رواية- روح الفؤاد - الحلقات 23:25- بقلم نهال عبد الواحد - مجلة سحر الروايات
(روح الفؤاد)
الحلقة الثالثة و العشرون
بقلم :نهال عبد الواحد
وبعد عدة ساعات ربما وقت الظهيرة فتحت روح عينيها وكأن كل ما سبق كان مجرد حلم ، لكنها تفاجأت بأنها نائمة في حضن مراد وهو يطوقها بذراعيه فنظرت لحالها فوجدت نفسها ترتدي روباً لمراد ولا شيء تحته وشعرها منسدل بجوارها وتشعر بوخزة في رقبتها فوضعت يدها فشعرت كأنه لاصق أو غيار طبي.
كانت روح تتحرك كثيراً فألقت مراد فقال وهو لازال مغمضاً عينيه :شششششششش !! نم يا حبيبي !!
وربما يتحدث وهو لازال نائماً فانتظرت بعض الوقت ، كانت تشعر بحرج شديد من وضعها هكذا ثم إلتفتت تتأمل وجه مراد ربما تلك المرة الأولى التي تتطلع له فيها عن قرب أو تتطلع له فيها على الإطلاق كم كان جذاباً فإبتسمت فقد تحول هذا الحرج فجأة لشعور جميل ، لكنها لازالت تود النهوض حتى لترتدي ملابسها وبدأت تتحرك من جديد تحاول أن تفلت من ذراعيه المحكمتان الغلق عليها ربما تفلح لكنه فجأة تركها واستدار بظهره عنها فنهضت مسرعة من جوارها وهي تضم طرفي الروب على جانبيه لتحكم إغلاقه وتسللت تاركة الغرفة ومتجهة نحو غرفتها لترتدي ملابسها.
خرجت روح من الغرفة وأغلقت الباب خلفها فإذا بأخيها يخرج من غرفتها ليخرج لعمله فإنتفضت روح وازداد خجلها من هيئتها هكذا أمام أخيها وأخذت تضم الروب أكثر عليها فضحك حامد مما تفعله ثم تسآل : كيف حالك الآن ؟
فمطت شفتيها بعدم فهم ثم أجابت بتعجب :الحمد لله ، لكن كأن لسؤالك مغزي ؟!!
- لا أبداً ، كدنا سنفقدك بالأمس وكنتِ ستلحقين بوالديكي ، كدتي تختنقين بدخان حمام البخار ، لقد نسيتي فتح الشفاط.
- فعلاً ! كأني سقطت في بئرٍ عميق من النوم وعندما فتحت عيناي وجدت كل ما حولي أبيض اللون من شدة الضباب الكثيف حتى إني لم أرى كف يدي.
- ربنا ستر! لكن قد فتحت رقبتك ثقباً صغيراً..
ثم قال بمزحة :بسم الله الله أكبر.. يمكنك تعليق قرطاً فيها ، أقسم لك ستقلدك الفتايات والنساء أيتها المذيعة وستصير موضة..... ثم انفجر ضاحكاً !!
وضحك حامد لكن روح قد وجمت فترة ثم إتجهت مسرعة تنظر في المرآة وتضع يدها مكان الوخذ فوق اللاصق الطبي وفي ياقة الروب آثار لبعض الدماء الجافة فقالت بخوف: هل حقاً ثقبتم رقبتي ؟!!
حامد ولازال يضحك بشدة: أجل ! لكن اطمأني لقد فعلها طبيب ، لكن اعتني بزوجك جيداً لقد جن جنونه بالأمس وكاد يموت خوفاً وقلقاً عليكِ ، أعطيه جرعة مكثفة من الحنان والدلال برقبتك المثقوبة تلك !!
فنظرت إليه ليصمت فنظر إلى ساعته وقال : لقد تأخرت ، سلام....
ثم إلتفت إليها وقال ممازحاً:إلى اللقاء ياذات الرقبة المثقوبة.
فقذفته بأقرب وسادة لها فخرج مسرعاً ولازال يضحك ، ذهبت روح لتغتسل مكان تلك الدماء الجافة فهناك آثار على كتفيها وصدرها ثم ارتدت ملابسها وصففت شعرها وجمعته لأعلى كذيل فرس.
استيقظ مراد و التفت حوله يبحث عنها بعينيه فلم يحدها فعلم أنها خرجت لغرفتها أو لتفعل أي شيء فتأفف قليلاً وأخذ حمامه وبدل ملابسه وصفف شعره و وضع عطره فسمع صوت رسالة جاءت تواً لهاتفه وكانت من حامد ففتحها ليقرأها :
« لقد غادرتكم وعدت لبيتي بعد أن ضبطت لك روح ، عليك أن تستغل الموقف جيداً...حتى لو خطفتها لتنفرد بها ، لكن إن عادت لغرفتها مجدداً أخبرني لأعود لكما فوراً ....أي خدمة يا صديقي، السعادة لكما ❤❤ »
قرأ مراد بوجه يبتسم وهو يقول لنفسه : كدت أيأس يا حامد والله ، لقد صار الأمر صعباً للغاية.
و وضع هاتفه في جيبه وخرج من غرفته وكان باب غرفة روح مفتوح قليلاً وسمعها تتحدث إلى نفسها: استمري هكذا أيتها البلهاء ! كاد الرجل أن يموت خوفاً وقلقاً عليكِ وقد ضمك إلى حضنه ويكثر دائماً في تدليلك و منذ أن عرفك وهو يعاملك بخلق جم و رقة وحنان لا شبيه لهما وأنت كما أنت أيتها الثلاجة المتجمدة ! لقد قالها صراحةً حتى وإن كان نائماً قال حبيبي فماذا تريدين أكثر من هذا أيتها الحذاء البالي ؟!! أغضبك أنه استدار وأعطاك ظهره ، بل كان عليه أن يعطيكي بالنعال ، ثم تأخذكي كرامتك تلك وتعلنين عليه الحرب ، يا لك من غبية حمقاء ! ياذات الرقبة المثقوبة !
كان مراد يقف ويستمع لحديثها ذلك وشتماتها لنفسها ويضع يده على فمه ليكتم ضحكاته على طريقتها الطفولية تلك ، لكنه لن يقوى على المقاومة فعاد لغرفته وفتح الباب بهدوء ثم أغلقه فجأة فإنتبهت روح لذلك الصوت وتحركت مسرعة نحو الباب لتخرج وما أن رآها حتى ضمها مسرعاً دون أن تفكر أو تقاوم ، لكن ماذا تقاوم ؟!! ماذا عن رائحة عطره تلك ؟! أم ماذا عن ضمته لها بتلك الرقة ؟!!
ثم إبتعد قليلاً ونظر بداخل رماديتيها وقال بلهفة : كيف حالك الآن ؟بماذا تشعرين ؟!
فأومأت مجيبة بإبتسامة: أنا بخير والحمد لله ، أعتذر عن إزعاجي لك وأنت مريض !
قالت الأخيرة وهي على إستحياء، فضمها ثانياً وتنهد وقال:كدت أموت من قلقي وخوفي عليكِ بالأمس.
ثم احتضن وجنتيها وأهدر: إياكي ودخول حمام غرفتي مرة أخرى دون وجودي .
ثم ضمها وتابع بعشقٍ واضح: لا أتصور نفسي بدونك ولا حياتي من غيرك... أرجوكي احترسي واهتمي بحالك جيداً.
فأومأت برأسها أن نعم فأكمل: أعتذر بشدة لكن لدي مواعيد هامة اليوم وسأضطر للخروج ، لا ترهقي نفسك اليوم بأي عمل ، ولا تنسي أخذ علاجك فكيس أدويتك بغرفتي على الكوميدون.
وأمسك بيدها ونزلا معاً وتناولا فطورهما وقبلها كعادته قبل خروجه وأكد عليها مجدداً ألا تجهد نفسها ثم انصرف.
لم تكن روح متعبة للدرجة إلا من بعض الوخذات المحتملة من أثر ذلك الجرح الصغير في رقبتها ، لكن عن تنفسها فقد كان منتظماً لحدٍ كبير لكنها تناولت ذلك الدواء كأداء واجب.. وقامت بفعل عمل ما كان ضروري وقد تأخر فعله كثيرًا.
وجاء المساء وأعدت روح عشاء خفيف فكان مجرد شرائح من البطاطس والجزر المشوي وفوقها القليل من الجبن المبشور الذي سيسخن عند التقديم مع طبق من السلطة الخضراء مع مكعبات جبن الفيتا الأبيض وسلطة زبادي حادقة وأخري حلوة.
وذهبت لتعد السفرة فوضعت باقة صغيرة من الورد قد جاءت به من الحديقة مع عدة شمعات صغيرة وضعتهم بشكل جمالي لكن أجلت إشعالهم لحين مجيء مراد.
ثم ذهبت لتعد نفسها وهيئتها وبعض اللمسات النهائية ، وبعد تمام إستعدادها ظلت منتظرة فقد تأخر مراد وكلما اتصلت به لا تجد رداً فتقلق كثيراً ثم تعاود الإتصال به أكثر وأكثر حتى أخيراً قد أجابها: مرحباً !
- مرحباً مراد ! لماذا لا ترد عليّ، لقد قلقت للغاية ؟!
قالت الأخيرة بقلقٍ مفرط، فأجابها بتبلد واضح من نبرة صوته: أعتذر منك عزيزتي لقد إنشغلت كثيراً وكان يوماً طويلاً ، هل أنت بخير ، متعبة ؟!!
- لا أنا بخير ، أين أنت الآن ؟! هل ستتأخر أكثر ؟
فتابع بتبلد أكثر: إممممممم ! قليلاً .
فضغطت على أسنانها بغضب وأهدرت :حسناً!
ثم أغلقت الخط مسرعة وقالت لنفسها وهي تصعد درجات السلم بغضب شديد :حسناً مراد ! أنا المخطئة وأستحق كل شيء ، أنا المخطئة أني......
وفجأة....
NoonaAbdElWahed
(روح الفؤاد)
الحلقة الرابعة و العشرون
بقلم :نهال عبد الواحد
واستوقفها فجأة صوت مفتاح الباب ثم غلقه ثم أقدام فتوقفت مكانها دون أن تستدير.
وبالطبع كان مراد الذي دخل وهو يعاتبها بمزحة فقد فهم أنه قد أغضبها : أقول قليلاً أجد الخط يغلق في وجهي ، كيف لك هذا ؟!!
فإلتفتت وهي تقول بغضب: لقد أغضبتني لأني كنت قلقةٌ عليك ورددت عليّ بلا مبالاة.
وجم مراد لايدري من هيئتها أم من طريقة حديثها الذي يجمع بين الغضب والدلال بلهجة جديدة لم يعهدها أبداً.
أما عن هيئتها فقد إرتدت فستان أزرق بدون أكمام ضيق وقصير لفوق الركبة وعند الخصر حزام رفيع أسود وحذاء أسود ذا كعب عالٍ وتضع القليل من مساحيق التجميل التي بالكاد تحدد ملامحها وتطلق لشعرها العنان مع بعض التمويجة القليلة .
ظل مراد واجماً يتفحصها من رأسها لأخمص قدميها ربما لأول مرة تراه ينظر نحوها بتلك النظرات العاشقة الممزوجة برغبة.. حتى إنه قد نسى عن أي شيء كانا يتحدثان أو ماذا كان سيرد عليها !!
نزلت روح درجات السلم فإبتسم وتسآل ولازال يتفحصها: هل كنتِ تنوين الذهاب لحفلٍ ما بهيئتك هذه ؟!!
- لماذا ؟!!
- إن المرايا كثيرة بالأعلى ألم تنظري لأيها؟ كم تبدين أنيقة وأكثر روعة !
- كنت أنتظرك على العشاء لكن....
ذلت قدمها فجأة وكادت تسقط من فوق الدرج لولا أن لحقها مراد كعادته وحملها بين ذراعيه .
وقال مضيّقاً عينيه: ليتني أعرف سر عداوتك مع أي سلم ، كأنك لاتجيدين الصعود ولا النزول ويلزمكي حارسٌ خلفك دائماً ، لكن لن أسمح بحارس غيري.
فقالت وهي تعبث بياقة قميصه بدلال: وأنا لن أسمح بحارس غيرك من الأساس.
وكان ينظر إليها بعينيه تكاد تلتهمها شوقاً فاقترب وهمس في أذنها بتلك الطريقة التي تذيبها وقال : إشتقت إليك.
فأنزلت بنفسها فجأة وهي تقول :مؤكد فمنذ زمن لم نتناول العشاء معاً ، لحظات وكل شيء على مايرام ، مجرد أن تغسل يديك.
وأسرعت متجهة نحو المطبخ فتأفف وهو يتابعها بنظره وهي تركض هكذا ثم مسح وجهه وكأنه يتصبب عرقاً فأخذ نفساً عميقاً ثم أخرجه بهدوء ثم إتجه ليغسل يديه و وجهه.
وبمجرد خروجه كانت قد وضعت العشاء على السفرة وبدأت توقد الشموع الصغيرة وبدأت تنتشر رائحتها العطرة مع رائحة الورد فنظر إليها مبتسماً ودون أي كلام حرّك الكرسي ليسمح لها بالجلوس أولاً....ما أجمل تلك التفاصيل الصغيرة ! ثم جلس عن قرب لها وبدءا يتناولان العشاء وهو يختلس النظرات نحوها وهي تلمحه بطرف عينها.
وجلس كعادته يحكي لها كيف قضى يومه وهي تشاركه الحديث وذلك يشعرها بأهميتها خاصةً عندما يناقشها ويستمع إلى رأيها حتى ولو لم يأخذ به لكن يكفي ذلك الشعور الرائع.
أخذ نفساً عميقاً وأهدر بعشق: إن رائحة الورد تلك رائعة للغاية ، لا أتصور حياتي كيف كانت بدون ورد.
كان ينظر لها وهو يتحدث ليوحي بأن حديثه يقصد معنى أبعد من الورد.
- إذن شعرت بالفارق و رأيته ؟!
- أجل رأيت وشعرت.
قالها أيضاً بطريقة تشير لشيء غير الورد وكانت روح تفهمه بالطبع منذ اللحظة الأولى لكن ماذا لو كان مزيداً من المراوغة ؟!!
فأهدرت بتوتر وبعض الإرتباك: مراد ! كنت أود أن أخبرك بشيء ما !
- قولي !
- لقد قمت بترتيب غرفتك اليوم.
فتنهد بفرغ صبر فجائي قد إنتابه وتسآل: لماذا ؟!! ألم أقل لكِ مراراً لا تجهدي نفسك ! لا تفعلي شيء ! كأنك لا تسمعي الكلام وتفعلي ما تريديه ، عندما تريدي شيء إطلبيه من الخادمات.
- إلا غرفتك وأشياءك فقد صارت مسئوليتي أنا فقط ، أما عن كلامك فأنا لا أملك إلا أن أسمع كلامك وأنفذه بحذافيره.
فتنهد مجدداً وكأنه قد تاه منها وصار فجأة لا يفهم شيء وقال: لا أريد التعب والمشقة لكِ.
فتنهدت تظهر عشقها الذي أخيراً آمنت به وصدقته وأهدرت بدلال: لا أملك من هو أغلى منك لأتعب من أجله.
فترك الطعام وإنتبه إليها خاصةً تلك النبرة، فأكملت بإرتباك مجدداً: لكني أقصد أني رتبت غرفتك....أعدت ترتيبها....حتى أجلب أشيائي وأضعها عندك في غرفتك.
فوجم قليلاً ثم قال بفجأة: غرفتي ؟!!
فأومأت برأسها أن نعم وهي تهدر: اممممممممممم !!
فإتسعت إبتسامته وتسآل وهو غير مصدق: هل أنت جادة فيما تقوليه ؟!!!
فتنهدت قائلة: اممممممممممم !
- هل تقصدين أنك ستشاركيني وتشرفين غرفتي و... و... فراشي ؟!!!
- اممممممممممم !
فهب واقفاً ثم مد يده نحوها فمدت يدها إليه وسارا قليلاً ثم توقفا فأخرج هاتفه وأدار موسيقى هادئة ، ثم أمسك بيدها وقربها إليه ، فيد تحتضن خصرها والأخرى تحتضن يدها وتقربها نحو قلبه وينظر بداخل رماديتيها وهما يتراقصان ويتمايلان كأن أجسادهما هي التي تعزف الموسيقى.
فترسل العيون ذهاباً وإياباً برسائل خاصة بلغة العيون وكأنهما قد فقدا النطق فجأة ولم تعد سوى رسائل العيون ، رسائل شوق وغرام بأنفاس تلهث .
وفاجئته بحركة جريئة فقد سحبت يدها من يده وتعلقت بذراعيها في رقبته ووضعت رأسها على كتفه فضمها إليه وضمته هي الأخرى فيشعر بذراعيها تشتد وتشتد ضاغطة عليه ويشعر بأطراف أناملها تعبث في أطراف شعره من الخلف فتذيبه شوقاً أكثر بين يديها.
ابتعدا قليلاً ونظر لبعضهما البعض ثم إقترب مجدداً وسند بخده علي خدها ويستنشق نفساً عميقاً يملأ رئتيه برائحتها العطرة ويشعر كلاً منهما بأنفاس الآخر الحارة في رقبته.
ثم ابتعدا قليلاً بمسافة تتيح لهما أن ينظر كلاً منهما لوجه الآخر لكن لا يفصل بينهما سوى بضع سنتيمترات قليلة فتوقف مراد عن المراقصة فجأة فتوقفت هي الأخرى ومسح بيده على شعرها برقة شديدة وهو يجمعه على جانب واحد ثم إقترب بهدوء وانحنى يقبل رقبتها وكتفها برقة شديدة فأغمضت عينها بإنسجام ومشاعر أخرى تغزو جسدها ، لكنه فاجأها على غفلة بقبلة طويلة على شفتيها.
وبعد مرور بعض الوقت لا يعلمان كم مر من الوقت ابتعدا بأنفاس تلهث وقبل أن تفتح عينيها المغمضتين كان قد حملها وصعد بها لأعلى وتعلقت هي برقبته وفتح باب الغرفة وأوقد نور الغرفة فاستنشق نفساً عميقاً فكانت رائحة الغرفة معطرة وكان الفراش مفروش بالورود الحمراء فدخل الغرفة وأغلق الباب خلفه بقدمه.....
وسكت العاشقان عن الكلام المباح وذهبا معاً لعالم خاص لا يعرفه سوى العشاق.....فهنيئاً لهما...............
NoonaAbdElWahed
(روح الفؤاد)
الحلقة الخامسة و العشرون
بقلم: نهال عبد الواحد
وفي صباح اليوم التالي لا بل كان بعد الظهيرة بكثير تفتح روح عينيها فتشعر برأسٍ تسند على كتفها وذراعين تحاوطها وذراعيها تحاوطه.. كم تمنت ذلك الحضن ؟! ومن لا تتمناه ؟!!
حاولت أن تنهض لكن طبعاً كان التحرك شبه مستحيل ، لكن يبدو من الشمس الشديدة خارج النافذة أنه وقت الظهيرة بل وبعد ذلك.
فانتهزت تلك الوضعية وأخذت تنظر وتتأمل وجهه عن قرب وتعبث بشعره وبتلك اللحية الخفيفة وعلى وجهها تلك الإبتسامة الساحرة ، بالطبع شعر مراد بتلك الأنامل الناعمة التي تعبث به وابتسم حتى قبل أن يفتح عينيه ثم فتحها ورفع رأسه ولازال ينظر إليها فاتكأ على إحدى الوسائد فاتكأت هي الأخرى وهي تجذب بالغطاء نحو صدرها، وأهدرت برقة:صباح الخير.
فلم يرد بل ظل ناظراً نحوها بنفس الإبتسامة يتأملها وقد تاه بين ملامحها فتعجبت منه وتلمست وجهه وهي تنادي عليه: مراد ! ماذا بك ؟!!
مراد كأنما يعود إلى وعيه فجأة: ءأنتِ حقيقة !
فضحكت وتابعت بدلال: كنت أصبّح عليك ، صباح الخير أو بمعنى أدق مساء الخير .
- إذن اضربيني !
فضحكت وتسآلت: ماذا ؟!!
- اضربيني !
فضحكت وقبلته فضحك وقال: لا لا ، إضربيني أريد أن أعود إلى رشدي.
- لا أنصحك بذلك ، فأنت لازلت في ريعان شبابك ويدي والعياذ بالله أشد من المطارق ، ستكون عاهة.
فاعتدل جالساً وقال وهو يضحك: لا ، الطيب أحسن.
فاعتدلت هي الأخرى وهي تجمع شعرها لأعلى ثم تجذب الغطاء نحوها ثانياً ولازال ينظر لها بسعادة شديدة فاقتربت وهي تتحسس وجهه وتقول وهي تنظر داخل عينيه : ما أجمل لون عينيك ! أشعر كأنما صارا لونهما فاتحاً أكثر كأنهما يميلان للإصفرار.
فضحك بمليء فمه وضمها إليه فقالت : أقسم لك إني لأراهما هكذا !
- لا داعي للقسم ، أصدقك فأنت محقة ،هما يميلان للصفرة فعلاً عندما أستيقظ تواً من نومي ، وأيضاً عندما أكون سعيد للغاية.
- اممممممممممم ! صاحب عيونٍ متحولة !
- الأهم هما لم يصيران هكذا من زمن ، ربما منذ قبل وفاة أمي.
فنظرت نحوه كأنها كانت تود أن تقول شيئاً ثم تراجعت ففهم قصدها وقال : الحقيقة أني لم أفرح بكل كياني هكذا منذ وفاة أمي لأني لم أحب ولا أعشق هكذا من قبل ، فأنت ياروح دخلتي قلبي وقد ضخك مع دمي لتجري في سائر جسدي داخل أوردتي وشرايني... أحبك بكل كياني ! أحبك أنت وحدك ، لم تقال هكذا لأي إمرأة قبلك ولن تقال لغيرك ، لأن ببساطة وجدت فيكِ كل النساء...يا أجمل النساء..فلا قبلك ولا بعدك.
فضمته هي تلك المرة وقالت: ترى بماذا أرد عليك ؟! لقد قلت كل الكلام.
فاعتدل ينظر لها: يكفيني أنك تسمعيني وتشعرين بي ، تسمعيني بكل كيانك وتضميني وأضمك و.... و صرت أمتلك كل إنش فيكِ.
فتبسمت ببعض الحرج وقالت مغيرة للكلام: ترى كم يكون الوقت الآن ؟
- كثير يا بنت حواء !
فزمت حاجبيها بعدم فهم وتسآلت: ماذا تقصد ببنت حواء ؟!
- يقال وهذه حكاية لا أتأكد من صحتها عندما رأت حواء أبونا آدم سئلت إن كانت تحبه فأنكرت رغم أن بداخلها الكثير من الحب وهكذا أنتن يا بنات حواء ، يتمنعن وهن الراغبات لكن المقولة حقيقية.
- كل ما أقصده أنك لم تتناول فطورك حتى الآن.
فضحك بشدة ويهز برأسه أن لا فائدة ثم قال : لا يهمني سوى وجودك بجواري هكذا.
- وماذا عن الغداء ؟
فتسآل بمزحة: كأنك أنت الجائعة ولكن تراوغيني ؟!
فضحكت وقالت: لا ، بل هو من أجلك.
- لا عليكِ ، يمكننا أن نذهب معاً إلى المطبخ ونعد أي شيء قابل للأكل، لقد بلّغت الجميع أنهم في أجازة حتى أنفرد بك ونكون بحريتنا.
- وماذا لو مللت ؟!
- أملّ !! هل تدري منذ متى وأنا أنتظر هذا اليوم ؟!!
- أعلم أني قد أطالت عليك فأنا هنا قرابة الشهرين .
- لا بل من قبل، منذ أول لقاء جمعنا ، منذ كنت أصعد على درجات السلم متأففاً لأن المصعد متعطل وفجأة وجدتك تسقطين بين يدي لأجد أمامي صاحبة أجمل عيون قد سرقتني وأغرقتني في بحر هواها العميق الذي لا يفلح معه سبّاح ولا بحّار، ثم أجدك أنت روح وكان هذا آخر شيء أتوقعه ،ثم أتفاجأ بك متزوجة ثم استرحت بمعرفة الحقيقة ، لكن شهورٌ طويلة وألاقي منك ما ألاقيه.
فإقتربت بوجهها نحوه وتلمست وجهه وقالت برقة: كم قسوت عليك ؟! لكن لم أتوقع ما أنا فيه الآن ، لم أتوقع أن أحب ، لم أتوقع أن أجد رجلاً مثلك ، لم أنكر إنجذابي لك من أول لقاء وكأني منجرفة نحوك لكني كنت أقاوم وأخشى الجرح أو ربما لا أريد الثقة برجل ، لكنك أثبتلي في لحظة أنك مختلف تماماً لا أعلم لماذا أنجذب نحوك وأفكر فيك كثيراً ، لكن لم أكن على يقين أني أحب.
- والآن ؟!
فأجابت بدندنة: مهما قولتلك واتحكالك ، مستحيل أوصف جمالك ، رقة الدنيا في عيونك ، ولما اغمض قلبي شايفك ، وإسمي غنوة مابين شفافيك ، يا أجمل صوت نداني !
- لا ، مهلاً ! إهدئي فأنا لازلت تحت تأثير الصدمة من الأمس ، أريد أن أستعيد وعيي ، ما كل ذلك الدلال والحنان ؟!!
فقالت بدلال منقطع النظير : أين ذلك الدلال ؟! إنه لم يبدأ بعد... مراد !
تنهد وتابع متيمًا: قلب مراد، روح مراد... ماذا ؟!! روح مراد ! يتبقى هنا مراد وسعد مراد ومليكة مراد و...
فضحكت وقالت: لا أصدق ما أنا فيه !!
- يا حبيبتي، إن روحي فيك منذ زمن ، وأخيراً أدخلتيني جنتك وصرتي كلك لي ومعي وبجواري يا أحلى ما في حياتي....أحبك روحي.. أحبك إلى ما لا نهاية.
- وأنا.
- وأنت ماذا ؟
- أحبك وأذوب عشقاً في هواك.
- امممممممم ! إذن....
- ماذا ؟!!
فغمز لها وتابع بمكر: هناك حديث هام ولا يحتمل أي تأجيل.......
وجذبها إليه وجذب الغطاء معها و سكتا عن الكلام المباح..
وبعد الرابعة كانت روح تقف في المطبخ ، وبما أن المنزل فارغ فارتدت شورت قصير وكنزة قصيرة ذات حمالات ورافعة شعرها بمشبك شعر لأعلى وتنزل خصلة صغيرة على وجهها.
كانت تعد غداءً سريعاً فأخرجت شرائح من صدور الدجاج وقامت بتتبيلها و وضعتها تشويها على (الجريل )مع شرائح من الخضروات لتأخذ من نكهتها.
وإذا بمراد يدخل المطبخ فيراها بيهيئتها المثيرة تلك فجاء من خلفها وطوق خصرها وقبل خدها وظل سانداً على خدهاوهو مغمض عينيه بهيام فإلتفتت هي الأخرى وقبلته وأكملت تقطيع الخضروات.
فأخذ منها السكين ليقطّع بدلاً منها وهو بنفس وضعه وهي تضحك منه ثم وجدت تقطيعه يحتاج لتعديل فأمسكت بيده التي تمسك السكين لتقطع هي حتى انتهيا وأعدت الغداء وجلسا في الحديقة بالخارج والهواء يبعث إليهما برائحة الزهور العطرة وظلا يأكلان ويتحدثان ويضحكان ويمزحان واكتشف أن فيها خفة ظل لم يتوقعها غير تلك النعومة والدلال التي فاقت كل توقعاته فشعر بنفسه وكأنه في حلم وقد دخل جنتها بحق ، فقد صارت أخيراً له ومعه وكأنها قد بدّلت وكأنه قد ملك الدنيا ولمس نجوم السماء بيديه.
قررا الذهاب معاً لأي منتجع سياحي على أن يذهبا من حين لآخر كل فترة حسب ظروف عمله.
كانت أياماً رائعة لم تصدق روح نفسها ولم تتوقع حتى أنها يمكن ذات يوم أن تعيش مثل تلك المشاعر أو تشعر بها، مشاعر الحب والإهتمام وأن تعيش مثل تلك الحياة مع حبيب أقل ما يقال أنها تعشقه عشق لا يوصف ولا طاقة لها بأي بعد ولا فراق ولا يدريان كيف تمر عليهما ساعات عمله تلك بعيدان فيحادثها وتحادثه دوماً ربما يتغلبا على أشواقهما المتأججة.
وعند عودته من عمله كأنما كان مسافراً من زمن فيدخلان في عناق كبير ، وعندما ينغمس في عمله تظل معه و ربما إن جلس بمفرده يشرد قليلاً في موقفٍ لهما معاً فيتنفس بعمق ويحمد الله على تلك الهدية الرائعة والنعمة الكبيرة التي يتمنى دوامها فيقول لنفسه :الحمد لله على روح مراد...............
NoonaAbdElWahed
الحلقة الثالثة و العشرون
بقلم :نهال عبد الواحد
وبعد عدة ساعات ربما وقت الظهيرة فتحت روح عينيها وكأن كل ما سبق كان مجرد حلم ، لكنها تفاجأت بأنها نائمة في حضن مراد وهو يطوقها بذراعيه فنظرت لحالها فوجدت نفسها ترتدي روباً لمراد ولا شيء تحته وشعرها منسدل بجوارها وتشعر بوخزة في رقبتها فوضعت يدها فشعرت كأنه لاصق أو غيار طبي.
كانت روح تتحرك كثيراً فألقت مراد فقال وهو لازال مغمضاً عينيه :شششششششش !! نم يا حبيبي !!
وربما يتحدث وهو لازال نائماً فانتظرت بعض الوقت ، كانت تشعر بحرج شديد من وضعها هكذا ثم إلتفتت تتأمل وجه مراد ربما تلك المرة الأولى التي تتطلع له فيها عن قرب أو تتطلع له فيها على الإطلاق كم كان جذاباً فإبتسمت فقد تحول هذا الحرج فجأة لشعور جميل ، لكنها لازالت تود النهوض حتى لترتدي ملابسها وبدأت تتحرك من جديد تحاول أن تفلت من ذراعيه المحكمتان الغلق عليها ربما تفلح لكنه فجأة تركها واستدار بظهره عنها فنهضت مسرعة من جوارها وهي تضم طرفي الروب على جانبيه لتحكم إغلاقه وتسللت تاركة الغرفة ومتجهة نحو غرفتها لترتدي ملابسها.
خرجت روح من الغرفة وأغلقت الباب خلفها فإذا بأخيها يخرج من غرفتها ليخرج لعمله فإنتفضت روح وازداد خجلها من هيئتها هكذا أمام أخيها وأخذت تضم الروب أكثر عليها فضحك حامد مما تفعله ثم تسآل : كيف حالك الآن ؟
فمطت شفتيها بعدم فهم ثم أجابت بتعجب :الحمد لله ، لكن كأن لسؤالك مغزي ؟!!
- لا أبداً ، كدنا سنفقدك بالأمس وكنتِ ستلحقين بوالديكي ، كدتي تختنقين بدخان حمام البخار ، لقد نسيتي فتح الشفاط.
- فعلاً ! كأني سقطت في بئرٍ عميق من النوم وعندما فتحت عيناي وجدت كل ما حولي أبيض اللون من شدة الضباب الكثيف حتى إني لم أرى كف يدي.
- ربنا ستر! لكن قد فتحت رقبتك ثقباً صغيراً..
ثم قال بمزحة :بسم الله الله أكبر.. يمكنك تعليق قرطاً فيها ، أقسم لك ستقلدك الفتايات والنساء أيتها المذيعة وستصير موضة..... ثم انفجر ضاحكاً !!
وضحك حامد لكن روح قد وجمت فترة ثم إتجهت مسرعة تنظر في المرآة وتضع يدها مكان الوخذ فوق اللاصق الطبي وفي ياقة الروب آثار لبعض الدماء الجافة فقالت بخوف: هل حقاً ثقبتم رقبتي ؟!!
حامد ولازال يضحك بشدة: أجل ! لكن اطمأني لقد فعلها طبيب ، لكن اعتني بزوجك جيداً لقد جن جنونه بالأمس وكاد يموت خوفاً وقلقاً عليكِ ، أعطيه جرعة مكثفة من الحنان والدلال برقبتك المثقوبة تلك !!
فنظرت إليه ليصمت فنظر إلى ساعته وقال : لقد تأخرت ، سلام....
ثم إلتفت إليها وقال ممازحاً:إلى اللقاء ياذات الرقبة المثقوبة.
فقذفته بأقرب وسادة لها فخرج مسرعاً ولازال يضحك ، ذهبت روح لتغتسل مكان تلك الدماء الجافة فهناك آثار على كتفيها وصدرها ثم ارتدت ملابسها وصففت شعرها وجمعته لأعلى كذيل فرس.
استيقظ مراد و التفت حوله يبحث عنها بعينيه فلم يحدها فعلم أنها خرجت لغرفتها أو لتفعل أي شيء فتأفف قليلاً وأخذ حمامه وبدل ملابسه وصفف شعره و وضع عطره فسمع صوت رسالة جاءت تواً لهاتفه وكانت من حامد ففتحها ليقرأها :
« لقد غادرتكم وعدت لبيتي بعد أن ضبطت لك روح ، عليك أن تستغل الموقف جيداً...حتى لو خطفتها لتنفرد بها ، لكن إن عادت لغرفتها مجدداً أخبرني لأعود لكما فوراً ....أي خدمة يا صديقي، السعادة لكما ❤❤ »
قرأ مراد بوجه يبتسم وهو يقول لنفسه : كدت أيأس يا حامد والله ، لقد صار الأمر صعباً للغاية.
و وضع هاتفه في جيبه وخرج من غرفته وكان باب غرفة روح مفتوح قليلاً وسمعها تتحدث إلى نفسها: استمري هكذا أيتها البلهاء ! كاد الرجل أن يموت خوفاً وقلقاً عليكِ وقد ضمك إلى حضنه ويكثر دائماً في تدليلك و منذ أن عرفك وهو يعاملك بخلق جم و رقة وحنان لا شبيه لهما وأنت كما أنت أيتها الثلاجة المتجمدة ! لقد قالها صراحةً حتى وإن كان نائماً قال حبيبي فماذا تريدين أكثر من هذا أيتها الحذاء البالي ؟!! أغضبك أنه استدار وأعطاك ظهره ، بل كان عليه أن يعطيكي بالنعال ، ثم تأخذكي كرامتك تلك وتعلنين عليه الحرب ، يا لك من غبية حمقاء ! ياذات الرقبة المثقوبة !
كان مراد يقف ويستمع لحديثها ذلك وشتماتها لنفسها ويضع يده على فمه ليكتم ضحكاته على طريقتها الطفولية تلك ، لكنه لن يقوى على المقاومة فعاد لغرفته وفتح الباب بهدوء ثم أغلقه فجأة فإنتبهت روح لذلك الصوت وتحركت مسرعة نحو الباب لتخرج وما أن رآها حتى ضمها مسرعاً دون أن تفكر أو تقاوم ، لكن ماذا تقاوم ؟!! ماذا عن رائحة عطره تلك ؟! أم ماذا عن ضمته لها بتلك الرقة ؟!!
ثم إبتعد قليلاً ونظر بداخل رماديتيها وقال بلهفة : كيف حالك الآن ؟بماذا تشعرين ؟!
فأومأت مجيبة بإبتسامة: أنا بخير والحمد لله ، أعتذر عن إزعاجي لك وأنت مريض !
قالت الأخيرة وهي على إستحياء، فضمها ثانياً وتنهد وقال:كدت أموت من قلقي وخوفي عليكِ بالأمس.
ثم احتضن وجنتيها وأهدر: إياكي ودخول حمام غرفتي مرة أخرى دون وجودي .
ثم ضمها وتابع بعشقٍ واضح: لا أتصور نفسي بدونك ولا حياتي من غيرك... أرجوكي احترسي واهتمي بحالك جيداً.
فأومأت برأسها أن نعم فأكمل: أعتذر بشدة لكن لدي مواعيد هامة اليوم وسأضطر للخروج ، لا ترهقي نفسك اليوم بأي عمل ، ولا تنسي أخذ علاجك فكيس أدويتك بغرفتي على الكوميدون.
وأمسك بيدها ونزلا معاً وتناولا فطورهما وقبلها كعادته قبل خروجه وأكد عليها مجدداً ألا تجهد نفسها ثم انصرف.
لم تكن روح متعبة للدرجة إلا من بعض الوخذات المحتملة من أثر ذلك الجرح الصغير في رقبتها ، لكن عن تنفسها فقد كان منتظماً لحدٍ كبير لكنها تناولت ذلك الدواء كأداء واجب.. وقامت بفعل عمل ما كان ضروري وقد تأخر فعله كثيرًا.
وجاء المساء وأعدت روح عشاء خفيف فكان مجرد شرائح من البطاطس والجزر المشوي وفوقها القليل من الجبن المبشور الذي سيسخن عند التقديم مع طبق من السلطة الخضراء مع مكعبات جبن الفيتا الأبيض وسلطة زبادي حادقة وأخري حلوة.
وذهبت لتعد السفرة فوضعت باقة صغيرة من الورد قد جاءت به من الحديقة مع عدة شمعات صغيرة وضعتهم بشكل جمالي لكن أجلت إشعالهم لحين مجيء مراد.
ثم ذهبت لتعد نفسها وهيئتها وبعض اللمسات النهائية ، وبعد تمام إستعدادها ظلت منتظرة فقد تأخر مراد وكلما اتصلت به لا تجد رداً فتقلق كثيراً ثم تعاود الإتصال به أكثر وأكثر حتى أخيراً قد أجابها: مرحباً !
- مرحباً مراد ! لماذا لا ترد عليّ، لقد قلقت للغاية ؟!
قالت الأخيرة بقلقٍ مفرط، فأجابها بتبلد واضح من نبرة صوته: أعتذر منك عزيزتي لقد إنشغلت كثيراً وكان يوماً طويلاً ، هل أنت بخير ، متعبة ؟!!
- لا أنا بخير ، أين أنت الآن ؟! هل ستتأخر أكثر ؟
فتابع بتبلد أكثر: إممممممم ! قليلاً .
فضغطت على أسنانها بغضب وأهدرت :حسناً!
ثم أغلقت الخط مسرعة وقالت لنفسها وهي تصعد درجات السلم بغضب شديد :حسناً مراد ! أنا المخطئة وأستحق كل شيء ، أنا المخطئة أني......
وفجأة....
NoonaAbdElWahed
(روح الفؤاد)
الحلقة الرابعة و العشرون
بقلم :نهال عبد الواحد
واستوقفها فجأة صوت مفتاح الباب ثم غلقه ثم أقدام فتوقفت مكانها دون أن تستدير.
وبالطبع كان مراد الذي دخل وهو يعاتبها بمزحة فقد فهم أنه قد أغضبها : أقول قليلاً أجد الخط يغلق في وجهي ، كيف لك هذا ؟!!
فإلتفتت وهي تقول بغضب: لقد أغضبتني لأني كنت قلقةٌ عليك ورددت عليّ بلا مبالاة.
وجم مراد لايدري من هيئتها أم من طريقة حديثها الذي يجمع بين الغضب والدلال بلهجة جديدة لم يعهدها أبداً.
أما عن هيئتها فقد إرتدت فستان أزرق بدون أكمام ضيق وقصير لفوق الركبة وعند الخصر حزام رفيع أسود وحذاء أسود ذا كعب عالٍ وتضع القليل من مساحيق التجميل التي بالكاد تحدد ملامحها وتطلق لشعرها العنان مع بعض التمويجة القليلة .
ظل مراد واجماً يتفحصها من رأسها لأخمص قدميها ربما لأول مرة تراه ينظر نحوها بتلك النظرات العاشقة الممزوجة برغبة.. حتى إنه قد نسى عن أي شيء كانا يتحدثان أو ماذا كان سيرد عليها !!
نزلت روح درجات السلم فإبتسم وتسآل ولازال يتفحصها: هل كنتِ تنوين الذهاب لحفلٍ ما بهيئتك هذه ؟!!
- لماذا ؟!!
- إن المرايا كثيرة بالأعلى ألم تنظري لأيها؟ كم تبدين أنيقة وأكثر روعة !
- كنت أنتظرك على العشاء لكن....
ذلت قدمها فجأة وكادت تسقط من فوق الدرج لولا أن لحقها مراد كعادته وحملها بين ذراعيه .
وقال مضيّقاً عينيه: ليتني أعرف سر عداوتك مع أي سلم ، كأنك لاتجيدين الصعود ولا النزول ويلزمكي حارسٌ خلفك دائماً ، لكن لن أسمح بحارس غيري.
فقالت وهي تعبث بياقة قميصه بدلال: وأنا لن أسمح بحارس غيرك من الأساس.
وكان ينظر إليها بعينيه تكاد تلتهمها شوقاً فاقترب وهمس في أذنها بتلك الطريقة التي تذيبها وقال : إشتقت إليك.
فأنزلت بنفسها فجأة وهي تقول :مؤكد فمنذ زمن لم نتناول العشاء معاً ، لحظات وكل شيء على مايرام ، مجرد أن تغسل يديك.
وأسرعت متجهة نحو المطبخ فتأفف وهو يتابعها بنظره وهي تركض هكذا ثم مسح وجهه وكأنه يتصبب عرقاً فأخذ نفساً عميقاً ثم أخرجه بهدوء ثم إتجه ليغسل يديه و وجهه.
وبمجرد خروجه كانت قد وضعت العشاء على السفرة وبدأت توقد الشموع الصغيرة وبدأت تنتشر رائحتها العطرة مع رائحة الورد فنظر إليها مبتسماً ودون أي كلام حرّك الكرسي ليسمح لها بالجلوس أولاً....ما أجمل تلك التفاصيل الصغيرة ! ثم جلس عن قرب لها وبدءا يتناولان العشاء وهو يختلس النظرات نحوها وهي تلمحه بطرف عينها.
وجلس كعادته يحكي لها كيف قضى يومه وهي تشاركه الحديث وذلك يشعرها بأهميتها خاصةً عندما يناقشها ويستمع إلى رأيها حتى ولو لم يأخذ به لكن يكفي ذلك الشعور الرائع.
أخذ نفساً عميقاً وأهدر بعشق: إن رائحة الورد تلك رائعة للغاية ، لا أتصور حياتي كيف كانت بدون ورد.
كان ينظر لها وهو يتحدث ليوحي بأن حديثه يقصد معنى أبعد من الورد.
- إذن شعرت بالفارق و رأيته ؟!
- أجل رأيت وشعرت.
قالها أيضاً بطريقة تشير لشيء غير الورد وكانت روح تفهمه بالطبع منذ اللحظة الأولى لكن ماذا لو كان مزيداً من المراوغة ؟!!
فأهدرت بتوتر وبعض الإرتباك: مراد ! كنت أود أن أخبرك بشيء ما !
- قولي !
- لقد قمت بترتيب غرفتك اليوم.
فتنهد بفرغ صبر فجائي قد إنتابه وتسآل: لماذا ؟!! ألم أقل لكِ مراراً لا تجهدي نفسك ! لا تفعلي شيء ! كأنك لا تسمعي الكلام وتفعلي ما تريديه ، عندما تريدي شيء إطلبيه من الخادمات.
- إلا غرفتك وأشياءك فقد صارت مسئوليتي أنا فقط ، أما عن كلامك فأنا لا أملك إلا أن أسمع كلامك وأنفذه بحذافيره.
فتنهد مجدداً وكأنه قد تاه منها وصار فجأة لا يفهم شيء وقال: لا أريد التعب والمشقة لكِ.
فتنهدت تظهر عشقها الذي أخيراً آمنت به وصدقته وأهدرت بدلال: لا أملك من هو أغلى منك لأتعب من أجله.
فترك الطعام وإنتبه إليها خاصةً تلك النبرة، فأكملت بإرتباك مجدداً: لكني أقصد أني رتبت غرفتك....أعدت ترتيبها....حتى أجلب أشيائي وأضعها عندك في غرفتك.
فوجم قليلاً ثم قال بفجأة: غرفتي ؟!!
فأومأت برأسها أن نعم وهي تهدر: اممممممممممم !!
فإتسعت إبتسامته وتسآل وهو غير مصدق: هل أنت جادة فيما تقوليه ؟!!!
فتنهدت قائلة: اممممممممممم !
- هل تقصدين أنك ستشاركيني وتشرفين غرفتي و... و... فراشي ؟!!!
- اممممممممممم !
فهب واقفاً ثم مد يده نحوها فمدت يدها إليه وسارا قليلاً ثم توقفا فأخرج هاتفه وأدار موسيقى هادئة ، ثم أمسك بيدها وقربها إليه ، فيد تحتضن خصرها والأخرى تحتضن يدها وتقربها نحو قلبه وينظر بداخل رماديتيها وهما يتراقصان ويتمايلان كأن أجسادهما هي التي تعزف الموسيقى.
فترسل العيون ذهاباً وإياباً برسائل خاصة بلغة العيون وكأنهما قد فقدا النطق فجأة ولم تعد سوى رسائل العيون ، رسائل شوق وغرام بأنفاس تلهث .
وفاجئته بحركة جريئة فقد سحبت يدها من يده وتعلقت بذراعيها في رقبته ووضعت رأسها على كتفه فضمها إليه وضمته هي الأخرى فيشعر بذراعيها تشتد وتشتد ضاغطة عليه ويشعر بأطراف أناملها تعبث في أطراف شعره من الخلف فتذيبه شوقاً أكثر بين يديها.
ابتعدا قليلاً ونظر لبعضهما البعض ثم إقترب مجدداً وسند بخده علي خدها ويستنشق نفساً عميقاً يملأ رئتيه برائحتها العطرة ويشعر كلاً منهما بأنفاس الآخر الحارة في رقبته.
ثم ابتعدا قليلاً بمسافة تتيح لهما أن ينظر كلاً منهما لوجه الآخر لكن لا يفصل بينهما سوى بضع سنتيمترات قليلة فتوقف مراد عن المراقصة فجأة فتوقفت هي الأخرى ومسح بيده على شعرها برقة شديدة وهو يجمعه على جانب واحد ثم إقترب بهدوء وانحنى يقبل رقبتها وكتفها برقة شديدة فأغمضت عينها بإنسجام ومشاعر أخرى تغزو جسدها ، لكنه فاجأها على غفلة بقبلة طويلة على شفتيها.
وبعد مرور بعض الوقت لا يعلمان كم مر من الوقت ابتعدا بأنفاس تلهث وقبل أن تفتح عينيها المغمضتين كان قد حملها وصعد بها لأعلى وتعلقت هي برقبته وفتح باب الغرفة وأوقد نور الغرفة فاستنشق نفساً عميقاً فكانت رائحة الغرفة معطرة وكان الفراش مفروش بالورود الحمراء فدخل الغرفة وأغلق الباب خلفه بقدمه.....
وسكت العاشقان عن الكلام المباح وذهبا معاً لعالم خاص لا يعرفه سوى العشاق.....فهنيئاً لهما...............
NoonaAbdElWahed
(روح الفؤاد)
الحلقة الخامسة و العشرون
بقلم: نهال عبد الواحد
وفي صباح اليوم التالي لا بل كان بعد الظهيرة بكثير تفتح روح عينيها فتشعر برأسٍ تسند على كتفها وذراعين تحاوطها وذراعيها تحاوطه.. كم تمنت ذلك الحضن ؟! ومن لا تتمناه ؟!!
حاولت أن تنهض لكن طبعاً كان التحرك شبه مستحيل ، لكن يبدو من الشمس الشديدة خارج النافذة أنه وقت الظهيرة بل وبعد ذلك.
فانتهزت تلك الوضعية وأخذت تنظر وتتأمل وجهه عن قرب وتعبث بشعره وبتلك اللحية الخفيفة وعلى وجهها تلك الإبتسامة الساحرة ، بالطبع شعر مراد بتلك الأنامل الناعمة التي تعبث به وابتسم حتى قبل أن يفتح عينيه ثم فتحها ورفع رأسه ولازال ينظر إليها فاتكأ على إحدى الوسائد فاتكأت هي الأخرى وهي تجذب بالغطاء نحو صدرها، وأهدرت برقة:صباح الخير.
فلم يرد بل ظل ناظراً نحوها بنفس الإبتسامة يتأملها وقد تاه بين ملامحها فتعجبت منه وتلمست وجهه وهي تنادي عليه: مراد ! ماذا بك ؟!!
مراد كأنما يعود إلى وعيه فجأة: ءأنتِ حقيقة !
فضحكت وتابعت بدلال: كنت أصبّح عليك ، صباح الخير أو بمعنى أدق مساء الخير .
- إذن اضربيني !
فضحكت وتسآلت: ماذا ؟!!
- اضربيني !
فضحكت وقبلته فضحك وقال: لا لا ، إضربيني أريد أن أعود إلى رشدي.
- لا أنصحك بذلك ، فأنت لازلت في ريعان شبابك ويدي والعياذ بالله أشد من المطارق ، ستكون عاهة.
فاعتدل جالساً وقال وهو يضحك: لا ، الطيب أحسن.
فاعتدلت هي الأخرى وهي تجمع شعرها لأعلى ثم تجذب الغطاء نحوها ثانياً ولازال ينظر لها بسعادة شديدة فاقتربت وهي تتحسس وجهه وتقول وهي تنظر داخل عينيه : ما أجمل لون عينيك ! أشعر كأنما صارا لونهما فاتحاً أكثر كأنهما يميلان للإصفرار.
فضحك بمليء فمه وضمها إليه فقالت : أقسم لك إني لأراهما هكذا !
- لا داعي للقسم ، أصدقك فأنت محقة ،هما يميلان للصفرة فعلاً عندما أستيقظ تواً من نومي ، وأيضاً عندما أكون سعيد للغاية.
- اممممممممممم ! صاحب عيونٍ متحولة !
- الأهم هما لم يصيران هكذا من زمن ، ربما منذ قبل وفاة أمي.
فنظرت نحوه كأنها كانت تود أن تقول شيئاً ثم تراجعت ففهم قصدها وقال : الحقيقة أني لم أفرح بكل كياني هكذا منذ وفاة أمي لأني لم أحب ولا أعشق هكذا من قبل ، فأنت ياروح دخلتي قلبي وقد ضخك مع دمي لتجري في سائر جسدي داخل أوردتي وشرايني... أحبك بكل كياني ! أحبك أنت وحدك ، لم تقال هكذا لأي إمرأة قبلك ولن تقال لغيرك ، لأن ببساطة وجدت فيكِ كل النساء...يا أجمل النساء..فلا قبلك ولا بعدك.
فضمته هي تلك المرة وقالت: ترى بماذا أرد عليك ؟! لقد قلت كل الكلام.
فاعتدل ينظر لها: يكفيني أنك تسمعيني وتشعرين بي ، تسمعيني بكل كيانك وتضميني وأضمك و.... و صرت أمتلك كل إنش فيكِ.
فتبسمت ببعض الحرج وقالت مغيرة للكلام: ترى كم يكون الوقت الآن ؟
- كثير يا بنت حواء !
فزمت حاجبيها بعدم فهم وتسآلت: ماذا تقصد ببنت حواء ؟!
- يقال وهذه حكاية لا أتأكد من صحتها عندما رأت حواء أبونا آدم سئلت إن كانت تحبه فأنكرت رغم أن بداخلها الكثير من الحب وهكذا أنتن يا بنات حواء ، يتمنعن وهن الراغبات لكن المقولة حقيقية.
- كل ما أقصده أنك لم تتناول فطورك حتى الآن.
فضحك بشدة ويهز برأسه أن لا فائدة ثم قال : لا يهمني سوى وجودك بجواري هكذا.
- وماذا عن الغداء ؟
فتسآل بمزحة: كأنك أنت الجائعة ولكن تراوغيني ؟!
فضحكت وقالت: لا ، بل هو من أجلك.
- لا عليكِ ، يمكننا أن نذهب معاً إلى المطبخ ونعد أي شيء قابل للأكل، لقد بلّغت الجميع أنهم في أجازة حتى أنفرد بك ونكون بحريتنا.
- وماذا لو مللت ؟!
- أملّ !! هل تدري منذ متى وأنا أنتظر هذا اليوم ؟!!
- أعلم أني قد أطالت عليك فأنا هنا قرابة الشهرين .
- لا بل من قبل، منذ أول لقاء جمعنا ، منذ كنت أصعد على درجات السلم متأففاً لأن المصعد متعطل وفجأة وجدتك تسقطين بين يدي لأجد أمامي صاحبة أجمل عيون قد سرقتني وأغرقتني في بحر هواها العميق الذي لا يفلح معه سبّاح ولا بحّار، ثم أجدك أنت روح وكان هذا آخر شيء أتوقعه ،ثم أتفاجأ بك متزوجة ثم استرحت بمعرفة الحقيقة ، لكن شهورٌ طويلة وألاقي منك ما ألاقيه.
فإقتربت بوجهها نحوه وتلمست وجهه وقالت برقة: كم قسوت عليك ؟! لكن لم أتوقع ما أنا فيه الآن ، لم أتوقع أن أحب ، لم أتوقع أن أجد رجلاً مثلك ، لم أنكر إنجذابي لك من أول لقاء وكأني منجرفة نحوك لكني كنت أقاوم وأخشى الجرح أو ربما لا أريد الثقة برجل ، لكنك أثبتلي في لحظة أنك مختلف تماماً لا أعلم لماذا أنجذب نحوك وأفكر فيك كثيراً ، لكن لم أكن على يقين أني أحب.
- والآن ؟!
فأجابت بدندنة: مهما قولتلك واتحكالك ، مستحيل أوصف جمالك ، رقة الدنيا في عيونك ، ولما اغمض قلبي شايفك ، وإسمي غنوة مابين شفافيك ، يا أجمل صوت نداني !
- لا ، مهلاً ! إهدئي فأنا لازلت تحت تأثير الصدمة من الأمس ، أريد أن أستعيد وعيي ، ما كل ذلك الدلال والحنان ؟!!
فقالت بدلال منقطع النظير : أين ذلك الدلال ؟! إنه لم يبدأ بعد... مراد !
تنهد وتابع متيمًا: قلب مراد، روح مراد... ماذا ؟!! روح مراد ! يتبقى هنا مراد وسعد مراد ومليكة مراد و...
فضحكت وقالت: لا أصدق ما أنا فيه !!
- يا حبيبتي، إن روحي فيك منذ زمن ، وأخيراً أدخلتيني جنتك وصرتي كلك لي ومعي وبجواري يا أحلى ما في حياتي....أحبك روحي.. أحبك إلى ما لا نهاية.
- وأنا.
- وأنت ماذا ؟
- أحبك وأذوب عشقاً في هواك.
- امممممممم ! إذن....
- ماذا ؟!!
فغمز لها وتابع بمكر: هناك حديث هام ولا يحتمل أي تأجيل.......
وجذبها إليه وجذب الغطاء معها و سكتا عن الكلام المباح..
وبعد الرابعة كانت روح تقف في المطبخ ، وبما أن المنزل فارغ فارتدت شورت قصير وكنزة قصيرة ذات حمالات ورافعة شعرها بمشبك شعر لأعلى وتنزل خصلة صغيرة على وجهها.
كانت تعد غداءً سريعاً فأخرجت شرائح من صدور الدجاج وقامت بتتبيلها و وضعتها تشويها على (الجريل )مع شرائح من الخضروات لتأخذ من نكهتها.
وإذا بمراد يدخل المطبخ فيراها بيهيئتها المثيرة تلك فجاء من خلفها وطوق خصرها وقبل خدها وظل سانداً على خدهاوهو مغمض عينيه بهيام فإلتفتت هي الأخرى وقبلته وأكملت تقطيع الخضروات.
فأخذ منها السكين ليقطّع بدلاً منها وهو بنفس وضعه وهي تضحك منه ثم وجدت تقطيعه يحتاج لتعديل فأمسكت بيده التي تمسك السكين لتقطع هي حتى انتهيا وأعدت الغداء وجلسا في الحديقة بالخارج والهواء يبعث إليهما برائحة الزهور العطرة وظلا يأكلان ويتحدثان ويضحكان ويمزحان واكتشف أن فيها خفة ظل لم يتوقعها غير تلك النعومة والدلال التي فاقت كل توقعاته فشعر بنفسه وكأنه في حلم وقد دخل جنتها بحق ، فقد صارت أخيراً له ومعه وكأنها قد بدّلت وكأنه قد ملك الدنيا ولمس نجوم السماء بيديه.
قررا الذهاب معاً لأي منتجع سياحي على أن يذهبا من حين لآخر كل فترة حسب ظروف عمله.
كانت أياماً رائعة لم تصدق روح نفسها ولم تتوقع حتى أنها يمكن ذات يوم أن تعيش مثل تلك المشاعر أو تشعر بها، مشاعر الحب والإهتمام وأن تعيش مثل تلك الحياة مع حبيب أقل ما يقال أنها تعشقه عشق لا يوصف ولا طاقة لها بأي بعد ولا فراق ولا يدريان كيف تمر عليهما ساعات عمله تلك بعيدان فيحادثها وتحادثه دوماً ربما يتغلبا على أشواقهما المتأججة.
وعند عودته من عمله كأنما كان مسافراً من زمن فيدخلان في عناق كبير ، وعندما ينغمس في عمله تظل معه و ربما إن جلس بمفرده يشرد قليلاً في موقفٍ لهما معاً فيتنفس بعمق ويحمد الله على تلك الهدية الرائعة والنعمة الكبيرة التي يتمنى دوامها فيقول لنفسه :الحمد لله على روح مراد...............
NoonaAbdElWahed
تعليقات
إرسال تعليق