رواية-العوض الجميل- الحلقات1:3- بقلم نهال عبد الواحد -مجلة سحر الروايات
( العوض الجميل)
الحلقة الأولي
بقلم :نهال عبد الواحد
ماذا لو عشت حياة صعبة بكل المقاييس ؟
ماذا لو ظلمت وابتليت بلاء بعد بلاء؟
ماذا لو لم تعرف ماذا جنيت ؟أو لم أنا يحدث معي ذلك ؟
إن رب الخير لا يأتي إلا بالخير.... نعم الخير.
وصبر جميل ينتهي بعوض أجمل.
بعد ليل طويل بهيم يشق الدنيا صوت أذان لطيف يبعث الهدوء و السكينة في النفوس التي طالما تعبت وارتعدت خوفاً طوال ذلك الليل.
أخيراً.....أذان الفجر وسيأذن المولي بميلاد يوم جديد فتفتح عيناها التي طالما قلقت طول ذلك الليل وكل ليلة.
تستيقظ فتاة هادئة الملامح تجلس تحاول أن تقيم ظهرها وتحركه مع رقبتها يميناً ويسارا وتتأوه ألما من تلك النومة غير المريحة..... ليس فقط قلقا وخوفا بل أيضاً من قسوة فراشها و صلابته فالحجرة كلها بل البيت بالكامل متهالك الحوائط وبقايا أثاث متهالكة.
تخرج الفتاة من حجرتها مرتدية ثوبا شبه بالي توقد النور وتنظر في حجرة مجاورة فتجدها فارغة فتتأفف ثم تستغفر ربها وتتجه نحو حوض متهالك هو حوض للغسيل و للأطباق ولكل الأغراض ولا شيء بجواره سوي ثلاجة وموقد قديمين مضي عليهم الدهر مثلما مضي علي كل البيت .
تتجه إلي الناحية الأخرى باب خلفه ركن صغير للمرحاض أعزكم الله.
وقفت و توضأت وذهبت تصلي ثم جلست تقرأ وردها القرآني ثم تنظر في ساعتها... إن الوقت يداهمها والطريق طويل ستتأخر.
فوضعت كتاب الله ثم فتحت خزانة الملابس الذي هو بالأصل مخلوع الباب وموضوع جانبا ليسد فتحة الباب...فتأخذ عباءة سوداء ترتديها و ترتدي حجابها ثم تفتح الشباك وتأخذ الأخري التي غسلتها بالأمس و تدخلها وتعلقها فهما كل مالديها.
ثم تفتح الباب ولازال ضوء الشمس يتسرب إلي الدنيا رويدا رويدا وتسير علي خوف في تلك الشوارع شبه المظلمة الساكنة فلا إنسان يمشي ولا أي صوت إلا إن كان من أصوات بعض القطط وعواء بعض الكلاب وصوت الديوك التي تصيح عن بعد... وبعض كائنات صغيرة سوداء تلمحها تجري من حين لآخر لم تكن بالطبع سوي بعض الفئران والعرس.
كانت تسير ترتعش خوفا وتجري فهي فتاة و وحدها في تلك المنطقة وذلك الوقت ماالذي يمكن أن يحدث لها ؟؟؟
لكنها تؤنس نفسها بذكر ربها حتي تنسي ما تلاقيه وما تشعر به... وبدأت تبتعد شيئاً فشيئاً عن البيت حتي وصلت للشارع الرئيسي فتركب سيارة أجرة واحدة بعد الأخرى تجد فيها من يذهبون لعملهم صباحا أو ربما عائدون من دوام سهر بالليل... لكن هيئتهم غير مريبة علي أية حال.
حتي وصلت لحي ليس براقي هو متوسط لكنه يتمتع بالآدمية بعيداً عن تلك العشوائيات... سارت في أحد الشوارع حتي وصلت إلي عمارة ففتحت بابها بمفتاح كان معها ثم أغلقت الباب خلفها كما كان.
وصلت إلي المصعد ولحسن حظها كان يعمل فركبته بمفتاح آخر حتي وصلت لشقة ففتحتها ودخلت وأخيراً التقطت أنفاسها.
كانت الشقة متواضعة الفرش يمكن القول عنها أنها عادية للغاية مثل معظم بيوت الطبقة المتوسطة.
فدخلت وأغلقت الباب خلفها وسارت بداخلها و دخلت حجرة إنها حجرة نوم ففتحت خزانة ملابس حقيقية تلك المرة ثم أخرجت منها طقم ملابس وعلقتها ثم بحثت بداخل خزانة الملابس قليلا فأخرجت صندوقا يشبه صندوق الأحذية من الورق المقوي.
أخذت الصندوق ووضعته علي السفرة ودخلت للمطبخ.... إنه مطبخ حقيقي وصنعت لها كوبا من الشاي و سندوتش ثم ذهبت بجانب الصندوق وجلست وفتحت الصندوق بداخله أجندة و ظرف وصندوق خشبي صغير مغلق بمفتاح.
فتحت الأجندة وفتحت الظرف وكتبت اليوم و الموافق وتوزيعة حسابات:
*مبلغ........ إيجار الشقة.
*مبلغ.... شهرية عم عبده البواب.
*مبلغ..... للوازم البيت.
*مبلغ...... للوازم البيت الآخر.
*مبلغ.... تجنب أذي مصطفي.
*مبلغ.... لوجه الله.
مهلا هناك عجزا...... ثم همت بفتح الصندوق الصغير الذي يبدو أنه صندوق لمدخراتها ثم تراجعت و رددت في نفسها :يارب استرني وما تحوجنيش لعبيدك.
ونظرت في ساعتها وقامت مسرعة تجمع كل شيء كما كان... ثم بدلت ملابسها الأكثر أناقة لكنها لا تزال تحتفظ بوقارها واحتشامها.
أخذت حقيبتها و وضعت أدواتها ثم هاتفها المحمول عالي المستوي ونزلت مسرعة من جديد متوكلة علي الله.
وجدت عم عبده حارس العقار فقالت مبتسمة:صباح الخير يا عم عبده.
عم عبده:صباح الخير يا آنسة شفق.
شفق:اتفضل يا عم عبده دي الشهرية بتاعتك... وده إيجار الشقة تديه للحاج مرسي.
عم عبده :تشكري يا أميرة يا بت الأمرا.... أهو الحاج مرسي نازل.
شفق:صباح الخير ياحاج أنا سيبت الإيجار مع عم عبده ف ميعاده.
الحاج مرسي:ماشي...بس بفكرك إن كلها كام شهر وميعاد زيادة الإيجار... أحسن تكوني ناسية ولا حاجة.
شفق:تاني يا حاج!!
الحاج مرسي:ده كان اتفاقي مع والدك وهو بيأجر الشقة مني..... كل سنة هنزود الإيجار.... عموما لسه أدامك كام شهر تفكري فيهم يا تكملي يا تشوفيلك مطرح تاني... يا ترجعي بلدكم.
شفق:ربنا يسهلها من عنده.... أستأذن حضرتك الباص وصل.... سلام عليكم ورحمة الله.
وبعد أن ابتعدت قال الحاج مرسي:ماهي شغالة ف مدرسة محترمةوبتدي دروس علي ودنه ..لازمته إيه الفصال حاجة هم.
ذهبت شفق في ضيق و ركبت حافلة المدرسة فألقت تحية الصباح علي الجميع بوجهها الباش كما يعهدها الجميع... ثم جلست وحدها كالعادة... جلست مع همومها..... وتتذكر...
ذات يوم جاءت مع والدها لتلك الشقة وكانت المرة الأولي.
الأب :هه يا شفق... إيه رأيك ؟؟
شفق:جميلة أوي يا بابا... هنعزل فيها ؟؟
الأب :بصي يابنتي.... انت عارفة إني صرفت دم قلبي على علامك لحد مااتخرجتي والحمد لله في وظيفة واحد معرفة جابهالك.... عارف يابنتي انك جدعة و أدها وربنا هيكرمك ويزيدك.
شفق:وظيفة إيه يا بابا؟؟ وإيه علاقتها بالشقة ؟؟؟!!!
الأب :هتشتغلي بشهادتك مدرسة إنجليزي.... بس ف مدرسة عليوي أوي... يعني لازم تهتمي بشكلك وطبعاً ماينفعش تكتبي عنوان الخرابة اللي عايشين فيها.... فهتكتبي عنوان الشقة دي... وهتروحي وتيجي علي هنا عشان شكلك أدام زملاتك لو واحدة حبت تزورك.... عارف إن طول عمرك لوحدك يا حبيبتي هربانة م الناس وكاتمة ف نفسك أدامهم.
شفق:بس دي كلفتك كتير أوووووي.
الأب :ياريت كنت أقدر علي أكتر من كده... أنا دفعتلك إيجار ست شهور وانت هتكملي الباقي من مرتبك.... مرتبك بتاعك لوحدك اشتري بيه اللي نفسك فيه.... وهتحتاجي كتير عشان شكلك يليق بالمدرسة اللي هتشتغلي فيها وأدام زملاتك..... بفكرك تاني مرتبك بتاعك وسرك ماحدش لازم يعرف بتقبضي كام... ولو لازم قولي ربعه وبس... خصوصاً أخوكي.
شفق:ده بدل مااشتغل عشان أشيل عنك.
الأب :اسمعيني كويس... لو فلوسك زادت يوم شليها لنفسك ما تعرفيش الزمن مخبيلك إيه... أنا مش هعيشلك العمر كله وللأسف مش هطمن عليكي مع اخوكي....للأسف مكتوب عليكي تعيشي بطولك وتشيلي هم نفسك.... ويوم ما يجرالي حاجة تاخدي أمك وتيجوا هنا من غير لا حس ولا خبر... مش لازم مصطفي أخوكي يعرف طريقكم.
شفق:العمر الطويل ليك يا بابا ماتقولش كده... وبغدين ربنا قادر يهديه.
الأب :يا ريت يا بنتي.... بس يهديه إزاي بالشلة اللي ملموم عليها دي ورايح جاي عليهم ومعاهم.... المهم يا بنتي ماتنسيش كلامي.... كلامي حلقة ف ودنك.... إوعي تديله شقاكي ولا تجبيله سيرة عن شغلك أو الشقة دي... ولو حكمت هجي و عيشي هنا لوحدك.
وبعد فترة كان والديها مسافران لقضاء العمرة و يودعان ابنتهما وهي تستشعر افتقادهم بعكس أخيها المتهكم الذي يسخر منهم قائلاً :يعني طلع معاكم و رايحين تعملوا عمرة كمان... دي القبة طلع تحتها ياما.
الأب :يابني ده إحنا كنا عاملين جمعية وقبضناها ودفعنا العمرة... من نفسنا نصلي ف الحرم ونزور سيدنا النبي وندعي من قلوبنا.... وندعيلك بالهداية.
مصطفي:لا شكرا أنا مبسوط كده... اديني حقي ناشف.
وبعدها بفترة تحدث الفاجعة... خبر وفاة والديها إثر حادث في طريق عودتهما حيث انقلبت الحافلة...
وها قد صارت وحيدة بلا سند ولا ملجأ إليها إلا لربها.
وتمر الأعوام بعد الأعوام وهي تعمل وتكد وتحافظ علي وعدها لوالدها.... لكنها لم تقدر بعد علي مفارقة أخيها.... ربما تأتيه الهداية من حيث لا تحتسب.
NoonaAbdElWahed
(العوض الجميل)
الحلقة الثانية
بقلم :نهال عبد الواحد
عادت شفق من ذكرياتها و دمعة دافئة تفر من عينها وتعود لحياتها الحالية من جديد.
تعمل شفق كمعلمة للغة الانجليزية منذ أعوام وهي معلمة متميزة في عملها أكاديميا و تربويا وتتمتع بمعاملة وخلق طيب بين زملائها حتي من يكيدون لها تستطيع التعامل معهم بحكمة ولا مبالاة حتي يأسوا من الكيد بها.
أما عن التلاميذ فيعشقونها ويطيعونها (إلا ميس شفق) هكذا يقولون... مما جعل المدرسة نفسها رغم أن مستواها راقي جداً حيث يدخلها أبناء علية القوم لكنها تتمسك بشفق لأنها مكسب لهم وخاصة وأنها تطور نفسها دائماً بدورات تدريبية وطبعا ذلك يكلفها الكثير لكن لا يهم..... كما أن مظهرها الراقي هذا أيضاً يكلفها الكثير أيضاً.
تعود شفق من المدرسة إلي شقتها وتبدأ في إستقبال مجموعات التلاميذ للدروس الخصوصية رغم أنها تخبر ذويهم أنها تعمل بذمة واحدة في المدرسة مثل الدرس لكنهم متمسكون بها ويؤمنون أن التكرار يعلم الشطار فتقبل لأنها فعلا تحتاج إلى المال.
وتظل تعمل هكذا حتي المساء وبعد مغادرة آخر مجموعة من التلاميذ والتأكد تماماً من ذهابهم تبدأ فب العودة إلي سيرتها الأولى فترتدي العباءة السوداء وتترك كل شيء يشير إلي حقيقة عملها في تلك الشقة وتبدأ في رحلة العودة إلى المنزل و تأخذ معها القليل من المال للمواصلات ولشراء بعض احتياجات البيت.
تعود شفق وتبدل ملابسها وتصنع الطعام ربما يجيء أخيها اليوم... وبالفعل قد جاء ولا تعرف إن كان من حظها أم من سوء حظها مجيئه.
فما أن يدخل حتي أعدت الطعام سريعا و وضعته أمامه فينظر فيه ويقول بوقاحة :ده اللي ربنا قدرك تجبيه ؟؟؟!!!!
شفق:احمد ربنا.
مصطفي:احمد ربنا علي إيه علي صينية البطاطس اللي فيها حتتين فراخ !!!! إيه ما تعرفيش حاجة اسمها لحمة ؟؟!!!!
شفق:انت عارف الدنيا غالية إزاي... عل موسم الجاي أبقي أجيبلك نص كيلو لحمة.
مصطفي:يا فرحتي ياختي!! معاكي كام ؟؟
شفق:أول ما تشوفني كده!!! طب اقعد وكل وغير هدومك ولا انت نازل تاني ؟؟
مصطفي:وانت مالك... هاتي اللي معاكي من سكات.... ماتيالااا!!
ودفعها فسقطت علي الأرض وقد آلمها ذلك بشدة لكنها قامت احضرت ما تعطيه له فأخذها ينظر إليها يتقللها.
فقال بوقاحة :إيه دول ؟!! يعملوا إيه دول؟؟؟!!!
شفق:والله مش عجبك اشتغل روح دورلك على شغلانة ولا افتح ورشة أبوك الله يرحمه وكفاياك م السم الهاري اللي بتتعاطاه ده واكل فلوسك وصحتك وعقلك وعمرك ياخويا.
مصطفي:خلصتي يا ست الشيخة... ممكن تسبيني آكل ولا هتطفحيهولي عشان انت اللي جايباه ؟؟!!!
شفق:لا تقولي ولا أقولك أنا هلكانة وداخلة أنام.
مصطفي :ابقي خلي الناس اللي بتشتغلي عندهم يحطوا ف عينهم حصوة ملح ويزودوا يوميتك شوية... كتك الهم تسدي النفس داهية ف شكلك.
تركته ودخلت حجرتها فيجلس ويأكل وتشعر بوجوده بالخارج طوال الليل.
فإن كانت الليالي التي تمضيها وحدها تمضيها في قلق وخوف فإن وجوده معها يضاعف ذلك القلق والخوف فهي تخشي منه علي نفسها خاصة عندما يتعاطي مايتعاطاه ويبدأ يفقد وعيه.
حتي إنها لتدثر نفسها وتنام تحت السرير لتختفي تماماً ويغيب أو ينصرف لكن ذلك يكون قبيل الفجر موعد إستيقاظها.
كانت شفق في المدرسة طوال اليوم تتابع التلاميذ فتعاملاتها مع زملائها لا تتجاوز العلاقات السطحية فليس هناك أي أصدقاء فقد أغلقت ذلك الباب من زمن فلا صداقات ولا علاقات وطيدة ولتبقي بين حياتها الرسمية وحدها دون شريك.... ومن ثم فلم تجازف يوماً بأي علاقة عاطفية حتي ولو من طرف واحد... فهي تقرأ نهايتها بمعرفة حقيقتها.
فهي الآن قد تجاوزت الثلاثين عاماً وتمضي دون أي تفكير إلا في عملها وكيف تبقي نصف حياتها دفينا لا يعلم به أحد.
كانت شفق تلاحظ وجود طفلة جميلة لكنها دائماً وحدها لا تتفاعل مع أحد زملائها ولا حتي معلميها فليس لها أصدقاء ويأس معها معلموها فكانوا يتركوه كأن لا وجود لها فاقتربت منها شفق بوجهها الباش ذات يوم فابتسمت لها الطفلة.
شفق:إيه ياحلوة قعدة لوحدك ليه؟؟مش بتلعبي ليه مع صحابك ؟؟
الطفلة :مش بحب.
فإبتسمت شفق:طب إسمك إيه ؟؟
الطفلة :شفق.
فزادت شفق من إبتسامتها وقالت:إده زيي!!!
فهزت الطفلة رأسها بأن نعم.
شفق:طب مش بتحبي تلعبي ......بتحبي تعملي إيه ؟
شفق الطفلة :ولا حاجة.
شفق:إزاي ولا حاجة ؟؟!!!مش بتحبي ترسمي.. ترقصي.. تعومي.. أي حاجة ؟؟!!!!
وكانت الإجابة تشير برأسها أن لا.
شفق:طب وانت مع مامي ف البيت بتعملي إيه ؟
شفق الطفلة :أنا ماعنديش مامي... مامي عند ربنا.
فاغرورقت عينا شفق وضمت إليها الطفلة في رقة وحنان. ثم قالت :طب انت عايشة مع مين؟؟
شفق الطفلة :مع ننا لولي..... وبابي.
قالتها بحزن شديد ثم سكتت قليلا ثم قالت:هو علي طول ف الشغل بيجي بعد ماانام ويمشي قبل مااصحي.
شفق:معلش ياحبيبتي.... ماهو بابي لازم يشتغل ويجيب فلوس عشان تدخلي مدرسة حلوة ويجيبلك لبس جميل ولعب كتير وأي حاجة تتمنيها.
شفق الطفلة :بتمني أعيش زي صحابي مع مامي و بابي... اشمعني هم!!
قد آلمها كلام شفق كثيراً ثم قالت لها وعي تمسح علي رأسها :عارفة انت برضو أحسن من ناس كتير... انت عندك بابي وعندك ننا.... أنا بأه ماعنديش لا بابي ولا مامي ولا ننا ولا أي حد.
شفق:مش عندك ولاد ؟؟!!!
شفق:لأ..ولا عندي صحاب.... شوفتي بأه في ناس بتعيش لوحدها خالص من غير أي حد يبقي أنهي أحسن ؟؟؟!!
شفق الطفلة :أنا.
شفق:يبقي نقول الحمد لله.
شفق الطفلة :الحمد لله.
شفق:طب ممكن أنا وانت نكون أصحاب؟؟ إحنا الإتنين زي بعض لوحدنا.. إيه رأيك ؟؟
شفق الطفلة :فكرة حلووووة اوووي يا ميس شفق.
واحتضنتها بشدة ومن يومها صارت شفق الكبيرة والصغيرة صديقتان فكلا منهما تري في الأخري ما ينقصها.
فشفق الطفلة تري فيها أمها التي فقدتها منذ ميلادها وتمنتها كثيراً وتخيلت ما يمكن أن تفعله معها وأخيراً الآن وقد تحقق.
أما شفق الكبيرة فهي تحتاج لصديقة بريئة تقضي معها وقتها دون أن تسألها عن تفاصيل حياتها.......تحتاج أن تشعر بأمومتها التي لن تشعر بها يوماً أبداً...فمن سيرضي بها ؟
وبالفعل تركت تلك الصداقة تحسنا واضحاً في حالة شفق الطفلة فصارت أكثر إشراقاً و تلقائية وبدأت تندمج مع من حولها من الزملاء ربما ليس تماماً لكنه أفضل من ذي قبل.
كما تحسن و تطور مستواها الدراسي عن ذي قبل.
ولأول مرة تكتشف شفق موهبتها وأن لها صوتاً عذبا وشجعتها شفق الكبيرة علي الإشتراك في الحفل السنوي وقد فعلت .
وجاء يوم الحفل في المدرسة وكانت شفق يومها أناقتها وطلتها ملفتة وتقف عند الباب تحمل علبة من الشيكولاته تقدمها لأولياء أمور التلاميذ أثناء دخولهم وتأخذ الدعوات و تعطيها لأحد المنظمين لاصطحاب أولياء الأمور لمكان مقعدهم في المسرح.
وإذا بها تأخذ من سيدة وقورة وأنيقة دعوتها وتقرأ اسم شفق فابتسمت إليها شفق ابتسامة عريضة ثم قالت:حضرتك جدة شفق ؟؟؟
السيدة المبتسمة:أيوة أنا هالة عوني جدة شفق..... أكيد انت ميس شفق.
فهزت برأسها أن نعم وقالت:فعلا يا فندم نورتينا... وسعيدة إني قابلت حضرتك.
هالة:والله شفق مالهاش سيرة غير ميس شفق ميس شفق... وبعد التطور الهايل اللي حصل معاها..... احنا مش مصدقين... حقيقي ألف شكر ليكي يابنتي وربنا يكرمك ويسعدك ويديكي حبيبتي علي أد تعبك.
شفق:وأنا تكفيني الدعوة دي مش... وبعدين شفق مش محتاجة توصية دي حبيبتي.
هالة:تسمحيلي برقم تليفونك عشان نتواصل مع بعض.
شفق :طبعا يا فندم:.........
وأعطت كلا منهما رقمها للأخري.
ونكمل الحلقة الجاية ،
NoonaAbdElWahed
( العوض الجميل)
الحلقة الثالثة
بقلم:نهال عبد الواحد
بدأت الحفل وكانت حفلاً رائعاً وتألقت فيه شفق الطفلة كثيراً وأكثر ما أسعدها وجود جدتها وأبيها يشجعانها.
ومضت أيام أخرى وشفق وشفق معاً بشكل شبه دائم وكانت تجري إليها في فترة الراحة (البريك) وتلعب معها.
كانت شفق بدأت تلاحظ علي الطفلة إجهاد وإصفرار لوجهها وذات يوم بينما كانت الطفلة تلعب كعادتها وكلما حاوت شفق إجلاسها لترتاح قليلاً لا تكترث وتلعب مجدداً.
وفجأة شعرت الطفلة وكأنها تختنق وتصرخ ممسكة صدرها وسقطت مغشياً عليها.
فزعت شفق واتصلت مسرعة بجدتها ونقلت فوراً إلي المستشفى وكانت معها شفق وقلقة عليها بشدة خاصة أثناء تواجدها بين أيدي الأطباء وجاءتها جدتها وأبيها.
هالة:هو إيه اللي حصل يا شفق؟
فردت باكية :مش عارفة، كانت بتلعب و فجاة أغمي عليها. بس هي من فترة وشها أصفر ودبلان.
وهنا تدخل الأب بثورة وأسلوب فظ:أنا عايز أفهم إيه الاستهتار اللي انت فيه ده ؟؟!!بنت وشايفاها وشها أصفر تسبيها تلعب وتتنطط لحد ما تقع من طولها ، انت إيه ؟؟!!!
فردت وهي تنظر للأرض :والله يا فندم ماأعرف إيه اللي حصل ، وبعدين ما هي بتلعب كل يوم ، والأهم إني لا يمكن اتسبب ف أذيتها.
فرد بنفس الأسلوب الفظ:لا ما هو واضح ! أنا هقدم فيكي شكوة ،أنا هفصلك م المدرسة ،أنا هخرب بيتك.
كانت شفق تبكي بشدة وقد آلمها ما قاله من اتهامات وتهديدات ،فجاءت هالة لتفصل بينهما وتهديء الوضع.
كانت شفق منهارة من البكاء لمجرد تخيلها أنها ستفصل من عملها ،فإلي أين ؟وكيف تعيش؟
خرج إليهم الطبيب وكانت شفق مولودة بعيب خلقي في القلب. لكن آنذاك قد أخبرهم الأطباء أنه بإمكانهم الإنتظار حتي ما بعد سن البلوغ لإجراء جراحة في القلب. لكن الوضع الآن بعد ذلك التدهور الصحي يؤشر بالخطورة إن اهمل أكثر من ذلك.
وما أن سمعت ذلك شفق حتي أجهشت بالبكاء فتلك صدمة تعتصر قلبها.
كان الطبيب ببعض ما تحتاجه الطفلة الآن من إسعافات وغيره ويمكن لأهلها الدخول عليها الآن.
كانت شفق تقف عن بعد تنظر إليها ودموعها لازالت تنهمر في صمت حتي ظن الطبيب و الممرضات أنها أمها.
ظلت تقف بعيداً حتي انصرف والد الطفلة الذي بمجرد مروره جوارها اخفضت بصرها إلي الأرض فدخلت تسلم علي الطفلة وجلست بجوارها تمسح علي رأسها وتحكي لها حكاية لطيفة حتي نامت.
كانت هالة تتابعها وتري تعلق الإثنان وحبهما لبعض فاستئذنتها أن تجلسا جانباً بعيداً عن الطفلة .
هالة:معلش حبيبتي ماتزعليش منه،هو اتخض عليها وكنا نسينا الموضوع ده..
ثم تنهدت قائلة :الله يسامحها أمها.
فتعجبت شفق ثم قالت :الله يرحمها.
هالة:بس هي مش متوفية.
فصعقت شفق لدرجة ألجمت لسانها فأكملت هالة :بلاش نظرة الإتهام دي يا بنتي ، هقولك ، انت دخلتي قلبي وأنا هفتحلك قلبي ، من سنين كان عندي بنت اسمها شفق ماهي شفق متسمية علي اسم عمتها ،وعلي فكرة إنت فيكي منها كتير عشان كده دخلتي قلبي بسرعة.
المهم ف يوم خرجت مع أبوها وعملوا حادثة و راحوا في امح البصر ، كان ابني يادوب لسه متخرج جديد وشال الهم كله هم البيت والشغل وبأه مسئول عن شركة أبوه، راجل ، و وقف الشركة علي رجلها تمام زي أبوه تمام ،وكل حاجة كانت ماشية تمام.
لحد ما الهانم دخلت حياته وشقلبتها وقرر يتجوزها ،بصراحة عمري ما قبلتها ولا حبيتها بس كنت هعمل إيه ؟! ابني الوحيد وعايزها ، واتجوزوا وعشان مااقعدش لوحدي صمم يتجوز معايا ف الفيلا، وطبعاً ده كان ضد رغبتها ويادوب اتجوزوا مفيش حاجة وبانت علي حقيقتها ،طلباتها ما كانتش بتخلص وأهم حاجة مظهرها وصحابها و خروجاتها وبرانداتها وهو عمره ما قاللها لا .
كانت بتعاملني أسوأ معاملة لدرجة إني بآيت أخاف أخرج من باب أوضتي وبرضو ماقدرش اتكلم.
فضلت ساكتة وكاتمة والمهم ابني يكون سعيد ومتهني ،لكن كان كل أمنيته إنه يبقي أب ،لكن هي طبعاً مش ف بالها وكمان كانت بتاخد موانع من وراه ،لكن إرادة ربنا فوق كل شيء وطلعت حامل وابني طبعاً طاير م الفرحة وهي طبعاً اتعفرتت من الخبر ده واهملت صحتها ،دي كانت بتدخن وكل يوم خروج وسهر وترجع شاربة وسكرانة.
وطبعاً خناق كل يوم عشان إهمالها لصحتها وصحة الجنين ،وكمان اكتشف حكاية الموانع اللي استمرت تاخدها حتى وهي حامل. شوفتي استهتار كده ف الدنيا ؟!!
و ولدت البنت تعبانة طبعاً والحمد لله إنها جت علي كده ، المهم يادوب ولدت و رمت البنت و رجعت تخرج ولا كأنها لسه والدة ولا إنها أم ومسئولة.
طبعاً كانوا عايشين ف خناق من زمن طويل معترض علي تصرفاتها ،لحد مااكتشف خيانتها وكانت الضربة القاضية له ،تعب أوي واتجنن لدرجة إنه كره بنته لما شك إنها مش بنته ومع إنه عمل تحاليل وإتأكد إنها بنته.
المهم طلقها وهي رمت البنت واتخلت عنها بتنازل ، تصوري ! كان لازم طبعاً نفهمها إن أمها متوفية.
هو بأه اتحول من يومها ينزل الصبح ويرجع الفجر شغل بالنهار وسكر وعربدة بالليل يرجع مش داري بنفسه ببقي خايفة البنت تشوف أبوها بحالته دي.
خصوصاً إن تعامله معها مش قوي أوي كل مايشوف البنت يفتكر أمها واللي عملته وياخد البنت بذنب أمها.
ودايما حياته شريط أدامه مش عارف ينساه ولا يتخطاه ،وانت شوفتي بنفسك البنت كانت عاملة إزاي ومنطوية علي نفسها وحزينة طول الوقت يا حبيبتي.
أنا لوحدي برضو مش كفاية لكن انت ماشاء الله عملت معجزة وف كام شهر بس.
شفق:الحمد لله علي حال، والله يا فندم أنا حبيتها أوي.
هالة:طب هطلب منك طلب، وأرجوكي ما ترفضيش.
شفق :ربنا يقدرني ،لو أقدر مش هتأخر.
هالة:الدراسة خلاص هتنتهي والأجازة جاية وبصراحة وجودك بأه شيء أساسي ف حياتها، وانت شايفة حالتها اتدهورت إزاي وأد إيه محتاجة تكون هادية ومستقرة نفسياً لحد ما ربنا يأذن ونوصل لدكتور مناسب يعمل العملية ، وبصراحة دورك جنبها هو أكبر دور، وهديكي اللي تطلبيه و زيادة مش هنختلف، بس خليكي معاها.
شفق:الموضوع مش كده يا فندم ،بس مش معقول آجي البيت عندكم وابن حضرتك رافضني وبيحملني المسئولية بأسلوبه و طريقته دي ،وده طبعاً غير اللي حكتيه.
هالة:يا حبيبتي اطمني هو بيخرج الصبح ويرجع متأخر بليل ،يعني عمرك ما هتقابليه وحتي لو موجود هأكد عليه ما يحتكش بيكي نهائياً.
أرجوكي ماترفضيش وغلاوة شفق ف قلبك اقبلي.
سكتت شفق قليلاًثم ابتسمت لها بهدوء وهزت برأسها أن موافقة وسعدت هالة كثيراً بقرارها واحتضنتها بشدة.
وللحديث بقية ،
NoonaAbdElWahed
تعليقات
إرسال تعليق