رواية-روح الفؤاد-الحلقات 20:22- بقلم نهال عبد الواحد - مجلة سحر الروايات
(روح الفؤاد)
الحلقة العشرون
بقلم :نهال عبد الواحد
صعدا السلم الداخلي للفيلا والذي بمجرد أن صعدا عدة درجات شعر بتوترها فحاول ألا يأبه ثم وصلا للطابق العلوي فوقف في منتصف المكان ويشير بيديه حوله قائلاً: هنا توجد الغرف ، هذه غرفة زائدة من أجل الضيوف ، وهذه الغرفة غرفتي وقد كانت غرفة والدي سابقاً ثم قمت بتجديدها ، وهذه الغرفة التي نمتي فيها بالأمس وقد كانت غرفتي في طفولتي ، صحيح كيف كانت ليلتك ؟ وهل أعجبتكي ؟!!
أومأت روح برضا: أجل ! هي مريحة ولطيفة جداً ، لكن النوم كان متقطع بسبب تغيير المكان ، سأتعود عليها مع الوقت.
فقال:لكني لا أريدك أن تتعودين عليه ،أقصد لدي في حمام حجرتي حمام بخار و (جاكوزي) إن أردتي الإسترخاء سيعجبك بشدة وقتما تشائين بشرط أن تفتحي الشفاط لأن الدخان يكون كثيف جداً.
ثم قال:وهنا كما ترِي مكان جلوس للمعيشة ، وهناك أقراص مدمجة لأفلام عربية وأجنبية ، قديمة وحديثة... ستجدي أذواق متعددة ، كما يوجد أيضاً مجموعة من المسرحيات القديمة التي كنا نشاهدنا في صبانا مثل «العيال كبرت» و «شاهد ماشافش حاجة» وغيرها..... ومن حين لآخر أذهب وأحضر مجموعة ، إن أردتي شيئاً بعينه بلغيني فوراً.
فإبتسمت روح وأهدرت: أشكرك .
فإبتسم إليها وأطال نظره إليها من ذلك الهدوء والرقة التي لا يعهدهما من قبل ثم فتح الستارة والتي أظهرت شرفة كبيرة تطل على حديقة الفيلا وقد أعجبت روح بها كثيراً لكنها أيضاً كانت مشمسة.
ثم جلسا على الأريكة لكنها تفاجأت بمراد يجلس أرضاً ويفتح أحد أدراج المنضدة الكبيرة التي تتوسط المكان وأخرج منه ألعاب الشطرنج والطاولة ولعبة الورق و......
فكان يخرج كل لعبة وهي تضحك فيضحك على ضحكها ثم جلسا يلعبان بكل لعبة بعض الوقت.
مرت عدة أيام ومراد يتعامل معها برقة وهي أيضاً كانت تتعامل بهدوء و لطف ويمضيان وقتاً رائعاً بين التسلية واللعب أو الحديث في مختلف الأمور.
وقد تبدلت روح فاختفت روح المتشددة التي تثور وتحتد في الكلام لأتفه الأسباب وجاءت روح أخرى أكثر هدوءاً ولطفاً وفيها من خفة الظل والوجه البشوش وكان ذلك بالنسبة لمراد إنجازاً كبيراً.
وبدأ مراد يخرج لعمله فيفطران معاه صباحاً فقد إعتاد على الإفطار منذ أن وطأت قدميها منزله ولم لا وهي تصنع طعامه بيدها وتجلس هي معه تشاركه الأكل ، كما إعتاد شكرها عقب كل وجبة تصنعها بيدها ويقبل يدها برقة شديدة وقبل أن يخرج يسلم عليها ويقبل جبهتها وكذلك عندما يعود ، لكنه يود لو يضمها إليه في عناق طويل.... لكن لم يحن الوقت بعد ، ويجلس معها يقص عليها يومه و يسألها كيف قضت يومها ويحكيان.
كانت روح ترى كل تلك التفاصيل البسيطة كحلم كم تمنت أن تعيشه وتتعامل بتلك الطريقة لكنها قد أجزمت أن تلك الطرق ليست إلا في الروايات والأفلام وما شابه ذلك لكنها بعيدة كل البعد عن أرض الواقع ، لكنها صارت تعيشها في الحقيقة.
وذات يوم قد تأخر مراد وكان يخرج يومياً ويعود مساءً ولا يتناول أي شيء طوال اليوم لأنه يعلم أن هناك من تنتظره وتعد له مالذ وطاب.
قلقت ذلك اليوم للغاية فقد تأخر عن موعده كثيراً وشعرت وكأنها بدأت تنهار ولاتدري ماذا تفعل ، وأخيراً قد وصل و وحدها تنتظره فأسرعت نحوه فوجم مراد لا يصدق نفسه ثم توقفت فجأة وكأنها تراجعت عن فكرة التعلق بعنقه والعناق الشديد لكنه قرأ برماديتها القلق الرهيب.
فتسآلت بلهفة وقلق: لماذا تأخرت هكذا ؟!!
فسألها بهدوء غير ملائم لقلقها: كأنك كنتِ قلقةٌ مثلاً ؟!!
فنظرت له وبدأت تستشيط غضباً فلحقها مسرعاً: أقصد إن كنتِ قلقة عليّ فلماذا لم تتصلين بي ؟ فأنت لم تتصلين بي قط من قبل.
فقالت بتردد:هه ! ربما إذا اتصلت بك شعرت بضيق أو وصفتني بذبابة زنانة تتلزق بسخافة.... أقصد....
كان مراد يتابعها بعيونه ويفهم سر إرتباكها هذا وترددها فاقترب منها وأمسك بيديها وقبل جبهتها بعمق عاشق كاد يذهب بها مع رائحة عطره المهلكة تلك وكأنما فقدت وعيها للحظات ثم إبتعد عنها قليلاً لكنه لازال قريباً منها وممسكاً بيديها وقال:أشعر بضيق ؟!! هل هناك عاقل تكون معه مثلك تحدثه وتسأل عنه ويشعر بضيق ؟!! رغم أنه لا توجد من هي مثلك لكن مؤكد هو غير طبيعي.
أطالت النظر إليه ثم قالت: هل أنت هكذا فعلاً ؟!!!!
فإبتسم مراد بعدم فهم وتسآل: ماذا تقصدين ؟!!
- طوال الوقت تتعامل برقة ولطف !!
- لن أجيبك بل سأترك الأيام هي التي تجيبك.. ألم تريدين معرفة ماذا أحضرت لكِ ؟!!
فنظرت روح لتلك الحقيبة الكبيرة التي لم تنتبه إليها إلا تواً لكنها كانت حاملة للملابس ربما بداخلها بدلة أو شيئاً آخر.
فقال: غداً أول حلقة لنا معاً في برنامج المسابقات بعد زواجنا وأردت أن نظهر بمظهر خاص في أول لقاء خاصةً مع وجود الجمهور، هذا فستان لكِ أتمني أن ينال إعجابك.
فإبتسمت وهمت بفعل بشيء لكنها تراجعت في آخر وقت لكن مراد قد فهم وإبتسم فمسح على شعرها برفق وقبل جبهتها وهو يقول: مباركٌ لكِ.
فأجابت بإمتنان وسعادة: شكراً ، ربي لا يحرمني منك أبداً !
- ولا منك ، وفي الغد ستجيء إليكِ خبيرة التجميل لتفعل لكِ كل ما ترديه ، صحيح هناك حذاء مناسب للفستان واطمأني مريحٌ للغاية فلا حاجة لصراخ ولا عويل ولا بكاء.
وغمز لها كأنه يذكرها بلقاءهما الأول فضحكت بحرج وقالت: والله لم تحدث إلا ذلك اليوم فقط ، دائماً أرتدي الأحذية ذات الكعب العالي دون أي مشاكل.
- إذن هو حظي !
- رغم إني كنت أنوي أن أستأذن منك للذهاب إلى حامد فهو بمفرده ويحتاج من وقت لآخر لمن يذهب يرتب المنزل ويعد له عدة وجبات.
- إذن فلنجعل ذلك بعد غد ، وخذي إحدى الخادمات معكِ لا أريدك تجهدين نفسك في تنظيف أو خلافه يكفيكي صنع الطعام كما تصنعيه هنا ، وسوف أجيء وأتناول معكما الغداء.
روح بسعادة بالغة: فعلاً ؟!!!
مراد:أجل ! هل نسيتي أنكِ الملكة المتوجة وكل ما عليكِ أن تشيري وكل شيء ينفذ ، لا أريد إرهاقك.
- أقصد ، هل ترغب فعلاً بالمجيء وتناول الغداء معنا ؟!!
- بالطبع ! أليس ذلك المعتاد ؟! ثم أن أخيكي هذا صديق لي ، هل نسيتي ؟! ثم إني لم أعد أطيق الطعام إلا من يديكي.
فإبتسمت ثم ذهبت لتعد العشاء.
وفي اليوم التالي مساءً وقف مراد بالأسفل يرتدي حُلةً سوداء وقميص أسود وهيئته أنيقةٌ للغاية يشبه نجوم السينما وينطر في ساعته من حين لآخر.
وبعد قليل سمع صوت باب الغرفة ثم صوت خطوات كعب نسائية تعلن عن هبوط ملكة متوجة فاقترب من السلم وهو يعدل حاله ويميح علي شعره برقة ، فنزلت روح في أبهى طلة رآها عليها تجمع شغرها لأعلى في فورمة شعر رائعة وترتدي فستان أبيض هاديء عاري قليلاً من الكتفين وله أكمام مفرغة ثم يبدأ بإتساع من الخصر إلى أسفل الركبتين وعلي خصرها حزام مرصع بفصوص فضية وموضوع منها حول عنق الفستان وباقي الفستان بسيط مع حذاء أبيض به بعض الفصوص الفضية أيضاً وذا كعب عالٍ .
كانت تنزل بجوارها المربية عزيزة سعيدة بها للغاية ، وقف مراد يتطلع إليها في نظرة طويلة بإعجاب شديد بكل تفصيلة فيها بينما روح تبتسم بإحراج من نظراته تلك، تنهد مراد بعشق ثم أهدر: ترى ماذا أقول ؟!!
تابعت المربية بإعجاب: ماشاء الله تبارك الرحمن ، هي بدرٌ مضيء ، ربي يحفظها ويبارك لكما عزيزايّ !
فعانقتها روح بحب، فقالت المربية بمكر: هذا العناق المفترض ألا يكون لي.
فإبتسمت روح بلا رد ونزلت ماتبقى من درجات السلم حتى إقتربت منه فوضع يده في جيبه وأخرج علبةً صغيرةً وفتحها وأخرج منها خاتم الزواج (دبلة) وألبسها لها ثم خاتم و ألبسه لها أيضاً وقبل يدها ثم أعطي إليها خاتم الزواج الفضي (دبلته) فألبستها له فاقترب منها وقبّل جبهتها قبلة طويلة يبث فبها حبه وأشواقه الدفينة نحوها.
ثم أمسك بيدها وتأبطها ولا يزال يشبك أصابعه بأصابعها.
وصل مراد وروح لمكان تصوير البرنامج بينما كانت روح تشعر كأنما ذاهبة لسهرة وليس لبرنامج فهي لم تعتاد على تلك الهيئة فكانت محرجة وتخشى الدخول من الكواليس وقد شعر مراد بتوترها هذا فأمسك بيدها مع نظرته لها ليطمأنها.
دخل الإثنان أمام الجمهور بأيدٍ متشابكة فوقف الجميع وصفق وعندما وصلا لمنتصف المسرح تساقطت عليهما من أعلى وروداً حمراء وقصاصات لامعة فضية فنظرت روح حولها بسعادة كبيرة ولازال الجميع يصفق ثم إلتفتت إليه وقد أدركت أنها فكرته فإبتسمت وقبل أن تتحرك شفتيها بحرف خففت الأضواء فجأة وأدارت أغنية لم تتدركها في البداية فمد مراد يده بطريقة مسرحية يطلبها للرقص فمدت يدها إليه فجذبها نحوه برقة ولف بذراعه على خصرها وقربها أكثر ثم شبك يده بيدها و وضعها على قلبه واقترب أكثر و وضع خده على خدها وكان يتنفس عطرها ويشعر بخفقان قلبها هذا ،فلم يقتربا هكذا من قبل لتلك الدرجة وبدءا يتراقصان في إنسجام رائع كانت كالمغيبة لا تتحرك بإرادتها بل هو من يحركها لقد ذابت بين يديه وأغمضت أعينها تستنشق عطره هي الأخرى وتشعر بكل دقة من قلبه وكأنها تناديها.
وهكذا أُعلن للجميع أن هذان الإثنان قد سقطا في عشق عميق.......
أنا مش مصدق نفسي إنك بين إيديا
من يوم ما حبك خدني مش بتنام عيني
جوايا شووووق أد الحنان اللي في عينيكي
روحي فيكِ نظرة ليكِ هي الحياااااااااة
........................................
NoonaAbdElWahed
(روح الفؤاد)
الحلقة الحادية والعشرون
بقلم :نهال عبد الواحد
تراقص الإثنان في إنسجام رائع ثم جلسا في مكانهما كلجنة تحكيم للبرنامج لكنها كانت حلقة لها طابع خاص ومختلف ويبدو للمشاهدين أن جميع الحلقات ستمضي هكذا حيث أن مراد قد قرب كرسيه من روح وينظر لها من حين لآخر ويهمس إليها أيضاً فتضحك ويمسك بيدها طوال الوقت.... كم كانت هيئتهما رائعة !!
إنتهى البرنامج وعادا معاً بأيدٍ متشابكة ثم ذهب كلاً منهما إلى غرفته بعد قبلة عميقة على جبهتها لتُذهِب النوم من عينيها طوال الليل.
وفي اليوم التالي ذهبت روح لبيت أخيها كما إتفقت مع مراد واصطحبت معها إحدى الخادمات ، ولم تكن روح ممن تأمر وتقول افعلي هذا واتركي ذاك بل يدها بيد الجميع وتتعامل بتلقائية دون عجرفة لذلك قد آلفها الجميع.
وبالفعل تم تنظيف البيت وطبخت وجبات صغيرة لأخيها كما عهدت في السابق و وضعتها لتتجمد في الفريزر ويخرجها هو وحسب الطلب وأيضاً أعدت وجبة غداء لهم جميعاً هي ومراد وأخويها وإيمان فصنعت طاجن خضروات باللحم في الفرن وطاجن من الأرز المدسوس مع بعض السمبوسك والسلطات والحلو طبق كنافة( بالنوتيلا.)
مضى وقتاً لطيفاً وممتعاً بين الجميع وإزدادوا سعادة بخبر حمل إيمان وذلك الذي جعلها هي وأيمن يذهبان سريعاً.
جلست روح مع مراد وحامد وكانا يتحدثان في أمور العمل فقد صار حامد معداً للبرنامج في أكثر من برنامج، فقال مراد: كنت سأنسى موضوعاً هاماً.
فتسآل حامد: خيراً !
فانتبه هو وروح ينصتان إلى مراد القائل: كما تعلمان أن مدة إنتهاء عقد روح معي في برنامج مطبخ روح الفؤاد قد قاربت على الإنتهاء والمفترض أن يتجدد أو يُلغى معي كمنتج للبرنامج.
فصاحت روح بفجأة: يُلغى ؟!!!!
إبتسم مراد وتابع: البرنامج ناجح بكل المقاييس ، والجميع مؤكد أنه يعلم بتلك المعلومة ، فأكيد سيعرض عليكِ الكثير من العروض من آخرين وبأجور متضاعفة.
أومأ حامد مؤيدًا كلامه وتابع: بالفعل قد حدث ، وقد ظهر عدد من العروض.
فأومأت روح برأسها نافية وهي تهدر: بالطبع لا ، سأظل معك.
إلتفت إليها مراد وقال بهدوء: حديثي معك من ناحية العمل دون أي علاقة بأي أمور شخصية .
فقالت: لكني في راحة معك ، فما الذي يجعلني أوقع وأذهب مع آخرين غرباء عني ولا أعرفهم.
تابع مراد: لكني لن أستطيع حالياً مضاعفة أجرك ليكون مواكباً لتلك العروض.
أومأت روح قائلة: عندما وافقت على هذا العمل ، بسبب أني كنت في حاجة للخروج من حالة معينة والحمد لله صرت في أحسن حال ، وأيضاً حتى لا أضيع على حامد فرصة عمل جيدة وقد صار ماشاء الله ولا قوة إلا بالله في عمله من برنامج لآخر ، أنا لست بحاجة لمضاعفة أجر بقدر ما أحتاج لأكون مع من أرتاح معهم وأطمأن إليهم.
فقال مراد بهيام: وماذا أيضاً ؟
فإبتسمت روح وتخضبت وجنتيها وتابعت بإحراج: وكفى !
تنحنح حامد وهو ينظر بينهما بمكر قائلاً: إممممممم ! عظيم ! لكن ليتكما تنتبهان ، فرداً أعذباً لم يدق قلبه بعد.
أومأ مراد يكتم ضحكته قائلاً: حسناً !
إلتفتت روح نحو أخيها قائلة: صحيح يا حامد كنت أود أخذ بعض البراعم من الزرع فأنا أريد زرعه في الحديقة عندنا.
فأجابها حامد: خذيهم جميعاً فليس لدي أي وقت لرعايتهم وأخشى عليهم من الذبول.
فأكملت روح: هل تعلم أني أود أيضاً زراعة ذلك الجانب الفارغ ببعض النباتات الورقية جرجير ،بقدونس ،كرفس ، شبت وأيضاً طماطم وفلفل وبطاطس... وزراعتهم بسيطة.
فضحك حامد ومراد قائلاً: إنظر لأختك تريد أن تزرع محاصيل زراعية ، ما رأيك أيضاً في تربية بعض الدجاج أو البط أو الرومي ؟!!!
فإتسعت إبتسامتها وأهدرت بسعادة: فكرة رائعة ! لكن يمكن تأجيلها ، سأسمد الأرض أولاً بسماد بيتي الصنع عرفت طريقته ثم أقسم المكان للنباتات التي أود زراعتها.
ضحك حامد بشدة وقال: بالتوفيق عزيزتي.
أكمل مراد ضحكه وهو يقول: ما رأيك أيضاً في بقرة أو جاموسة تقومين بحلبها كل صباح ؟!!!... حتى تكتمل الباقة .
أومأت روح بخوف قائلة: لا لا أخاف منهم.
أكمل مراد ضحكه ثم تابع مازحاً: لا ، غير مسموح بهذا الهراء ، كيف لكِ لا تجيدين حلب الشاة؟؟!!
فضحك وضحك الجميع ومر الوقت وعادا لمنزلهما.
وفي الصباح استيقطت روح باكراً وقد أعدت إفطاراً مميزاً ومرهقاً أيضاً فقد أعدت بعض المخبوزات الهشة والمقلية وكان صوت غناءها يملأ المكان ، لم تكن تطرب بمعنى الكلمة لكنها كانت تدندن مثلما نفعل نحن عند إندماجنا فجأة في عمل ما.
حبه جنة أنا عشت فيها قربه فرحة حلمت بيها
ده اللي بيه احلو عمري ده اللي انا هديله عمري
ياما ليالي بستنى لقاه مهما قولتله واتحكاله
مستحيل أوصف جماله رقة الدنيا في عيونه
من اللي انا حسيته معاه
كل يوم ألقى روحي بتنده لييييييه
عل عموم مش هخبي واداري علييييه
إنه غيرني وسرقني وإن أنا اتعلقت بيه
اللي فات من حياتي ضايع قبلييييييه
في حاجات حلوة حصلتلي على إيديييييه
كل لحظة تزيد غلاوته وناوي يعمل تاني إيه
لما اغمض قلبي شايفه إسمي غنوة مابين شفايفه
صوته أجمل صوت نداني إبتسامته مطمناني
يوماتي بالي عليه مشغول
كنت عمري ما هلقي راحة
لولا بالصدفة لاقيته اللي بالغالي اشتريته
منايا اعيش وياه على طوووول
كان مراد خلفها ويتابعها وعلى كتفه منشفة يجفف بها عرقه فيبدو أنه كان يمارس تمارين رياضية بحجرة الرياضة ، فاقترب بهدوء وفجأة جاء من خلفها وقبل خدها فإنتفضت مفزوعة فضحك بشدة من هيئتها وقال :صباح الدلال والإنسجام.
روح وهي تضع يدها على خدها مكان قبلته وتتلاقط أنفاسها بحرج: صباح الخير ، أفزعتني.
مراد:وأنت أبهرتيني.
فإستدارت بوجهها وهي تضحك وتكمل ما كانت تفعله فاقترب منها ثانياً وجمع شعرها جانباً على كتفها الآخر برقة شديدة قد أذابتها لمساته تلك فأغمضت عينها كأنها ذهبت في حلم ، لكنه إنتبه لحاله وكيف ويتصبب عرقاً هكذا ! لا يمكن أن يقترب منها بهيئته تلك لأول مرة ، فإبتعد خطوة فإلتفتت بعدها ونظرت إليه وهي تحاول أن تنظم أنفاسها المنقطعة ثم قالت محذرة: لا يا مراد لا يمكن أن تقف هكذا ، إذهب فوراً وخذ حمام ، ستصاب بنزلة برد.
فأجابها بمشاكسة: كأنك تخافين عليّ مثلاً ؟!!
فتنهدت قائلة: ومن أغلى عندي منك ؟!
فإبتسم مراد وهو ينظر لها متيماً ثم قال: أتناول فطوري أولاً ، فرائحته لا تقاوم.
فرفعت سبابتها تتصنع الصرامة قائلة: لا بل الحمام أولاً، ستصاب بنزلة برد.
فتدلل وتابع: وتتركيني جائعاً !! أليس لديك أي شفقة ؟!!
- هي مجرد خمس دقائق.
- قولي لنفسك.
- بدل هذا الكلام كنت أنهيت حمامك.
تابع مراد بطريقته المتيمة: هل لي بأخذ..... واحدة ؟
إتسعت عيناهابفجأة وتسآلت متلعثمة: واحدة ماذا ؟!!
فضحك بمليء فمه وقال: قصدي بريء ، أريد واحدة من هذا (البتاع ) الشيء .
قال الأخيرة مقلدًا لها فأومأت برأسها مبتسمة مكررة: (البتاع )هه!!!
- إنها العدوى عزيزتي ، واحدة فقط وبعد الحمام أجيء وأكمل.
فهزت برأسها أن لا فبدأ يراوغها فيميل يميناً ويساراً وهي تتحرك لتحول بينه وبين السفرة ثم قال: إذن ضعيلي واحدة من بلح الشام هذا في فمي ، هل ستسامحين نفسك وأنا أذهب وأشتهي واحدة ؟!! ماذا لو سقطت في الطريق مثلاً ؟ أسقط وأنا أشتهي واحدة ؟!!
فأسرعت قائلة بخوف: لا تقول هذا الكلام بالله عليك.
فأخذت واحدة و وضعتها في فمه فأكلها وقضم إصبعها فتأوهت بصرخة خفيفة فضحك عليها.
فصاحت بخفة: ستأكل إصبعي !!!
فإبتسم متيماً وقال: معذرة ! لكن هذا ما يقال عنه أكل أصابعه ورائه.. ثم قهقه ضاحكاً وتابع : أتخيلك الآن وأنتِ تقدمي بلح الشام في إحدى الحلقات و تتذكريني وتضحكين .
فتابعت تشاكسه: كأنك ستصمت ولا تزيد بحديثك المازح في أذني طوال تقديم الحلقات.... هيا أسرع فلدي أعمال كثيرة اليوم.
أومأ مراد قائلاً: يوم الزراعات ؟!!
- أجل !!
- ما أجمل هذا اليوم وكل أيامي معك ؟!!!
ثم تحرك مراد فوقفت تضع يدها على قلبها ربما يهدأ قليلاً من تلك الدقات القوية وتتنهد بعمق وهي تغمض عينيها و تتذكر لمسته لها عندما جمع شعرها جانباً ، لكن فإذا بقبلة أخرى على خدها فإنتفضت ثانياً فضحك وأسرع جرياً لأعلى.
أخذ مراد حمامه وارتدى ملابسه وتهيأ تماماً للخروج ثم نزل يتناول فطوره مع روح فؤاده ثم قبل جبهتها بحب وخرج لعمله..........................
NoonaAbdElWahed
(روح الفؤاد)
الحلقة الثانية و العشرون
بقلم: نهال عبد الواحد
بعد خروج مراد لعمله بدأت روح في عملها في الحديقة وهي تضع الشتلات وتزرع بعض النباتات الورقية كما أرادت ، وبعد إنتهاءها بمساعدة حارس الحديقة ذهبت تعد الغداء ثم ذهبت تتحمم وتبدل ثيابها قبل مجيء مراد ، لكنه قد تأخر اليوم كثيراً وكلما اتصلت به وجدته غير متاح وبدأ القلق يتسرب بداخلها كثيراً وزاد من تدفق هذا القلق تذكرها لما قاله في الصباح «إفترضي أني وقعت » وارتعد قلبها أكثر وشعرت أن ربما يكون حدث له أمر ما فأخذت تهديء من نفسها وتعاود الإتصال مجدداً وتكراراً ربما تفلح ، لكن بلا جدوى.
وفجأة شعرت بالباب يفتح فانطلقت مسرعة نحو الباب فوجدت مراد يدخل بصحبته حامد يسنده ويبدو على مراد التعب الشديد كما أن بيد حامد كيسٌ من العلاج، فصاحت: ماذا حدث ؟!
أجابها حامد: لقد تعب مراد وارتفعت حرارته وذهبت به لطبيب جارٌ لكم وصديقٌ لمراد ، اطمأني مجرد نزلة برد ، وهذا هو العلاج.
فنظرت إليه روح بإشفاق وأهدرت بحزن: ألم أقل لك في الصباح ؟!
قال مراد بنبرة متعَبة: أريد الذهاب لغرفتي.
وبالفعل أسنده حامد وصعد به ومعهما روح حزينة للغاية ، وعندما وصلوا لغرفة مراد وفتحوا الباب فإذا بالغرفة فوضى كبيرة فوجمت روح فهي المرة الأولى التي تدخل فيها غرفة مراد منذ أن جاءت هذا البيت وقد شعرت بحرجٍ شديد أنها لم تفكر يوماً الإعتناء بتلك الغرفة.
صاح حامد بغضب: ما هذا يا روح ؟! كأنه قد تعلمتي اللامبالاة والتبلد ؟!!
فسكتت ونظرت أرضاً بخزي واستأذن مراد ليدخل الحمام فانتهزت الفرصة وبدلت فراش السرير مسرعة وجمعت الملابس الملقاة في كل إتجاه فعلقت النظيف وجمعت المتسخ للغسيل .
وبمجرد خروج مراد من الحمام شعر وكأنه قد دخل لغرفة أخرى ، لكن لم يكن لديه أي طاقة للحديث وقد شحب وجهه للغاية كما لو أنه مريض منذ زمن ، لكنه طلب من حامد المبيت معهم ربما تحتاج روح لأمر ما فوافق حامد.
ساعد حامد مراد للإستلقاء في فراشه و دثرته روح جيداً وبدأت بعمل الكمادات وأشارت لحامد للغرفة المجاورة حتى ينام فيها فاستأذن حامد وخرج وأغلق الباب خلفه.
وبمجرد دخول حامد للحجرة المجاورة وهي حجرة أخته وبها كل أشياءها ومقتنياتها ففهم سبب فوضى حجرة مراد كما فهم طبيعة العلاقة بينهما فتأفف من أخته متمتماً : أوووووووف منك يا روح ! لا فائدة معكِ ! إنه رجل مفصّل بالضبط كما تريدين ويحبك بجنون ماذا تريدين إذن ؟!! كم أشفق عليك يا مراد ! لكن سؤريكِ يا روح !
وعزم حامد على الإقامة معهما وأحضر بعض ملابسه وبذلك يجبر روح على البقاء مع مراد في غرفته.
مرت بضع أيام و روح بجوار مراد تمرّضه وتعتني به كأفضل إعتناء ، فيكاد لا يفعل شيء بنفسه فهي تطعمه وتعطيه علاجه وتساعده في تبديل ملابسه وتكون في قمة إحراجها منه وهو يلاحظ ذلك منها فيماطل أثناء تبديل ملابسه لكن سذاجتها واضحة فلم تفهم أنه يفعل ذلك.
كانت لا تتركه إلا وقت نزولها للمطبخ لإعداد الطعام أو مشروباً دافئاً له وغالباً ما يكون ذلك في وقت غفلته.
وبدأ مراد يتحسن ويسترد صحته لكنه قد أعجب بذلك الإهتمام فتمادى في تمارضه وهي تصدقه وتظل جواره ولا تتركه وكان حامد يعلم ذلك لكنه كان يساعده بمكوثه معهما والتأكيد على روح أن تهتم بمراد أكثر وأكثر وهي تصدق وتفعل ومراد يضحك من خلفها هو وحامد ، لكن حامد يخشى أن تعرف روح الحقيقة و وقتها لن ترحمه سواء هو أو مراد.
وذات مساء بينما كان مراد نائم وقد أرهقها جسدها للغاية من تلك الأيام خاصة ولم تكن تنام مستلقية بجوار مراد بل كانت تنام جالسة ومهما حاول معها مراد لتنام بجواره كانت تتحجج بأنها لا تود التضييق عليه ، لكنها تسللت في هدوء وأحضرت ملابسها ودخلت في الحمام الخاص بغرفة مراد وخلعت ملابسها وجلست في الماء الساخن في( الجاكوزي ) لتريح جسدها بتلك التدليكات الأتوماتيكية ، كم هذا مريح وممتع ! لكن .....
لكن تلك الراحة والإستجمام قد أسقطها في سباتٍ عميق ، لقد نامت بالفعل في الماء الساخن وحمام البخار وبعد مدة ليست بالطويلة فتحت عينيها فجأة تنظر حولها تكاد لا ترى شيئاً ، فكل ما حولها ضباب كثيف و تتعذر الرؤية حتى لكف يدها ، لكنها صارت فجأة لا تقوى على التنفس ولا تقوى حتى أن تسعل.
لكن الدخان كثيف في كل مكان فلقد نسيت أن تفتح الشفاط فهبت مسرعة مفزوعة تحاول تحسس المكان حولها بأصابعها لتتمكن حتى من إرتداء ملابسها وتخرج بسرعة.
وقد بدأت بالفعل تشعر أنها ستفقد وعيها وتتحسس بيدها فوجدت شيئاً ما ربما الروب الخاص بمراد فأخذته وارتدته مسرعة أياً كان هذا الشيء ، فكانت تدخل يدها وتفتح باليد الأخرى.
كان مراد في ذلك الوقت قد بدأ يستيقظ فبحث عن روح حوله فلم يجدها فظن أنها نزلت المطبخ أو ربما ذهبت تفعل شيئاً ما في غرفتها.
لكن مهلاً ! كأن هناك صوت قادم من الحمام وكان ذلك صوت تحرك روح واصطدامها في ضباب الدخان ، فقام وتحرك نحو الحمام وهو ينصت لذلك الصوت لكن كان هناك صوت آخر كأنه شهقات وكان ذاك صوت روح وهي تحاول أن تسعل ، فاقترب من الباب أكثر ودقات قلبه تتسارع دون أن يعرف السبب ثم طرق الباب وينادي على روح بقلق: روح ! هل أنتِ بالداخل ؟ روح ! إن كنتِ بالداخل فردي عليّ ، أجيبيني رجاءً .
وكان يتردد أن يدفع الباب لكنه شعر كأنما يتحرك مقبض الباب بضعف فلم يجد بداً إلا أن يفتحه ولم يصدق كم الضباب الهائل لكنه لمح خيالها فمد يده وجذب بسرعة ذلك الخيال الذي يراه.
وفي تلك اللحظة فقدت وعيها فلحسن حظها أن الباب لم يكن موصد بالمفتاح ، فحملها و وضعها في فراشه وضم عليها الروب ودثرها جيداً ويحاول إفاقتها فيخبط على وجهها قليلاً ويرش بعض من العطر في يده ويقربه حول أنفها.
لكن بدأت تتحول نداءاته لصراخ بإسمها وقد سمعه حامد فطرق الباب ودخل وتفاجأ بكم الدخان الخارج من الحمام ويملأ الغرفة فأسرع متجهاً وفتح النافذة.
صاح حامد في فزع: ماذا حدث ؟ ما الذي احترق ؟ ما كل هذا الدخان ؟
صرخ مراد بفزع: أطلب جاري الطبيب بسرعة ليجيء فوراً ، روح كادت تختنق ببخار الحمام لقد نسيت تفتح الشفاط غالباً.
فاتصل حامد بالطبيب مسرعاً ومراد بجوارها يضع يده بالقرب من أنفها وفمها للتأكد إن كانت تتنفس لكنه لم يشعر بتنفسها فيضع يده عند رقبتها ليشعر بنبضها لكن النبض كان ضعيفاً للغاية.
كاد أن يفقد عقله وقد توقف عن التفكير ولا يفعل أي شيء سوى أنه يصيح وينادي عليها بصراخٍ شديد و دموعه تنهمر فقد خشى أن يفقدها ولا يدري كيف يتصرف حتى يجيء الطبيب.
وما كانت لحظات حتى وصل الطبيب وصعد مع حامد مسرعاً يحمل حقيبته وفي اليد الأخرى جهاز التعقيم وخلفهما مسرعة دادة عزيزة ، وبمجرد دخوله للغرفة وصل الكهرباء لجهاز التعقيم وطلب مناشف نظيفة ومكوية وكانت دادة عزيزة تقوم بإعدادها ولازال مراد متشبث بها والطبيب يبعده حتى يتمكن من إنقاذها.
الطبيب:من الواضح أنها قد استنشقت دخان كثير وقد سد مجرى التنفس ، نحذر آلاف المرات من هذا البخار إنه يفقد الوعي بسرعة غريبة.
كان الطبيب يتحدث وهو يرتدي قفازاتٍ مطاطية وكان الجميع لا يفهم ماذا ينوي فعله.
أهدر مراد بلهفة: ضعها علي جهاز التنفس بسرعة أرجوك !
فأومأ الطبيب برفض قاطع مجيباً: لا يمكن الآن.
تسآل مراد بريبة:أخبرنا ما تنوي فعله ؟!
فأمسك الطبيب بمشرط أخذه من جهاز التعقيم المحمول الذي أحضره معه: سأفتح فتحة صغيرة في رقبتها.
صاح حامد بصدمة: ماذا تقول ؟!! إذن فلنطلب الإسعاف أو نذهب بها لمستشفيً قريبة.
فوضع الطبيب المنشفة حول رقبتها ويقترب من رقبتها بمشرطه وقال: لا يمكن ذلك أبداً ، يلزم وصول هواء لداخل الرئة فورًا!
وكان يشرط فتحة صغيرة في رقبتها بالكاد يتعدى سنتيمتر واحد ثم أخذ بأنبوب صغير من جهاز التعقيم أسمك قليلاً من أنبوب القلم أو تقريباً في حجم أنبوب (درنأة) العمليات الجراحية ، وأدخل ذلك الأنبوب الصغير في ذلك الثقب الصغير.
وما كانت لحظات حتى بدأت تسعل وكانت السعلة الأولى تبدو صعبة وثقيلة لكن بعد ذلك تتابعت السعلات بشكل شهقات متلاحقة كأنها أزمة ربوية فأدار الطبيب جهاز التنفس و وضع دواء في القناع وألبسه لها حتى إنتهت تلك الجلسة ثم أعطاها حقنة وبعد حوالي ثلث ساعة أعطاها جلسة تنفس ثانية وقد بدأ تنفسها بعد ذلك يبدو طبيعياً وقد عرف ذلك من إرتفاع و إنخفاض حركة صدرها ، وبعد جلسة التنفس الثانية قاس لها درجة الحرارة والضغط فوجد ضغطها منخفض للغاية فعلق لها محلولاً وحقنه بدواء.
وبعد مرور فترة وقد تأكد الطبيب أن الأمور قد صارت على ما يرام فنزع الأنبوب وغطى تلك الفتحة بغيار طبي كجرح عادي ثم كتب روشتة علاج ليصرفها حامد وإطمأن بعد ذلك على صحة مراد الذي بدأ أخيراً يتلاقط أنفاسه ويعي لنفسه بعد تلك الساعات العصيبة.
غادر الطبيب وغادر حامد وذهب لشراء العلاج من إحدى الصيدليات التي تعمل لمدة أربعٍ وعشرين ساعة ، بينما ضم مراد روح إليه وهو يتنفس الصعداء ويحمد ربه أنه قد تم إنقاذها.
نام مراد وضم روحٌ على صدره فإذا بالباب يطرق طرقات خفيفة فأيقظته وقد كان حامد قد اشترى العلاج وقد إبتسم من هيئتهما معاً فوضع الدواء على الكوميدون فهز مراد رأسه له بإمتنان و حرك شفتيه أن شكراً.
وغادر حامد وأغلق الباب خلفه وعاد مراد لنومه من جديد وهو يضم بروحٍ إليه......................
NoonaAbdElWahed
الحلقة العشرون
بقلم :نهال عبد الواحد
صعدا السلم الداخلي للفيلا والذي بمجرد أن صعدا عدة درجات شعر بتوترها فحاول ألا يأبه ثم وصلا للطابق العلوي فوقف في منتصف المكان ويشير بيديه حوله قائلاً: هنا توجد الغرف ، هذه غرفة زائدة من أجل الضيوف ، وهذه الغرفة غرفتي وقد كانت غرفة والدي سابقاً ثم قمت بتجديدها ، وهذه الغرفة التي نمتي فيها بالأمس وقد كانت غرفتي في طفولتي ، صحيح كيف كانت ليلتك ؟ وهل أعجبتكي ؟!!
أومأت روح برضا: أجل ! هي مريحة ولطيفة جداً ، لكن النوم كان متقطع بسبب تغيير المكان ، سأتعود عليها مع الوقت.
فقال:لكني لا أريدك أن تتعودين عليه ،أقصد لدي في حمام حجرتي حمام بخار و (جاكوزي) إن أردتي الإسترخاء سيعجبك بشدة وقتما تشائين بشرط أن تفتحي الشفاط لأن الدخان يكون كثيف جداً.
ثم قال:وهنا كما ترِي مكان جلوس للمعيشة ، وهناك أقراص مدمجة لأفلام عربية وأجنبية ، قديمة وحديثة... ستجدي أذواق متعددة ، كما يوجد أيضاً مجموعة من المسرحيات القديمة التي كنا نشاهدنا في صبانا مثل «العيال كبرت» و «شاهد ماشافش حاجة» وغيرها..... ومن حين لآخر أذهب وأحضر مجموعة ، إن أردتي شيئاً بعينه بلغيني فوراً.
فإبتسمت روح وأهدرت: أشكرك .
فإبتسم إليها وأطال نظره إليها من ذلك الهدوء والرقة التي لا يعهدهما من قبل ثم فتح الستارة والتي أظهرت شرفة كبيرة تطل على حديقة الفيلا وقد أعجبت روح بها كثيراً لكنها أيضاً كانت مشمسة.
ثم جلسا على الأريكة لكنها تفاجأت بمراد يجلس أرضاً ويفتح أحد أدراج المنضدة الكبيرة التي تتوسط المكان وأخرج منه ألعاب الشطرنج والطاولة ولعبة الورق و......
فكان يخرج كل لعبة وهي تضحك فيضحك على ضحكها ثم جلسا يلعبان بكل لعبة بعض الوقت.
مرت عدة أيام ومراد يتعامل معها برقة وهي أيضاً كانت تتعامل بهدوء و لطف ويمضيان وقتاً رائعاً بين التسلية واللعب أو الحديث في مختلف الأمور.
وقد تبدلت روح فاختفت روح المتشددة التي تثور وتحتد في الكلام لأتفه الأسباب وجاءت روح أخرى أكثر هدوءاً ولطفاً وفيها من خفة الظل والوجه البشوش وكان ذلك بالنسبة لمراد إنجازاً كبيراً.
وبدأ مراد يخرج لعمله فيفطران معاه صباحاً فقد إعتاد على الإفطار منذ أن وطأت قدميها منزله ولم لا وهي تصنع طعامه بيدها وتجلس هي معه تشاركه الأكل ، كما إعتاد شكرها عقب كل وجبة تصنعها بيدها ويقبل يدها برقة شديدة وقبل أن يخرج يسلم عليها ويقبل جبهتها وكذلك عندما يعود ، لكنه يود لو يضمها إليه في عناق طويل.... لكن لم يحن الوقت بعد ، ويجلس معها يقص عليها يومه و يسألها كيف قضت يومها ويحكيان.
كانت روح ترى كل تلك التفاصيل البسيطة كحلم كم تمنت أن تعيشه وتتعامل بتلك الطريقة لكنها قد أجزمت أن تلك الطرق ليست إلا في الروايات والأفلام وما شابه ذلك لكنها بعيدة كل البعد عن أرض الواقع ، لكنها صارت تعيشها في الحقيقة.
وذات يوم قد تأخر مراد وكان يخرج يومياً ويعود مساءً ولا يتناول أي شيء طوال اليوم لأنه يعلم أن هناك من تنتظره وتعد له مالذ وطاب.
قلقت ذلك اليوم للغاية فقد تأخر عن موعده كثيراً وشعرت وكأنها بدأت تنهار ولاتدري ماذا تفعل ، وأخيراً قد وصل و وحدها تنتظره فأسرعت نحوه فوجم مراد لا يصدق نفسه ثم توقفت فجأة وكأنها تراجعت عن فكرة التعلق بعنقه والعناق الشديد لكنه قرأ برماديتها القلق الرهيب.
فتسآلت بلهفة وقلق: لماذا تأخرت هكذا ؟!!
فسألها بهدوء غير ملائم لقلقها: كأنك كنتِ قلقةٌ مثلاً ؟!!
فنظرت له وبدأت تستشيط غضباً فلحقها مسرعاً: أقصد إن كنتِ قلقة عليّ فلماذا لم تتصلين بي ؟ فأنت لم تتصلين بي قط من قبل.
فقالت بتردد:هه ! ربما إذا اتصلت بك شعرت بضيق أو وصفتني بذبابة زنانة تتلزق بسخافة.... أقصد....
كان مراد يتابعها بعيونه ويفهم سر إرتباكها هذا وترددها فاقترب منها وأمسك بيديها وقبل جبهتها بعمق عاشق كاد يذهب بها مع رائحة عطره المهلكة تلك وكأنما فقدت وعيها للحظات ثم إبتعد عنها قليلاً لكنه لازال قريباً منها وممسكاً بيديها وقال:أشعر بضيق ؟!! هل هناك عاقل تكون معه مثلك تحدثه وتسأل عنه ويشعر بضيق ؟!! رغم أنه لا توجد من هي مثلك لكن مؤكد هو غير طبيعي.
أطالت النظر إليه ثم قالت: هل أنت هكذا فعلاً ؟!!!!
فإبتسم مراد بعدم فهم وتسآل: ماذا تقصدين ؟!!
- طوال الوقت تتعامل برقة ولطف !!
- لن أجيبك بل سأترك الأيام هي التي تجيبك.. ألم تريدين معرفة ماذا أحضرت لكِ ؟!!
فنظرت روح لتلك الحقيبة الكبيرة التي لم تنتبه إليها إلا تواً لكنها كانت حاملة للملابس ربما بداخلها بدلة أو شيئاً آخر.
فقال: غداً أول حلقة لنا معاً في برنامج المسابقات بعد زواجنا وأردت أن نظهر بمظهر خاص في أول لقاء خاصةً مع وجود الجمهور، هذا فستان لكِ أتمني أن ينال إعجابك.
فإبتسمت وهمت بفعل بشيء لكنها تراجعت في آخر وقت لكن مراد قد فهم وإبتسم فمسح على شعرها برفق وقبل جبهتها وهو يقول: مباركٌ لكِ.
فأجابت بإمتنان وسعادة: شكراً ، ربي لا يحرمني منك أبداً !
- ولا منك ، وفي الغد ستجيء إليكِ خبيرة التجميل لتفعل لكِ كل ما ترديه ، صحيح هناك حذاء مناسب للفستان واطمأني مريحٌ للغاية فلا حاجة لصراخ ولا عويل ولا بكاء.
وغمز لها كأنه يذكرها بلقاءهما الأول فضحكت بحرج وقالت: والله لم تحدث إلا ذلك اليوم فقط ، دائماً أرتدي الأحذية ذات الكعب العالي دون أي مشاكل.
- إذن هو حظي !
- رغم إني كنت أنوي أن أستأذن منك للذهاب إلى حامد فهو بمفرده ويحتاج من وقت لآخر لمن يذهب يرتب المنزل ويعد له عدة وجبات.
- إذن فلنجعل ذلك بعد غد ، وخذي إحدى الخادمات معكِ لا أريدك تجهدين نفسك في تنظيف أو خلافه يكفيكي صنع الطعام كما تصنعيه هنا ، وسوف أجيء وأتناول معكما الغداء.
روح بسعادة بالغة: فعلاً ؟!!!
مراد:أجل ! هل نسيتي أنكِ الملكة المتوجة وكل ما عليكِ أن تشيري وكل شيء ينفذ ، لا أريد إرهاقك.
- أقصد ، هل ترغب فعلاً بالمجيء وتناول الغداء معنا ؟!!
- بالطبع ! أليس ذلك المعتاد ؟! ثم أن أخيكي هذا صديق لي ، هل نسيتي ؟! ثم إني لم أعد أطيق الطعام إلا من يديكي.
فإبتسمت ثم ذهبت لتعد العشاء.
وفي اليوم التالي مساءً وقف مراد بالأسفل يرتدي حُلةً سوداء وقميص أسود وهيئته أنيقةٌ للغاية يشبه نجوم السينما وينطر في ساعته من حين لآخر.
وبعد قليل سمع صوت باب الغرفة ثم صوت خطوات كعب نسائية تعلن عن هبوط ملكة متوجة فاقترب من السلم وهو يعدل حاله ويميح علي شعره برقة ، فنزلت روح في أبهى طلة رآها عليها تجمع شغرها لأعلى في فورمة شعر رائعة وترتدي فستان أبيض هاديء عاري قليلاً من الكتفين وله أكمام مفرغة ثم يبدأ بإتساع من الخصر إلى أسفل الركبتين وعلي خصرها حزام مرصع بفصوص فضية وموضوع منها حول عنق الفستان وباقي الفستان بسيط مع حذاء أبيض به بعض الفصوص الفضية أيضاً وذا كعب عالٍ .
كانت تنزل بجوارها المربية عزيزة سعيدة بها للغاية ، وقف مراد يتطلع إليها في نظرة طويلة بإعجاب شديد بكل تفصيلة فيها بينما روح تبتسم بإحراج من نظراته تلك، تنهد مراد بعشق ثم أهدر: ترى ماذا أقول ؟!!
تابعت المربية بإعجاب: ماشاء الله تبارك الرحمن ، هي بدرٌ مضيء ، ربي يحفظها ويبارك لكما عزيزايّ !
فعانقتها روح بحب، فقالت المربية بمكر: هذا العناق المفترض ألا يكون لي.
فإبتسمت روح بلا رد ونزلت ماتبقى من درجات السلم حتى إقتربت منه فوضع يده في جيبه وأخرج علبةً صغيرةً وفتحها وأخرج منها خاتم الزواج (دبلة) وألبسها لها ثم خاتم و ألبسه لها أيضاً وقبل يدها ثم أعطي إليها خاتم الزواج الفضي (دبلته) فألبستها له فاقترب منها وقبّل جبهتها قبلة طويلة يبث فبها حبه وأشواقه الدفينة نحوها.
ثم أمسك بيدها وتأبطها ولا يزال يشبك أصابعه بأصابعها.
وصل مراد وروح لمكان تصوير البرنامج بينما كانت روح تشعر كأنما ذاهبة لسهرة وليس لبرنامج فهي لم تعتاد على تلك الهيئة فكانت محرجة وتخشى الدخول من الكواليس وقد شعر مراد بتوترها هذا فأمسك بيدها مع نظرته لها ليطمأنها.
دخل الإثنان أمام الجمهور بأيدٍ متشابكة فوقف الجميع وصفق وعندما وصلا لمنتصف المسرح تساقطت عليهما من أعلى وروداً حمراء وقصاصات لامعة فضية فنظرت روح حولها بسعادة كبيرة ولازال الجميع يصفق ثم إلتفتت إليه وقد أدركت أنها فكرته فإبتسمت وقبل أن تتحرك شفتيها بحرف خففت الأضواء فجأة وأدارت أغنية لم تتدركها في البداية فمد مراد يده بطريقة مسرحية يطلبها للرقص فمدت يدها إليه فجذبها نحوه برقة ولف بذراعه على خصرها وقربها أكثر ثم شبك يده بيدها و وضعها على قلبه واقترب أكثر و وضع خده على خدها وكان يتنفس عطرها ويشعر بخفقان قلبها هذا ،فلم يقتربا هكذا من قبل لتلك الدرجة وبدءا يتراقصان في إنسجام رائع كانت كالمغيبة لا تتحرك بإرادتها بل هو من يحركها لقد ذابت بين يديه وأغمضت أعينها تستنشق عطره هي الأخرى وتشعر بكل دقة من قلبه وكأنها تناديها.
وهكذا أُعلن للجميع أن هذان الإثنان قد سقطا في عشق عميق.......
أنا مش مصدق نفسي إنك بين إيديا
من يوم ما حبك خدني مش بتنام عيني
جوايا شووووق أد الحنان اللي في عينيكي
روحي فيكِ نظرة ليكِ هي الحياااااااااة
........................................
NoonaAbdElWahed
(روح الفؤاد)
الحلقة الحادية والعشرون
بقلم :نهال عبد الواحد
تراقص الإثنان في إنسجام رائع ثم جلسا في مكانهما كلجنة تحكيم للبرنامج لكنها كانت حلقة لها طابع خاص ومختلف ويبدو للمشاهدين أن جميع الحلقات ستمضي هكذا حيث أن مراد قد قرب كرسيه من روح وينظر لها من حين لآخر ويهمس إليها أيضاً فتضحك ويمسك بيدها طوال الوقت.... كم كانت هيئتهما رائعة !!
إنتهى البرنامج وعادا معاً بأيدٍ متشابكة ثم ذهب كلاً منهما إلى غرفته بعد قبلة عميقة على جبهتها لتُذهِب النوم من عينيها طوال الليل.
وفي اليوم التالي ذهبت روح لبيت أخيها كما إتفقت مع مراد واصطحبت معها إحدى الخادمات ، ولم تكن روح ممن تأمر وتقول افعلي هذا واتركي ذاك بل يدها بيد الجميع وتتعامل بتلقائية دون عجرفة لذلك قد آلفها الجميع.
وبالفعل تم تنظيف البيت وطبخت وجبات صغيرة لأخيها كما عهدت في السابق و وضعتها لتتجمد في الفريزر ويخرجها هو وحسب الطلب وأيضاً أعدت وجبة غداء لهم جميعاً هي ومراد وأخويها وإيمان فصنعت طاجن خضروات باللحم في الفرن وطاجن من الأرز المدسوس مع بعض السمبوسك والسلطات والحلو طبق كنافة( بالنوتيلا.)
مضى وقتاً لطيفاً وممتعاً بين الجميع وإزدادوا سعادة بخبر حمل إيمان وذلك الذي جعلها هي وأيمن يذهبان سريعاً.
جلست روح مع مراد وحامد وكانا يتحدثان في أمور العمل فقد صار حامد معداً للبرنامج في أكثر من برنامج، فقال مراد: كنت سأنسى موضوعاً هاماً.
فتسآل حامد: خيراً !
فانتبه هو وروح ينصتان إلى مراد القائل: كما تعلمان أن مدة إنتهاء عقد روح معي في برنامج مطبخ روح الفؤاد قد قاربت على الإنتهاء والمفترض أن يتجدد أو يُلغى معي كمنتج للبرنامج.
فصاحت روح بفجأة: يُلغى ؟!!!!
إبتسم مراد وتابع: البرنامج ناجح بكل المقاييس ، والجميع مؤكد أنه يعلم بتلك المعلومة ، فأكيد سيعرض عليكِ الكثير من العروض من آخرين وبأجور متضاعفة.
أومأ حامد مؤيدًا كلامه وتابع: بالفعل قد حدث ، وقد ظهر عدد من العروض.
فأومأت روح برأسها نافية وهي تهدر: بالطبع لا ، سأظل معك.
إلتفت إليها مراد وقال بهدوء: حديثي معك من ناحية العمل دون أي علاقة بأي أمور شخصية .
فقالت: لكني في راحة معك ، فما الذي يجعلني أوقع وأذهب مع آخرين غرباء عني ولا أعرفهم.
تابع مراد: لكني لن أستطيع حالياً مضاعفة أجرك ليكون مواكباً لتلك العروض.
أومأت روح قائلة: عندما وافقت على هذا العمل ، بسبب أني كنت في حاجة للخروج من حالة معينة والحمد لله صرت في أحسن حال ، وأيضاً حتى لا أضيع على حامد فرصة عمل جيدة وقد صار ماشاء الله ولا قوة إلا بالله في عمله من برنامج لآخر ، أنا لست بحاجة لمضاعفة أجر بقدر ما أحتاج لأكون مع من أرتاح معهم وأطمأن إليهم.
فقال مراد بهيام: وماذا أيضاً ؟
فإبتسمت روح وتخضبت وجنتيها وتابعت بإحراج: وكفى !
تنحنح حامد وهو ينظر بينهما بمكر قائلاً: إممممممم ! عظيم ! لكن ليتكما تنتبهان ، فرداً أعذباً لم يدق قلبه بعد.
أومأ مراد يكتم ضحكته قائلاً: حسناً !
إلتفتت روح نحو أخيها قائلة: صحيح يا حامد كنت أود أخذ بعض البراعم من الزرع فأنا أريد زرعه في الحديقة عندنا.
فأجابها حامد: خذيهم جميعاً فليس لدي أي وقت لرعايتهم وأخشى عليهم من الذبول.
فأكملت روح: هل تعلم أني أود أيضاً زراعة ذلك الجانب الفارغ ببعض النباتات الورقية جرجير ،بقدونس ،كرفس ، شبت وأيضاً طماطم وفلفل وبطاطس... وزراعتهم بسيطة.
فضحك حامد ومراد قائلاً: إنظر لأختك تريد أن تزرع محاصيل زراعية ، ما رأيك أيضاً في تربية بعض الدجاج أو البط أو الرومي ؟!!!
فإتسعت إبتسامتها وأهدرت بسعادة: فكرة رائعة ! لكن يمكن تأجيلها ، سأسمد الأرض أولاً بسماد بيتي الصنع عرفت طريقته ثم أقسم المكان للنباتات التي أود زراعتها.
ضحك حامد بشدة وقال: بالتوفيق عزيزتي.
أكمل مراد ضحكه وهو يقول: ما رأيك أيضاً في بقرة أو جاموسة تقومين بحلبها كل صباح ؟!!!... حتى تكتمل الباقة .
أومأت روح بخوف قائلة: لا لا أخاف منهم.
أكمل مراد ضحكه ثم تابع مازحاً: لا ، غير مسموح بهذا الهراء ، كيف لكِ لا تجيدين حلب الشاة؟؟!!
فضحك وضحك الجميع ومر الوقت وعادا لمنزلهما.
وفي الصباح استيقطت روح باكراً وقد أعدت إفطاراً مميزاً ومرهقاً أيضاً فقد أعدت بعض المخبوزات الهشة والمقلية وكان صوت غناءها يملأ المكان ، لم تكن تطرب بمعنى الكلمة لكنها كانت تدندن مثلما نفعل نحن عند إندماجنا فجأة في عمل ما.
حبه جنة أنا عشت فيها قربه فرحة حلمت بيها
ده اللي بيه احلو عمري ده اللي انا هديله عمري
ياما ليالي بستنى لقاه مهما قولتله واتحكاله
مستحيل أوصف جماله رقة الدنيا في عيونه
من اللي انا حسيته معاه
كل يوم ألقى روحي بتنده لييييييه
عل عموم مش هخبي واداري علييييه
إنه غيرني وسرقني وإن أنا اتعلقت بيه
اللي فات من حياتي ضايع قبلييييييه
في حاجات حلوة حصلتلي على إيديييييه
كل لحظة تزيد غلاوته وناوي يعمل تاني إيه
لما اغمض قلبي شايفه إسمي غنوة مابين شفايفه
صوته أجمل صوت نداني إبتسامته مطمناني
يوماتي بالي عليه مشغول
كنت عمري ما هلقي راحة
لولا بالصدفة لاقيته اللي بالغالي اشتريته
منايا اعيش وياه على طوووول
كان مراد خلفها ويتابعها وعلى كتفه منشفة يجفف بها عرقه فيبدو أنه كان يمارس تمارين رياضية بحجرة الرياضة ، فاقترب بهدوء وفجأة جاء من خلفها وقبل خدها فإنتفضت مفزوعة فضحك بشدة من هيئتها وقال :صباح الدلال والإنسجام.
روح وهي تضع يدها على خدها مكان قبلته وتتلاقط أنفاسها بحرج: صباح الخير ، أفزعتني.
مراد:وأنت أبهرتيني.
فإستدارت بوجهها وهي تضحك وتكمل ما كانت تفعله فاقترب منها ثانياً وجمع شعرها جانباً على كتفها الآخر برقة شديدة قد أذابتها لمساته تلك فأغمضت عينها كأنها ذهبت في حلم ، لكنه إنتبه لحاله وكيف ويتصبب عرقاً هكذا ! لا يمكن أن يقترب منها بهيئته تلك لأول مرة ، فإبتعد خطوة فإلتفتت بعدها ونظرت إليه وهي تحاول أن تنظم أنفاسها المنقطعة ثم قالت محذرة: لا يا مراد لا يمكن أن تقف هكذا ، إذهب فوراً وخذ حمام ، ستصاب بنزلة برد.
فأجابها بمشاكسة: كأنك تخافين عليّ مثلاً ؟!!
فتنهدت قائلة: ومن أغلى عندي منك ؟!
فإبتسم مراد وهو ينظر لها متيماً ثم قال: أتناول فطوري أولاً ، فرائحته لا تقاوم.
فرفعت سبابتها تتصنع الصرامة قائلة: لا بل الحمام أولاً، ستصاب بنزلة برد.
فتدلل وتابع: وتتركيني جائعاً !! أليس لديك أي شفقة ؟!!
- هي مجرد خمس دقائق.
- قولي لنفسك.
- بدل هذا الكلام كنت أنهيت حمامك.
تابع مراد بطريقته المتيمة: هل لي بأخذ..... واحدة ؟
إتسعت عيناهابفجأة وتسآلت متلعثمة: واحدة ماذا ؟!!
فضحك بمليء فمه وقال: قصدي بريء ، أريد واحدة من هذا (البتاع ) الشيء .
قال الأخيرة مقلدًا لها فأومأت برأسها مبتسمة مكررة: (البتاع )هه!!!
- إنها العدوى عزيزتي ، واحدة فقط وبعد الحمام أجيء وأكمل.
فهزت برأسها أن لا فبدأ يراوغها فيميل يميناً ويساراً وهي تتحرك لتحول بينه وبين السفرة ثم قال: إذن ضعيلي واحدة من بلح الشام هذا في فمي ، هل ستسامحين نفسك وأنا أذهب وأشتهي واحدة ؟!! ماذا لو سقطت في الطريق مثلاً ؟ أسقط وأنا أشتهي واحدة ؟!!
فأسرعت قائلة بخوف: لا تقول هذا الكلام بالله عليك.
فأخذت واحدة و وضعتها في فمه فأكلها وقضم إصبعها فتأوهت بصرخة خفيفة فضحك عليها.
فصاحت بخفة: ستأكل إصبعي !!!
فإبتسم متيماً وقال: معذرة ! لكن هذا ما يقال عنه أكل أصابعه ورائه.. ثم قهقه ضاحكاً وتابع : أتخيلك الآن وأنتِ تقدمي بلح الشام في إحدى الحلقات و تتذكريني وتضحكين .
فتابعت تشاكسه: كأنك ستصمت ولا تزيد بحديثك المازح في أذني طوال تقديم الحلقات.... هيا أسرع فلدي أعمال كثيرة اليوم.
أومأ مراد قائلاً: يوم الزراعات ؟!!
- أجل !!
- ما أجمل هذا اليوم وكل أيامي معك ؟!!!
ثم تحرك مراد فوقفت تضع يدها على قلبها ربما يهدأ قليلاً من تلك الدقات القوية وتتنهد بعمق وهي تغمض عينيها و تتذكر لمسته لها عندما جمع شعرها جانباً ، لكن فإذا بقبلة أخرى على خدها فإنتفضت ثانياً فضحك وأسرع جرياً لأعلى.
أخذ مراد حمامه وارتدى ملابسه وتهيأ تماماً للخروج ثم نزل يتناول فطوره مع روح فؤاده ثم قبل جبهتها بحب وخرج لعمله..........................
NoonaAbdElWahed
(روح الفؤاد)
الحلقة الثانية و العشرون
بقلم: نهال عبد الواحد
بعد خروج مراد لعمله بدأت روح في عملها في الحديقة وهي تضع الشتلات وتزرع بعض النباتات الورقية كما أرادت ، وبعد إنتهاءها بمساعدة حارس الحديقة ذهبت تعد الغداء ثم ذهبت تتحمم وتبدل ثيابها قبل مجيء مراد ، لكنه قد تأخر اليوم كثيراً وكلما اتصلت به وجدته غير متاح وبدأ القلق يتسرب بداخلها كثيراً وزاد من تدفق هذا القلق تذكرها لما قاله في الصباح «إفترضي أني وقعت » وارتعد قلبها أكثر وشعرت أن ربما يكون حدث له أمر ما فأخذت تهديء من نفسها وتعاود الإتصال مجدداً وتكراراً ربما تفلح ، لكن بلا جدوى.
وفجأة شعرت بالباب يفتح فانطلقت مسرعة نحو الباب فوجدت مراد يدخل بصحبته حامد يسنده ويبدو على مراد التعب الشديد كما أن بيد حامد كيسٌ من العلاج، فصاحت: ماذا حدث ؟!
أجابها حامد: لقد تعب مراد وارتفعت حرارته وذهبت به لطبيب جارٌ لكم وصديقٌ لمراد ، اطمأني مجرد نزلة برد ، وهذا هو العلاج.
فنظرت إليه روح بإشفاق وأهدرت بحزن: ألم أقل لك في الصباح ؟!
قال مراد بنبرة متعَبة: أريد الذهاب لغرفتي.
وبالفعل أسنده حامد وصعد به ومعهما روح حزينة للغاية ، وعندما وصلوا لغرفة مراد وفتحوا الباب فإذا بالغرفة فوضى كبيرة فوجمت روح فهي المرة الأولى التي تدخل فيها غرفة مراد منذ أن جاءت هذا البيت وقد شعرت بحرجٍ شديد أنها لم تفكر يوماً الإعتناء بتلك الغرفة.
صاح حامد بغضب: ما هذا يا روح ؟! كأنه قد تعلمتي اللامبالاة والتبلد ؟!!
فسكتت ونظرت أرضاً بخزي واستأذن مراد ليدخل الحمام فانتهزت الفرصة وبدلت فراش السرير مسرعة وجمعت الملابس الملقاة في كل إتجاه فعلقت النظيف وجمعت المتسخ للغسيل .
وبمجرد خروج مراد من الحمام شعر وكأنه قد دخل لغرفة أخرى ، لكن لم يكن لديه أي طاقة للحديث وقد شحب وجهه للغاية كما لو أنه مريض منذ زمن ، لكنه طلب من حامد المبيت معهم ربما تحتاج روح لأمر ما فوافق حامد.
ساعد حامد مراد للإستلقاء في فراشه و دثرته روح جيداً وبدأت بعمل الكمادات وأشارت لحامد للغرفة المجاورة حتى ينام فيها فاستأذن حامد وخرج وأغلق الباب خلفه.
وبمجرد دخول حامد للحجرة المجاورة وهي حجرة أخته وبها كل أشياءها ومقتنياتها ففهم سبب فوضى حجرة مراد كما فهم طبيعة العلاقة بينهما فتأفف من أخته متمتماً : أوووووووف منك يا روح ! لا فائدة معكِ ! إنه رجل مفصّل بالضبط كما تريدين ويحبك بجنون ماذا تريدين إذن ؟!! كم أشفق عليك يا مراد ! لكن سؤريكِ يا روح !
وعزم حامد على الإقامة معهما وأحضر بعض ملابسه وبذلك يجبر روح على البقاء مع مراد في غرفته.
مرت بضع أيام و روح بجوار مراد تمرّضه وتعتني به كأفضل إعتناء ، فيكاد لا يفعل شيء بنفسه فهي تطعمه وتعطيه علاجه وتساعده في تبديل ملابسه وتكون في قمة إحراجها منه وهو يلاحظ ذلك منها فيماطل أثناء تبديل ملابسه لكن سذاجتها واضحة فلم تفهم أنه يفعل ذلك.
كانت لا تتركه إلا وقت نزولها للمطبخ لإعداد الطعام أو مشروباً دافئاً له وغالباً ما يكون ذلك في وقت غفلته.
وبدأ مراد يتحسن ويسترد صحته لكنه قد أعجب بذلك الإهتمام فتمادى في تمارضه وهي تصدقه وتظل جواره ولا تتركه وكان حامد يعلم ذلك لكنه كان يساعده بمكوثه معهما والتأكيد على روح أن تهتم بمراد أكثر وأكثر وهي تصدق وتفعل ومراد يضحك من خلفها هو وحامد ، لكن حامد يخشى أن تعرف روح الحقيقة و وقتها لن ترحمه سواء هو أو مراد.
وذات مساء بينما كان مراد نائم وقد أرهقها جسدها للغاية من تلك الأيام خاصة ولم تكن تنام مستلقية بجوار مراد بل كانت تنام جالسة ومهما حاول معها مراد لتنام بجواره كانت تتحجج بأنها لا تود التضييق عليه ، لكنها تسللت في هدوء وأحضرت ملابسها ودخلت في الحمام الخاص بغرفة مراد وخلعت ملابسها وجلست في الماء الساخن في( الجاكوزي ) لتريح جسدها بتلك التدليكات الأتوماتيكية ، كم هذا مريح وممتع ! لكن .....
لكن تلك الراحة والإستجمام قد أسقطها في سباتٍ عميق ، لقد نامت بالفعل في الماء الساخن وحمام البخار وبعد مدة ليست بالطويلة فتحت عينيها فجأة تنظر حولها تكاد لا ترى شيئاً ، فكل ما حولها ضباب كثيف و تتعذر الرؤية حتى لكف يدها ، لكنها صارت فجأة لا تقوى على التنفس ولا تقوى حتى أن تسعل.
لكن الدخان كثيف في كل مكان فلقد نسيت أن تفتح الشفاط فهبت مسرعة مفزوعة تحاول تحسس المكان حولها بأصابعها لتتمكن حتى من إرتداء ملابسها وتخرج بسرعة.
وقد بدأت بالفعل تشعر أنها ستفقد وعيها وتتحسس بيدها فوجدت شيئاً ما ربما الروب الخاص بمراد فأخذته وارتدته مسرعة أياً كان هذا الشيء ، فكانت تدخل يدها وتفتح باليد الأخرى.
كان مراد في ذلك الوقت قد بدأ يستيقظ فبحث عن روح حوله فلم يجدها فظن أنها نزلت المطبخ أو ربما ذهبت تفعل شيئاً ما في غرفتها.
لكن مهلاً ! كأن هناك صوت قادم من الحمام وكان ذلك صوت تحرك روح واصطدامها في ضباب الدخان ، فقام وتحرك نحو الحمام وهو ينصت لذلك الصوت لكن كان هناك صوت آخر كأنه شهقات وكان ذاك صوت روح وهي تحاول أن تسعل ، فاقترب من الباب أكثر ودقات قلبه تتسارع دون أن يعرف السبب ثم طرق الباب وينادي على روح بقلق: روح ! هل أنتِ بالداخل ؟ روح ! إن كنتِ بالداخل فردي عليّ ، أجيبيني رجاءً .
وكان يتردد أن يدفع الباب لكنه شعر كأنما يتحرك مقبض الباب بضعف فلم يجد بداً إلا أن يفتحه ولم يصدق كم الضباب الهائل لكنه لمح خيالها فمد يده وجذب بسرعة ذلك الخيال الذي يراه.
وفي تلك اللحظة فقدت وعيها فلحسن حظها أن الباب لم يكن موصد بالمفتاح ، فحملها و وضعها في فراشه وضم عليها الروب ودثرها جيداً ويحاول إفاقتها فيخبط على وجهها قليلاً ويرش بعض من العطر في يده ويقربه حول أنفها.
لكن بدأت تتحول نداءاته لصراخ بإسمها وقد سمعه حامد فطرق الباب ودخل وتفاجأ بكم الدخان الخارج من الحمام ويملأ الغرفة فأسرع متجهاً وفتح النافذة.
صاح حامد في فزع: ماذا حدث ؟ ما الذي احترق ؟ ما كل هذا الدخان ؟
صرخ مراد بفزع: أطلب جاري الطبيب بسرعة ليجيء فوراً ، روح كادت تختنق ببخار الحمام لقد نسيت تفتح الشفاط غالباً.
فاتصل حامد بالطبيب مسرعاً ومراد بجوارها يضع يده بالقرب من أنفها وفمها للتأكد إن كانت تتنفس لكنه لم يشعر بتنفسها فيضع يده عند رقبتها ليشعر بنبضها لكن النبض كان ضعيفاً للغاية.
كاد أن يفقد عقله وقد توقف عن التفكير ولا يفعل أي شيء سوى أنه يصيح وينادي عليها بصراخٍ شديد و دموعه تنهمر فقد خشى أن يفقدها ولا يدري كيف يتصرف حتى يجيء الطبيب.
وما كانت لحظات حتى وصل الطبيب وصعد مع حامد مسرعاً يحمل حقيبته وفي اليد الأخرى جهاز التعقيم وخلفهما مسرعة دادة عزيزة ، وبمجرد دخوله للغرفة وصل الكهرباء لجهاز التعقيم وطلب مناشف نظيفة ومكوية وكانت دادة عزيزة تقوم بإعدادها ولازال مراد متشبث بها والطبيب يبعده حتى يتمكن من إنقاذها.
الطبيب:من الواضح أنها قد استنشقت دخان كثير وقد سد مجرى التنفس ، نحذر آلاف المرات من هذا البخار إنه يفقد الوعي بسرعة غريبة.
كان الطبيب يتحدث وهو يرتدي قفازاتٍ مطاطية وكان الجميع لا يفهم ماذا ينوي فعله.
أهدر مراد بلهفة: ضعها علي جهاز التنفس بسرعة أرجوك !
فأومأ الطبيب برفض قاطع مجيباً: لا يمكن الآن.
تسآل مراد بريبة:أخبرنا ما تنوي فعله ؟!
فأمسك الطبيب بمشرط أخذه من جهاز التعقيم المحمول الذي أحضره معه: سأفتح فتحة صغيرة في رقبتها.
صاح حامد بصدمة: ماذا تقول ؟!! إذن فلنطلب الإسعاف أو نذهب بها لمستشفيً قريبة.
فوضع الطبيب المنشفة حول رقبتها ويقترب من رقبتها بمشرطه وقال: لا يمكن ذلك أبداً ، يلزم وصول هواء لداخل الرئة فورًا!
وكان يشرط فتحة صغيرة في رقبتها بالكاد يتعدى سنتيمتر واحد ثم أخذ بأنبوب صغير من جهاز التعقيم أسمك قليلاً من أنبوب القلم أو تقريباً في حجم أنبوب (درنأة) العمليات الجراحية ، وأدخل ذلك الأنبوب الصغير في ذلك الثقب الصغير.
وما كانت لحظات حتى بدأت تسعل وكانت السعلة الأولى تبدو صعبة وثقيلة لكن بعد ذلك تتابعت السعلات بشكل شهقات متلاحقة كأنها أزمة ربوية فأدار الطبيب جهاز التنفس و وضع دواء في القناع وألبسه لها حتى إنتهت تلك الجلسة ثم أعطاها حقنة وبعد حوالي ثلث ساعة أعطاها جلسة تنفس ثانية وقد بدأ تنفسها بعد ذلك يبدو طبيعياً وقد عرف ذلك من إرتفاع و إنخفاض حركة صدرها ، وبعد جلسة التنفس الثانية قاس لها درجة الحرارة والضغط فوجد ضغطها منخفض للغاية فعلق لها محلولاً وحقنه بدواء.
وبعد مرور فترة وقد تأكد الطبيب أن الأمور قد صارت على ما يرام فنزع الأنبوب وغطى تلك الفتحة بغيار طبي كجرح عادي ثم كتب روشتة علاج ليصرفها حامد وإطمأن بعد ذلك على صحة مراد الذي بدأ أخيراً يتلاقط أنفاسه ويعي لنفسه بعد تلك الساعات العصيبة.
غادر الطبيب وغادر حامد وذهب لشراء العلاج من إحدى الصيدليات التي تعمل لمدة أربعٍ وعشرين ساعة ، بينما ضم مراد روح إليه وهو يتنفس الصعداء ويحمد ربه أنه قد تم إنقاذها.
نام مراد وضم روحٌ على صدره فإذا بالباب يطرق طرقات خفيفة فأيقظته وقد كان حامد قد اشترى العلاج وقد إبتسم من هيئتهما معاً فوضع الدواء على الكوميدون فهز مراد رأسه له بإمتنان و حرك شفتيه أن شكراً.
وغادر حامد وأغلق الباب خلفه وعاد مراد لنومه من جديد وهو يضم بروحٍ إليه......................
NoonaAbdElWahed
تعليقات
إرسال تعليق