رواية- روح الفؤاد - الحلقتين28:29 والأخيرة - بقلم نهال عبد الواحد - مجلة سحر الروايات

(روح الفؤاد)
الحلقة الثامنة و العشرون

  بقلم :نهال عبد الواحد

مضت أيام على روح وقد صارت بلا روح بل شخصاً آخر يشغل ذلك الأمر كل تفكيرها وتود لو تجد حلاً له ، وكلما تذكرت نادر نفسه أو تذكرت لحظة قضتها معه تشعر بإشمئزاز شديد وتذهب مسرعة لتتقيأ حتى ذبلت تماماً وشحب وجهها كثيراً وصارت هيئتها دائماً التعب والإجهاد.

ومراد يلاحظ كل هذا ومهما حاول التحدث إليها والتودد تنكر أي شيء سوى أنها متعبة فطلب منها عدم الخروج وبالنسبة للبرنامج فسيُعرض حلقاتٍ قديمة لحين تحسن حالة روح ، لكن بدأ مراد يضيق روحه وينفذ صبره.

بينما المربية عزيزة تلطف بينهما فقد صارت علاقتهما متوترة خاصةً في الآونة الأخيرة ولازالت عند ظنها أنها حامل ولازالت تقنع مراد بأن تقلب مزاجها هذا بسبب الحمل لكنه لا يقتنع.

وذات يوم خرجت عقب خروجه لعمله وذهبت للبنك وسحبت من حسابها ذلك المبلغ الذي طلبه منها ذلك اللعين ثم عادت مسرعة للمنزل.... وتلك المرة الثانية التي تخرج فيها بدون إذنه.

ومهما فكرت لم تجد سوى أن تدفع له تلك الأموال فعلاقتها بزوجها لا تقدر بمال ، وحقيقةً إن رأى مراد مثل تلك المقاطع فلا يمكن أن يمر الأمر بسلام فهو في النهاية بشر.

وجاء مراد في نفس مساء ذلك اليوم وكانت روح في الحمام فطرق الباب عليها ليطمأن أنها بخير وقد طمأنته ولازال يشعر بوجود ذلك الأمر الخفي ، وإذا بصوت هاتف روح يعلن عن وصول رسالة فدفعه فضوله لفتح تلك الرسالة فأخذ هاتفها وفتحه وفتح الرسالة.

فوجدها رسالة من البنك تخبرها بمقدار ما قد سُحب من رصيدها ومقدار الرصيد قبل السحب وبعد السحب ، ثم إنتبه لذلك المبلغ الذي تم سحبه.....ماذا ؟!!!! اليوم ؟!!!
إذن فقد خرجت بدون إذني للمرة الثانية ودون إخباري بعدها كما إعتادت ، إذن فهناك سراً أخطر ما يكون ، وذلك المبلغ لابد أن يكون له علاقة بذلك السر.

فأعاد الهاتف مكانه وبدل ملابسه واستلقى في فراشه فخرجت من الحمام وسلمت عليه واستلقت في فراشها هي الأخرى ، وكانت أسوأ ليلة بينهما على الإطلاق فكلاً منهما يعطي ظهره للآخر ويشرد في شيءٍ آخر بعيد.

كيف وقد كان لا يمر ليلة إلا وتنام في حضنه الدافيء وهو يضمها ويظلا يتحدثان حتى يغلبهما النعاس أو ربما شيئاً آخر .....
لكن الآن هما متجاوران  لكن متباعدان .

وفي صباح اليوم التالي خرج مراد باكراً دون تناول إفطاره على غير عادته منذ أن تزوج بروح وهي أيضاً بدأت تعد نفسها للخروج وقت الظهيرة فعليها أن تنهي تلك المهزلة ، وقد أنساها ما تمر به من أن تتصل وتستأذن زوجها قبل الخروج أو حتى تسأل عن سر خروجه بلا إفطار وهذا ما أكد له أنها تنوي فعل شيء ما.

حاولت معها المربية لتأكل أي شيء أو تشرب حتى ولو كوباً من اللبن لكنها رفضت وخرجت فكان كل تركيزها الآن هو الإنتهاء من ذلك الأمر بأسرع ما يمكن.

وصلت روح بالفعل لبيتها القديم حينما كانت زوجته وبمجرد أن وطأت قدمها ذلك المكان بدأت تشعر بإشمئزاز وتنتابها لية معدة.

تصعد كل درجة من السام وهي تكره حالها أن كانت زوجته يوماً ، تصعد كل درجة وهي تلعنه بقدر حجم السموات والأرض.

قلبها يرجف بشدة تتمنى أن تنتهي من ذاك الموقف على خير  ، حتى وصلت أمام الشقة وتذكرت ذلك اليوم ، يوم أن اكتشفت خيانته ودفعها هنا على تلك الدرجات ، فلم يعد قلبها وحده الذي يرجف فحسب بل كان كل جسدها وهي تنظر لموضع سقوطها وكأنها ترى نفسها وهي تتدحرج علي السلم وتسقط وتنزف دماءها.

استجمعت قواها ورنت جرس الباب ففتح لها بإبتسامته الوقحة وأشار لها بالدخول فدخلت وأغلق الباب.

لم تكن تعلم أن السبب الوحيد لخروج مراد الباكر هو السير خلفها ومعرفة ما تخفيه وقد فعل ، وقد وصل خلفها إلى هنا ولا يصدق أنها لازالت على صلة به وقد جاءت تقابله في شقته بمفردها وقد أغلق عليهما باب واحد.

أهذا سبب تغيرك ؟!!
هل إنتهى كل شيء ؟!!
هل انتهيتي من حبي فلن تعودي ترغبين بي ؟!!
لماذا تعودين إليه وهو من خانك ؟!
لماذا تخونيني وتجرعيني من نفس الكأس ؟!
هل قصرت معك في أي شيء ؟!
لقد وهبت نفسي فقط لخدمتك وإسعادك ومهما طلبتي مني كنت لن أتأخر مهما كلفني ، كيف وكل تلك المشاعر والحب والدلال الذي أعطيتيني إياها ؟!!
هل كلها كانت مزيفة وتمثيل ؟!
آااااااااااه و رأساااااااه  ! بل واااااقلباااااااه !

وقف متجمداً في مكانه لايدري كيف يتصرف و يتخيل كل مشاهد الخيانة نصب عينيه ثم يصرفها من أمامه فهو يعرفها جيداً ،هي ليست هكذا ، إذن فلماذا جاءت ؟ وماذا أخفت ؟وألف سؤال وسؤال ولا إجابة لأيها ، ورأسه تدور ويكاد أن يجن ، يود حسن التصرف يريد بعض الحكمة لكن من أين تأتي ؟!!!

دلفت روح لداخل الشقة وأغلق الباب بينما ظلت واقفة،فقال: نورتي البيت يا أجمل النساء ، كان البيت مظلماً من دونك ، تفضلي لماذا تظلي واقفة ؟! ألا تعرفي الطريق هل نسيتي ؟!

تابعت بجمود: لم أجيء لأتفضل ، هيا سلم واستلم .

- هكذا بدون أن نكرمك أو نصنع الواجب ؟!!

فصاحت: قلت إنتهى !

فضحك بمليء فمه ضحكته الخبيثة تلك ثم قال: إذن ، لا فيديوهات ولا مقاطع ، لقد كانت خدعة وصدقتيها بسذاجتك.

فإتسعت عيناها وصاحت بصدمة :نععععععععععم !!

- كنت أريد المال ولا أدري كيف أتصرف ولم أجد غير ذلك وكنت متأكد أنك ستصدقيني ، تخطيطي الرائع .

ثم إقترب يحاول محاوطة خصرها بذراعيه وقال : الحقيقة ، أني اشتقت إليك كثيراً ، واشتقت لكل إنش فيكِ ، لا أدري أين عقلي الذي جعلني أضيع مثلك من يدي ؟! ماذا بك ألم تحنين إليّ ؟!!!
هكذا يتحدث ويتفحصها بوقاحة.

فدفعته وصاحت بحدة: إخرس أيها الحيوان الحقير !

ثم همت بالمغادرة فجذبها من ذراعها فأخذت تدفعه فينهض أمامها من جديد ويقترب منها وتدفعه تود الوصول للباب بأقصى سرعة وتخرج لكن مهما دفعته كان يصر على الإقتراب وبدأ يتلمسها بيديه المثيرة لإشمئزازها بطريقة شهوانية مقززة.

كانت تتلفت حولها لتمسك بأي شيء دافع به عن نفسها لكن لا يوجد وبدأت المطاردة والمحاورة فتجيء من هنا ويجيئها من هنا.

كان مراد لايزال واقفاً تائهاً لا يعرف كيف يتصرف حتى اتخذ قراره ليقطع الشك باليقين وصعد تلك الدرجات حتى وصل أمام الشقة ، لكن بمجرد إقترابه سمع أصوات تحطيم وصراخ روح فانخلع قلبه فجأة وفي نفس اللحظة فتحت روح الباب وتصرخ :لقد قتلته قتلته !
ثم سقطت مغشياً عليها.

وبعد عدة ساعات بل في اليوم التالي كانت روح نائمة على سرير في مستشفي ويبدو عليها الإعياء الشديد ومعلّق في يدها محلول ويجلس مراد على كرسي عن مقربةٍ منها ينظر لها نظرات جامدة دون حراك منذ أن جاءت إلى هنا.............

NoonaAbdElWahed


(روح الفؤاد)
الحلقة التاسعة و العشرون والأخيرة

بقلم:نهال عبد الواحد

بدأت روح تسترد وعيها لكن بدأ يسمع صوت أنين وبدأ يتحول لصراخ فنهضت فجأة فوجدت مراد أمامها ينظر إليها ويتأملها ثم نظرت حولها تتلفت تحاول تذكر أي شيء آخر ، ربما كان كل هذا مجرد حلم ، إذن فما الذي جاء بي إلى هنا ؟!!
ولم ينظر مراد إلىّ هكذا ؟!!!
لماذا يجلس بلا حراك هكذا ؟!!
هكذا تحدث روح نفسها بداخلها.

إبتلعت ريقها بصعوبة وقالت بصوت مختنق يكاد يخرج بالكاد: ماذا حدث ؟!!

تسآل مراد بجدية لم تعهدها: لماذا أخفيتي عليّ ؟

فترددت وتلعثمت وتابعت بلجلجة : هه ! أخفيت عليك ماذا ؟! عن أي شيء تتحدث ؟!!

فتابع بحدة:أمر نادر، لماذا لم تخبريني بكل شيء  ؟! ألم يكن ذلك إتفاقنا ؟الصراحة مهما كانت !

فأجهشت بالبكاء وأهدرت: لقد قتلته وأرحت الناس من شروره... أليس كذلك ؟!

فهز برأسه أن لا وقال: لازال على قيد الحياة ، لقد فقد الوعي فقط من أثر جرح رأسه ، وبعد إسترداده لوعيه إعترف بكل شيء ، إعترف أنه ابتزك وطلب أموال مقابل مقاطع فيديو خاصة ، هددك بهم وقد صدقتيه بمنتهى السذاجة.

- كيف كنت أخبرك بأمر هكذا ؟!! كيف كنت تستطيع رؤية مثل تلك المقاطع ؟!! لكن أقسم لك ما ارتكبت أي خطأ.

- بل أخطأتي ، عندما تخفين عني كل هذا فقد أخطأتي ، عندما تخرجين بدون إذني ولا حتى إخباري كما عودتيني وأعلم ذلك عبر الصدفة الباحتة بدل المرة ثلاثة وأنتظرك تجيئيني  وتخبريني لكن كأن لم يكن كنت أراك لست على ما يرام ومتغيرة كثيراً وهذا خطأ آخر ، عندما تذهبين وتسحبين من حسابك الخاص حتى ولو جنيه واحد بدون إخباري ، صحيح هو حسابك الشخصي لكن هو ليس من أجل أن تسحبي منه وتصرفي منه حتى على نفسك وهذا خطأ آخر ، لقد سمحتي لنفسك أن تدخلي بيت رجل غريب بمفردك وضيفي عليه أنه بلا خلق إذن فمتوقع منه أي وقاحة وقذارة وهذا خطأ آخر ، أنت حتى لم تصحبي أحد إخوتك ربما لو أشركتي أحدهما أو كلاهما معك كنت التمست العذر لك لكن ذهبتي بمفردك ، عدي كمّ أخطاءك يا روح !

فإزداد بكاؤها وأهدرت بصوت متحشرج: أقسم لك لم أقصد ، أرجوك اقبل أسفي واغفر خطائي هذا ، كنت أخشى أن تتركني ، كنت أخشى أن تحرمني منك.

فتابع بتبلد: كأني هكذا لن أتركك ؟!!

فارتعدت فرائسها وتعالت شهقاتها وتابعت بصوتٍ يخالط تلك الشهقات: لا أرجوك ، أقسم عليك ألا تفعلها ، اختار عقاب آخر غير هذا ، لا تتركني ، لا طاقة لي أن أعيش بدونك.

فسكت وأدار بوجهه عنها وبدأت تتحرك وتنهض وتحاول الإعتذار إليه بشتى الطرق ، لكن قد أصابها الدوار بمجرد وقوفها لتتوسل إليه فأمسكت بسرعة بحافة السرير لألا تسقط أرضاً ، فذلت يدها أيضاً لكن قد لحقها مراد و أمسك بخصرها وأعادها ثانياً للفراش، وصاح فيها معنّفًا: ما الذي تفعلينه هذا ؟!!

وهمّ بالتحرك بعيداً عنها لكنها علّقت ذراعيها حول رقبته لألا يتركها وقربته منها وهي تقول : لا تتركني أرجوك !

فلم يرد عليها بل حاول فك ذراعيها لكنها تتشبث به أكثر فيقول بجمود: ماذا تريدين الآن ؟

- لا تتركني ! إني أحسب عمري منذ اليوم الأول لحبك ، أرجوك اغفرلي خطائي و لنبدأ من جديد.

فرفع حاجبيه بإستخفاف وتابع: هكذا بتلك البساطة ؟!!

- إذن ما الذي يرضيك ؟!

- اتركيني للوقت ، عليكِ أن تقدري مقدار خوفي وغيرتي ، هل تعلمي كيف صدمت ؟!! هل تعلمي كم وقفت في ذهول لا أصدق ولا أستوعب ولا أعلم كيف أتصرف ؟!! هل تعلمي كم المشاهد التي تخيلتها ؟!! لقد تخيلت جميع مشاهد الخيانة !! ألم تنتبهي كيف وصّلتي تفكيري بك ؟!! هل تعتقدين أن كل ذلك يمسح بكلمة إعتذار ؟!! آسف فكلما كبر الحب كلما زاد الوجع.

- إذن لن تتركني ؟!!

- للأسف لا أقوى على هذا القرار.

فإبتسمت براحة ثم جذبته نحوها وقبّلته فأبعد نفسه عنها مع دخول الطبيب فإضطرت روح لتركه ، فاعتدل واقفاً وهو يهندم هيئته ويشير إلى الطبيب بلياقة تنافي حالته منذ قليل: تفضل ! لقد جئت في وقتك ، فقد أصابها الدوار عندما نهضت واقفة.

فأجابه الطبيب: هذا وضع طبيعي لمن ينام طويلاً بمجرد أن ينهض ينتابه شعور بالدوار ، خاصةً أمثالها.

فقال مراد بخوف وقلق : خيراً ! لقد أُخذ منها عينة دم بالأمس ، ما نتيجة التحاليل ؟ هل تعاني من أنيميا ؟

فأومأ يجيبه: من جهة الأنيميا فلديها نسبة وستحتاج لمقوّيات كثيرة لكن ليس الآن ، المهم الآن هو الإهتمام بالطعام الصحي وسوف أكتب لكم على أنواع بعينها يفضل أن تركز عليها ثم تدخل المقويات تدريجياً أو كما يخبرك طبيبك الخاص.

فتدخلت روح: إن صحتي بخير ولا أعاني من أي مرض يتطلب طبيباً خاصاً.

فإبتسم الطبيب قائلا: لكن من الآن ستحتاجين لطبيبٍ خاص ، وإن رغبتما يمكنني أن أرشح إليكما البعض ممن يتمتعون بالمهارة والثقة ، يبدو أنكما لا تعلمان..... مبارك !

مطت روح شفتيها بعدم فهم وأهدرت: مبارك ! لماذا ؟!!!

وكان مراد قد فهم الطبيب فكم أخبرته مربيته بذلك لكن لم يقتنع فقال بسعادة واضحة : فعلاً يا دكتور ! هل هو خبر مؤكد ؟!!

فأومأ الطبيب ببشاشة وأجاب: أجل ! كنت أشك في البداية لكني قد تأكدت من التحاليل وقد أجريت لها اختباراً رقمياً ، المدام حامل في ستة أسابيع.

فإتسعت عيناها وأهدرت بفجأة : حامل ؟!!!!

فقال الطبيب: مبارك ! سأكتب الروشتة وإذن الخروج ثم تتابعين مع طبيبٍ خاص ، أستأذنكم.

وانصرف الطبيب و روح واجمة وتضع يدها على بطنها فنظر إليها مراد ثم إقترب منها و وضع يده فوق يدها على بطنها وقال بإبتسامة: مبارك !

فدمع عيناها مجدداً وهمست بإبتسامة: فعلاً ؟!!

فهز برأسه أن نعم بنفس العينين الدامعتين وهمس هو الآخر: فعلاً !!

فقالت وهي تشرد وتتطلع للأمام : سأعد غرفتها بنفسي ، سأكثر فيها ملصقات بناتي مثل الأميرات ، سأحضر لها ملابس كثيرة وفساتين كثيرة ، سأرتدي أنا وإبنتي متشابهتين نفس اللون والموديل ، سأشتري لها الإكسسوارت و شرائط الشعر الكثيرة ،....

كان مراد ينظر لها وهي تتحدث وهو مبتسم ولازالت عيناه تدمع فإلتفتت إليه وقالت: لكن سامحني أولاً !

فجلس بجوارها وضمها إليه ثم إنحنى وقبّل بطنها وقال :للأسف سأضطر لمسامحتك ، ليس أمامي إلا ذلك ! ماذا أفعل بقلبي ؟!! وأخشى عليكِ من الحزن الآن .

ثم ضمها إليه أكثر فقالت: أحبك مراد ، ولن أغضبك بعد اليوم أبداً.

- أحبك روح ، أحبك يا أحلى أم !

- بل أنا أحبك أكثر يا أحلى أب !

ومر شهر بعد شهر وفي حفل سبوع إبن أخيها أيمن والذي قد تأخر في قيامه لحين الإنتهاء من فترة الإمتحانات ، وكانت روح جالسة منتفخة البطن والوجه خاصةً أنفها وشفتيها ، والجميع حولها يحتفلون وأيمن يحمل وليده ويلف به وخلفه الجميع يسيرون في المكان بأكمله يحملون الشموع ويغنون أغاني السبوع المعروفة :
« بريلا بريلا بريليلا!  ضحكة أمه وفرحة أبوه ، أصغر واحد في العيلة رشوا الملح عليه وشيلوه ، يارب ياربنا تكبر وتبقي أدنا.... »

وروح تمسك بيدها طبق وترش فوقهم وهي جالسة من مكانها بالملح والسبع حبوب ،و وضع أيمن إبنه في ذلك الغربال الأزرق السماوي المزيّن على الأرض وتجلس أرضاً زينب و المربية عزيزة وبجوارهما مبخرة صغيرة وإيمان تخطي من فوق وليدها وأحدهما تدق بالهون والأخرى تقول تلك الكلمات الشعبية المعروفة : الأولي بسم الله ، والثانية بسم الله ، والثالثة رقوة محمد ابن عبدالله..... ،السابعة

لكن فجأة صرخت روح وألقت بالطبق ومسكت بإحدى يديها أسفل بطنها وبالأخرى خلف ظهرها وتصرخ بشدة :آااااااااااه ، مراد مرااااااااد !!

وأسرع نحوها مراد وأخويها ليسندوها ويذهبون بها للمستشفي بسرعة ، و وصلوا هناك ودخلت حجرة الولادة مباشرة وكان الطبيب في إنتظارها.

وبعد مرور بعض الوقت خرج الطبيب يبشرهم بإبنته وبعد مرور بعض الوقت ذهب مراد وأخويها ليروها في الحضّانة في المكان المخصص للأطفال حديثي الولادة ، كانت جميلة وتشبه أمها كثيراً هكذا رآها مراد.

أعطتها له الممرضة فحملها وهو يشعر بإضطراب وخوف وأشياء كثيرة فلم يحمل مثل هذا الحجم من قبل ، كما لأول مرة يشعر بالأبوة ،فابتسم وعيناه تدمعان من شدة الفرحة فأذّن في إحدى أذنيها وأقام في الأخرى ثم أعطاها للممرضة وذهب لزوجته وقد ذهبت لغرفتها وكانت تبدو منهكة و وجهها شديد الشحوب وتفتح عينيها بالكاد وتلهث أنفاسها فسبحان مخلص روح من روح !

إتجه لها مراد وقبّلها ومسح على رأسها وقال: حمداً لله على سلامتك يا روحي ، إن ابنتنا تشبه البدر تمام كأمها ، إذا كنتِ أنت روحي فمن تكون هي ؟

- ماذا ؟!!

- مليكتي.

فزمت حاجبيها بعدم فهم وتسآلت مجدداً: ماذا ؟!!

- مليكة مراد عزمي.

وهنا دخل حامد للحجرة وقال:عظيم ! ليكون لدينا روح مراد و مليكة مراد... والبقية تأتي.
فضحك الجميع.

إن الأمل لا ينتهي من الحياة ، وكلما كاد ينتهي أمل ولد غيره ، أحياناً يلزمنا المرور بتجربة بعينها لأن وقعها علينا له دور في حياتنا لنكمل في المرحلة التالية.

فلم نشعر بالسعادة يوماً مادمنا لم نتذوق الحزن ولم نشعر بالحزن مادمنا لم نُطعن أو نتألم أولاً.

هكذا هي الحياة تدور وتمضي في أيام لك وأيام ضدك ولكلٍ وقته ومراده.
 
       وتلك الأيام نداولها بين الناس.

سعدت بمتابعتكم لكلماتي المتواضعة تلك،
أشكركم جميعاً ،
أتمني رؤية آراءكم وتعليقاتكم ،
وإلي اللقاء في رواية أخرى ،
للمزيد من قراءة كلماتي المتواضعة يمكنكم متابعة صفحتي والإطلاع علي كتاباتي ومتابعة كل جديد،
دمتم في أحسن حال ،
تحياتي،

NoonaAbdElWahed

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حصريات سحر الروايات: مجنونة أحتلت قلبي للكاتبة فاطمة مصطفي