رواية (حلمي العاصي) - الفصلين 27،28- بقلم ندا فرج سعد - مجلة سحر الروايات

حلمي العاصي-البارت السابع والعشرون

إنتهي من توقيع الأوراق لتحملها هي مغادرة الغرفة تاركة الآخر في دوامة من الأفكار

حسن: أتمني تكون مصدقني

لا___رد

ليهتف جاذبا انتباه: عاصي...عاصي

عاصي بشرود: اها بتقول حاجة

حسن باستغراب: سرحت في اي؟

عاصي: لا ولاحاجة

حسن بحزن: ممكن ياعاصي محدش يعرف حاجة عن الموضوع دا لحد ماظبط أموري انت عارف اني كسبت الانتخابات من فترة صغيرة ودا موضوع مش صغير

عاصي: تمام وأنا كمان محتاج أظبط شوية حاجات خصوصا اني مسافر كمان كم يوم ومش عايز سلا تتعرض لأي صدمات وأنا مش موجود

حسن بابتسامة: ودا الصح

عاصي: عن إذنك لازم أمشي

حسن: مع السلام

اتجه للباب ليفتحه لاحقا بذات الشعر الأحمر بينما ابتسم الآخر بمكر وعيناه تحمل الكثير من الوعييد

_________

بمجرد خروجه رآها عند المصعد ليتجه نحوها ولكن لم يلحق بها حيث فتح المصعد لتدلف به بينما أغلق الباب قبل ان يصل اليه
زفر بغضب لينظر لشاشة المصعد منتظرا أن يري بأي طابق توقفت وقد كان الطابق السابع

هز رأسه بيأس ليضغط زر المصعد دالفا به ليصعد الطابق السابع

عندما فتح باب المصعد رأها أمامه توليه ظهرها ليركض ناحيته وعلي بعد خطوتان ناداها: سبا

توقفت عن السير ورفعت نظرها عن أوراقها لتستدير مطالعة اياه بعينان زائغتان

عاصي بخبث: مش سبا برضو؟

عقدت حاجبيها بغضب لتهتف: لاء مش سبا حضرتك غلطان

عاصي: لاء انا واثق ياريت منجادلش بعض كتير ونضيع الوقت

سبا بحدة: انت مين؟

عاصي: معقول مش عارفاني تؤتؤ اخس عليكي انا عاصي اللي جبرتي اختك المسكينة انها تسرق فلوسه هو وأهله

توسعت عيناها من هول ماسمعت لتنطق بتلعثم: ااآا لاء مش صح أصلا هي اللي جاتلي عشان...عشان نهرب سوا وو...

عاصي باستهزاء: سلا اللي عقلها عقل طفلة سرقت فلوسي لوحدها وخدتها وعرفت توصل لأختها الهربانة كمان لوحدها!؟

تنهدت بيأس لتهتف: لو سمحت محدش يعرف اني اسمي سبا لو علي فلوسك أوعدك اني هرجعهالك هو مش مبلغ صعب يعني

عاصي باستجواب: وياتري بتشتغلي في شركة والدك من غير مايعرف انك بنته ليه؟

سبا بصدمة: انت عرفت الحاجات دي منين

عاصي: مش مهم ، المهم انتي هنا ليه أكيد في سبب لو مش عايزاني أتكلم مع مديرك يبقي نتكلم انا وانتي أحسن

_________________

في إحدي المستشفيات الحكومية بعد أن تم نقله اليها وثبت أنها حالة تسمم

كان نائم باارهاق بادي علي وجهه ليتملل هامسا بأنات ألم حتي فتح عيناه ببطئ: أنا في فين

رد صوت غليظ: انت في المستشفي يامسجون كان عندك تسمم ولحقوك

كمال بتعب: عع عايز أروح الحمام

العسكري: قوم معايا

نهض بتعب ليسير خلف العسكري ويده بالقيود بيد الآخر جرا اياه الي الحمام
وعند وصولهم اليه فك الآخر القيود ليدلف "كمال" الي المرحاض بترنح

مر أقل من دقيقتان ليفتح الباب ببطئ بعد أن تطلع اليه من عقبه ورأه موليا اياه ظهره

أمسك بمطفائة حرائق ليضرب بها رأس العسكري حيث وقع فاقدا للوعي بينما فر الآخر هرباا
متوعدا لمن كانت سببا في مصائبه...

"اللهم إضرب الظالمين بالظالمين
وأخرجنا من بينهم سالمين"
-اللهم آمييين

____________

في إحدي المقاهي....

عقد حاجبيه ليهتف بحدة طفيفة: يعني إنتي كنتي عايزة تستخدمي سلا في مخططتك عشان تكون الطعم لأبوكي رغم انك عارفة حالتها النفسية عاملة ازاي وان دا ممكن يؤذيها

سبا بيأس: ماكانش في قدامي حل تاني كان لازم أنتقم ليا وليها ولماما

عاصي: تنتقمي من أبوكي؟!

سبا باستهزاء: ماهو بقاله 23 سنة ناسي ان احنا بناته!

عاصي بتنهيدة يأس: أنا عارف الكلام اللي والدتك قالته والنهاردة كنت عنده عشان أواجه لكن هو حكالي عكس كلامها تماما

سبا بدهشة: بتقول اي؟!
مالبثت أن تحولت نبرتها للغضب هاتفة بحنق: أكيد بيكدب

عاصي: ماعرفش مين فيهم كداب ومين صادق لكن زي مافي احتمال انه بيكدب برضو احتمال والدتك هي اللي تكون بتكدب

حاوطت رأسها بيداها وقد تخبطت أفكارها وتعقدت الأمور أكثر لتنطق بحزن: انا حاسة اني في دوامة شوية هنا وشوية هنا ومش عارفة حاجة غير ان في جوايا نار وقهر من الظلم اللي شفته بين الاتنين دول هما غلطوا وأنا وأختي دفعنا التمن هي بقت مريضة نفسية وحالتها العقلية متأخرة وأنا هربانة لاء وبعمل مخطاطات عشان أنتقم وبعدها أروح في داهية!

عاصي: اهدي ، وحاولي ماتخديش خطوة متسرعة تندمي عليها بعدين وياريت سلا تبقي برا مخطاطتك

سبا بابتسامة ساخرة: بتحبها ولا اي؟!

عاصي بحدة طفيفة: حاجة ماتخصكيش ، سلا محتاجة تتعالج وعلاجها انها تعيش في بيئة هادية ومستقلة مفيهاش عنف ولا حد يأذيها هي ماشفتش غير الوحش من الناس وبعدها رفضت تتعرف علي غيرهم عشان كل فكرتها ان بشر يعني وحوش

سبا: صدقني انت مش هتخاف علي أختي أكتر مني

عاصي: ب أمارة انك كنتي هتبعتيها للراجل اللي جاية تنتقمي منه لولا انها خافت وهربت مش كدا؟

لم يجد رد لذلك هتف محذرا: أنا مسافر أسبوع واحد لو قربتي ل سلا ماتلوميش غير نفسك

ثم نهض عن كرسيه ليخرج من جيبه بعض النقود واضعا اياها علي الطاولة لينطق: سلام!

غادر بينما بقيت أنظارها معلقة بطيفه لتهمس بتلذذ لإسمه: عاصي!

__________________

رن جرس فيلا الحديدي لتتقدم إحدي الخادمات لفتحه ولكن قاطعتها "أروي": خليكي يازينات أنا هفتح

زينات باانصياع: أمرك ياست هنام

فتحت الباب لتهتف بترحاب: آهلاا آهلا ياآدم إي المفاجأة الحلوة دي!

آدم بهدوء: آهلاا بيكي ، كنت عايز أتكلم معاكي في شوية حاجات لو مش هعطلك

أروي بابتسامة: ولا عطلة ولا حاجة ، تعالي نتكلم جوا

دلفت به لغرفة واسعة مستديرة بأثاث بألوان زرقاء وذهبية وبيضاء علي الطراز المغربي

لتشير له بالجلوس علي إحدي الآرائك بينما جلست علي جانبه باحدي الكراسي

أروي: ها ياسيدي تحب تشرب اي الأول؟

آدم: معلش يا آروي أنا جاي في كلمتين وماشي

أروي باستغراب: لا دا الموضوع كبير بقا ، خير؟

زفر أنفاسه محاولا ترتيب كلماته لينظر لها متحدثا بأسف: أنا عارف إن في حاجات كتير بينا هنا لسه مخلصتش ، بس إنتي عارفة إن بقالي فترة من ساعة مااتخرجت وأنا بقدم ورقي لكذا قناة ، ومن فترة كدا في شركة أصحابه لبنانيين وسوريين وبرضوا عندهم شركاء وموظفيين مصريين
وهما بيفتتحوا قناة جديدة وبعتولي عشان أشتغل معاهم مراسل
ودي بالنسبالي فرصة كبيرة جدا وانا قبلتها لكن طلع اني لازم أخلص أوراقي في لبنان وكمان أول بث ليا وللبرنامج هيكون هناك ، فيعني أنا...

أروي باإبتسامة: مش هتقدر تكمل معانا للآخر ، ولا يهمك كل المشاريع اللي كانت بنا هتتنفذ وهيفضل ليك فضل كبير فيها

مد يده ببعض الأوراق هاتفا: اها دا المقال اللي قولتيلي عليه هو في أفكار كتيير لكن حاولت أعمل زي ماقولتيلي ومازيدش عن صفحتين

أخذت الورق لتتطالعه باختصار: هقرأوا ، ماتوقعتش انك تخلصه بسرعة كدا

آدم: ماكتبتوش لوحدي إنتي ساعدتني لما قولتيلي علي موضوع نجمة وانا عملت شوية أبحاث لحد ماخلصته

صمت قليلا لينطق بتردد: إحم أروي هي نجمة لسه نفسيتها تعبانة ، أقصد لسه متأثرة بجوازها

أروي بتنهيدة: آيوا خدت 5 جلسات مع الدكتورة بتاعتها ورفضت تتابع ، بتسأل ليه؟

أخذ نفس عميق ليزفره علي مراحل محاولا ترتيب كلماتها لينطق جملة واحدة: أروي أنا معجب بالنجمة وعايز اتجوزها

طالعته بدهشة لتردد: ت..تجوزها ، يعني أقصد إنت شاب متعلم وفي يوم من الأيام هتبقي إعلامي كبير أنا واثقة من كدا ولسه ماعشتش حياتك ولا إتجوزت قبل كدا ، ليه عايز تربط مسيرك ب نجمة انت عارف ان صحتها النفسية مش متظبطة وكانت متجوزة قبل كدا وكمان أول مقابلة بينكوا كانت سيئة ، اي اللي شدك فيها؟

آدم بحيرة: تصدقي أنا سألت نفسي السؤال دا؟ لكن مالقتش غير جواب واحد وهو ان الحب عمره ماكان ليه أسباب ولا علل ، انا اول مالمحتها وهي في مكتبك حسيت بحاجة بتشدني فيها مش عارف اي هي ، يمكن هو دا التناغم بين القلبين اللي بيقولو عليه

نطق جملته الأخيرة ببعض من السخرية لتبتسم "أروي": اممم حب من أول نظرة يعني ، لاء طلعتي مش سهلة يانجمتي!

قالت جملتها الأخيرة ببعض المرح ليضحك الآخر ضحكة صغيرة بينما عادت "أروي" تقول بابتسامة: واي المطلوب مني بقا؟ نجمة مش هتتقبل مني أي كلام وهي في حالتها دي

آدم: أنا مش عايزك تقوللها حاجة قبل ما أرجع م السفر ، أنا بقولك عشان تحجزيهالي بس

أنهي جملته بغمزة مرحة لتضحك الأخري بسعادة ، فهي لن تتمني شاب أفضل من "آدم" لأختها

______________

انتظر عدة دقائق قبل أن يدلف الضابط الذي استدعاه معللا معرفته لأخبار جديدة
جلس أمامه وعلامات اليأس تعتلي ملامحه

ليقول بنبرة مواسية: إحنا عملنا كل اللي نقدر عليه عشان نعرف عنها حاجة لكن ماقدرنش نوصل لأي أخبار بخصوصها

وزي ماانت طلبت نزلنا ضفادع مائية البحر عشان يضوروا في البحر

كريم بجمود: وبعدين

الضابط: لقينا جثتين لبنتين لكن وشوشهم وجسمهم مشوهيين تماما بسبب ملح وسمك البحر!

__________________

في المستشفي الحكومي

هتف بغضب: يعني اي يهرب منك وهو في الحالة دي

العسكري بخوف: والله ياسعادة الباشا قالي هدخل الحمام وماحستش بحاجة غير انه ضربني وهرب

الضابط بغضب: دا انت وقعتك سودا

ليستدير موجها كلامه الي أحد الضباط الأقل رتبة: شوفلي مين قرايبه ومين اللي ممكن يكون عندهم لازم نوصله هو حاليا مش هيعرف يعمل حاجة بسبب صحتها المدهورة

الضابط: أوامرك يافندم

 ليلتفت مغادرا وبمجرد خروجه أخرج هاتفه من جيبه ليضغط بعض الأرقام رافعا هاتفه الي أذنه
ليقول بهمس متلفتا يسري ويمني: تختفي عن العيون تماما الفترة دي الحكومة قالبة عليك الدنيا ، آها ومتنساش حلاوتي..سلام

ليغلق الهاتف وابتسامة خبيثة علت شفتيه...

______________________

أما هو فعاد لبيته بعد أن ذهب لمحل عمله الثاني وأكثر من دعمه ليخبره باانتقاله لشركة أخري وما فاجأئه أنه لم يمانع أبدا بل تمني له التوفيق في حياته

طرق الباب وانتظر حتي فتحت له "سلا" باابتسامة واسعة لتهتف بسعادة عند رؤيه: عاصي جيت بدري

دلف للداخل ليبادلها ابتسامتها بأخري واسعة بينما رد بغمزة: ماقدرش أتاأخر عليك ياحبيبي

تلون وجهها بالأحمر القاني فهو مؤخرا أصبح كثيرا ما يتغزل بها بل ويلاطفها ويداعبها دائما أيضا وكأنها حقا طفلته كما يقول

عاصي: ماما فين؟ وريم؟

ذمت شفتيها بحزن: وانت بتسأل علي أم أربعة وخمسين دي ليه

عاصي بضحك: هههههه اسمها أم أربعة وأربعين ياسلول

سلا بتذمر: لاء دي بقا أم اربعة وخمسيين او تمانين كمان

إقترب منها ليحاوط وجهها بكفيه ليقول باابتسامة رقيقة: مش هنختلف ، بس أنا بسأل عشان أمشيها زي مااتفقنا

نطق جملته الأخيرة بهمس ممازح عند أذنها

لتبتعد عنه تطالعه بسعادة: بجد هتمشيها دلوقتي؟

عاصي: ايوا

سلا بفرحة: هيييه ، هروح أقولها تلم هدومها

عاصي ممسكا بيدها: لاء استني ياسلا ماينفعش أنا اللي هقولها ، ماشي ياحبيبتي

سلا بامتعاض: ماشي

تركها ليتقدم عدة خطوات للداخل ليصدم بها تتنصت عليهم مما آثار حنقه هاتفا: انتي عمرك ماهتتغيري؟؟ هتفضلي لئيمة ومنافقة طوال عمرك

ريم بتلعثم: آاا انا بس كنت جاي عش

عاصي بنبرة حادة: أنا اللي جاي عشان أقولك إن في شقة صغيرة في المنطقة اللي جبنا تقعدي فيها وفي كافيتريا في نفس المنطقة طالبين آنسات للشغل تقدري تشتغلي فيها وتجيبي مصاريفك وأظن كدا عداني العيب معاكي

ليطالعها بااشمئزاز تاركا اياها متجها لغرفته بينما طالعتها "سلا" بنظرات شامتة سعيدة لتخرج لسانها مغيظة اياها ومثيرة لحنقها مما جعل الأخري تجز أسنانها بغضب

" قمة الأخلاق،
أن تعفو وأنت قادر علي الإنتقام!"

باولو كويلو..

:   :   :   :   :  :

لحقت به بخطوات سعيدة متدللة لتمسك مقبض الباب فاتحة اياه بعينان شاردتان
دلفت وأغلقت الباب لتستدير بشرود حتي فتحت عيناها علي آخرهما شاهقة بخجل: هاااااا يانهار إسكت والله ماشفتش حاجة
 لتخرج مسرعة بعد أن رأته دون قميصه شارعا في تبديل ثيابه

هتفت جملتها بخجل لتفتح الباب تاركة اياه يضحك بملأ فمه علي طفلته وتصرفاتها التي أصبحت تثير جنونه بها مؤخرا!

__________________________

منذ ثلاثة أيام أخبر الطبيب بتعافيه ليعطيه إذن الخروج
لكن بعد معرفة تلك السيدة ذات الأربعون عاما وزوجه بأنه لا مكان سكن له أثرت علي إنتقاله معهم

عائلة متدينة إلي حد كبير إمراءة منتقبة وزوجها وبناتهم الأربعة مختمرات

يقيمون في بيتا من طابقين الطابق الأول في الأعلي لبناتهم
بينما الطابق السفلي به جناح علي الطراز الإسلامي خاص بالوالدين والنصف الأخر خاص بغرفتان للضيوف أقام هو بإحداهما

وكأن الله إختار له مايحتاجه فوضعه بين أناس طيبين أمثال الحجة دعاء وزوجها الحج محمد

لايتركون فرضا يصلون جميع فروضهم ليدعوه كل ليلة ليشاركهم صلاة الفجر وبعدها قراءة ورد من القرأن الكريم

شعر براحة نفسية ساورته تلك الأيام
شعر بروحه خفيفة صافية ملك لمن خلقه

فعرف حينها قيمة القرب من الله واللجؤ اليه في المحن ولكن مازال هناك مايؤرق نومه ويحرمه الراحة

     :    :     :   :     :

نزلت الدرج بتمهل وخطوات هادئة لتلمحه كعادتها منذ انتقاله معهم جالس علي إحدي الوسائد وعلامات الحزن كالعادة تزين ملامحه

حمحمت بحرج ليلتفت لها بينما قالت بحياء: ازيك؟

عقد حاجبيه بااستغراب فهي تلقي السلام لأول مرة علي غير عادتها تخرج وتدخل متجاهلة اياه

شعرت بأن ماقالته سخيف لتنظر له بسخط: أقصد يعني ... يارب تكون مبسوط في بيتنا

وضعت يده علي فمه هامسة: اي الهبل اللي بقوله دا؟!

رائف باابتسامة: أنا رائف وأظن انك عارفة اسمي ، انتي بقا اسمك اي

ردت: جنة

رائف: انتي كل يوم بتخرجي كد ب

جنة بحدة: انت بتراقبني؟

رائف باستغراب: اراقبك؟ اما بشوفك بالصدفة وأخدت بقالي ان محدش في اخواتك بيخرج زيك كدا مش اكتر فسألت

جنة: بيكون عندي محاضرات متأخرة

رائف: محاضرات متأخرة؟!!

جنة بتوتر: آهاا

نظرت بساعتها لتهتف: أنا اتاخرت أووي لازم أمشي

لتغادر بينما عقد حاجبيه بشك: محاضرات متأخرة!!

_________________

"
يوم نموت سيمحو النسيم الرقيق آثار أقدامنا علي الرمال.
بعدما يفني النسيم ، تري من يخبر الأبدية أننا مشيناها هنا مرة في فجر الزمان؟!
"

أغنية قديمة لقبائل البوشمن...

-----حلمي العاصي-البارت الثامن والعشرون

تسارع في الأحداث
بعد مرور ثلاثة أيام...

خيم الحزن علي حياته وأصبح وحيد بغرفته رافضا رؤية أي شخص أو الإختلاط ب أحد
كان وجهه شاحب وملابسه مبعثرة وشعره مشعثة وجسده متراخي بيأس
لقد إختارت أن تبتعد للنهاية...غادرت وأخذت قلبه معها بل أكثر من قلبه...أخذت روحه وذاته لم تترك له شئ إلا جسد يتنفس وحتي أنفاسه أصبحت ك صخور يستنشقها

يأس وكره حياته وشعر بمرارة الفراق عندما فارقته
رضي دائما ببعدها عنه ولكن لماذا؟
لماذا ابتعدت كثيرااا بشكل مؤلم ومؤرق هكذا؟

لن ينسي عندما آتاه إتصال من شرطي طالبا إياه ؛ ليخبره بعدها باأن الطب الشرعي أثبت أن الفتاتان من نفس سنها تقريبا ويغلق ملف القضية لتكون هذه النهاية

إنحدرت دموعه التي آبت الأيام الماضيه أن تبقي حبيسة لتفر هاربة علي وجنتاه يشعر بحرارته

ضم شفتيه للداخل كاتما صراخه وأوجاعه لكن انفلتت آهة منكسرة من فمه لتزداد دموعه وطيفها أمامه يلاحقه ويحاوطه وهي تضحك..تصرخ..تبكي..يأسة..منكسرة..بزي مدرستها

كل أطيافها تبكيه لم يحبها ولم يعشقها بل أكثر من هذا لو وجد!

لم يتحمل أكثر ليتأوه صارخا بمرارة وغضب: آهااااااااااا!

______________

لم تكن حالته أقل سوءا ف إختار الوحدة هو أيضا ليبقي بغرفته المظلم دون أي مصدر للضوء فليس فقط الحزن ما يشعر به اتجاهها بل الذنب!

شعر بيأس كبير داخله فقد ظن أنها أرادت أن تبقي وحيدة لبعض الوقت فقط حني أنه قال ب أن مايفعله "كريم" من إبلاغ الشرطة والمتابعة بالمخافر مبالغ فيه

لم يرواده أي شك أنها قد تختار تلك النهاية
وبخ نفسه كثيرا ولامها بل وبكا بخزي لفراقها فلربما ذاك اليوم عندما زارته بمحل والده وهددته بالانتقام لربما لو تمسك بها وواسها ، لو فقط أخبرها أنه هنا جانبها ، لو أظهر بعض المحبة اتجاهها لما كانت تلك النهاية

ولكن ماذا سينفعه الندم الآن؟

شعر بغصة توسطت صدره عند ذلك الحد من التفكير لتدمع عيناه لفراقها

دق هاتفه معلنا عن وصول إتصال ليطالع إسم المتصل محدقا به قليلا ليتأفف بضيق يم أخذ نفسا عميقا مهدئا نفسه في محاولة لاستعادة رابطة جأشه ليفتح الخط: ألو..معين بيه

معين بحزن مصطنع: إيه عاصي كيفك عرفت ب اللي صار معك وكنت حابب قوم بالواجب

عاصي بجمود: متشكر

معين محمحما: احم احم يعني كنت عم قول انه مابيصير نأخر الشغل أكتر من هيك انت بتعرف الشغل مابيتأجل وكل ماعجلنا بيكون أفضل خصوصا إنه التحكم بالتوقيت مو بايدينا ولا لصالحنا ف يعني اذا في...

عاصي مقاطعة بثبات: تمام ، مفيش مشكلة بكرا هكون في المطار ع الوقت

معين بابتسامة: مشكور كتير ولا تنسي هداك رفيقك آدم جيبوا معك

عاصي:تمام

معين: ايه يلا الله معك

أغلق الخط متأففا لينهض متجها نحو خزانته لتجهيز مايلزمه بينما دق الباب بطرقات ناعمة ومتوترة ليعلم أنها هي "طفلته" التي صرخ عليها أمس ووبخها لإصرارها علي عدم تركه بمفرده

نطق بتحشرج: ادخل

انتظر ثواني حتي فتحت الباب بتردد لتظهر أمامه بشفتان مذمومتان
 كانت تطالع الأرض بينما تضم دميتها بيداها التي أخذت تفركهما بتوتر

لتقول بنبرة خفيضة: ممكن تيجي تاكل عشان انت مش أكلت بقالك يومين ... عشان خاطر سلا؟!

حدق بها قليلا بتأمل لتغتصب ابتسامة صغيرة شفتيه علي براءتها وطيبة روحه
لقد انتظر أن تؤنبه أو تلومه لما فعله لكن لم تفعل بل خائفة عليه

اقترب منها بخطوات واسعة ليضمها إليها بقوة مستنشقا رائحة عنقها يملأ رئتيه به لتنعش روحه

ألجم لسانها بينما اتساعت حدقتها لردة فعله فقد توقعت أن يوبخها مجددا لكنها تغلبت علي خوفها منه في صالح خوفها عليه

ابتعد عنها ليطالعها بوجه شاحب وعينان شاردتان بينما همست هي برقة وابتسامة صغيرة أجفلته وبعثرت كيانه: عاصي....انت كويس؟

قالتها بحنو ليرد: كويس طوال ماانتي جنبي

ابتسمت بعذوبة وترددت قليلا قبل أن تمد يدها متحسسة وجنته بنعومة أذابته لتقول برجاء: طب ممكن تيجي تاكل بقا عشان سلا تاكل

عقد حاجبيه بدهشة ليسألها: ليه انتي ماكلتيش

هزت رأسها بنفي لتقول: هاكل ازاي وانت ماكلتش؟

أمسك بيدها ليجرها خلفه بغضب حتي وصل لغرفة المعيشة هاتفا بجدية: ماما سلا ماكلتش بقالها يومين؟!

عيشة بنبرة يأسة: والله جبتلها الأكل كذا مرة لكن رفضت تاكل من غيرك ، وصممت هعمل اي طيب؟

استدر لها ليقول بتوبيخ: ازاي ماتاكليش بقالك يومين؟

سلا: انت كمان ماكلتش بقالك يومين

كاد أن يرد لولا أن قاطعته بوضع إصبعها علي شفتيه لتقول برجاء: كفاية كلام ممكن ناكل بقا انا سامعة صوت عصافيري بتسوسوا

أجفل من حركتها العفوية ليؤمي براسه ملبيا طلبها فلن يستطيع أن يعترض بعد تلك الحركة وهذه النظرة التي تربكه وتفعل به الأفاعيل!

أما "عيشة" فكانت تتابع مايحدث وتكاد تجزم أن ابنها غرق في الحب ولم يعد له مفرا الآن!

____________________

في إحدي البيوت المهجورة بمنطقة منقطعة عن العالم تماما

كانت مقيدة الأيدي والأرجل علي كرسي وعيناها مغمية بعصبة سوداء
أخذت تصرخ وتهتف سائلة عن هاوية خاطفها فما تذكرها هو أنها كانت برفقة أحدهم ب إحدي الملاهي الليلية ليطلب منها رفقته الي مكان آخر وبمجرد خروجهما شعرت بمن يضربها علي رأسها لتسقط فاقدة للوعي

هتفت بذعر: انتوا مين؟ ، مين اللي خاطفني؟ ، انا هوديكوا في ستين داهية. فكوووووني

صدحت ضحكات عالية لتثير خوفها أكثر بينما عادت تهتف: انت مين؟ ، وخاطفني ليه انا عملتلك اي؟

صدحت ضحكاته مجددا ولكن أعلي وأطول
لتركز أذنيها مع صوته وعندما أدركت ماهيته توسعت حدقتها لتشهق بصدمة: كمال؟!

كمال بغضب دفين: اي كنت مفكراها راحت عليا ومش هرجعالك؟

_______________

شرعا في تناول طعامهم ليتفاجأ به تمد يدها اتجه فمه لاطعامه

نظر لها بدهشة ليقول: اي دا؟!

سلا: اي؟ كل

عاصي: انتي عايزة تأكليني ليه؟

سلا بحزن: انت مش عايز تأكل من...

لم تكمل حتي التقط الطعام بفمه بينما ابتسمت برضا

عاصي باابتسامة: ها مبسوطة

سلا: امم أكلني انت بقا مش انا اكلتك

عاصي: هو في اي؟

سلا باستغراب: في اي مش عايز تأكلني؟ خلاص ب...

لم تنهي جملتها ليمسمك بوجنتيها ضاغطا عليهما لتفتح فمها ليضع بها كمية ليست قليل من الطعام

بينما هتف بجدية: ماتقوليش كدا تاني أنا بسألك بس

سلا: حاضل أنا كت بعمل زي التليفشيون ب..

ضحك بقوة حتي أدمعت عيناه لطريقة كلامها والطعام في فمها ليقول بضحك: هههههههه ابلعي بس الأول

مطت شفتيها لتهتف بضجر: انت بتتريق عليا؟ ماانتي اللي أكلتني زي البطة

عاصي بغمزة: بطة قلبي

نظرت له بغضب لثواني حتي فهمت ماقال لتعلو ضحكاتها هي أيضا!

_______________________

داخل مقهي راقي...

أمسك يدها بحنان ليقول بنبرة محبة: أنا مش مصدق نفسي إنك أخيرا وافقتي نخرج سوا ، جنة أنا بحبك أووي

سحبت يدها بخجل: أنا وافقت عشان حسيت قد اي انت صادق معايا يا أمجد مش أكتر ، بس بس..

أمجد بهيام: بس اي ياحبيبتي؟

جنة بقلق: اللي احنا بنعمله دا غلط وأنا ماقلتش لبابا وماما اني خارجة معاك ولا حتي اني بكلمك

أمجد: ياحبيبتي لو قولتلهم اننا بنحب بعض أو بنتكلم مش هيوافقوا عليا لما أجي أتقدملك خصوصا اني اهلك ناس متشددين يعني

جنة: بس يا أمجد

أمجد بحب: مفيش بس ، جنة انتي البنت اللي اتمنتها وياما حلمت بيها انتي تؤام روحي ونصي التاني وحياتي عمرها ماهتكمل غير بيكي ، ممكن تسيبيلي نفسك خالص وأنا هخليكي واحدة تانية

جنة بحب: أكيد ، أمجد أنا اللي بحبك أووي انت حاجة كبيرة بالنسبالي

تنهد بحب ليقول: طب ممكن أشوفك بكرا تاني عشان خاطري ياحبيبتي عشان نتفق ازاي هقابل اهلك وكدا انا خلاص مش قادر أستني

جنة بخجل: ماشي هقابلك بكرا هنا في نف..

أمجد مقاطعا: لا ياحبيبتي مش هنا بقا خلينا نتقابل في كافيه صغير جنب الكلية انتي عارفة اني من الأول قايلك الحقيقة واني ظروفي مش قد كدا

جنة بابتسامة: عارفة ودي أكتر حاجة حبتها فيك انك صادق

أمجد بابتسامة: ياحبيبتي ياجنتي!

أمست الساعة الثامنة مساء ولم تعد حتي الأن مما آثار قلقه
أخذ يهز قدماه بتوتر فوالديها لم يأتي موعد عودتهما

أخذ يجول ذهاب وعودة ولايدري مايفعل حتي سمع صوت توقف سيارة

خرج سريعا ليجدها تخرج من سيارة أجرة ليتقدم منها بغضب هاتفا: في بنت محترمة تتاخر برا للدلوقتي

نظرت له باستخاف لتقول بنبرة متمردة: وانت مالك انت ماتخليك في حالك!

تجاوزته بعدة خطوات ليتقدمها بخطوات سريعة يقف أماامها هاتفا بنبرة جامدة: فين تليفونك؟

جنة باستغراب: نعم؟! عايز تليفوني ليه؟

رائف بنبرة لاتقبل النقاش: هاتيه!

لم ترد مجادلته حتي لاينفضح أمرها لتمد يدها مخرجة هاتفها من حقيبتها لتناوله اياه

مدت يدها به اليه ليلتقطه بغضب ضاغطا بعض الأرقام ليعود ويعطيه لها

رائف بجدية: دا رقمي ، يمكن تحتاجيني

لم يعطها فرصة للاعتراض بل تخطاها تاركا اياها في ذهولها!

____________

بليب ان شاء الله هنزل بارت ماقبل الأخيرة...

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حصريات سحر الروايات: مجنونة أحتلت قلبي للكاتبة فاطمة مصطفي