رواية-حبي الأول والأخير - الحلقات 10:12- بقلم نهال عبد الواحد - مجلة سحر الروايات

(حبي الأول و الأخير)
الحلقة العاشرة

                (بقلم :نهال عبدالواحد)

خرج سيف ومساعده وأغلق الباب كما كان وأعاد نظام المراقبة كما كان ثم عاد للمنزل الذي يسكن فيه فدخل ونزع قناعه من علي وجهه وذلك الشعر المستعار و العدسات الملونة.

فقد درس فنون التنكر و بإمكانه صنع أقنعة مختلفة بدقة و مهارة عالية ويستطيع التنكر في أشكال وهيئات مختلفة.

دخل وخلع ملابسه وفتح الماء فوق رأسه وتركه فترة من الوقت كأنما يريد أن يفوق يريد أن يتأكد أنه حلم وليس حقيقة لكن لا إنها حقيقة.

ندي لم تعد ملكاً له ، ندي تركت رجال الدنيا جميعهم وذهبت ليوسف ، كيف له أن يتخلص من شعوره بها ؟؟
فهو لايزال يحبها وإن كان يبدي غير ذلك يحتاج لهدوء و إتزان نفسي كبير ليستطيع التركيز واكمال عمله خير قيام كما اعتاد دائماً.

فلينحي مشاعره المتضاربة جانبا يحبها ومشفق عليها و غاضب من غبائها وتستحق ما تجده ، يجب أن يتعامل معها علي أنها علي أنها مجرد ضحية يوسف التي سيحاول انقاذها بقدر ما يستطيع وكما يمليه عليه ضميره المهني.

أما عن تلك المشاعر المتضاربة فليدعها وشأنها الآن ، الآن هو مجرد آلة تفكر وتخطط وتنفذ وتقتل إن لزم الأمر جلس سيف أمام اللاب توب الخاص به ويحاول أن يجمع أي شيء يعينه لقد فتش الشقة تفتيش دقيق ولم يجد أي شيء لكن إحساسه يدله أن تلك الشقة هي المكان الوحيد الذي يخبئ فيه يوسف اي شئ.

فتلك الشقة لا يدخلها أحد نهائياً حتي زوجته يحبسها فيه لا دخول ولا خروج فتح سيف وشغل مقاطع الفيديو التي إلتقطتها الكاميرات فلاحظ تواجد ندي المستمر في الانتريه حتي أنها تنام بالخارج ولا تدخل تلك الحجرة إلا قليلاً حتي إنها لاتبدل ملابسها فيها ،  لا شيء غريب فكل الأيام سواء تجلس وحدها طوال اليوم وكل عدة أيام يعود يوسف مخمورا ثم جري المقاطع قليلاً ثم وقفها فوجد نفسه قد وقف يوم حملها يوسف و وضعها في السرير و أنهال عليها ضرباً مبرحاً ثم...

لكنه لم يستطع إكمال ذلك المقطع و أغلقه ثم مسحه وهو في قمة غضبه و إشمئزازه فذهب مسرعاً للحمام و تقيأ ثم فتح الماء علي رأسه من جديد ليفوق و يستوعب ما يحدث.

ثم عاد من جديد و فتح اللاب توب وكلما مر عليه مقطع هكذا يمسحه دون أن يكمله ولأول مرة يجد نفسه منهار هكذا ويبكي بشدة فترك كل هذا وذهب مستلقيا علي سريره و عاودته مشاعره المتضاربة من جديد.

أيشفق عليها و يسامحها أم يشمت فيها ويتركها تتجرع الألم والذل لتتعلم درساً تحتاجه ؟!

وبعد مرور وقتاً طويلاً قام من جديد يستجمع نفسه وقواه وعقله يجب أن يصمد ليكمل وفتح المقاطع من جديد لعله يجد ما يفيده أو ما يمسحه فتلك وثائق و سيقدمها لرؤساءه وليس من حق أي إنسان أن يري ندي تهان بتلك الطريقة حتي أنه لم يسمح لنفسه إكمال مشاهدة تلك المقاطع الحقيرة.

وجد عدداً من المقاطع التي يضربها فيها خاصة عندما يكون مخمورا فتركها ليثبت برائتها وبعدها كل البعد عن أنشطته القذرة.

والآن آن الأوان لكشف حقيقة يوسف فهو ليس مجرد نصاب أم محتال بل أخطر من ذلك بكثير.
يوسف كان في مصر يرأس عصابة لخطف الأطفال و البنات و يبيعهم كل حسب نصيبه ما بين تجار الأعضاء أو دعارة أو... كل ونصيبه وحسب أعلى سعر سيحصل عليه ولا يهم مصيرهم.

أما ندي فلم يكن أول مرة يراها في بيتهم مع والدها كما تظنون لا بل قبل ذلك بكثير فلقد رآها في فرح إحدى صديقاتها وقد اعجب وفتن بجمالها ورأي أن الاستفادة منها ستكون رابحة للغاية لكن مثلها لا يؤخذ خطفا خاصة وأنها اعجبته بشكل شخصي ورأي أن يأخذها لنفسه أولاً حتي وإن كلفه ذلك الكثير فما سيجنيه منها أكثر و أكثر وبالفعل عرف عنها كل شيء.

و وضع خطة محكمة فقد علم أن والدها يريد إقامة مشروع وليس لديه مانع في مشاركة شخص مناسب وعرف وحدد المدخل الذي سيدخل إليه منه و بإعتبار أنه شخص ساذج وسيسأل عنه حتماً لكن تري من سيسأل إنهم مجرد رجاله وخاصته.

فيطمئن ويقدم عليه ويدخله بيته أيضاً أما عن من تحبه ندي أي سيف فكما قال من قبل فمن يبحث خلفه لن يعرف سوي أنه ضابط يتنقل بين الصعيد وسيناء وقد نزحه من طريقها بسهولة شديدة فقد درس شخصيتها جيداً وعرف كيف يفسد بينهما وتزوجها وأخذ أموال والدها جميعا وإن كان المبلغ تافهاً بالنسبة له ولإمكانياته الخارقة .

لكنه توقع وفاة والديها أو علي الأقل سيمرضان مرضا شديدا لا يمكنهما من البحث عن ابنتهما أو التفتيش عن مصيرها .

وندي بالنسبة إليه نوعاً جديداً من البنات لم يجربه من قبل وتمتع بها كثيراً أما عن الحمل فعندما فقدت حملها الأول اكتشف بالصدفة أنها تمتلك فصيلة دم نادرة وجسدها ينتج نوعا من الخلايا الجزعية نادرا الذي يباع بأغلى الأثمان والأمر لن يكلفه أي شئ.

وقد اتفق مع الطبيب وفي كل مرة تحمل يعطيها دواء يقتل الأجنة خلال فترة ويأخذ مايكفيه من المال وإن غدر به وتكلم فما أرخص الرصاص الطائش.

أما هي فتحت عينه دائماً بنظام المراقبة الذي يضعه في تلك الشقة بعيدة عن أي وسيلة اتصال لكن هل ستتحمل صحتها كل ذلك ولا يهمه طبعاً فطالما يكسب من خلفها فلا مشكلة وإن تدهورت صحتها فلن يبحث عنها أحد.

وهذه هي حقيقة يوسف القذرة البشعة وهذا مصير ندي.
لقد ثقل حسابك يا يوسف ، هكذا يتوعد سيف هكذا لا يستطيع الفرار من مشاعره المتضاربة نحوها.

ظل سيف طوال الوقت يفكر و يعتصر تفكيره و يعصف ذهنه من أين يبدأ ؟؟
إهدأ يا سيف و رتب أوراقك جيداً لازال ينقصك الكثير انسي كل شئ وعد سيف الحاد كالسيف البتار الذي يقطع أصول الفساد من جذورها ثم هدأ وفتح المقاطع مجدداً بنفس أكثر هدوءا وذهن أصفى حتي وجد بغيته أخيراً.

إنه رأي يوسف عندما يستيقظ من نومه يغلق باب الحجرة بالمفتاح وبعد أن يأخذ حمامه ويبدل ملابسه يفتح باب دولابه من جديد ويصعد بداخله ويغيب بالداخل فترة من الوقت ثم يخرج  ، ماذا يعني هذا يا تري ؟!

واستوقف هنا لقد وصل لطرف الخيط.

اما عن ندي فبعد خروجه وازدحام الأفكار وتضارب المشاعر تذكرت قولته عن السلسلة فدخلت حجرة نومها وجلست أمام السراحة وفتشت في صندوق الاكسسوارت الخاص بها حتي وجدتها واخرجتها ونظرت إليها في يدها ثم ارتدتها.

ومرت أيام ولا شيء يحدث لا جديد إلا أن بصيص من النور يضيء بداخلها ويعطيها الأمل رغم صرامة وحدة سيف معها تلك المرة لكنها تشعر بأمن لأنه بجوارها ومهما كانت طبيعة مشاعره اتجاهها فلن يتركها تضيع.

وذات يوم جاء يوسف فوجد ندي تشاهد التلفاز وكان فيلماً مضحكاً وكانت تضحك بشدة ولم يكن يوسف يراها تضحك أبداً من زمن بعيد فجلس أمامعا متعجبا.

يوسف :بتضحكي يعني ؟؟!!

ندي بتأفف:باردون ما ختش الإذن.

يوسف :لا أنا مستغرب بس.

ندي :طب في حاجة يعني ؟؟!!

يوسف :شايفك هادية ورايقة كده ومحلوية شويتين.

ندي :امممممم ، و الله ! ماهم بيقولوا البنت بتحلي أمها وأنا حساها بنت.

يوسف :والله ! بأه بنت ؟؟!! ويا تري اختارتي الإسم كمان ولا إيه ؟؟!!!!

ندي:في كام اسم ف بالي بس لسه ما استقرتش.

يوسف :ده الدوا بتاعك عشان اللي معاكي يخلص إنهاردة.

ندي:والله ! وكمان مركز ف علاجي !  طب مش المفروض أروح لدكتور أتابع أعمل تحاليل أغير العلاج ده.

يوسف :اطمني هيحصل قريب ، وقريب أوي كمان.

ورن هاتفه فدخل و تحدث من الداخل وقد سمعته لكن لم تهتم بشئ واكملت جلستها .

ونكمل الحلقة الجاية ،

NoonaAbdElWahed

(حبي الأول و الأخير)
الحلقة الحادية عشر

                (بقلم : نهال عبدالواحد)

وذات يوم وهي تجلس كعادتها إذا بصوت الباب يفتح فلم تتحرك من مكانها وبعد قليل سمعت نحنحة وتصفيق فاعتدلت وتهللت و وقفت فإذا به سيف في هيئة جيمي و معه نفس صديقه الذي جاء معه المرة السابقة فأشار إليها بالجلوس واستأذن بالدخول لغرفة النوم فأذنت دون أن تفهم شيئاً.

دخل سيف ومعاونه لحجرة النوم وذهب نحو باب الدولاب الذي يقصده وفتحه فوجده يفتح وغير موصد فمد يده بداخله يتحسس المكان ويزيح الملابس من أمامه بهدوء ودون فوضي فوجد مايشبه الخزنة وكانت ببصمة اليد كما توقع فأعاد كل شيء كما كان ثم أغلق الدولاب وخرج وما أن رأته حتي وقفت فوقع نظره علي العلاج الموجود بجوارها فمسكه وتفحصه وقرأ ما عليه وجم قليلاً ثم قال: ندي انت حامل ؟؟؟؟
فترددت قليلاً و هزت رأسها بأن نعم وهي في حرج شديد.

سيف :طب ما تاخديش م الدوا ده.

ندي :ليه ؟؟!! الدكتور هو اللي قالي عليه !

سيف بتضجر:برضوو ؟! مفيش فايدة ما بتسمعيش الكلام ! وهو مين الدكتور ده ؟ولا مين اللي وداكي عنده ؟هو انت يا تثقي ف أي حد يا ما تثقيش خالص ؟!

فسكتت.
فاستكمل :كل قرص تعملي نفسك هتاخديه وتخبيه وترميه ف التويلت مش ف الباسكت وتشدي عليه السيفون.

ندي :وليه كل ده ؟؟!!!

سيف:اسمعي الكلام مرة ف حياتك.

ندي:سيف.

سيف:قولت جيمي.

ندي:سي... قصدي جيمي في حاجة سمعت يوسف بيقولها لحد بس ما فهمتش ،  كان بيكلم حد فرنساوي وبيقوله هانت هي خلاص هتدخل ف الشهر التالت كأنه بيتكلم عني بس مش فاهمة.

فسار بضع خطوات دون أن يرد فنادته ثانيا.

ندي:جيمي ، علي فكرة يوسف لما بيشرب ما بيحسش بحاجة ولا بيفتكر اي حاجة.

فهز رأسه أن نعم دون أن يلتفت إليها وخرج وأغلق الباب من جديد.
وبالفعل بدأت ندي تنفذ ما طلبه منها فتتصنع أخذ الدواء في موعده ثم ترمي به في الحمام وتشد السيفون عليه.

مرت أيام علي هذا الحال وذات ليلة جاء يوسف مخمورا يترنح ويغني ومعه جيمي وصديقه مخموران أيضاً ويترنحنون ويصيحون ويضحكون جميعاً بشكل غريب قد اخافها للغاية وبدأت تصيح فيهم جميعاً :إيه اللي جايبهم معاك دول ؟!  انت بتحسب نفسك جاي فين خدهم و امشوا برة من هنا.

و بالطبع كان صياحها هذا دون جدوي فأكملوا جلوسهم و ضحكهم وكان شيئاً لم يحدث فمسكها يوسف و أجلسها أمام زجاجات الخمر لتصب لهم فاضطرت وفعلت وعينها تزيغ بينهم و لا تفهم شيئاً ويزداد خوفها و رعبها ولازالت تصب و تصب وهم يشربون و يشربون.

حتي بدأ يوسف ينهار و يسقط فاقد الوعي علي أحد الكنبات فنظر الآخران لبعضهما و له ثم هما يضحكان و يغنيان ثم وقفا يترنحان ويصطدمان في كل شيء يقابلهما  حتي فتحا الباب و انصرفا.

التقطت ندي أنفاسها أخيراً وجلست علي كنبتها تنوي النوم وما أن بدأت تستلقي حتي سمعت صوت الباب يفتح فجلست فجأة وكان جيمي و من معه يتحركان طبيعياً أي ليسا مخموران وما أن دخل سيف ورأته حتي أشار لها بالسكوت وأن تنام مرة أخرى .

و اقترب سيف من يوسف الفاقد للوعي حتي أخرج من حقيبة معه منديلا و رش فيه شيئاً ما يبدو كمخدر و بعدها أخرج حقنة و حقنه بها ونظر لندي و همس إليها :كده هينام 12 ساعة ، نامي انت كمان و اطمني لسه ورانا شغل كتير.

وتركها و ذهب نحو يوسف يخرج شرائح يطبع عليها بصمات أصابعه ثم دخل نحو حجرة النوم وفتح الدولاب و وصل لتلك الخزينة و وضع أحد الشرائح في المكان المخصص لوضع بصمة اليد فلم تفتح فحاول ببصمة اليد الأخرى ففتحت.

واكتشف أنها ليست مجرد خزنة إنما باب يفتح لحجرة أخري بابها خلف الدولاب وقد أغلقه بتلك الطريقة.

وقبل أن يدخل فتح اللاب توب الخاص به ليتأكد من نظام المراقبة ومحاولة لإيقافه ثم محاولة إختراقه مثلما فعل قبل سابق .

وبعد ضبط كل شيء دخل الحجرة وكانت مليئة بالملفات التي فتش فيها بدقة واحتراس وقام بتصوير ما فيها و إعادتها كما كانت.

وملفات أخري تخص صفقته القذرة في بيع الأطفال و البنات ثم عدد هائل من الأقراص المدمجة (السي ديهات) فأحضر اللاب وبدأ يشغل واحدة بعد الأخري ليري ما فيها ، ولم تكن سوي مقاطع فيديو تجمعه بفتيات في حجرة النوم فارتبك قلقاً يخشي أن يكون لندي نصيب منها فظل يبحث ويبحث في واحدة بعد الأخري حتي انتهي منهم جميعاً دون أن يري لندي أي شيء ،  فاستطاع أخيراً إلتقاط أنفاسه.

واستكمل فحص باقي الملفات وتشغيل وتحميل بعض الفلاشات فذلك المكان بأكمله يحمل آلاف الأدلة ضد يوسف وفي وسط كل ذلك وجد ملف يخص ندي ففتحه فوجد فيه تحاليل مختلفة لها  و تقارير من المستشفى بحالتها عند إجراء العملية السابقة وكانت ضعيفة و تعاني من نقص شديد وتقارير بفحص الخلايا الجزعية الخاصة بها وجدول مواعيد تسليم صفقات للخلايا الجذعية لكن تلك المواعيد متقاربة.

هذا يعني إعداد ندي لحمل وإجهاض متكرر علي فترات متقاربة و لن تتحمل صحتها كل ذلك وقطعا ستموت في أحدها .

مكث سيف عدة ساعات في ذلك المكان حتي انتهي من تفتيش وفحص كل شيء وأعاد كل شئ لموضعه وخرج من تلك الحجرة و ضبط الدولاب جيداً بدقة ثم خرج من الحجرة يتأكد من أن كل شئ علي ما يرام .

لم تنام ندي طوال تلك المدة ولم تتحرك من مكانها أيضاً ولم تفهم ماذا يمكن أن يفعل سيف بالداخل وبعد أن انهي كل شيء وخرج سيف ومن معه من الشقة أعاد نظام المراقبة كله للعمل مرة أخرى.

وبعدها نامت ندي فقد أرهقت حقاً أما سيف بكم تلك المعلومات والوثائق لا يدري من أين يبدأ والأهم قبل إدخال ندي للعمليات فموعد التسليم التالي قريب ويلزمه خطة محكمة.

خرج سيف ومساعده وذهب للمنزل يجلس بجواره قهوته التي لا تفارقه ويشعل سيجارة خلف الأخرى ويفترش كل البيانات والمعلومات التي قد جمعها كلها أدلة ضد يوسف لكن توقيت القبض عليه.

فأول موعد هو موعد تسليم الخلايا الجزعية المعتمد أصلاً علي إجراء عملية لندي وعليه ألا يتركها فريسة لتلك العملية وذلك الطبيب الذي لن يهتم بصحتها ولا حالتها كما أن الموضوع بأكمله يمكن ليوسف الخلاص منه لأنه يوجد بالفعل هنا بنوك لحفظ الخلايا الجزعية أي لا شيء ضد القانون ولا حتي الإجهاض المتكرر.

يجب أن ينتظر ربما لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا واختفت شخصية جيمي من حياة يوسف ولم ينتبه يوسف لذلك فقد كان مشغولاً بأمرا هاما .

وكان سيف يعد علي يوسف أنفاسه بمراقبته المستمرة ويبدو أن الفرج قد حان أوانه.
إنه يعد نفسه لصفقة لتسلم عدد من الأطفال وبيعهم لتجار الأعضاء فتابع سيف ذلك الأمر بدقة بالغة حتي ألم بكل التفاصيل.

جمع سيف رجاله وبدأ برسم خطة محكمة لهم وكان من عادة سيف الإستماع لآراء رجاله أولاً ومناقشتها وبعد التعديل أو التغيير يتم وضع الخطة والجميع يطيعه وينفذ أوامره بصدر رحب فرغم جديته و صرامته و دقته الشديدة في التخطيط والتنفيذ إلا أن فريق عمله ينتقيه بدقة شديدة و يدربهم تدريبا شديداً ففريق سيف من أقوي الفرق التي تتمتع بالقوة و الدقة والتعاون و روح الفريق.

بعد التخطيط النهائي للخطة وتوزيع الأدوار بدقة مراعيا الحفاظ على شخصية جيمي بعيداً فلم تكتشف كونها ضابط أو كسيف.

وجاء يوم التسليم و يوسف رغم حرصه الشديد كان مطمئناً فلا يوجد من يعرف عنه أي شيء علي الإطلاق و بطبيعته الغامضة الشكاكة كان لا يفشي سره لأي إنسان وشقته تلك تحت المراقبة دائماً يتأكد أن ندي لا تعلم أي شيء عنه أو عن الحجرة السرية .

ومع ذلك فوجيء بالشرطة يوم التسليم و صدم بشدة من إحباط العملية و القبض علي جميع رجاله لكن يوسف استطاع الهرب فهو أيضاً ليس بتلك السهولة.

عاد يوسف مسرعاً لشقته وجمع ملابسه و ملابس ندي وجذبها وانطلق بها هارباً دون أن تفهم أي شيء وسببه ولم يكن أمامها أي اختيار أو حتي فرصة للتفكير ، لكنها لم تكن إلا في قمة رعبها.

ونكمل الحلقة الجاية ،
NoonaAbdElWahed

(حبي الأول و الأخير)
الحلقة الثانية عشر

                 (بقلم : نهال عبدالواحد)

عاد يوسف مسرعاً و جمع ملابسه و ملابس ندي و جذبها وهرب بها دون أن تفهم أو تستوعب أي شيء ولم يكن أمامها أي إختيار أو حتي فرصة للتفكير.

كانت في قمة رعبها فالآن كل شيء مجهول ومفزع لديها ولا تستطيع أن تتوقع ما يمكن أن يحدث بعد ما كادت تشعر بالأمان بمجرد إحساسها أن سيف قريب منها لكن الآن ضاع أي أمان.

أما سيف فقد وجد يوسف يهرب وحاول اللحاق به لكنه وصل متأخراً فقد فر واختفي واخفي معه ندي. فكيف حالك الآن يا ندي ؟
كيف الطريق إليك ؟؟
ماذا يمكن أن يفعل يوسف بك ؟
اختفي يوسف وندي تماماً واختفي معهم أي دليل يمكن للوصول لهما ، وكاد عقل سيف أن يقف من التفكير فكيف سيصل إليها ؟
وكم سيستغرق ذاك من وقت؟؟
لأول مرة يقع سيف في ذلك الموقف فتلك أهم قضية في حياته بل هي حياته.

بدأ قادة سيف يبعثون إليه ليعود فقد أنهى المهمة المكلف بها ولا فائدة من وجوده الآن لكنه ولأول مرة يرفض الأوامر ويصر للوصول ليوسف فقد ثقل حسابه و يتمني لو قتله بدل المرة ألف لكن لم يستطع بالطبع قول ذلك السبب.

لكن إحساسه الأمني يدله أن ليوسف من يكبره وأنه ليس الرجل الأول والحقيقة أنهم لم يقبضون سوي علي رجال مستأجرين يمكن ليوسف أن يحضر غيرهم ويبدأ من مكان آخر و وقتها سيكون أكثر حيطة و شراسة ويصبح كل ما فعل هباءً منثورا مادام رأس الحية علي قيد الحياة.

ظل سيف يصر علي موقفه بدافع تلك الأسباب حتي اضطر قادته لتركه فهم يعلمون قدر عناده وإصراره و يثقون أيضاً في حدسه الأمني.

خير سيف رجاله من يريد البقاء ومن يريد العودة وبالفعل قرر البعض العودة و البعض قرر البقاء معه  وطلب ممن سيعودون أن يصلوا لأمه و يطمئنوها عليه فقد طال غيابه قرابة العام دون أي خبر.

أما عن ندي و يوسف فانتقلا في شقة أخري بمكان آخر ولم يستقرا بل كانا يتنقلان بإستمرار ويغيران مكانهما فيوسف يشعر بقلق غريب من مجهول.

أما ندي فلا تري القادم ولا أي مستقبل ولا تدري ماذا سيحدث في الساعة القادمة فإن مر يوم لا تصدق أنه قد مر وأنها لازالت علي قيد الحياة لكن أي حياة تلك فالموت أهون من عيشتها و أهون من رعبها الشديد  أهون من ذلك المجهول الذي تعيشه.

مر علي ذلك الحال شهور وبالرغم أن سيف لايزال عنده أمل في أن يجدهم لكن تلقائياً ذلك الأمل يضعف و يضعف وكاد يتلاشي ويتمني لو تتذكر ندي تلك السلسلة  ، لماذا تنتظرين كل ذلك ؟
مؤكد أنها ترتديها ونسيت تشغيل التتبع فيها !

وطوال تلك الشهور لازال يوسف وندي يتنقلان من بيت لآخر وقد تقدمت ندي في شهور الحمل وصارت بطنها منتفخة لكن لا طبيب ولا أدوية ومع تلك الظروف فعي متألمة بإستمرار و قد ضعفت كثيراً وصحتها تتدهور يوماً بعد يوم لكن لمن تشكو ومن يسمعها أو يشعر بها إلا خالقها.

وذات يوم وكان يوسف وندي متجهان لبيت آخر كالعادة وحد يوسف في طريقه مطعما صغيراً ومتواضعا فذهب إليه هو وندي وكان صاحب المطعم رجلاً عجوزاً باش الوجه عندما رأته ذكرها بوالدها كثيراً و ظلت تنظر نحوه من حين لآخر نظرات إبنة بائسة لوالدها الغائب عنها .

وقد لاحظها الرجل فابتسم إليها وكأنها قد دخلت قلبه وكأنه يعرفها فوجهها الباهت الذابل وهيئتها الضعيفة المريضة تثير شفقته فحقاً الأرواح جنود مجندة ما تقارب منها إئتلف وما تباعد عنها اختلف وبعد قليل جاء العجوز وفي يده طبق مخصوص وكان نوع من الحلوي فقدمها إليها وأخبرها أنها هدية  منه وأنها خارج الحساب فشكرته ندي بوجع مبتسم و أخذت تأكل بشهية مفتوحة لم تعهدها من زمن بعيد وتشرد بذهنها إلي ذكريات جميلة قديمة لأيام طفولتها تتذكر والديها و تتذكر أياما سعيدة من حياتها وكان وجهها يبتسم و يبتسم كلما تذكرت شيئاً  فلاحظ يوسف ذلك.

يوسف بتعجب :مالك ؟! فاردة وشك يعني علي غير العادة ؟!

ندي:هه  !!

يوسف :بقول خير وشك بيضحك يعني مع إنه علي طول يسد النفس.

ندي:في إيه ؟؟علي فكرة أنا حامل وتعبانة ومش بروح لدكتور ولا باخد علاج وانت مش مراعي ده ولا راحمني غير الشحططة بتاعة كل يوم و التاني ! يوسف أنا محتاجة لدكتور ضروري.

فأدار بوجهه عنها وأشعل سيجارة ثم أخذ ينفث دخانه في وجهها بطريقة مستفزة ثم لمح فجأة تلك السلسلة في عنقها.

يوسف:إيه دي ؟؟؟

ندي:آااااه ، دي عندي من زمان من قبل ما أعرفك.

يوسف :اممممممم !  فعلاً حاسس إني شوفتها قبل كده تقريباً أيام ما كنتي لسه بتشتغلي ف المكتب ،  بس دي واقفة !!

و مد يده وضغط عليها عدة ضغطات يحاول تشغيلها وكأنها تذكرت شيئاً ما فحدقت به و تغير وجهها فجأة  قد لا حظها يوسف.

يوسف:إيه مالك ؟ وشك اتغير ليه ؟ يا تري بأه مين جابلك السلسلة دي ؟؟         

فسكتت.
يوسف:اممممممم !! أنا قلت كده برضو ، أكيد هدية من حبيب القلب ، حتة الظابط بتاعك.

ثم شدها فجأة من رقبتها فقطعها وجرحت رقبتها ونزفت فصرخت صرخة قوية ،  و ألقي بالسلسلة وقد رآها العجوز ورأي ما حدث فأسرع بصندوق الإسعافات الخاص به و أصر أن يمسح جرحها ويطهره بنفسه خاصة وهي تتألم وتبكي وما أن انتهي الرجل حتي جذبها يوسف وغادر بها.

عندما ضغط يوسف علي الساعة يحاول تشغيلها فقد عمل جهاز التتبع و ظهر ذلك لسيف فتسارعت ضربات قلبه ، يااااااااااااااااه يا فرج الله !

وأسرع متتبعا للمكان المنبعث منه تلك الإشارة حتي وصل بعد فترة من الزمن و طبعاً لم يجد أحداً.

دخل سيف ذلك المطعم يبحث بعينيه بين الموجودين ثم جلس وهو يشعر بخيبة أمل فإشارة السلسلة لا تزال موجودة في المكان فجاءه العجوز الطيب فطلب منه قهوة وجلس شاردا يفكر وقد شعر فجأة بقدمه تحتك بشيئاً ما في الأرض فنظر فوجد السلسلة فمسكها فوجدها منقطعة وفيها أثر لدم جاف فبدي عليه علامات الوجع و هو يفكر فيما ألم بها.

وكان العجوز قد جاء بالقهوة ورآه يمسك بتلك السلسلة شارد حزين فأدرك أنه يلحث عن صاحبة السلسلة وأنها تهمه فأخبره بما حدث فلم يعلق سيف و شرب قهوته و شكر العجوز وانصرف في هدوء.

ذهب للمنزل في قمة وجعه ولأول مرة يشعر بحيرة وخيبة أمل فكم من مهام أصعب منها مع من هم أخطر من يوسف وقد اجتازها بنجاح وفي وقت أقل بكثير ، لم تلك المرة؟!

الأمر لا يستدعي التساؤل ولا التعجب إنه وجود ندي التي ظن نفسه قد كرهها ونساها ، أو ظن أنه آلة لا تتأثر وأن إتزانه أقوي بكثير ، لكن هيهات.

اعترف يا سيف إنك لازلت تحبها بل تعشقها بكل كيانك مهما حدث منها و ربما أكثر من ذي قبل ،  لقد رفضت العودة وأبيت ألا تعود إلا بها ، لكن متي ؟
يجب أن يتغير تفكيرك الآن و تبدأ من جديد لتعود معك ، لكن من أين يبدأ ؟!!

ولايزال يفكر ويفكر ، ولا يزال ممسكاً بسلسلتها ينظر لها حينا و يشم رائحتها فيها حينا أخري...
وفجأة برقت عيناه وتذكر شيئاً هاما كيف غاب عنه؟!

ونكمل الحلقة الجاية ،
NoonaAbdElWahed

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حصريات سحر الروايات: مجنونة أحتلت قلبي للكاتبة فاطمة مصطفي