رواية- روح الفؤاد - الحلقات 17:19- بقلم نهال عبد الواحد - مجلة سحر الروايات
(روح الفؤاد)
الحلقة السابعة عشر
بقلم :نهال عبد الواحد
قبل نهاية الفرح إستأذن مراد ليتصرف وكان ينتظر روح التي ذهبت لتضبط هيئتها في الحمام وبينما هي تخرج من الحمام وتنزل من درج موجود لتعود للقاعة فإذا بمن يعترض طريقها.
-مزة المزز !
إلتفتت روح بصدمة وصاحت: أنت ؟!!
-أستغبي نفسي كل يوم منذ أن تركتيني ، يا لحماقتي !
فأجابت بتهكم: والله ! عظيم !ليتك تبحث عن مقبرة وتدفن نفسك فيها حياً حتى لا تندم كثيراً يا نادر.
- أرجوكي إسمعيني !
وجذبها من ذراعها فجذبته نحوها بشدة ورفعت صوتها فرن في أرجاء المكان: سمعت الرعد ! إسمع أنت وانصت جيداً ! المرة السابقة قد ضربتك بنعلي أمل تلك المرة فانظر لحذائي ذا كعب عالٍ ،إذن هي ضربة واحدة على أم رأسك وستجد نفسك في قسم الحوادث.
حملق نادر نحو ساقيها بجرأة وتابع بوقاحة: أجل ! أرى هذا الكعب جيداً كما أرى تلك السيقان التي ترتدي هذا الكعب.
ومد يده يحاول أن يتلمس وجهها لكن إذ بيد تمسك يده بقوية وبالطبع كان مراد فصاح بغضب: واضح أن لك يدان طويلتان تبطش بهما فيما لا يخصك.
فتابع نادر بتهكم :كأنك أنت الذي ستمنعني ؟!!
فقال مراد وهو يرفع يده ويدفعها بعيداً بقوة: ليتك تغادر بأدبك.
فدفعه نادر ليسقط من فوق الدرج فتماسك مراد وجاءت الدفعة في روح فأسرع مراد ليلحق بها ، ووجدت نفسها محمولة بين ذراعيه مجدداً.
فنظر نادر بينهما بغيظ ثم أهدر: إممممممم ! رائع هذا الفيلم ! كأنه مباح له وحرام لي ؟!!
فأنزلت روح نفسها وهي في حرج وغضب معاً لكن سرعان ما رد مراد بغضبٍ شديد: إنتقي كلامك يا هذا وانصرف بدلاً من أن تجد مالا يسرك.
تأففت روح ثم قالت: دعه يا مراد فهو لا يستحق أن تجاهد معه.
وكانت تلك المرة الأولي التي يسمعها تناديه بإسمه دون أستاذ وكان لها وقع عليه لكن ذلك النادر لم يمهله التمتع بتلك اللحظة فأردف بلزاجة: لست أدري ما بال أناساً تتدخل فيما لا يعنيها ! لماذا تتدخل بيننا أيها المتطفل ؟!!
فتابع مراد بإستهزاء :أنت المتطفل وأنت من تتدخل بيننا ، هي زوجتي.
قال الأخيرة وجذبها من خصرها مقربها إليه ، كم خلعت تلك الكلمة وتلك الجذبة فؤادها من مكانه ، لكنها إضطرت لمجاراته فسندت على كتف مراد وقالت بتوتر تحاول إخفاءه: أجل ! هو زوجي و رجلي بل هو زينة الرجال ، هيا اغرب عنا فلا مكان لك هنا.
نظر نادر بينهما ولم ينطق بحرف فهو يعرف جيداً أن روح ليست ممن تجاور الرجال لأي سبب ، كما أن هيئتهما معاً توحي بذلك ، فكما قيل عنهما هما ثنائي رائع ومنسجم كأنما خلق كل منهما للآخر.
وكانت تلك هي اللحظة الثانية السعيدة في نفس الساعة عندما سمع ما قالته في حقه حتى لو لم يكن كما حقيقي فيكفي أنه قد سمعها تقولها.
انصرف نادر واضطر مراد لنزع يده من عليها وظلا ثابتين قليلاً ثم اعتذرت له روح بصوت مرتعش: أعتذر إليك سيدي أن عرضتك لموقف سخيف كهذا ، وأشكرك جداً على مجاورتي.
ثم إنصرفت مسرعة فهي في قمة إحراجها ولا تصدق ما حدث سواء إدعاءهما بالزواج أم كيف مسكها من خصرها هكذا وقربها إليه هكذا بل ألصقها به ؟!!
بل كيف إنخلع قلبها ؟!!! فقد كانت تشعر بإضطراب كبير لكن ليس ضيق فهو بعكس نادر الذي كانت تشعر بضيق وتقزز من مسكة يده تلك حتى وهو زوجها.
بينما مراد وجم مكانه بعض الوقت و وسع في ربطة عنقه وفتح الزر الأول من قميصه فكأنما إرتفعت درجة الحرارة فجأة ! ثم انصرف خارج القاعة بأكملها فقد صار شوقه إليها لا يمكن السكوت عليه ولا كتمانه.
وانتهى الفرح وذهب الجميع لبيوتهم سعداء وخلد العروس بعروسه بليلة العمر بدءا معاً حياتهما كزوجين حقيقين محبين.
أما روح فقد توقفت ذاكرتها عند تلك اللحظة التي حملها فيها بين ذراعيه للمرة الثانية ، كم كانا قريبين ! وعند إدعاءه بزواجهما وجذبته لها ليلصقها به... وظلت تلاحقها تلك الذكرى تكاد لا تغيب عنها.
وبعد بضع أيام قليلة إستيقظ مراد قبيل الظهر على صوت مربيته دادة عزيزة تيقظه وتخبره بأن هناك من ينتظره بالأسفل فاستيقظ وأخذ حمامه وبدل ملابسه وفتح هاتفه المغلق و وضعه في جيبه لكن بمجرد أن عمل الهاتف وهو يرن بمئات الرسائل و رغم إزعاج الصوت إلا أنه لم ينظر في أيها واكتفى بأن جعله في وضع الصامت منعاً للإزعاج ، ونزل من سلم الداخلي ليقابل من ينتظره.
إنه حامد وأيمن فرحب بهما وسلم عليهما بحرارة، فقال مرحباً ببشاشة و ود: مرحباً ! والعريس بنفسه في بيتي ، يا ألف مرحباً !
ثم نظر بينهما وكانا يبدوان غير طبيعيين فتسآل في دهشة: ما الخطب ؟ ماذا هناك ؟!!
أهدر حامد بتوتر: كأنك مستيقظ توا من نومك ؟!! وغالق لهاتفك !
فأومأ مراد برأسه أن نعم مجيباً: أجل ! ومنذ أن فتحته وهو لم يكف إرتعاشا من كثرة الرسائل ، هل حدث شيء ؟
فأشار أيمن لهاتف مراد وقال له: إذن فافتح الرسائل واقرأ بعضاً منها.
شعر مراد بأن هناك خطب جلي فنظر بينهما وهو يخرج هاتفه من جيبه وفتحه وبدأ يفتح الرسائل فقرأ منها البعض ولم يجد سوى مباركات فنظر فيها بعدم فهم ثم قال: ما كل تلك المباركات ؟!! لماذا ؟!!
ففتح حامد هاتفه ثم أعطاه له فأخذه وقرأ أحد منشورات في صفحات التواصل الاجتماعي :
"زواج روح الفؤاد مقدمة برنامج مطبخ روح الفؤاد وبرنامج مسابقات مطبخ روح من المخرج مراد عزمي وبالرفاء والبنين ، وقد كان الخبر متوقع فهما ثنائي رائع ومتناغم جداً"
بالإضافة لعدد من الصور تجمعهما من حلقات لبرامج المسابقات وهما يتحدثان معاً أو ينظران بعضهما لبعض بالإضافة لصورتهما عندما حملها مراد في فرح أيمن وعندما حاوط خصرها وهي تسند على كتفه... غير وجود عدد من مقاطع الفيديوهات لنفس الصور ومكتوب نفس الخبر ومركب عليها أروع الأغاني الرومانسية.
شرد مراد وسكت بعض ما شاهده وأعاد الهاتف لحامد ولازال صامتاً.
فتسآل حامد بغضب: كيف إلتقطت مثل تلك الصور بوضعكما هذا في فرح أيمن ؟!!
إبتلع مراد ريقه وتابع بحرج: لقد كان طليقها ذلك موجود يومها ويحاول الإعتداء عليها فتدخلت فدفعني فجاءت فيها الدفعة وكادت تسقط فلحقتها.
صاح أيمن متفاجئاً: نادر جاء في الفرح ؟!!
فهز مراد برأسه أن نعم.
فتنهد حامد بضيق وتابع: إذن فلنفكر كيف سنكذّب هذا الخبر ! كيف ستجمع الصحافة ؟!! هيا فكر معنا !
نظر مراد بينهما وسكت قليلاً ثم إبتلع ريقه بتوتر وتسآل: منذ متى وأنتم تعرفوني؟
فأجاب حامد: بالنسبة إلي من ثلاثة أعوام.
فتابع مراد:وما تقييمك لأخلاقي وطباعي مجملا ؟ هل هناك عيب شنيع لا يليق أو لا يطاق ؟!
أومأ أيمن برأسه أن لا قائلاً: الشهادة لله ، لا.
وتابع حامد:لكن.....
فقاطعه مراد:لكن ماذا ؟!!
أكمل حامد بجدية: إنظر لتلك الصور والفيديوهات والكلام المنشور هذا وكل تلك الرسائل لك وإلينا !
فقال مراد: وبماذا كان الرد ؟!!
أومأ حامد وتابع بتنهيدة: لم نرد على أيهم.
فرك مراد لحيته بتوتر ثم تجرأ وقال:حامد ! أيمن ! أنا أريد تأكيد الخبر وأتزوج من روح.
فأشار أيمن بيديه بنفي ثم قال: لا لا دع أمر الخبر وتكذيبه جانباً ! لن نرمي أختنا ثانياً ، معذرة لم أقصد لكن........
فقاطعه مراد: لا عليك أفهم قصدك جيداً ، ومعك كل الحق ،لكني أحبها ولم أحب هكذا من قبل.
وتنهد بعشق واضح قائلاً: وأصعب شيء في الأمر طريقتها و ردرد أفعالها الحادة التي تجعلني أخشى التقدم بأي خطوة.
فأومأ حامد بإشفاق أن نعم وتابع: أعلم ذلك من زمن يا مراد ، أراك وألاحظ عشقك الذي ينطق ويقر به كل أفعالك وأقوالك في نظراتك ونبرة صوتك في كل شيء ،حتى عندما أعنف روح لأمر ما وأجدك فجأة صرت محامياً أمامي تدافع عنها بإستماتة، لكني أشفق عليك فأنا أعرفها جيداً فأنا الأقرب لها وأعرف أفكارها وآراءها وكيف تهاجم أي رجل خاصةً بعد تلك التجربة.
فقال مراد بحماس: وأنا متفهم لكل هذا ، وأرى أنها فرصتي لأبث لها مقدار حبي وأثبت لها أن ليس الجميع سواء ، وكل ما تريدوه أوامر مجابة.
أجاب أيمن: لا نحن ولا هي نفكر بتلك الطريقة.
فإبتسم مراد وتنهد ثم قال بإلحاح: إذن إمنحوني تلك الفرصة و سأصبر وأجتهد حتى أصل لقلبها ، وكل هذا لا دخل له بالعمل ، فلست ممن يستغل الآخرين أو يبتزهم ويضغط عليهم لتنفيذ شيء ما ، لكن أقسم لكم أني أحبها بل أعشقها بل لم أجد كلمة تعبر عن إحساسي نحوها.
فأومأ حامد قائلاً:وأنا غير معترض على شخصك بل يزيدني شرفاً نسبك هذا ، لكن ترى هل ستوافق أو تتقبل الأمر عادي ؟!!
تنهد مراد بعشق وأهدر بإبتسامة حقيقية: لدي أمل كبير ، لكن رجاءً لا تخبراها بحقيقة إحساسي ، أريد أن أفعل هذا بنفسي أنا من أوصل إحساسي وأخبرها بطريقتي دون وسيط.
أومأ أيمن موافقاً وهو يقول: الله ييسر الحال إن شاء الله !
تابع مراد وعينيه تلتمع بلهفة: وأنا في انتظار ردها على أحر من الجمر ، هي مكالمة واحدة وسأكون أمامكم أنا والمأذون.
زم حامد شفتيه بقلق وقال: ربنا يهديها وتوافق !
......................................
NoonaAbdElWahed
(روح الفؤاد)
الحلقة الثامنة عشر
بقلم :نهال عبد الواحد
كانت روح منذ أن نشر ذلك الخبر ربما لم تهتم برسائل التهنئة ولا بأي كلام منشور بقدر إهتمامها بصورهما معاً وهيئتهما كيف يبدوان وهما معاً إنها فعلاً توحي بإنسجام وتوافق خاصةً في تلك الصور التي ينظر كلاً منهما للآخر.
وبعيدا عن الصور تسأل روح نفسها عن ذلك الشعور الذي تشعر به حال وجوده ، كيف تشعر بألفة إتجاهه منذ أول لقاء وكأن كلاً منهما يعرف الآخر من زمن بعيد ؟!!
كيف يتقبل كل تصرفاتها وتلك الحدة والردود الجافة؟ كيف تشعر كثيراً أنه يفهمها أكثر من أي شخص آخر؟؟
لماذا هو بالذات لا تضيق بتواجده ولا حديثه ولا مزحاته ؟ بل تسعد بمل ذلك وتسعد بجواره عندما يجلسان في برنامج المسابقات ويهمس إليها ، وتسعد في تلك المزحات والقفشات التي يقولها عبر السماعة التي على أذنها أثناء تقديم البرنامج ، تسعد بتلك النظرة التي لا تجدها إلا من عينيه فقط وإليها فقط ، كيف يشعرها أنها محور المكان فلا تلتفت عينيه عنها طوال تواجدها ؟
ودخل أخويها وهي شاردة هكذا لكنها إنتبهت لهما فجأة وأغلقت الهاتف و اعتدلت في جلستها ثم قالت بلهفة: ماذا فعلتما ؟ هل اتفقتما كيف ستكذّبون الخبر؟
أومأ أيمن برأسه أن لا زافراً، فثارت فيهما :ماذا تعني لا ؟!!!
ربت حامد على كتفها وتابع بهدوء: إهدئي ! ولنتحدث حديثاً لائقا .
فشبكت روح ساعديها أمام صدرها وتابعت بغضبٍ مكتوم: وقد هديت ، هه ! احكي !
أخذ حامد نفساً عميقاً ثم زفره بهدوء ثم قال: روح ! هذا الخبر لا يمكن تكذيبه بأي حال ، فأنتما طوال الوقت معاً ، ثم ماذا عن تلك الصور التي إلتقطت لكما معاً ؟!! وماذا عن ما قلتما بأنفسكما ؟!!
أجابت روح بعصبية غير مبررة: كان ذلك بسبب موقف بعينه.
فتابع أيمن: وهل تظنين أن الموقف قد إنتهى وأنه لن يلاحقكي إن اكتشف كذب ما قيل ؟ بل سيتجرأ أكثر هو وغيره.
فنظرت روح بينهما ثم تسآلت بريبة: ماذا تريدان بالضبط ؟!
إبتلع حامد ريقه ثم قال مباشرة: من الأفضل تأكيد الخبر.
فهدأت فجأة ثم تسآلت بتوتر: كيف ؟ أقصد ماذا ؟!!
فقال أيمن: تعقدا قرانكما و تتزوجا بالفعل.
فسكتت دون إجابة وقد تجمد الكلام في حلقها وأقسم ألا يخرج وتسارعت أنفاسها بتوتر شديد، فقال حامد : مراد إنسان جيد وأنا أصادقه منذ ثلاثة أعوام ، دعكي مني قولي كلمة حق ! منذ أن عرفتيه ماهو العيب القوي الذي وجدتيه فيه ؟هل ترى كيف يتحملك ويتحمل أسلوبك وهجومك الدائم وكيف يمتص غضبك ؟!! كنتي تتحدثين يوماً عن الإنطباع الأول ، ما إنطباعك نحوه وبحق لا كذب فيه ؟
كانت تسمعه بدون إعتراض ولا تعليق فهي تعرف وتقر بكل ما يقوله ربما لم تفهم بعد سرد كل ذلك لكنها متأكدة أن مراد مختلف.
نظر أيمن إليها لا يصدق سكوتها ولا هدوءها الفجائي، فتسآل: لماذا تسكتين هكذا ؟ قولي شيئاً ! موافقة ؟!!
فهزت برأسها أن نعم ثم تركتهما وهما ينظران بعضهما لبعض بدهشة ودون فهم ، كيف وافقت بتلك السهولة ؟ هل ضغطوا عليها بذلك الكلام ؟!!
لا لا يبدو عليها أنها مجبورة ، لكنها أيضاً ليست سعيدة سعادة العروس المعروفة ، فأعادوا حديثهما معها تكراراً للتأكد من موافقتها وفي كل مرة تقر بذلك حتى هددتهما ذات مرة إن فاتحاها مجدداً سترفض ذلك العرض بل وتترك البرنامج ولن تظهر ثانياً.
وبعدها أخبرا مراد الذي تفاجأ هو الآخر بموافقتها السريعة وشعر كأن هناك أمراً ما.
لكنه لم ينسى أن تلك هي فرصته ليعرفها ويثبت لها مقدار حبه ، ثم حدد موعد عقد القران وقد تم بالفعل في بيت روح وكانت قد أعدت أشياءها وحقائبها و ذهبا متجهان لفيلا مراد لكن هيئتهما لا توحي بهيئة عروسين فطوال الطريق صمت تام وكل منهما تدور برأسه أفكار وأفكار وكأنما شعر فجأة بالتسرع في تلك الخطوة وأن ذلك الشعور لدى روح أكثر فطوال الطريق وهي لا تصدق أنها قد وافقت بتلك السهولة وكأنها كانت مسحورة لا تدري ماذا تفعل في تلك الزيجة الجديدة.
هبط مراد من سيارته وفتح لروح بابها فقد كانت شاردة وفجأة إنتبهت لتلك اليد الممدودة فوضعت يدها في يده تتأبطها ببعض التثاقل ويجيء رجل كبير في العمر يبدو عليه أنه حارس الفيلا ( البواب) فحمل حقائب روح ودخل بها مسرعاً بعد إلقاء التحية وكلمات المباركة.
دخلت روح بصحبة مراد لداخل الفيلا فوجدت إمرأة كبيرة في العمر أيضاً في إنتظارهما فسلمت على مراد ثم عليها وباركت لهما.
فأشار مراد إليها مقدماً: دادة عزيزة مربيتي منذ صغري وفي مقام والدتي رحمها الله .
فمدت روح يدها تصافحها بود وترتسم على وجهها إبتسامة متوترة: مرحباً !
فرحبت بها دادة عزيزة مبتسمة: مرحباً بك إبنتي ، نورتي بيتك بارك لكما.
أومأت روح بإمتنان: شكراً.
فنظر إليها مراد وقال: هيا بنا.
فلم ترد عليه بل إكتفت بالسير معه لكنه يشعر برجفتها وارتعاشها ، فلم يعلق حتى صعدا الدرج ومرا على صالة ثم حجرة بمفردها وبعدها حجرتين متجاورتين وقف مراد عند باب أحدهما وأشار لها بالدخول قائلاً: تفضلي ! هذه حجرتك لتكوني على راحتك فيها ، أنا في الحجرة المجاورة هذه إن أردتي أي شيء.
ثم إبتسم وقال : تصبحين على خير.
وقبل جبهتها برقة شديدة جعلتها كادت تفقد وعيها ثم تركها ودخل حجرته وأغلق الباب خلفه.
وقفت روح واجمة قليلاً متسعة حدقتيها من الصدمة، تحاول إستيعاب ما حدث وتنظم أنفاسها فلا تدري ما الذي حدث لها من قربه هذا ، ثم دخلت تلك الحجرة وأغلقت الباب خلفها ثم تنفست بعمق ، فكم كانت تخشى مثل تلك اللحظة وهي غير مستعدة لها وقد أراحها من عناء المواجهة ، لكن لازال بداخلها الكثير من الأسئلة.
تجولت روح بداخل الحجرة والتي كانت مريحة و واسعة ونظيفة وبها حمام خاص وقد أحبت الحجرة ففتحت حقائبها وبدأت تضع ملابسها بداخل خزانة الملابس حتى إنتهت وبدلت ملابسها وارتدت بيجامتها واستلقت على السرير ولازالت تفكر فيما وضعت نفسها فيه ، هل كان قرارها صحيحاً أو ورطة جديدة تضع نفسها فيها ؟!
والغريب أنها لا تصدق مدى هدوءها هذا !!
أما مراد فدخل حجرته وبدل ملابسه واستلقى في فراشه يفكر في كل شيء حتى وصل لهيئتها التي لا تبدو سعيدة كما خوفها الشديد الذي شعر به وهي تصعد معه منذ قليل فلماذا وافقت إذن؟؟
لا تنكر يا مراد أنها رغبتك وفرصتك أيضاً ، يبدو أن الأمر ليس ممهداً على الإطلاق ، لكن على أية حال عليّ التفاؤل والثقة بأن الخير والسعادة قادمين.
زوجتي الجميلة ما أجمل وجودك في حياتي ! كل قلبي وما فيه وعمري هو لك أنت، ولم لا وأنت يا روح روحي ، أنت أجمل ما كتب لي في عمري ، أي مكان تكوني فيه هو أجمل من أجمل حديقة ، فيا لحظ غرفتك بك وفراشك بك ! أتمنى أن أخطو كل خطوة تقربني منك وما أجمل إسمك بجانب إسمي ! سأظل انتظر حتى تجيء لحظة إعترافك بي وبقلبي و وقتها أقول بقمة الثقة خذيني إلى جنتك و وافقي على دخولي لها ، آااااااااااه كم أحبك روح فؤادي !
........................................
NoonaAbdElWahed
(روح الفؤاد)
الحلقة التاسعة عشر
بقلم :نهال عبد الواحد
وفي الصباح نهضت روح والتي لم تنم جيداً فأخذت حمامها وبدلت ملابسها ببنطال وكنزة ثم خرجت من حجرتها فوجدت تلك الصالة التي كانت عبارة عن حجرة معيشة فيها أريكتين كبيرتين على هيئة رُكنة كبيرة وبجوارهما من الجانبين عدة مقاعد مكعبة كبيرة ثم شاشة تلفاز كبيرة على الحائط وبجوارها مكتبة مملوءة بأقراص مدمجة.
إلتفتت جانباً نحو الستارة الكبيرة المغلقة فحركتها قليلاً فوجدتها تطل على شرفة كبيرة وإبتسمت فقد أعجبت بها كثيراً فيمكن الجلوس فيها خاصة وهي تطل على حديقة الفيلا.
نزلت روح من السلم الداخل تتلفت حولها فذلك الجانب فيه مجموعة من الصالونات وذلك الجانب به السفرة.
لكنها سمعت أصواتا قادمة من المطبخ فدخلت فوجدت دادة عزيزة المربية ومعها فتاتان تبدوان خادمتان فأهدرت روح إليهن بود:صباح الخير.
فأجابت المربية مبتسمة: صباح النور سيدتي ، هل ترغبين في شيء أفعله لك سيدتي ؟
تابعت روح بلطف: لا داعي لطريقتك الرسمية تلك فأنا لا أجيد التعامل بتلك الطريقة.
- الله يعزك إبنتي !
- أتعدون الإفطار ؟
- أجل ! لكن أخبريني بما ترديه ولا تتعبي نفسك في فعل شيء.
- ليس هناك أي تعب وهانحن معاً ويد مع يد نتعاون ونساعد بعضنا بعضاً.
فأهدرت إحدى الخادمتين بإعجاب: هل تعلمي أنك في الحقيقة أجمل من الشاشات بكثير ؟
فقالت المربية:هي تبارك الله مثل القمر.
أجابتهن روح بإبتسامة ممتنة: أشكركن جداً .
فقالت الخادمة الثانية: لكن تلك المرة الأولي للسيد مراد يتزوج إمرأة وتدخل عندنا بالمطبخ !!
فوكزتها الدادة فقالت بتراجع وتوتر :معذرة لكني أقصد.....
فقاطعتها روح بتفهم: لا عليكِ عزيزتي، لكني لست بهانم ولا سيدة مجتمع فأنا لم يكن لي يوماً خادمة وأفعل كل شيء بنفسي أطبخ وأمسح وأنظف... هيا نعد الإفطار !
بالفعل وقفت روح تعد الإفطار فأعدت الفول بطريقة رائعة ومميزة وطبق من أومليت البيض (الاسبانش) وآخر للجبن و..... حتى إنتهت وكانت الباقيات تشاهدنها بإعجاب وكن تتحدثن معاً بأريحية و تلقائية وتصاعدت أصوات ضحكاتهن... كم هي لطيفة !!
فقالت روح متسآلة: هل أخرج الأطباق إلى السفرة الآن أم لازال الوقت باكراً على إستيقاظ الأستاذ مراد ؟!
تابعت المربية بإحراج: حقيقةً ، إن مراد إعتاد ألا يتناول الإفطار.
أهدرت روح بفجأة :هه !
لكن سرعان ما جاء صوت مازح من خلفها :لا يا دادة لقد كان ذلك في الماضي أما الآن فسأتناول فطوري من يد زوجتي الغالية كل يوم.
فإبتسمت روح دون أن تلتفت فضحكت الخادمتين والمربية ثم إقترب مراد وطبع قبلة سريعة على خدها : صباح الخير غاليتي.
وجمت روح قليلاً وتلون وجهها باللون الأحمر خجلاً ثم قالت بخفوت: صباح الخير.
خرج مراد من المطبخ وأقسمت المربية من داخلها أن هذا شخص آخر غير مراد الذي تعرفه طوال عمرها ، وضع الإفطار وتناوله مراد وروح.
كانت روح صامتة ويبدو عليها التوتر حتى إنها لا تلتفت عن الطبق الذي أمامها وكان مراد يتابعها بإبتسامة حتى إنتهى من طعامه وفاجأها بمسك يدها ثم قبل يدها تلك وهو يقول: سلمت يداكي ، هل لك بعد إنتهاءك من الإفطار إخبارهم بعمل فنجان من القهوة إلى غرفة المكتب.
وأشار ناحيته وكانت لا تزال واجمة ولم ترد بحرف بل إكتفت بهز رأسها أن نعم.
تركها مراد ودخل إلى غرفة مكتبه وهي لا تزال في مكانها تحاول إستيعاب ما يحدث ، قامت روح وهمت تجمع الأطباق كما إعتادت فوجدت الخادمتان يسرعان بفعل ذلك فإتجهت هي للمطبخ لتصنع القهوة لمراد ثم صبتها واتجهت نحو غرفة المكتب فطرقت الباب ودخلت فهب مراد واقفاً وقال مبتسماً: أتقدميها لي بنفسك ؟!!
فأجابت روح بهدوء: بل وصنعتها أيضاً.
فإبتسم مراد وتابع: سلمت يداكي ، ليتك لا تتعبين نفسك.
- هذا ليس بتعب هو مجرد فنجان قهوة.
- أقصد عموماً فهناك أفراد مهمتهم خدمتك.
- لم أعتاد على ذلك.
- إذن فلتتعودي ، وإن كان ضروري فيكفي صنع الأكل لكن هن من تنظفن وتقطعن كأنك في البرنامج ، لا أحبك متعبة.
فأومأت روح أن نعم بتوتر قائلة: حسناً ! يبدو أني أعطلك عن عملك ؟!!
فتابع معترضاً: لا لا.
إبتلعت ريقها بتوتر وهي تفرك أصابعها معاً ثم قالت: أستاذ مراد ! هل تأذن لي بسؤال ؟
رفع مراد حاجبيه ثم إبتسم وقال: تلك بداية غير لطيفة ، أرأيتي زوجة تنادي زوجها ب أستاذ ، إلا إذا كانت تناطحه بحديثها فتصرخ فيه يا أستااااااذ !
فضحكت وضحك على ضحكتها، فقالت:حسناً مراد، لماذا تزوجتني؟!
نظر نحوها فجأة ولم يرد وكأنه تألم من داخله ألتلك الدرجة لا ترى عشقه أو تشعر به ، ثم قالت: أعتذر منك على طريقتي تلك لكن.......
فقهقه مراد فجأة قائلاً: طريقتك !!! أود أن أخبرك أن تلك هي أرق مرة تتحدثين بها معي منذ أن قابلتك.
فضحكت بحرج ثم قال: هل لك أن تدعي إجابة هذا السؤال الآن ؟ ولنعرف بعضنا أولاً وكل شيء سيجيء وحده ويحدث تباعاً.
فأومأت برأسها أن نعم ثم نظرت نحو ملف على سطح المكتب، فتسآلت على إستحياء: هل هذا عملك ؟
- لا إنها رواية كنت أختمها ، وأتمني أن تكونين أول من يقرأها بشرط أن تخبريني رأيك فيها بصراحة.
فهزت برأسها أن نعم وهي تمد يدها تمسك بها وتفتحها تتصفح فيها، فأومأ مراد وقال:كأنك ستقرأيها الآن؟!! لا بل اقرئيها في عدم وجودي بالبيت.
ثم أشار للمكتبة التي بجوارها وقال: إن كنت تحبين القراءة فيمكنك قراءة المزيد من الكتب والروايات ، بالطبع ليست كلها من أعمالي الكتابية.
ثم نهض واقفاً واقترب منها ليمسك بيدها وهو يقول: هيا معي لأريكي كيف يمكن لك التسلية في هذا البيت ، بدايةً وقد شاهدتي غرفة المكتب وتلك المكتبة لكن أكرر إقرئي في عدم وجودي.
فأومأت روح ثم قالت: لكن هل لي أن أدخل لحجرة مكتبك ؟!!!
فإبتسم مراد بعذوبية ثم قال: هذا بيتك ومملكتك وأنتِ الملكة هنا و لك حق الدخول في أي مكان كما تشائين .
ثم جذبها من يدها بلطف وخرج بها من غرفة المكتب وسار للخارج مر على مكان السفرة ثم الجانب الآخر وفيه الصالونات فوقفت تتأمل بعض التحف الموضوعة والتابلوهات المعلقة على الحائط وكان أحدهم يبدو قديماً وكان عبارة عن لوحة كببرة من (الكنافاه) .
فقال مراد مشيراً إليهم: معذرة ! أعلم أنه يبدو قديماً ، لكن يمكنني أن أغير أي شيء في البيت إلا هذا فهو تذكار من والدتي رحمها الله فهي من صنعته بيدها ولن أبدله أو أغيره إطلاقاً.
أومأت روح برأسها أن لا وهي تقول: لا بل أعجبني بحق ، أنا أشاهده من كثرة إعجابي به ، كنت قديماً أعمل لوحات من الكانفاه لكن كانت صغيرة الحجم .
ثم قالت ببسمة تلقائية : حتى إني كنت في بعض الوقت أصنع لصديقاتي وأهاديهن بها في أعياد ميلادهن وأيضاً أجيد شغل التريكو والكروشيه.
فإبتسم وقال:إذن أُمنّي نفسي برابطة عنق صوفية من يديكي ؟
فتابعت بخفة: رابطة عنق فقط ؟!
- أنا راضي بأي شيء من صنع يديكي ، صحيح إن أردتي تبديل أي شيء في البيت أخبريني وطلبك مطاع فوراً ، أعذريني فقد حدث كل شيء بسرعة ولم أفعل أي تغييرات أو تجديدات.
- ولماذا ؟!!! هذا إسراف ! أقصد أن كل شيء حقاً أكثر من رائع يشبه التحف الفنية ولا حاجة لتبديله.
كان مراد يتابع تفاصيل وجهها وهي تتحدث وقد شرد فيها بعض الوقت ثم إنتبه لحاله فجأة وجذب يدها ليكملا مشاهدة باقي البيت.
سارا بضع خطوات وكانت غرفة ففتحها وهو يقول: هذا هو مكان الرياضة إن كنتي ترغبين باللياقة والرشاقة وما إلي ذلك ، وهناك أغاني عديدة يمكنك إدارتها لتسمعينها وأنت تتريضي.
فزمت حاجبيها وتسآلت: ماذا ؟؟؟؟!!
فضحك بشدة وقال: وأنتِ تمارسين الرياضة ، معذرة فقد ظهر طابع التأليف فجأة ، لا تشغلين بالك بمثل تلك التعقيدات !
فضحكت بشدة وضحك على ضحكتها دون أن تنتبه لحالته ولا ماذا تفعل به! ثم خرج بها إلى الحديقة والتي كانت مشمسة ذلك الوقت.
تابع مراد مشيراً بيده: هذا حمام سباحة كما تري.
أومأت روح قائلة: لا أجيد السباحة.
- أنا أجيد إن رغبتي في ذلك يوماً، فسأعلمك.
ثم سارا قليلاً وهي تتأمل الحديقة حولها بإنبهار ثم قالت: لماذا لا تزرعون ورداً و زهوراً ؟!!
- حقيقةً لست أنا من يزرع هنا ، لكن إن أردتي أمرتهم بفعل ذلك وفورا .
- يمكنني فعل ذلك بنفسي فلدي البعض في البيت عندما أذهب لحامد ذات يوم آخذ بعض البراعم وأقوم بزراعتها ، أو ربما يعطيني حامد تلك الزرعات لأني كنت من أزرعهم وأتولى أمر رعايتهم.
- يا لحسن حظهم ! هل رأيت من قبل ورد يزرع ورداً ؟!!
فإبتسمت دون تعليق بعد أن تخضبت وجنتيها ثم قالت:هل يمكن وضع بعض الكراسي هنا وتصبح جلسة في وسط الحديقة ؟!!
- يمكنك بالطبع !لكن ليس في الظهيرة فالشمس محرقة الآن.
- ويمكن أيضاً إحضار شواية والشوي هنا وعمل حفل شواء (باربكيو).
فإلتفت إليها وقال:كل أحلامك مطاعة مولاتي كما تريدين.
فإرتبكت وإلتفتت بعينيها عنه فرأت منضدة للبينج بونج فإبتسمت وقال: هل تلعب البينج بونج ؟
فأومأ برأسه أن نعم فقالت:وأنا أيضاً.
- إذن فلنا لقاء معاً لكن بعد الظهيرة.
فهزت برأسها أن موافقة ثم جذب يدها ودخلا إلى داخل الفيلا من جديد ثم صعدا إلى السلم الداخلي للفيلا والذي بمجرد أن صعدا على درجات السلم شعر بتوترها فحاول ألا يأبه لها حتى وصلا للطابق العلوي.
...................................
NoonaAbdElWahed
الحلقة السابعة عشر
بقلم :نهال عبد الواحد
قبل نهاية الفرح إستأذن مراد ليتصرف وكان ينتظر روح التي ذهبت لتضبط هيئتها في الحمام وبينما هي تخرج من الحمام وتنزل من درج موجود لتعود للقاعة فإذا بمن يعترض طريقها.
-مزة المزز !
إلتفتت روح بصدمة وصاحت: أنت ؟!!
-أستغبي نفسي كل يوم منذ أن تركتيني ، يا لحماقتي !
فأجابت بتهكم: والله ! عظيم !ليتك تبحث عن مقبرة وتدفن نفسك فيها حياً حتى لا تندم كثيراً يا نادر.
- أرجوكي إسمعيني !
وجذبها من ذراعها فجذبته نحوها بشدة ورفعت صوتها فرن في أرجاء المكان: سمعت الرعد ! إسمع أنت وانصت جيداً ! المرة السابقة قد ضربتك بنعلي أمل تلك المرة فانظر لحذائي ذا كعب عالٍ ،إذن هي ضربة واحدة على أم رأسك وستجد نفسك في قسم الحوادث.
حملق نادر نحو ساقيها بجرأة وتابع بوقاحة: أجل ! أرى هذا الكعب جيداً كما أرى تلك السيقان التي ترتدي هذا الكعب.
ومد يده يحاول أن يتلمس وجهها لكن إذ بيد تمسك يده بقوية وبالطبع كان مراد فصاح بغضب: واضح أن لك يدان طويلتان تبطش بهما فيما لا يخصك.
فتابع نادر بتهكم :كأنك أنت الذي ستمنعني ؟!!
فقال مراد وهو يرفع يده ويدفعها بعيداً بقوة: ليتك تغادر بأدبك.
فدفعه نادر ليسقط من فوق الدرج فتماسك مراد وجاءت الدفعة في روح فأسرع مراد ليلحق بها ، ووجدت نفسها محمولة بين ذراعيه مجدداً.
فنظر نادر بينهما بغيظ ثم أهدر: إممممممم ! رائع هذا الفيلم ! كأنه مباح له وحرام لي ؟!!
فأنزلت روح نفسها وهي في حرج وغضب معاً لكن سرعان ما رد مراد بغضبٍ شديد: إنتقي كلامك يا هذا وانصرف بدلاً من أن تجد مالا يسرك.
تأففت روح ثم قالت: دعه يا مراد فهو لا يستحق أن تجاهد معه.
وكانت تلك المرة الأولي التي يسمعها تناديه بإسمه دون أستاذ وكان لها وقع عليه لكن ذلك النادر لم يمهله التمتع بتلك اللحظة فأردف بلزاجة: لست أدري ما بال أناساً تتدخل فيما لا يعنيها ! لماذا تتدخل بيننا أيها المتطفل ؟!!
فتابع مراد بإستهزاء :أنت المتطفل وأنت من تتدخل بيننا ، هي زوجتي.
قال الأخيرة وجذبها من خصرها مقربها إليه ، كم خلعت تلك الكلمة وتلك الجذبة فؤادها من مكانه ، لكنها إضطرت لمجاراته فسندت على كتف مراد وقالت بتوتر تحاول إخفاءه: أجل ! هو زوجي و رجلي بل هو زينة الرجال ، هيا اغرب عنا فلا مكان لك هنا.
نظر نادر بينهما ولم ينطق بحرف فهو يعرف جيداً أن روح ليست ممن تجاور الرجال لأي سبب ، كما أن هيئتهما معاً توحي بذلك ، فكما قيل عنهما هما ثنائي رائع ومنسجم كأنما خلق كل منهما للآخر.
وكانت تلك هي اللحظة الثانية السعيدة في نفس الساعة عندما سمع ما قالته في حقه حتى لو لم يكن كما حقيقي فيكفي أنه قد سمعها تقولها.
انصرف نادر واضطر مراد لنزع يده من عليها وظلا ثابتين قليلاً ثم اعتذرت له روح بصوت مرتعش: أعتذر إليك سيدي أن عرضتك لموقف سخيف كهذا ، وأشكرك جداً على مجاورتي.
ثم إنصرفت مسرعة فهي في قمة إحراجها ولا تصدق ما حدث سواء إدعاءهما بالزواج أم كيف مسكها من خصرها هكذا وقربها إليه هكذا بل ألصقها به ؟!!
بل كيف إنخلع قلبها ؟!!! فقد كانت تشعر بإضطراب كبير لكن ليس ضيق فهو بعكس نادر الذي كانت تشعر بضيق وتقزز من مسكة يده تلك حتى وهو زوجها.
بينما مراد وجم مكانه بعض الوقت و وسع في ربطة عنقه وفتح الزر الأول من قميصه فكأنما إرتفعت درجة الحرارة فجأة ! ثم انصرف خارج القاعة بأكملها فقد صار شوقه إليها لا يمكن السكوت عليه ولا كتمانه.
وانتهى الفرح وذهب الجميع لبيوتهم سعداء وخلد العروس بعروسه بليلة العمر بدءا معاً حياتهما كزوجين حقيقين محبين.
أما روح فقد توقفت ذاكرتها عند تلك اللحظة التي حملها فيها بين ذراعيه للمرة الثانية ، كم كانا قريبين ! وعند إدعاءه بزواجهما وجذبته لها ليلصقها به... وظلت تلاحقها تلك الذكرى تكاد لا تغيب عنها.
وبعد بضع أيام قليلة إستيقظ مراد قبيل الظهر على صوت مربيته دادة عزيزة تيقظه وتخبره بأن هناك من ينتظره بالأسفل فاستيقظ وأخذ حمامه وبدل ملابسه وفتح هاتفه المغلق و وضعه في جيبه لكن بمجرد أن عمل الهاتف وهو يرن بمئات الرسائل و رغم إزعاج الصوت إلا أنه لم ينظر في أيها واكتفى بأن جعله في وضع الصامت منعاً للإزعاج ، ونزل من سلم الداخلي ليقابل من ينتظره.
إنه حامد وأيمن فرحب بهما وسلم عليهما بحرارة، فقال مرحباً ببشاشة و ود: مرحباً ! والعريس بنفسه في بيتي ، يا ألف مرحباً !
ثم نظر بينهما وكانا يبدوان غير طبيعيين فتسآل في دهشة: ما الخطب ؟ ماذا هناك ؟!!
أهدر حامد بتوتر: كأنك مستيقظ توا من نومك ؟!! وغالق لهاتفك !
فأومأ مراد برأسه أن نعم مجيباً: أجل ! ومنذ أن فتحته وهو لم يكف إرتعاشا من كثرة الرسائل ، هل حدث شيء ؟
فأشار أيمن لهاتف مراد وقال له: إذن فافتح الرسائل واقرأ بعضاً منها.
شعر مراد بأن هناك خطب جلي فنظر بينهما وهو يخرج هاتفه من جيبه وفتحه وبدأ يفتح الرسائل فقرأ منها البعض ولم يجد سوى مباركات فنظر فيها بعدم فهم ثم قال: ما كل تلك المباركات ؟!! لماذا ؟!!
ففتح حامد هاتفه ثم أعطاه له فأخذه وقرأ أحد منشورات في صفحات التواصل الاجتماعي :
"زواج روح الفؤاد مقدمة برنامج مطبخ روح الفؤاد وبرنامج مسابقات مطبخ روح من المخرج مراد عزمي وبالرفاء والبنين ، وقد كان الخبر متوقع فهما ثنائي رائع ومتناغم جداً"
بالإضافة لعدد من الصور تجمعهما من حلقات لبرامج المسابقات وهما يتحدثان معاً أو ينظران بعضهما لبعض بالإضافة لصورتهما عندما حملها مراد في فرح أيمن وعندما حاوط خصرها وهي تسند على كتفه... غير وجود عدد من مقاطع الفيديوهات لنفس الصور ومكتوب نفس الخبر ومركب عليها أروع الأغاني الرومانسية.
شرد مراد وسكت بعض ما شاهده وأعاد الهاتف لحامد ولازال صامتاً.
فتسآل حامد بغضب: كيف إلتقطت مثل تلك الصور بوضعكما هذا في فرح أيمن ؟!!
إبتلع مراد ريقه وتابع بحرج: لقد كان طليقها ذلك موجود يومها ويحاول الإعتداء عليها فتدخلت فدفعني فجاءت فيها الدفعة وكادت تسقط فلحقتها.
صاح أيمن متفاجئاً: نادر جاء في الفرح ؟!!
فهز مراد برأسه أن نعم.
فتنهد حامد بضيق وتابع: إذن فلنفكر كيف سنكذّب هذا الخبر ! كيف ستجمع الصحافة ؟!! هيا فكر معنا !
نظر مراد بينهما وسكت قليلاً ثم إبتلع ريقه بتوتر وتسآل: منذ متى وأنتم تعرفوني؟
فأجاب حامد: بالنسبة إلي من ثلاثة أعوام.
فتابع مراد:وما تقييمك لأخلاقي وطباعي مجملا ؟ هل هناك عيب شنيع لا يليق أو لا يطاق ؟!
أومأ أيمن برأسه أن لا قائلاً: الشهادة لله ، لا.
وتابع حامد:لكن.....
فقاطعه مراد:لكن ماذا ؟!!
أكمل حامد بجدية: إنظر لتلك الصور والفيديوهات والكلام المنشور هذا وكل تلك الرسائل لك وإلينا !
فقال مراد: وبماذا كان الرد ؟!!
أومأ حامد وتابع بتنهيدة: لم نرد على أيهم.
فرك مراد لحيته بتوتر ثم تجرأ وقال:حامد ! أيمن ! أنا أريد تأكيد الخبر وأتزوج من روح.
فأشار أيمن بيديه بنفي ثم قال: لا لا دع أمر الخبر وتكذيبه جانباً ! لن نرمي أختنا ثانياً ، معذرة لم أقصد لكن........
فقاطعه مراد: لا عليك أفهم قصدك جيداً ، ومعك كل الحق ،لكني أحبها ولم أحب هكذا من قبل.
وتنهد بعشق واضح قائلاً: وأصعب شيء في الأمر طريقتها و ردرد أفعالها الحادة التي تجعلني أخشى التقدم بأي خطوة.
فأومأ حامد بإشفاق أن نعم وتابع: أعلم ذلك من زمن يا مراد ، أراك وألاحظ عشقك الذي ينطق ويقر به كل أفعالك وأقوالك في نظراتك ونبرة صوتك في كل شيء ،حتى عندما أعنف روح لأمر ما وأجدك فجأة صرت محامياً أمامي تدافع عنها بإستماتة، لكني أشفق عليك فأنا أعرفها جيداً فأنا الأقرب لها وأعرف أفكارها وآراءها وكيف تهاجم أي رجل خاصةً بعد تلك التجربة.
فقال مراد بحماس: وأنا متفهم لكل هذا ، وأرى أنها فرصتي لأبث لها مقدار حبي وأثبت لها أن ليس الجميع سواء ، وكل ما تريدوه أوامر مجابة.
أجاب أيمن: لا نحن ولا هي نفكر بتلك الطريقة.
فإبتسم مراد وتنهد ثم قال بإلحاح: إذن إمنحوني تلك الفرصة و سأصبر وأجتهد حتى أصل لقلبها ، وكل هذا لا دخل له بالعمل ، فلست ممن يستغل الآخرين أو يبتزهم ويضغط عليهم لتنفيذ شيء ما ، لكن أقسم لكم أني أحبها بل أعشقها بل لم أجد كلمة تعبر عن إحساسي نحوها.
فأومأ حامد قائلاً:وأنا غير معترض على شخصك بل يزيدني شرفاً نسبك هذا ، لكن ترى هل ستوافق أو تتقبل الأمر عادي ؟!!
تنهد مراد بعشق وأهدر بإبتسامة حقيقية: لدي أمل كبير ، لكن رجاءً لا تخبراها بحقيقة إحساسي ، أريد أن أفعل هذا بنفسي أنا من أوصل إحساسي وأخبرها بطريقتي دون وسيط.
أومأ أيمن موافقاً وهو يقول: الله ييسر الحال إن شاء الله !
تابع مراد وعينيه تلتمع بلهفة: وأنا في انتظار ردها على أحر من الجمر ، هي مكالمة واحدة وسأكون أمامكم أنا والمأذون.
زم حامد شفتيه بقلق وقال: ربنا يهديها وتوافق !
......................................
NoonaAbdElWahed
(روح الفؤاد)
الحلقة الثامنة عشر
بقلم :نهال عبد الواحد
كانت روح منذ أن نشر ذلك الخبر ربما لم تهتم برسائل التهنئة ولا بأي كلام منشور بقدر إهتمامها بصورهما معاً وهيئتهما كيف يبدوان وهما معاً إنها فعلاً توحي بإنسجام وتوافق خاصةً في تلك الصور التي ينظر كلاً منهما للآخر.
وبعيدا عن الصور تسأل روح نفسها عن ذلك الشعور الذي تشعر به حال وجوده ، كيف تشعر بألفة إتجاهه منذ أول لقاء وكأن كلاً منهما يعرف الآخر من زمن بعيد ؟!!
كيف يتقبل كل تصرفاتها وتلك الحدة والردود الجافة؟ كيف تشعر كثيراً أنه يفهمها أكثر من أي شخص آخر؟؟
لماذا هو بالذات لا تضيق بتواجده ولا حديثه ولا مزحاته ؟ بل تسعد بمل ذلك وتسعد بجواره عندما يجلسان في برنامج المسابقات ويهمس إليها ، وتسعد في تلك المزحات والقفشات التي يقولها عبر السماعة التي على أذنها أثناء تقديم البرنامج ، تسعد بتلك النظرة التي لا تجدها إلا من عينيه فقط وإليها فقط ، كيف يشعرها أنها محور المكان فلا تلتفت عينيه عنها طوال تواجدها ؟
ودخل أخويها وهي شاردة هكذا لكنها إنتبهت لهما فجأة وأغلقت الهاتف و اعتدلت في جلستها ثم قالت بلهفة: ماذا فعلتما ؟ هل اتفقتما كيف ستكذّبون الخبر؟
أومأ أيمن برأسه أن لا زافراً، فثارت فيهما :ماذا تعني لا ؟!!!
ربت حامد على كتفها وتابع بهدوء: إهدئي ! ولنتحدث حديثاً لائقا .
فشبكت روح ساعديها أمام صدرها وتابعت بغضبٍ مكتوم: وقد هديت ، هه ! احكي !
أخذ حامد نفساً عميقاً ثم زفره بهدوء ثم قال: روح ! هذا الخبر لا يمكن تكذيبه بأي حال ، فأنتما طوال الوقت معاً ، ثم ماذا عن تلك الصور التي إلتقطت لكما معاً ؟!! وماذا عن ما قلتما بأنفسكما ؟!!
أجابت روح بعصبية غير مبررة: كان ذلك بسبب موقف بعينه.
فتابع أيمن: وهل تظنين أن الموقف قد إنتهى وأنه لن يلاحقكي إن اكتشف كذب ما قيل ؟ بل سيتجرأ أكثر هو وغيره.
فنظرت روح بينهما ثم تسآلت بريبة: ماذا تريدان بالضبط ؟!
إبتلع حامد ريقه ثم قال مباشرة: من الأفضل تأكيد الخبر.
فهدأت فجأة ثم تسآلت بتوتر: كيف ؟ أقصد ماذا ؟!!
فقال أيمن: تعقدا قرانكما و تتزوجا بالفعل.
فسكتت دون إجابة وقد تجمد الكلام في حلقها وأقسم ألا يخرج وتسارعت أنفاسها بتوتر شديد، فقال حامد : مراد إنسان جيد وأنا أصادقه منذ ثلاثة أعوام ، دعكي مني قولي كلمة حق ! منذ أن عرفتيه ماهو العيب القوي الذي وجدتيه فيه ؟هل ترى كيف يتحملك ويتحمل أسلوبك وهجومك الدائم وكيف يمتص غضبك ؟!! كنتي تتحدثين يوماً عن الإنطباع الأول ، ما إنطباعك نحوه وبحق لا كذب فيه ؟
كانت تسمعه بدون إعتراض ولا تعليق فهي تعرف وتقر بكل ما يقوله ربما لم تفهم بعد سرد كل ذلك لكنها متأكدة أن مراد مختلف.
نظر أيمن إليها لا يصدق سكوتها ولا هدوءها الفجائي، فتسآل: لماذا تسكتين هكذا ؟ قولي شيئاً ! موافقة ؟!!
فهزت برأسها أن نعم ثم تركتهما وهما ينظران بعضهما لبعض بدهشة ودون فهم ، كيف وافقت بتلك السهولة ؟ هل ضغطوا عليها بذلك الكلام ؟!!
لا لا يبدو عليها أنها مجبورة ، لكنها أيضاً ليست سعيدة سعادة العروس المعروفة ، فأعادوا حديثهما معها تكراراً للتأكد من موافقتها وفي كل مرة تقر بذلك حتى هددتهما ذات مرة إن فاتحاها مجدداً سترفض ذلك العرض بل وتترك البرنامج ولن تظهر ثانياً.
وبعدها أخبرا مراد الذي تفاجأ هو الآخر بموافقتها السريعة وشعر كأن هناك أمراً ما.
لكنه لم ينسى أن تلك هي فرصته ليعرفها ويثبت لها مقدار حبه ، ثم حدد موعد عقد القران وقد تم بالفعل في بيت روح وكانت قد أعدت أشياءها وحقائبها و ذهبا متجهان لفيلا مراد لكن هيئتهما لا توحي بهيئة عروسين فطوال الطريق صمت تام وكل منهما تدور برأسه أفكار وأفكار وكأنما شعر فجأة بالتسرع في تلك الخطوة وأن ذلك الشعور لدى روح أكثر فطوال الطريق وهي لا تصدق أنها قد وافقت بتلك السهولة وكأنها كانت مسحورة لا تدري ماذا تفعل في تلك الزيجة الجديدة.
هبط مراد من سيارته وفتح لروح بابها فقد كانت شاردة وفجأة إنتبهت لتلك اليد الممدودة فوضعت يدها في يده تتأبطها ببعض التثاقل ويجيء رجل كبير في العمر يبدو عليه أنه حارس الفيلا ( البواب) فحمل حقائب روح ودخل بها مسرعاً بعد إلقاء التحية وكلمات المباركة.
دخلت روح بصحبة مراد لداخل الفيلا فوجدت إمرأة كبيرة في العمر أيضاً في إنتظارهما فسلمت على مراد ثم عليها وباركت لهما.
فأشار مراد إليها مقدماً: دادة عزيزة مربيتي منذ صغري وفي مقام والدتي رحمها الله .
فمدت روح يدها تصافحها بود وترتسم على وجهها إبتسامة متوترة: مرحباً !
فرحبت بها دادة عزيزة مبتسمة: مرحباً بك إبنتي ، نورتي بيتك بارك لكما.
أومأت روح بإمتنان: شكراً.
فنظر إليها مراد وقال: هيا بنا.
فلم ترد عليه بل إكتفت بالسير معه لكنه يشعر برجفتها وارتعاشها ، فلم يعلق حتى صعدا الدرج ومرا على صالة ثم حجرة بمفردها وبعدها حجرتين متجاورتين وقف مراد عند باب أحدهما وأشار لها بالدخول قائلاً: تفضلي ! هذه حجرتك لتكوني على راحتك فيها ، أنا في الحجرة المجاورة هذه إن أردتي أي شيء.
ثم إبتسم وقال : تصبحين على خير.
وقبل جبهتها برقة شديدة جعلتها كادت تفقد وعيها ثم تركها ودخل حجرته وأغلق الباب خلفه.
وقفت روح واجمة قليلاً متسعة حدقتيها من الصدمة، تحاول إستيعاب ما حدث وتنظم أنفاسها فلا تدري ما الذي حدث لها من قربه هذا ، ثم دخلت تلك الحجرة وأغلقت الباب خلفها ثم تنفست بعمق ، فكم كانت تخشى مثل تلك اللحظة وهي غير مستعدة لها وقد أراحها من عناء المواجهة ، لكن لازال بداخلها الكثير من الأسئلة.
تجولت روح بداخل الحجرة والتي كانت مريحة و واسعة ونظيفة وبها حمام خاص وقد أحبت الحجرة ففتحت حقائبها وبدأت تضع ملابسها بداخل خزانة الملابس حتى إنتهت وبدلت ملابسها وارتدت بيجامتها واستلقت على السرير ولازالت تفكر فيما وضعت نفسها فيه ، هل كان قرارها صحيحاً أو ورطة جديدة تضع نفسها فيها ؟!
والغريب أنها لا تصدق مدى هدوءها هذا !!
أما مراد فدخل حجرته وبدل ملابسه واستلقى في فراشه يفكر في كل شيء حتى وصل لهيئتها التي لا تبدو سعيدة كما خوفها الشديد الذي شعر به وهي تصعد معه منذ قليل فلماذا وافقت إذن؟؟
لا تنكر يا مراد أنها رغبتك وفرصتك أيضاً ، يبدو أن الأمر ليس ممهداً على الإطلاق ، لكن على أية حال عليّ التفاؤل والثقة بأن الخير والسعادة قادمين.
زوجتي الجميلة ما أجمل وجودك في حياتي ! كل قلبي وما فيه وعمري هو لك أنت، ولم لا وأنت يا روح روحي ، أنت أجمل ما كتب لي في عمري ، أي مكان تكوني فيه هو أجمل من أجمل حديقة ، فيا لحظ غرفتك بك وفراشك بك ! أتمنى أن أخطو كل خطوة تقربني منك وما أجمل إسمك بجانب إسمي ! سأظل انتظر حتى تجيء لحظة إعترافك بي وبقلبي و وقتها أقول بقمة الثقة خذيني إلى جنتك و وافقي على دخولي لها ، آااااااااااه كم أحبك روح فؤادي !
........................................
NoonaAbdElWahed
(روح الفؤاد)
الحلقة التاسعة عشر
بقلم :نهال عبد الواحد
وفي الصباح نهضت روح والتي لم تنم جيداً فأخذت حمامها وبدلت ملابسها ببنطال وكنزة ثم خرجت من حجرتها فوجدت تلك الصالة التي كانت عبارة عن حجرة معيشة فيها أريكتين كبيرتين على هيئة رُكنة كبيرة وبجوارهما من الجانبين عدة مقاعد مكعبة كبيرة ثم شاشة تلفاز كبيرة على الحائط وبجوارها مكتبة مملوءة بأقراص مدمجة.
إلتفتت جانباً نحو الستارة الكبيرة المغلقة فحركتها قليلاً فوجدتها تطل على شرفة كبيرة وإبتسمت فقد أعجبت بها كثيراً فيمكن الجلوس فيها خاصة وهي تطل على حديقة الفيلا.
نزلت روح من السلم الداخل تتلفت حولها فذلك الجانب فيه مجموعة من الصالونات وذلك الجانب به السفرة.
لكنها سمعت أصواتا قادمة من المطبخ فدخلت فوجدت دادة عزيزة المربية ومعها فتاتان تبدوان خادمتان فأهدرت روح إليهن بود:صباح الخير.
فأجابت المربية مبتسمة: صباح النور سيدتي ، هل ترغبين في شيء أفعله لك سيدتي ؟
تابعت روح بلطف: لا داعي لطريقتك الرسمية تلك فأنا لا أجيد التعامل بتلك الطريقة.
- الله يعزك إبنتي !
- أتعدون الإفطار ؟
- أجل ! لكن أخبريني بما ترديه ولا تتعبي نفسك في فعل شيء.
- ليس هناك أي تعب وهانحن معاً ويد مع يد نتعاون ونساعد بعضنا بعضاً.
فأهدرت إحدى الخادمتين بإعجاب: هل تعلمي أنك في الحقيقة أجمل من الشاشات بكثير ؟
فقالت المربية:هي تبارك الله مثل القمر.
أجابتهن روح بإبتسامة ممتنة: أشكركن جداً .
فقالت الخادمة الثانية: لكن تلك المرة الأولي للسيد مراد يتزوج إمرأة وتدخل عندنا بالمطبخ !!
فوكزتها الدادة فقالت بتراجع وتوتر :معذرة لكني أقصد.....
فقاطعتها روح بتفهم: لا عليكِ عزيزتي، لكني لست بهانم ولا سيدة مجتمع فأنا لم يكن لي يوماً خادمة وأفعل كل شيء بنفسي أطبخ وأمسح وأنظف... هيا نعد الإفطار !
بالفعل وقفت روح تعد الإفطار فأعدت الفول بطريقة رائعة ومميزة وطبق من أومليت البيض (الاسبانش) وآخر للجبن و..... حتى إنتهت وكانت الباقيات تشاهدنها بإعجاب وكن تتحدثن معاً بأريحية و تلقائية وتصاعدت أصوات ضحكاتهن... كم هي لطيفة !!
فقالت روح متسآلة: هل أخرج الأطباق إلى السفرة الآن أم لازال الوقت باكراً على إستيقاظ الأستاذ مراد ؟!
تابعت المربية بإحراج: حقيقةً ، إن مراد إعتاد ألا يتناول الإفطار.
أهدرت روح بفجأة :هه !
لكن سرعان ما جاء صوت مازح من خلفها :لا يا دادة لقد كان ذلك في الماضي أما الآن فسأتناول فطوري من يد زوجتي الغالية كل يوم.
فإبتسمت روح دون أن تلتفت فضحكت الخادمتين والمربية ثم إقترب مراد وطبع قبلة سريعة على خدها : صباح الخير غاليتي.
وجمت روح قليلاً وتلون وجهها باللون الأحمر خجلاً ثم قالت بخفوت: صباح الخير.
خرج مراد من المطبخ وأقسمت المربية من داخلها أن هذا شخص آخر غير مراد الذي تعرفه طوال عمرها ، وضع الإفطار وتناوله مراد وروح.
كانت روح صامتة ويبدو عليها التوتر حتى إنها لا تلتفت عن الطبق الذي أمامها وكان مراد يتابعها بإبتسامة حتى إنتهى من طعامه وفاجأها بمسك يدها ثم قبل يدها تلك وهو يقول: سلمت يداكي ، هل لك بعد إنتهاءك من الإفطار إخبارهم بعمل فنجان من القهوة إلى غرفة المكتب.
وأشار ناحيته وكانت لا تزال واجمة ولم ترد بحرف بل إكتفت بهز رأسها أن نعم.
تركها مراد ودخل إلى غرفة مكتبه وهي لا تزال في مكانها تحاول إستيعاب ما يحدث ، قامت روح وهمت تجمع الأطباق كما إعتادت فوجدت الخادمتان يسرعان بفعل ذلك فإتجهت هي للمطبخ لتصنع القهوة لمراد ثم صبتها واتجهت نحو غرفة المكتب فطرقت الباب ودخلت فهب مراد واقفاً وقال مبتسماً: أتقدميها لي بنفسك ؟!!
فأجابت روح بهدوء: بل وصنعتها أيضاً.
فإبتسم مراد وتابع: سلمت يداكي ، ليتك لا تتعبين نفسك.
- هذا ليس بتعب هو مجرد فنجان قهوة.
- أقصد عموماً فهناك أفراد مهمتهم خدمتك.
- لم أعتاد على ذلك.
- إذن فلتتعودي ، وإن كان ضروري فيكفي صنع الأكل لكن هن من تنظفن وتقطعن كأنك في البرنامج ، لا أحبك متعبة.
فأومأت روح أن نعم بتوتر قائلة: حسناً ! يبدو أني أعطلك عن عملك ؟!!
فتابع معترضاً: لا لا.
إبتلعت ريقها بتوتر وهي تفرك أصابعها معاً ثم قالت: أستاذ مراد ! هل تأذن لي بسؤال ؟
رفع مراد حاجبيه ثم إبتسم وقال: تلك بداية غير لطيفة ، أرأيتي زوجة تنادي زوجها ب أستاذ ، إلا إذا كانت تناطحه بحديثها فتصرخ فيه يا أستااااااذ !
فضحكت وضحك على ضحكتها، فقالت:حسناً مراد، لماذا تزوجتني؟!
نظر نحوها فجأة ولم يرد وكأنه تألم من داخله ألتلك الدرجة لا ترى عشقه أو تشعر به ، ثم قالت: أعتذر منك على طريقتي تلك لكن.......
فقهقه مراد فجأة قائلاً: طريقتك !!! أود أن أخبرك أن تلك هي أرق مرة تتحدثين بها معي منذ أن قابلتك.
فضحكت بحرج ثم قال: هل لك أن تدعي إجابة هذا السؤال الآن ؟ ولنعرف بعضنا أولاً وكل شيء سيجيء وحده ويحدث تباعاً.
فأومأت برأسها أن نعم ثم نظرت نحو ملف على سطح المكتب، فتسآلت على إستحياء: هل هذا عملك ؟
- لا إنها رواية كنت أختمها ، وأتمني أن تكونين أول من يقرأها بشرط أن تخبريني رأيك فيها بصراحة.
فهزت برأسها أن نعم وهي تمد يدها تمسك بها وتفتحها تتصفح فيها، فأومأ مراد وقال:كأنك ستقرأيها الآن؟!! لا بل اقرئيها في عدم وجودي بالبيت.
ثم أشار للمكتبة التي بجوارها وقال: إن كنت تحبين القراءة فيمكنك قراءة المزيد من الكتب والروايات ، بالطبع ليست كلها من أعمالي الكتابية.
ثم نهض واقفاً واقترب منها ليمسك بيدها وهو يقول: هيا معي لأريكي كيف يمكن لك التسلية في هذا البيت ، بدايةً وقد شاهدتي غرفة المكتب وتلك المكتبة لكن أكرر إقرئي في عدم وجودي.
فأومأت روح ثم قالت: لكن هل لي أن أدخل لحجرة مكتبك ؟!!!
فإبتسم مراد بعذوبية ثم قال: هذا بيتك ومملكتك وأنتِ الملكة هنا و لك حق الدخول في أي مكان كما تشائين .
ثم جذبها من يدها بلطف وخرج بها من غرفة المكتب وسار للخارج مر على مكان السفرة ثم الجانب الآخر وفيه الصالونات فوقفت تتأمل بعض التحف الموضوعة والتابلوهات المعلقة على الحائط وكان أحدهم يبدو قديماً وكان عبارة عن لوحة كببرة من (الكنافاه) .
فقال مراد مشيراً إليهم: معذرة ! أعلم أنه يبدو قديماً ، لكن يمكنني أن أغير أي شيء في البيت إلا هذا فهو تذكار من والدتي رحمها الله فهي من صنعته بيدها ولن أبدله أو أغيره إطلاقاً.
أومأت روح برأسها أن لا وهي تقول: لا بل أعجبني بحق ، أنا أشاهده من كثرة إعجابي به ، كنت قديماً أعمل لوحات من الكانفاه لكن كانت صغيرة الحجم .
ثم قالت ببسمة تلقائية : حتى إني كنت في بعض الوقت أصنع لصديقاتي وأهاديهن بها في أعياد ميلادهن وأيضاً أجيد شغل التريكو والكروشيه.
فإبتسم وقال:إذن أُمنّي نفسي برابطة عنق صوفية من يديكي ؟
فتابعت بخفة: رابطة عنق فقط ؟!
- أنا راضي بأي شيء من صنع يديكي ، صحيح إن أردتي تبديل أي شيء في البيت أخبريني وطلبك مطاع فوراً ، أعذريني فقد حدث كل شيء بسرعة ولم أفعل أي تغييرات أو تجديدات.
- ولماذا ؟!!! هذا إسراف ! أقصد أن كل شيء حقاً أكثر من رائع يشبه التحف الفنية ولا حاجة لتبديله.
كان مراد يتابع تفاصيل وجهها وهي تتحدث وقد شرد فيها بعض الوقت ثم إنتبه لحاله فجأة وجذب يدها ليكملا مشاهدة باقي البيت.
سارا بضع خطوات وكانت غرفة ففتحها وهو يقول: هذا هو مكان الرياضة إن كنتي ترغبين باللياقة والرشاقة وما إلي ذلك ، وهناك أغاني عديدة يمكنك إدارتها لتسمعينها وأنت تتريضي.
فزمت حاجبيها وتسآلت: ماذا ؟؟؟؟!!
فضحك بشدة وقال: وأنتِ تمارسين الرياضة ، معذرة فقد ظهر طابع التأليف فجأة ، لا تشغلين بالك بمثل تلك التعقيدات !
فضحكت بشدة وضحك على ضحكتها دون أن تنتبه لحالته ولا ماذا تفعل به! ثم خرج بها إلى الحديقة والتي كانت مشمسة ذلك الوقت.
تابع مراد مشيراً بيده: هذا حمام سباحة كما تري.
أومأت روح قائلة: لا أجيد السباحة.
- أنا أجيد إن رغبتي في ذلك يوماً، فسأعلمك.
ثم سارا قليلاً وهي تتأمل الحديقة حولها بإنبهار ثم قالت: لماذا لا تزرعون ورداً و زهوراً ؟!!
- حقيقةً لست أنا من يزرع هنا ، لكن إن أردتي أمرتهم بفعل ذلك وفورا .
- يمكنني فعل ذلك بنفسي فلدي البعض في البيت عندما أذهب لحامد ذات يوم آخذ بعض البراعم وأقوم بزراعتها ، أو ربما يعطيني حامد تلك الزرعات لأني كنت من أزرعهم وأتولى أمر رعايتهم.
- يا لحسن حظهم ! هل رأيت من قبل ورد يزرع ورداً ؟!!
فإبتسمت دون تعليق بعد أن تخضبت وجنتيها ثم قالت:هل يمكن وضع بعض الكراسي هنا وتصبح جلسة في وسط الحديقة ؟!!
- يمكنك بالطبع !لكن ليس في الظهيرة فالشمس محرقة الآن.
- ويمكن أيضاً إحضار شواية والشوي هنا وعمل حفل شواء (باربكيو).
فإلتفت إليها وقال:كل أحلامك مطاعة مولاتي كما تريدين.
فإرتبكت وإلتفتت بعينيها عنه فرأت منضدة للبينج بونج فإبتسمت وقال: هل تلعب البينج بونج ؟
فأومأ برأسه أن نعم فقالت:وأنا أيضاً.
- إذن فلنا لقاء معاً لكن بعد الظهيرة.
فهزت برأسها أن موافقة ثم جذب يدها ودخلا إلى داخل الفيلا من جديد ثم صعدا إلى السلم الداخلي للفيلا والذي بمجرد أن صعدا على درجات السلم شعر بتوترها فحاول ألا يأبه لها حتى وصلا للطابق العلوي.
...................................
NoonaAbdElWahed
تعليقات
إرسال تعليق