً.
وتعمدت مربيتها أن تتركها نائمة حتى تكتفي وتنهض وحدها ، وبالفعل قد نامت حتى الظهيرة ونهضت من نومها وأمضت يومها وحيدة غارقة في أحزانها.
وبعد مرور عدة أيام نصحتها مربيتها بمعاودة عملها والذهاب للمصنع لينسيها العمل همومها ، فقد كان أبيها يملك مصنع للملابس الجاهزة وقد بدأ يذيع صيته في الآونة الأخيرة.
خرجت مرتدية بدلة سوداء وتجمع شعرها لأعلى على هيئة ذيل حصان وذهبت نحو سيارتها لتقودها وبالفعل انطلقت بها وذهبت بالفعل للمصنع .
أمضت يومها بالكامل في العمل فلم تتوقع أن تقوى على العمل ليوم كامل حتى إنه قد أشفقت عليها سكرتيرتها وصديقتها، لكن الإنغماس بالعمل يلهي الإنسان عن الكثير من الهموم .
إنتهت من يوم طويل من العمل و ودت لو لم تعود للبيت فقد صار كئيباً ، لكن أحياناً يتمنى الإنسان أمنية ويندم أن تمناها خاصةً إن تحققت فجأة .
ما أن خرجت وركبت السيارة وقبل أن تدوس بقدمها لتنطلق إذ بشخصٍ ما ملثم قد ركب جوارها فجأة وبخّ في وجهها شيئاً ما فخدّرها ثم زحزحها وجلس على كرسي القيادة وانطلق ، كل ذلك في ثوانٍ معدودة.
وبعد فترة من الزمن تفتح عينيها فإذا بها مقيدة وملقاة على الأرض و مكممة الفم ، حاولت النهوض وهي خائفة وتتلفت حولها برعب وفزع ودموعها تنهمر أكثر وأكثر .
لم يكن المكان بالقذر بل يبدو كأنه حجرة لمخزن منزل حيث فيها بعض الأثاث القديم موضوع جانباً، لكن ذلك مع الإضاءة الخافتة في حد ذاته يعطي إحساساً مرعباً مع توقعها لوجود فئران يجعلها تتلفت في زعر من حينٍ لآخر ، لكن لم يخلو المكان بالطبع من الأتربة وقد ظهر ذلك في ملابسها السوداء.
وإذا بالباب يُفتح ويدخل ذلك الملثّم وكان طويلاً وعريضاً دليل على ممارسة رياضة ، وله طريقة في السير مختلفة نوعاً ما حيث كان فيها بعضٍ من العرج ،وفي يده كيس من الكتابة المكتوبة عليه ومن الرائحة يبدو أنه وجبة من مطعمٍ ما فألقى به بجوارها ثم إقترب للغاية فصارت ترى عينيه بوضوح لكنها لم تتبين لون عينيه من خفوت الضوء.
نزع ما يكمم به فمها فأظهرت التماسك ثم قالت بصوتٍ مضطرب من شدة الخوف وتقطعه شهقاتها من كثرة البكاء :من أنت ؟ ماذا تريد؟
فقال بسخرية :مرحباً جميلة أحمد زين الدين !
فتسآلت جميلة بدهشة :كأنك تعرفني؟!
فقال بنفس الطريقة :أنا زين محمد زين الدين.
فصاحت متفاجأة : محمد زين الدين عمي ؟!!
فهز برأسه أن نعم ثم تابع بتهكم :كأنك تعرفين أن لك عماً ؟!!!
فأجابت بتلقائية :بلي، قد حكى لي والدي رحمه الله عنه وأنه قد سافر للخارج ومعه أسرته الصغيرة ، إذن أنت إبن عمي !! إذن فلماذا؟؟
فكرر آخر قولتها بدهشة يشوبها التهكم :لماذاا؟!!
فأكملت السؤال بنفس تلقائيتها :لماذا خطفتني؟ لماذا لم تأتون عزاء والدي ؟
فصاح بسخرية :والدك اللص ؟
فصاحت بغضب محذرة :إياك أن تذكره بسوء ! والدي ليس بسارق.
فتابع مؤكداً :لا بل سارق ، سرق إرث أخيه وعليك الآن دفع الثمن ، ستتنازلي عن نصف ما تملكين له حق لأبي وإلا لن تخرجي من هنا وستظلين أسيرتي طيلة عمرك.
فصاحت فيه بثقة :اسمع يا هذا ! إن أبي ليس بسارق ولم يأخذ حق أخيه يوماً، عندما مات جدي وترك ذلك المصنع مجرد ورشة خياطة صغيرة وبعض الأموال إختار أبيك المال وباع نصيبه لأبي ومهما ألح عليه أبي ليظل معه ويكبرا معاً لم يستمع إليه وأخذ حقه بالكامل أموال ، ولقد تعب أبي كثيراً وعاش في ضيق مراراً حتى حوّل تلك الورشة الصغيرة لذلك المصنع بجده وتعبه ، ولديّ كل ما يثبت ذلك لكنه بالطبع ليس معي الآن ، هو بالبيت.
فتابع متهكماً :أتظنين أني قد اقتنعت بتلك الحكاية ؟!!! كلا، فأنا لا أعتني بكل هذا .
- وليس لدي إلا هذا.
- إذن فستظلين هكذا.
- ومادمت أنت إبن عمي فلماذا تغطي وجهك هكذا ، هل بذلك تتخفى أم تخشى على نفسك من الفتنة؟!!
قالت الاخيرة وقد تحوّل فجأة وثار تماماً بشكل لا مفهوم ورفع يده يود لطمها لكنه تمالك نفسه ثم تركها وخرج وأعاد الباب موصداً من جديد.
مر يوم واثنان ولم يجيء إبن العم الملثم وهي لم تأكل أو تشرب أي شيء فبدأت تصاب بالدوار والهبوط الحاد.
خلال ذلك اليومين كان زين في قمة غضبه وثورته ولا يفعل شيء سوى الشراب ومزيد من الشراب حتى يثمل تماماً ويفقد وعيه حتى تذكر ذات يوم أنه قد ترك جميلة بلا طعام ولا ماء منذ يومين ، وقد نسى أن يفك قيودها لتتمكن من الأكل ، مهلاً ! إنه لا يسمع صوت صراخها واستغاثتها ولا حتى أنينها ، يبدو الأمر مريباً ! فذهب مسرعاً لغرفة المخزن فوجدها ملقاة على جانبها فاقدة للوعي يحاول أن يتلمس نبضات قلبها ليتأكد من كونها لازالت على قيد الحياة لكن النبضات ضعيفة للغاية.
فحملها مسرعاً وصعد بها لإحدى الغرف في الطابق الأعلى وبدأ يحاول إفاقتها بشتى الطرق لكن بلا فائدة فطلب أحد رجال الحراسة خاصته وطلب منه سرعة إحضار طبيب وقد فعل الرجل.
وبالفعل قد جاء الطبيب فاضطر زين للكذب وقول إنها زوجته وقد كانت مخطوفة لذلك تبدو هكذا ، فوضع لها من المحاليل لأنها أُصيبت بهبوط في ضغط الدم، وبعد إنتهاء الطبيب و مغادرته جلس زين بجوارها يتأملها ، كم هي جميلة بل رائعة الجمال ! كأنها حورية من الجنة ، مهلاً بأي صفة تتحدث حور الجنة ؟! ذلك الحديث لا يمكن أن يصدر من أمثالك ، وظل يتأمل ملامحها الفاتنة وشعرها النائم بجوارها وخديها التي لولا الإنهاك والتعب لكانتا متوردتين ، وشفتيها الرائعتين ، ما أحلاك يا ابنة العم ! ولولا تلك الأمور التي لا دخل لنا بها كنت سأظفر ذلك الجمال وحدي.
ثم هب واقفاً فجأة وإتجه نحو المرآة وينظر لوجهه وملامحه المشوه ، فوجهه مليء بأثر جروح وندبات وخياطات قد شوهته تماماً ، بل دمرت حياته ، فكل من يراه يطلق عليه مسخ وقد سأم من كل الناس حتى أنه قد سأم من حياته كلها ، فكيف لك أن تحلم بمثل ذلك الحلم المستحيل ؟!!
......................................
NoonaAbdElWahed
(2)
بقلم :نهال عبد الواحد
فتحت جميلة عينيها وهي تتمتم : يا دادة !
ثم اعتدلت فجأة تتلفت حولها ، ترى أين تكون ؟ ثم لاحظت ذلك النائم جالساً على كرسيه ، فتذكرت أنها مختطفة من إبن عمها وآخر شيء تذكرته عندما أصابها دوار وإعياء شديد بسبب عدم الأكل أو الشرب ، ثم نظرت لساعدها فإذا به أثر لإبرة المحلول فعلمت أنه قد أحضر لها الطبيب ، فإذن فذلك إبن العم الملثم.
ثم اعتدلت فجأة تتلفت حولها ، ترى أين تكون ؟ ثم لاحظت ذلك النائم جالساً على كرسيه ، فتذكرت أنها مختطفة من إبن عمها وآخر شيء تذكرته عندما أصابها دوار وإعياء شديد بسبب عدم الأكل أو الشرب ، ثم نظرت لساعدها فإذا به أثر لإبرة المحلول فعلمت أنه قد أحضر لها الطبيب ، فإذن فذلك إبن العم الملثم.
نهضت من الفراش واقتربت منه في تسلل تسترق النظر إليه ، لاحظت تلك الندبات وآثار الخياطات التي شوهت وجهه بشكل مبالغ فيه لكن الغريب أنها لم تفزع بل اقتربت تحاول تخيل وجهه بدون تلك العلامات .
لكن قدمها الحافية قد صدمت شيئاً ما يبدو صلباً فنظرت إلى ذلك الشيء ، ربما ذلك ما أفزعها قليلاً لكن آلمها أكثر..... إنها رجل صناعية ! فكتمت شهقاتها و أمعنت النظر لساقه والتي لاحظت أن الجزء الأسفل من البنطال فيه فراغ.... يا إلهي ! إن ساقه مبتورة !
« إذن واضح أنه قد تعرض لحادث أليم » هكذا حدثت نفسها ، فأخذت الغطاء ودثرته به وبينما هي تنحني لتدثره إذ استنشقت رائحة عطره ، كم هي رائعة ! لأول مرة تجذبها رائحة عطر رجولي هكذا ، حتى إنها أغمضت عينها لتستنشق ذلك العطر من جديد ، « آه يا ابن العم ! » هكذا قالت وهي تتنهد.
لكن مهلاً ! إن رائحتها هي التي لا تطاق ، ولم لا وهي لم تبدل ملابسها منذ أيام ، غير إقامتها في ذلك المخزن لعدة أيام.
فسارت متجهة نحو خزانة الملابس وفتحتها ، لكن للأسف كلها ملابس رجالية ، لكن لا مفر ، ستأخذ بنطال رياضي (بانتس) مع ( تي شيرت ) من ملابس إبن عمها ثم دخلت للحمام الخاص بالحجرة وتحممت وغسلت ملابسها وارتدت تلك الملابس ثم خرجت و وضعت ملابسها في الشرفة لتجف.
بعد ذلك بفترة إنتبه الشاب فجأة ليجد نفسه نائماً ومدثراً وهي ليست في الفراش ونهض من فوره يبحث عنها وهو يلتمس هاتفه المحمول فلم يجده فثار أكثر وأكثر فركب ساقه الصناعية ثم خرج من الغرفة مسرعاً كالمجنون... لقد هربت !
لكن ما أن وصل للطابق الأسفل حتى شعر بحركة وأصوات تأتي من ناحية المطبخ مع إنتشار رائحة طعام في المكان.
إتجه ناحية المطبخ وما أن وصل حتى وجد إبنة عمه واقفة أمام الموقد وتعطيه ظهرها غير منتبهة إليه وترتدي ملابسه وشعرها مبتل و منسدل على ظهرها ، كم كانت هيئتها رائعة ! فظل واجماً وقد نسى كل شيء ، نسي أنه خاطفها ، نسى أنه كان غاضب منذ لحيظات ، كما نسى أنه لم يلثم وجهه المشوه !
كانت جميلة تدندن بصوتٍ هادئ ، وقد لاحظ هاتفه المحمول بجوارها موضوع على المنضدة بجوار أطباق الطعام طبق من سلطة الجبن ، طبق من البيض الأومليت وهاهي تصنع أومليت آخر لكن بالخضروات(سبانش) .
فوضعت البيض في الطبق والتفتت لتضعه على المنضدة فوجدته واقف واجم أمامها فابتسمت قائلة:صباح الخير يا ابن العم !
وكان لازال محملقاً فيها ، فاكملت بنفس إبتسامتها :معذرة ! لقد استعارت ملابسك فقد كانت ملابسي متسخة و ودت أن آخذ حماماً وليس لي ملابس هنا ، هيا اجلس لتفطر ،هل ترغب في كوب من الشاي مع الإفطار ؟!!
وكأنما عاد فجأة لرشده ثم قال بغضب :من الذي سمح لك بكل هذا ؟ هل تظنين أنك في رحلة ترفيهية ؟
فأجابت مبتسمة بتلقائية :بالضبط ! فهذا ما قولته لمربيتي ولسكرتيرتي ، معذرةً أيضاً فقد استخدمت هاتفك !
فصاح فيها:ومن سمح لك ؟ هل جننتي ؟
فتابعت بهدوء وتكبر مصطنع :اسمع يا هذا ! أنا لا أحب الإستماع لصخب خاصةً في بداية اليوم ، فالزم الهدوء إذا سمحت ! وهيا اجلس لتفطر.
ثم قالت: آه نسيت ، إن ذلك المطبخ فارغ ويحتاج للكثير من الأطعمة ، بعد الإفطار سأُملي لك لستة بتلك الإحتياجات لتذهب أنت أو أحد رجالك لشراء تلك الطلبات ، معذرةً أيضاً سأحتاج لبعض الطلبات الخاصة فنوع الصابون والشامبو يبدو أنهما غير ملائمين لبشرتي ولا لشعري فسأكتب لك الأنواع التي أستخدمها .
فصاح فيها:كفي ! ما كل تلك الثرثرات ؟!!
فتابعت بنفس هدوءها :هل لأنك خاطفني ستتركني جائعة ؟!! ويستحسن أن يكون ذلك تواً لأنه لا يوجد أي طعام لوجبة الغداء.
فمسح على وجهه من شدة الغضب لكنه إنتبه أخيراً أن وجهه غير ملثم فوجم للحظات وابتلع ريقه ببطء ثم قال بصوت أكثر هدوءا:هل تريني وترِي وجهي ؟
فقالت وهي تصب الشاي: أجل !
فقالت وهي تصب الشاي: أجل !
فتسآل بتوتر :كيف ؟!!
- عفواً ! لم أفهم السؤال.
تسآل وأنفاسه تتلاحق من التوتر :كيف تري وجهي وتكوني بذلك الهدوء ، ألم تخافي ؟! ألم ترتجفي ؟!
- ولم كل هذه التسؤلات ؟! هل تقصد تلك الندبات ؟!! إن الليزر و تقنيات أخرى تحدث البدع في مثل تلك الأمور ، لا عليك ، هيا اجلس وافطر !
فصاح بغضب :ليس من حقك أن تتحدثين بشأن ذلك الأمر وهو لا يخصك.
فتابعت بهدوء :فلنتحدث في حينٍ آخر ، هيا لنفطر أنا جائعة.
وقبل أن يرد كانت بجواره وتجذب أقرب كرسي له وتمسكه من ذراعه وتجلسه عنوة وهو يشعر ببلاهة وعدم إدراك فهو لا يفهم لم تفعل كل هذا ، لكنه لم ينكر تأثيرها عليه عندما إقتربت منه هكذا و أجلسته ، فقد شعر بجاذبية غريبة يريد أن ينفضها من رأسه لكن كلما نفضها تعود.
وجلست جميلة في كرسي آخر بجواره وقالت: صحيح أني لست بطباخة ماهرة لكن على أيةِ حال تلك الأشياء صالحة للأكل ، لا تنظر إليّ هكذا سأبدأ بالأكل حتى لا تظنني أود سَمَّك.
فأمسك بهاتفه وفتحه ينظر فيه متسآلاً : بمن اتصلتي بتلك المكالمات ؟!
فأجابت بهدوء :اتصلت بالدادة فقد كانت قلقة على وأخبرتها أني قد سافرت للإستجمام وحتى أهدأ فقد تعبت في الأيام الأخيرة كثيراً ، ورغم أنها لم تصدقني لكن أرى أن الأمور على ما يرام ، وأيضاً حادثت سكرتيرتي أطمئنها وتناقشنا قليلاً في بعض أمور العمل وكل شيء صار على ما يرام أيضاً ،و أنا الآن أستمتع بوقتي.
فتابع بدهشة : يبدو أنكِ قد نسيتي أنك مخطوفة !
فتابعت بلطف :يبدو أنك نسيت أني أتناول فطوري ولا أحب الصخب ولا الثرثرة.
- هه ! لا تحبي ماذا ؟! الثرثرات !! إذن فمن ذلك الراديو الكائن أمامي ؟!!
فضحكت فوجم من جديد فهو في الأصل لم يتوقع جمالها هكذا ، وماذا لو كان ذلك الجمال مصحوباً بمرح وخفة ظل وجاذبية ؟!!
« يبدو أن وجودنا معاً هكذا سيكون أمراً في غاية الصعوبة !» هكذا يحدث نفسه.
« يبدو أن وجودنا معاً هكذا سيكون أمراً في غاية الصعوبة !» هكذا يحدث نفسه.
تناولا الإفطار ثم جلست تكتب لستة الطلبات وهو يشاهدها وهي تكتب ، لا لم يكن يشاهدها بل شرد فيها كمن غرق في بحرٍ عميق وتتقاذفه أمواج الهوى هنا وهناك.
وبالفعل أرسل من يشتري مثل تلك الطلبات وعاد لداخل الفيلا فوجدها جالسة على الأريكة تشاهد التلفاز فجلس بجوارها وهو غاضب.
فصاح فيها :ماذا تفعلي ؟ إطفئي هذا ! ودون نقاش ولا تنسي أنك هنا مخطوفة.
فأردفت دون أن تلتفت إليه :لم أنسى لكني أود التسلية ، ربما يجيء فيلماً كوميدياً فلنشاهده ونضحك.
فصاح فيها بقوة : لا أفهمك حتى الآن ، تأمرين وتنهين وكأن البيت بيتك ! لقد فاض الكيل !
فنظرت إليه ثم قذفت جهاز التحكم واتجهت مسرعة لأعلى ودخلت إحدى الغرف وأغلقت عليها الباب وبكيت كثيراً.
ظل واجماً هكذا لفترة ، لا يفهم سر ضيقه ، هل لأنه عنّفها ، أم لأن تلك المرة الأولى التي يجد فيها من تخترقه هكذا تخترق كل الحدود والحواجز التي شيدها حوله حتى لا يصل إليه أحد أو يحتك به أحد شفقة عليه ، لكنه لم يرى في وجهها أي تعبير يدل على شفقة ولا في عينها أي نظرة عطف ، بل تعاملت بطبيعة وتلقائية وكأن وجهه هذا أمراً عادياً ، وماذا لو علمت أيضاً بأمر تلك الساق الصناعية ؟!! هكذا يظن أنها لا تعلم.
.......................................
NoonaAbdElWahed
تعليقات
إرسال تعليق