رواية( حلمي العاصي) - الفصلين 25،26- بقلم ندا فرج سعد - مجلة سحر الروايات
حلمي العاصي-البارت الخامس والعشرون
"يوماا ما حين تكون الأمور بخير سننظر الي ماضينا ونشعر بفخر أننا لم نستسلم"
بيل غيتس...
_______________
تسارع في الأحداث...بعد أسبوع
طرق الباب بتكاسل ويأس لتفتح له أخته وعلامات الحزن تكسو ملامحها أيضا
لاحظت جمود ملامحه والحزن الذي لا يزال مسيطرا عليه منذ أسبوع..منذ أن تركته ووعدته أن تعود
همست بحزن: كريم
عرفتوا حاجة عن مني
هز رأسه بخزي نافيا ثم تخطاها متجها الي غرفته تحت أنظار باقي أسرته ليهتف والده بتساؤل عندما رأه: ها ياكريم في أخبار عنها
علي نفس الحال هز رأسه نافيا ليكمل سيره نحو غرفته دالفا اليها لتحتويه بكل احزانه وانكساراته ودموعه التي أبت عيناه التمسك به لتفر هربا علي وجنته كل ليلة بعد عودته من المخفر
تذكر آخر لقاء بينهما وتذكر نظرة الوداع التي رأها بعيناها وكاد أن يقسم ليلتها أنها لن تعود ولكن ماينهش بقلبه دون رحمة هو كرهه وسخطه علي نفسه يلعن غبائه
لماذا لم يمنعها لماذا لم يتمسك بحب حياته لماذا تركها ترحل رغم يقينه أنها لن تعود
لم يتحمل جموح تفكيره أكثر ليبكي بقوة كاتما شهقاته بالوسادة التي إحتضنها كل ليلة ليبث بها أحزانه ودموعه
"يبقي الرجل بلا نقطة ضعف حتي يحب
وتبقي المرأة بلا نقطة ضعف حتي تكره!"
اضغاث_قلم
: : : : : : : : : : : : :
بالخارج...
هتفت بغضب وحزن علي حالة أخيها: منها لله كسرت نفسه بعد كل اللي عمله عشانها
لترد والدته بحزن وقلة حيلة: فيروووز بس حرام عليكي بطلي ولولتك دي شوية احنا في اي ولا في اي
نغم بحزن: مني صعبانة عليا اووي انا خايفة تكون عملت حاجة في نفسها بعد كل اللي حصل
الوالدة بتحذير: هششش بس اسكتي كريم لو سمعك هيجراله حاجة انتي مش شايفة هيتجنن عليها ازاي دا بيطلع م الصبح ومابيطلعش غير وش الفجر والساعتين اللي بيجيهم مابينمهمش ياابني
فيروز بضجر: انا مش فاهمة هو في اي هي سحراله ولا سحراله
الوالد بجدية: انتي مش ناوية تعدلي بوقك دا وتعرفي تتكلمي زي الناس و....
كاد ان يكمل ولكن قاطع حديثهم طرقات الباب
فيروز بتأفف: انا هفتح اما نشوف مين اللي جايلنا نص الفجر
اتجهت لفتح الباب بينما تبعتها انظار الجميع ليستمعون لصوت فيروز: خالتووو تعالي في حاجة
لتدلف للداخل وخلفها خالتها ترد: لا بس قلقت علي كريم ولما سئلتكوا قولت مابيجيش غير الفجر وماعرفتش اجي غير دلوقت هو فين
الوالدة بحزن: في أوضتي
الوالد: انا بقول نسيبه مع نفسه
الخالة: انا بقول لو فضل كدا لوحده ياعالم أفكاره هتوديه علي فين انا هدخله
وصلت لباب غرفته لتطرقه بهدوء عدة مرات دون رد
لتهتف بحنو: انا عارفة انك صاحي افتحلي
اخذت تعيد الطرق بهدوء حتي فتح الباب ليطل منه بوجه شاحب جامد
الخالة بشهقة: ييييه ليه ياكريم عامل في نفسك كدا انت خاسس خالص
تركه ليعود جالسا علي فراشه يتني قدم والأخري مدده ولم يرد وكأنه بعالم آخر
لتردد بحزن: يعني انت لما تعمل في نفسك كدا هي هترجع مثلاا
لا_رد
لتعود مسترسلة: اقولك ع الحل
رفع رأسه بجمود لتكمل بعد ان جلست قابلته وامسكت يداه بيدها لتشجعه: حط في اعتبرك انها مش نصيبك ربنا مش رايد انكوا تكونوا لبعض هتعترض علي ارادة ربنا؟
بعدين اش دراك مايمكن يكون نصيبك بنت تانية تلاقي فيها اللي مني ماعرفتش تقدمهولك
لتكمل ممازحة: بعدين يعني ماتزعلش مني البت مني دي اصلا نكدية وعيوطة احنا هنجوزك واحدة فرفوشة كدا تدلعك اومال اي اهاا
ليبتسم ابتسامة صغيرة مجاملة لحديث خالته ولكن داخله يردد
لا أريد سواكي ، عودي!
"في النهاية
سيكون معك من يحبك وليس من تحبه"
غابرييل ماريكيز...
_____________
بذات التوقيت تقريبا
كان عائدا لبيته وعلامات الحزن التي شابها الندم والشعور بالذنب
فلم يكن ذنبها ماارتكبه أبويها فهي منذ صغرها لم تشبههم ولم تكن يوما مثلهم بل العكس أحبته بشدة ولم يكن منه الا ان أنبها ولامها علي حبها له بأبشع الكلمات
والآن ليس منه الا ان يدعي الله ويرجوه ان تعود وحينها سيعتذر منها حتي تسامحه فان كان لا يكن لها مشاعر الحب والعشق فلها بذاته مايكفي من مشاعر الأخوة
يحتقر نفسه أكثر وأكثر كلما تذكرها بعفويتها وملاطفتها الدائمة لمن حولها
هو جرب الإحساس بالظلم ولم يكره شيئا في حياته أكثر منه ولكنه ارتكب هذا الإثم بحق من لم تأذيه يوما ولم تتمني له الا كل خيرا
وها هو نادم بعد فوات الأوآن
هي اختارت الرحيل والبعد عن حياة الجميع تاركة خلفها تعاسة وحزن سيطر علي أرواحهم جميعا
وصل لباب بيته وماكاد أن يطرق عليه حتي سمع همسا مناديا باسمه
التفت عاقدا حاجبيه علي مصدر الصوت كانت امراءة تلف نفسها بوشاح وسير أخفي معالم جسدها ووجهها
اقترب بتريث وداخله يدعي أن تكون هي مني
عاصي بفضول وتطلع: مين..مني ؟
ابعدت الوشاح عنها ليقع أرضا بينما اتسعت عيون الآخر بصدمة
: :
لم تسعفه كلماته من شدة صدمته وذهوله كيف أتت الي هنا وبهذا التوقيت؟!!
نظرت اليه بوجه شاحب ومخذول وعينان باكيتان وهيئة مذرية لترتمي باأحضانه تاركة لنفسه عنان البكاء فانهارت بشهقات عالية تتشبث بظهره بيداها لينطق أخيرا محاولا ابعادها عنه
عاصي بثبات: ريم
لا رد فقد فشلت محاولاته في ابعادها
عاصي بتأفف:ابعدي عني وفهميني في اي وبتعملي اي هنا في وقت زي دا
تشبثت به أكثر لتهتف ببكاء وانهيار: عااصي ماتسبنيش انا محتاجلك اووي انا اتكسرت
عقدت الدهشة حاجبيه ليهتف باستنكار: اتكسرتي؟! وضحي كلامك ياريم
أخذت تشهق بعنف وأنفاس متقطعة ليردد الآخر: طب تعالي ندخل جوا وتحكيلي
تشبثت بذراعه بعنفه واخذت تهز رأسه نافية: لل لاء لاء مش عايزة ادخل
عاصي باستغراب: ليه؟ بعدين ماتقلقيش والدتي جوا ومراتي كمان
نظرت له بصدمة: مم مراتك! انت اتجوزت
عاصي بسخرية: من بدررري ، ها ندخل
صمتت قليلا لتؤمي برأسها ايجابا فلقد ساورها الفضول لرؤية من فازت به
_________________________
انتي بتهزري يااروي؟ يعني جمعتينا هنا الساعة 5 الصبح عشان تقوليلنا نجري؟
اروي بابتسامة: ايوااا بالظبط ياحظابط
يوسف بعصبية طفيفة: اروي انت مش ناقص جنانك اعقلي كدا ويلا نتطلع نتخمد
اروي: لا ياحبيبي مفيش خامدة تاني احنا هنخرج حالا انا والبنات وبما ان الوقت لسه بدري بقولك تعالي معانا لو مش عاوظ اوكيه هنروح لوحدنا مفيش مشاكل ، مش كدا يابنات
هنا ونجمة: ايوااااه
تأفف بضيق ليرد من بين اسنانه: اللهم طولك ياروح
يلااا قدامي
لتهتف الثلاثة بمرح: هيييييه
اتجهوا للخارج ليفتح باب سيارته وقبل ان يصعد بها هتفت به: انت رايح فييين؟
يوسف بحدة: هركب
اروي بابتسامة باردة: لا ياحبيبي احنا هنجري
اقترب منها بغضب يحاول كبحه لينظر لها بقوة هاتفا: نعم يااختي تجري فين
هنا في الشارع قدام الفيلا
يوسف: احنا في كومبوند ياحبيبتي يعني كل واحد عينه ع التاني
اروي: لا ياحبيبي دا بيتهيألك محدش مركز مع حد بعدين كله نايم وفي مكان مخصوص للمشي
يوسف بغيرة وصراخ: ماهو بيبقي مليان شباب
نظرت له لبرهة متناسية امر الفتاتان لتلف يداها حول عنقه هامسة بدلال: اي دا انت بتغير يابيبي؟
يوسف بعبث: فك م الجري والكلام الاهبل دا وتعالي فوق وانا اقولك بغير ولا لاء
أنهي حديثه بغمزة
ليسمعان صوت شهقات ليستديران للفتاتان التي وضعت كل منهم يدها علي فمها هامسة للاخري: قلة أدب!
أروي بارتباك: انا بقول نمشي بقا قبل ماالناس تصحي
يوسف: برضوا هتعملي اللي في دماغك
اتجاهوا للباب ليقفوا صفا متوازي..
اروي: يوسف انت عد
يوسف بتنهيدة: 1 ، 2 ، 3
ليبدوء بالركض اربعتهم لمدة لم تتجاوز الأربعة دقائق حتي
قاطعهم صوت رجولي محمحم: احم صبااح الخير
هنا بتفحص: انت بتعمل اي هنا
علاء بتفاخر: انا كل يوم هنا لازم اجري نص ساعة ع الاقل
يوسف بنصف عين: ياراااجل؟! دا من امتي
علاء بتوتر: من زمان طبعا عشان احافظ علي صحتي
هنا: ماانت زي الشحط اهوو هتحافظ عليها اكتر من كدا
علاء: الله وأكبر ايوا طبعا احافظ عليها
ليغمزها بمكر: أصل انا داخل علي جواز وأهم حاجة الصحة
تملكها الخجل ولم ترد ليهتف "علاء" مكبرا وكأنه فاز باحدي الجوائز: ااااالله أكبرررر دي بتكسف يعني في أمل
ليضحك الجميع حتي نجمة ضحكت بمحبة لهم ولمزاحهم فلقد اشتاقتهم رغم مامرت به ولم تكن بحاجة أكثر من هكذا عائلة وأصدقاء ليزيحوا عنها ماتحملته لسنوات ماضية
"سأعيش علي أمل أن كل شيئا سيصبح جميلا مادام لنا ربنا يقول كن فيكون"
نجيب محفوظ....
_____________
اهدي كدا عشان أفهم منك أنا مش فاهم حاجة وانتي بالحالة دي
هتف بجدية
بينما كانت تتابعه "سلا" بنظرات نارية مشتعلة بمشاعر جديدة عليها لم تتعرف عليها بعد
ردت الأخري ومازالت علي حالتها: ينفع نبقي لوحدنا
اؤمي بايجاب لينهض مشيرا لها نحو احدي الغرف
بينما نهضت طفلته كما أصبح يناديها مؤخرا
لتهتف بتذمر: انتوا رايحين فين انا جاي معاكوا
نظر لها بتفحص قبل ان يقترب منها هامسا بحنو عندما استشعر غيرتها: خليكي هنا ياسلا هشوفها عايزة اي وأجي
اقتربت منها هامسة بحنق: لاء ماتروحش البت دي شكلها سوسة
نظر لها بابتسامة واسعة علي عفويتها ليرد بمهس مقلدا لها: مالناش دعوة بيها انا هشوفها عايزة اي بس
سلا بغضب: هاجي معاك
تنهد بنفاذ صبر: سلا
خليكي هنا هخلص معاه بس وارجعلك روحي ياحبيبتي وانا جاي
لم يعطيه فرصة الرد لينسحب نحو "ريم" والتي كانت تتابع مايحدث بغضب فتلك الطفلة المدللة اخذت ماليس لها ^من وجهة نظرها^
دلف للداخل وخلفه هي ليجلس علي طرف الفراش مشيرا لها ناحية الكرسي في مقابلته: اقعدي وقولي في اي
جلست بانكسار لتعود لبكائها هاتفة: معدش في ليا حد اروحله بعد اللي حصل بس اوعدني مش هتقول لحد
عاصي بتنهيدة: ماشي ، اوعدك
ريم بنبرة باكية: انا اتخطبت ل سعيد بس عشان اهلي جبروني هو كان مفهمهم انه راجل غني لحد ماعمهم بالفلوس وباعوني ليه والاسبوع اللي فات اهي اهي هو قالي انه عايز يخرج معايا وانا رفضت بس ماما صممت وماكانش في قدامي حل وخرجت معاه بس اهي الواطي دا خدني خخ خدني بيته وحصل اللي حصل
لتنهار باكية بينما الأخر فتح عيناه بصدمة ليتساؤل بعدها: ليه عمل كدا ماانتوا مخطوبين وكنتوا هتتجوزوا و
ريم ببكاء: نصاب
عاصي باستغراب: اي؟
ريم: طلع نصاب وسوابق كمان
حدق بها قليلا بنظرات احتقار لم تخفي عنها: وانتي جايلي ليه بعد عملتك جاي تفضحي نفسك قدامي ولا مستنية مني استر عليكي
نظرت له ببكاء: عاصي انتي بتكرهني؟
رد ببرود: ابداا
كادت ان تبتسم لكنه عقب: ولا بحبك
يعني مش حاسس باأي حاجة اتجاهك خالص مفيش عندي اي مشاعر نحيتك
ردت بانكسار متغاضية عن كلماته حاليا: بعد ماروحت واهلي عرفوا بااللي حصل ورغم انهم كانوا هما السبب ضربوني وطردوني وماعرفتش اروح فين غير هنا
عاصي بشك: وعرفتي بيتي منين
ريم: بعد مااتخطبت انت غبت عن الكلية فترة فسألت علي عنوانك عشان اجيلك و واعتذرلك
تنهد ليرد: وانا اي في ايدي اعملهولك دلوقت؟
ريم برجاء: ممكن اقعد معاكوا بس يعني كام يوم لحد ماالاقي مكان
نهض واقفا ليرد بجدية: موافق بس اوعي تفكيرك يخونك انا هساعدك كأني بساعد اي حد....من الشارع
رماها بنظرة احتقار من طرف عينه ليغادر تاركا اياها
_____________
يشعر بالحيرة والتخبط كل ماكان يريده هو ان يبني حياة ناجحة بمكان هادئ هل طلب الكثير؟!
اتجاه لغرفته طامعا ببعض الراحة التي لم ينعم به منذ اختفاء "مني"
فتح الباب ليجدها قابلته تجلس علي طرف الفراش وتعقد ذراعيها بغضب امام صدرها وتمسك بدميتها وحاجبيها معقودان
ابتسم من هيئتها الطفولية ليأخذ نفسا عميق قبل ان يغلق الباب خلفه مرددا بنبرة هادئة: انتي زعلانة؟؟
لا رد
ليرد بقلة حيلة: طب كنتي عايزاني اعمل اي مش هي اللي طلبت تتكلم معايا لوحدنا
نظرت لها بغضب لتهتف بنبرة مغتاظة: دي صحبتك الجديدة صح؟
ابتسم بحنان لها ثم جلس بجانبها بينما كانت تعطيه ظهرها ليمد يده محتضنا خصرها ليديرها له ثم همس بحب: انتي صحبتي الوحيدة ياسلاا
حاولت ألا تبتسم لكلماته ولكن لم تستطع
لترتسم علي شفتيها ابتسامة واسعة مع عيناها التي أضاءت بلمعة شغف
لترد بهمس: بجد؟
عاصي بهمس وعينان لامعتان بحب وشغف: بجد ياسلاا
تبادلا النظرات قليلا والتي كانت مشبعة بحب كل منهما للآخر وكلمات لم تعترف بها ألسنتهم بعد لتتولي عيناهما الأمر
رجع بظهره للخلف ومازال محيطا خصرها بذراعه ليتمدد ويجذبها لتتوسد صدرها ويده محتضن خصرها بتملك مقربا اياها له بعينان يهيجان بحبها هي فقط
بمجرد أن وضع رأسها علي صدره شعرت بدقات قلبه العنيفة
لترفع رأسها بطفولة ودهشة: اي دا قلبك بيدق جامد!!
عاصي باأنفاس مثقلة وعينان دافئتان: بيدق ليكي ياسلا...ليكي انتي وبس!
"المرأة العظيمة تلهم الرجل العظيم ، بينما تثير المرأة الذكية اهتمامه ، وأما المرأة الجميلة فلا تحرك في الرجل الا الاعجاب
بينما تحتفظ المرأة العطوف بالرجل العظيم في النهاية"
ويليام شكسبير...
_____________________حلمي العاصي-البارت السادس والعشرون
في اليوم التالي....
سطعت الشمس بأشعتها الذهبية مداعبة جفونه ليفتح عيناه ببطئ
شعر بثقل فوق جسده فابتسم عندما رأها مستلقية فوقه غارقة في النوم كعادتها تظل تتقلب طوال الليل حتي يستيقظ في اليوم التالي ويجدها نائمة فوق جسده
داعب وجنتها برقه لتعقد حاجبيه بغضب وانزعاج ليبتسم لحركتها العفوية ثم عاد وقرصها من وجنتها برفق لتتملل في نومها حتي فتحت عيناها
رفعت رأسها لتتطالعه بنعاس
ابتسم هامسا: ينفع كدا بتسيبي السرير كله وتنامي فوقي حد قالك اني مرتبة؟
ضحكت بخجل لتبتعد عنه جالسة قابلته لتنظر له بحب: صباح الخير
عاصي بابتسامة: صباح الجمال
سلا: مش انت كان وراك مشوار انهاردة
عاصي: ايوا
سلا: ينفع تاخدني معاك والنبي ومش هعمل دوشة
عاصي بحنان: هبقي اخدك مكان تاني بس النهاردة مش هينفع دا شغل
سلا برجاء: والله مش هتشقي وهقعد ساكتة بليييز
عاصي رابتا علي رأسها: معلش ياحبيبتي خليكي هنا النهاردة وبكرا وعد هخرجك المكان اللي تختريه
سلا بغضب: انا عايزة اروح معاك مش بعرف اقعد من غيرك انت بتتاخر برا
حدق بها قليلا لينطق بهمس خبيث: ليه بوحشك؟
سلا باندفاع: بتوحشني خالص و....
وضعت يدها علي فمها شاهقة بخجل لتنظر له بارتباك: انا يعني اقصد مش اقصد....
قاطعها عندما جذب يدها لتستلقي بين أحضانه مجددا هاتفا بحب: وانتي كمان بنوحشيني خاالص يا طفلتي
رفعت رأسها لتحدقها بنظرات زائغة بعثرت ذاته: بجد بوحشك
رد بهيام هامس ونبرة ثقيلة من فرط مشاعره: انتي بقيتي خطر عليا يا سلا كل مدي بغرق فيكي أكتر
سلا بعدم فهم: بتقول اي؟
عاصي بتنهيدة: مفيش ياسلا انسي
ليضمها اكثر اليه مشددا من احتضانها ليقربه أكثر له وكأنه يود رسخها بين ضلوعه
سلا بتساؤل: مش هتروح المشوار
عاصي مغمغما: اممم هروح بس مش دلوقتي
سلا: طب اروح اقول لعمتو تحط الفطار؟
عاصي: لا....خليكي كدا في حضني
_____________________
طرق الباب بطرقات ثابتة ليأذن له بالدخول
حمحم ليلفت إنتبه بينما رد الأخر وقد تركزت حواسه كلها معه: عرفت يبقي مين؟
رد بمهنية: آيوا سيادتك قدرت أوصل لإسمه وعنوانه تحب يبقي عندك ولا أخلص أنا
رد الآخر بنبرة ساخرة: تؤ تؤ كفاية انه يبقي ادامي النهاردة ، مش برضوا بعتله الرسالة اللي كفلتك بيها ياجابر
جابر: حصل ، بس ممكن مايجيش ياحسن بيه
حسن بلؤم: ازاي؟! دا هو اللي طالب يجي وأنا لبيت طلبه خصوصا ان أسلوب عجبني!
ليعود بأنظاره ل "جابر" متساؤلا بفضول ونبرة باردة: اسمه اي
جابر: عاصي
ابتسم بخبث ولمعت عيناه بغضب دفين ليردد اسمه وكأنما يتذوقه: عاصي! لاء لايق عليه
جابر بفضول: اللي يشوف سيادتك ساعة الخطاب اللي بعته مايشوفكش دلوقتي وانت متحمس كدا انك تقابله ، هو في اي؟
حسن بجمود: مش شغلك ياجابر
ليحمحم الآخر بحرج مستأذنا ليغادر
بينما ثبتت عينا الآخر علي اللاشئ ليهمس بجمود والشرر يتطاير من عيناه بتحسب: عاصي! نورت اللعبة اللي رميت نفسك فيها يابيه!
__________________________
التفوا حول المائدة شارعيين في تناول فطورهم بهدوء حتي هتفت "عيشة" بنبرة قلقة: ماعرفتش أسألك إمبارح ، عرفتوا حاجة عن مني؟
عاصي بثبات: لاء
عيشة: ماجربتوش تسألوا الناس يمكن حد شافها
عاصي: عملنا كدا والبوليس ماسبش بيت وسألوا ماحدش شافها
عيشة بحزن: لا حول ولا قوة الا بالله والنبي البنت دي صعبانة عليا دفعت تمن أغلاط أبوها وأمها
عاصي لنفسه بشرود: "أخطاء الأباء يتحملها....الأبناء"
عيشة مقاطعة بتساؤل: معرفتوش حاجة عن رائف كمان دا مختفي بقالوا فترة برضوا
ريم بتساؤل ممررة انظارها بين عاصي ووالدتها: خيير هو في مشاكل عندكوا؟
نظرت لها سلا بشرر لترد بغضب: وانتي مالك انتي بينا انتي هتقعدي هنا شوية وتمشي
عيشة بحدة طفيفة: سلا! عييب
بينما ابتسم عاصي بمكر ليمد يدها ممسكا بيدها هامسا: لاء ياسلا ماتقوليش لريم كدا دي برضوا....صحبتي اوي
شدد علي كلمته الأخيرة مثيرا حنقها لتطالعها بحدة بينما ابتسمت الأخري بسذاجة
لتهتف سلا بتذمر: صحبتك؟! المعفنة دي صحبتك؟
شهقة "عيشة" وشهقة "ريم" بصدمة مما تفوهت بها تلك الطفلة المدلله ذات اللسان الطويل
لتصدح ضحكات الآخر بمرح
عيشة بحدة: عاصي ماتضحكلهاش اللي عملته دا عييب
لتزيح نظراتها عنه ناظرة لها بتوبيخ: وانتي ياسلا اي قلة الأدب دي ازاي تقولي كدا لضيفة عندنا وأكبر منك ينفع اللي عملتيه دا؟
نظرت لها "سلا" بنظرات مخذولة وحزينة لتنسحب من الفطور بحزن وخزي وبيدها دميتها وأنيستها
نظر عاصي لوالدته بلوم هاتفا: ليه ياماما زعلتيها كدا انت عارفة ان سلا ماتقصدش واللي بيجي في دماغها بتقوله
عيشة بتصميم: ماينفعش ياعاصي اللي عملته مايصحش
نهض عن المائدة تاركا الطعام ليلحق بها متوجها نحو غرفته
فتح الباب ليجدها هذه المرة جالسة ارضا عاقدة قدميها وذراعيها واضعة دميتها بحجرها وتبكي..
نظر لها قليلا متأملا هيئتها الطفوليه ليتوجه منها بخطي بطيئة ليصبح أمامها
نزل علي ركبه واحدة ليناديها بنبرة حانية: سلا
لم ترد وبقيت علي حالها عيناها ورأسها لأسفل بتذمر وحاجبان معقودان وشفاه مذمومة بسخط
نادها مرة أخري ولكن بلا فائدة
ليمد سبابته رافعا ذقنها اليها ليثبت عيناها بعينيه هامسا: انتي زعلتي ليه؟ يعني هزئتي البت اللي برا دي وكمان شتمتيها وزعلانة
سلا بغضب: عشان هي كدا فعلا ومش معفنة بس دي معفنة وملزقة ومسهوكة
صمتت قليلا ومازال سبابته أسفل ذقنها لتطالعه بنظرة حزينة: عاصي
عاصي بشرود في ملامحها: نعم
سلا: البنت دي وحشة ماشيها
عاصي: همشيها ياسلا همشيها
سلا بابتسامة واسعة: بجد ياعاصي
عاصي بهيام: بجد ياقلب عاصي ، لسه زعلانة
سلا بفرحة: لا خلاص طالما هتمشيها
عاصي بخبث: طب انا عملتلك اللي انتي عايزاه اهوو كفأيني بقا
سلا بحيرة: أكفأك؟! اعمل اي يعني؟
ترك ذقنها مشيرا الي وجنته: بوسيني
سلا بصدمة: اعمل اي؟!! مستحييييل
عاصي بتمثيل: ليه؟ اعتبريني لولا وبوسيني يلا
لا__رد
عاصي بلؤم: كدا؟ خلاص مش همشي ريم وهتبقي صاحبتي كم....
لم يكمل جملته حتي طبعت قبلة سريعة خجولة علي وجنتها
لتحمل نفسها ودميتها راكضة للخارج وهي تهتف بخجل وحدة: انا وبس صحبتك امنا الغولة دي لاءء
ابتسم بعذوبة ولمعت عيناه بسعادة لم يجربها من قبل فهي كالبلسم له ولآلآمه كان بحاجة لطفلة مثلها تزيل القليل من مر حياته وتخفف عنه حدة مايمر به ولم يحرمه القدر هذه المرة منها لتكون قدرها وزوجته وابنته...
"الحب هو المخرج من اللاوجود الي الوجود"
أفلاطون..
_________________________
علي الشاطئ...
وكعادته الأيام الماضية يأتي ليقف أمام البحر واضعا يداه بجيبي بنطاله عله يأخذ القليل من همومه وسط بحره الواسع
يقولون أن الناس لا تأتي للبحار للاستمتاع وقضاء الوقت فقط ، بل ليقذفون به ببعضا من همومهم وأحزانهم
كان يطالعه بشرود حتي هتف أحدهم مخرجا اياه من أفكاره: لسه برضو ماعرفتوش حاجة عنها
هز رأسه نافيا دون النظر اليه
ليحدق به الأخر هاتفا مجددا: كريم
كريم: والنبي بلاش حكم ومقالات ياآدم
آدم: مش جاي اقولك حكم ولا مقالات..عايز اقولك انك مزعل نفسك ع الفاضي مني ياكريم عمرها ماكانت ليك وعمرها ماحبيتك ولا حتي فكرت فيك فحاول...حاول تتقبل الواقع وانها اصلا لما كانت موجودة كانت ولا كأنها موجودة أصلا في حياتك
كل مااستوعبت أكتر انها مش ليك ولا حياتها وحياتك هيبقوا حياة واحدة هترتاح
كريم بشرود: مش عايزها في حياتي ومش عايز سكتنا تكوم واحدة...عايز بس أطمن عليها
أطمن انها بخير وانها بتاكل وبتشرب وصحتها كويسة
ساعتها هكون مبسوط وراضي ومش عايز اكتر من كدا
ادم بحزن مشددا قبضته علي كتفها: كدا مش هتعرف تعيش وتشوف حياتك انساها ياكريم عشان تقدر تكمل حياتك انساها
لم يرد فقد مل التوضيح وكيف يخبرهم أن الأمر ليس بتلك السهولة
ليس سهلا ان ينسي روحا ربطت بروحه وفتاة تمناها حتي في غفوته
كيف يشرح لهم ان نسيان شخصا رسخ اسمه بقلبه وليس عقله ليس صعب بل مستحيل!
"كيف للروح تكف عن الروح والروح في الروح تقيم!؟"
_______________________
دقت الباب بطرقات مهذبة حتي أذن له لتدلف معلنة عن وصوله ليأذن لها رب عملها باادخاله علي الفور بعد ان انهي كل مافي يده ليستقبله بحفاوة
فتح الباب مجددا ليدلف بهيئته التي رغم بساطته وصغر سنه الا انه يتمتع بهيبة لا يتسم به أغني الرجال او اشدهم
تقدم بخطوات مدروسة ونظرة واثقة بينما تأمله الآخر بتفحص ليهتف دون ترحاب: زي ماتخيلتك بالظبط!
عاصي بسخرية يحسد عليها: وتخيلتني ازاي بقا يا...حسن بيه مرتضي ولا أقول ياحمايا
حسن بنظرات ثاقبة: اقعد
عاصي جالسا: وأدي قاعدة...خير
حسن بسخرية: اظن انت اللي عايزني وانت اللي باعت الخطاب ولا انا غلطان
عاصي وقد زم شفتيها هاتفا: اممم من ناحية انا اللي باعت الخطاب ف ايوا لكن من ناحية اني انا اللي عايزك فاأظن انت ماقلبتش عليا اسكندرية دا لو مش براها كمان عشان تلاقيني وانت مش عاوزني!
حسن بحدة: ياتري بتهددني بالخطاب دا واللي فيه
عاصي: ابداا ، دا انا عايز اعرف بس واحد زيك في مركزك كان في ايده يأمن حياة بناته ببساطة ليه يرميهم في الشارع لكلاب السكك والفقر؟!
حسن بحزن وصدمة: أنا؟!! انت عارف بتقول اي؟
عاصي بجمود: عندك تبرير؟ قدرت تلاقيني في اسبوع من غير لا اسم ولا عنوان ولارقم يبقي مش قادر تلاقي عيالك
حسن بحزن: مكانش ينفع ، انا كنت صغير وقتها وماكانش في ايدي اي وسيلة الاقيهم بيها
تنهد بتعب ليهتف بنبرة متحسرة: انا تعبت ودوقت المر لحد ماوصلت ل اللي انا فيه وكنت بعمل كل دا وانا في نيتي اني عايز اوصلهم لكن لما وصلت للمكانة دي بقا حواليا عقارب كتير وعيون ماستنياني علي غلطة وكذا سبب منعوني عنهم
ساعتها ماكانش في ايدي غير اني اسكت واختار انهم يكونوا بعيد عني
عاصي باستهزاء: واضح انك بتاع مصلحتك من زمان!؟
حسن بعصبية: قولتلك ساعتها كنت صغير كنت يدوب 18 سنة وداخل ثانوية عامة وبسبب اللي حصل حياتي كلها ونفسيتي اتدمروا
عاصي بااستغراب: 18 سنة؟!! ازاي؟! والدة سلا قالت انها كانت 17 وانت 20
تنهد بحزن ونفاذ صبر: وأكيد قالت بقا اني اعتديت عليها مش كدا؟
عاصي بصدمة: اومال اي
حسن بشرود: هتفضل طول عمرها كدابة ومنحطة كل اللي قالته محصلش حتي جوزنا كان رسمي
عاصي بصدمة: كمان؟!!
حسن:من 23 سنة اللي انا من ساعتها ولحد اللحظة دي كل يوم بعدهم سنة سنة كنت راجع من درس متأخر ساعتها كنت ثانوية عامة بقا وهي كانت اكبر مني بسنتين او تلاتة وبالصدفة ماكنش في حد في البيت غيرها هي وخدامة تانية
ساعتها حاولت تتقرب مني بكذا طريق عشان تغريني
وانا كنت حايلا حتة مراهق واستسلمت لأساليبها الرخيصة وحصل اللي حصل
ساعتها بقت تهددني وتقولي انها هتقول لأهلي علي اللي حصل وبقيت تبتذني عشان تاخد مني فلوس وانا كنت زي الأهبل وخايف منها بقيت اخود فلوس دروسي ومصاريفي واديهاله لحد ماطلعت بملحقيين واهلي اتصدموا خصوصا اني كنت طالب شاطر
نفسيتي ادمرت لحد مافي يوم جت بتعيط وقالتلي انا حامل وانا ماكنتش فقيه بالعكس كنت ساذج جدا وتخيل انا اللي عرضت عليها الجواز...واتجوزتها رسمي من غير ماحد يعرف
وخدتها تعيش في اوضة اشترتها بالفلوس اللي جبتها لما بعت عقد أمي الدهب اللي سرقته وفضلت عايشة لوحدها لحد ماخلفت وبدأت تزيد عليا طلبتها وياما انفذ ياما تقول لأهلي وساعتها هي الكسبانة
لحد مرة طلبت مني حقوقها كزوجة الأول رفضت لكن اصرت وبأسالبها بقا عرفت تضعفني وكل دا عشان تحمل تاني وتربطني بيها وفعلا عملت اللي في دماغها وبدأت طلبتها تزيد وتهديداته تزيد لحد ليلة جبت آخري ومسكتها اداتها علقة موت وسبتها ودخلت اوضتي نمت صحيتي مالقتهاش
ساعتها بنتي كان عندها حوالي 7 او 8 سنين وكان اسمها سبا وهي تشهد اني كنت ونعم الأب ليها
حدق به بصدمة وعجز لسانه عن الرد...
ليقاطع صمتهم صوت السكرتيرة بعد ان طرقت الباب وأذن لها بالدخول: أنسه جني برا وعايزة حضرتك توقع علي اوراق ضروري
حسن: دخليها مفيش مشكلة
لتخرج وتدلف للداخل فتاة في منتصف العشرينات ذات شعر أحمر
حسن: هاتي ياجني الأوراق
جني: اتفضل
رفع رأسه ملتقطا أنفاسه لتصتدم عينه بتلك الواقفة هناك
أخذ يتأمله قليلا ويحدق بها بقوة محاولا التذكر أين رآها تلك ذات الشعر الأحمر؟!
فتح عيناها بصدمة ليهتف لنفسه: سباا!!؟
دلف لمكتب أحد الضباط هاتفا بعجلة: ياباشا ياباشا
الضابط بتفحص ونبرة جامدة: في اي ياعسكري
ليرد: في مسجون عمال يزعق علي آخرها من امبارح بس حالته شكلها بقت خطر
الضابط بانفعال: ومستني اي روح هاتوا اما اشوف ماله
بانصياع: امرك ياحظابط
ليخرج عائدا بعد قليل ممسكا ب "كامل" الذي كان يتعرق بشدة وممسكا بمعدته
اقترب منه الضابط بنظرات فاحصة ومدققة ليهتف بتساؤل: مالك يامسجون
كمال بتعب: بطني...بطني ياباشا من امبارح هتموتن....
لم يكمل جملته حتي سقط فاقدا الوعي بينما هتف الضابط بحدة: اطلبلوا الإسعاف شكله تسمم ولا اي
العسكري: حاضر ياباشا
!
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
"يوماا ما حين تكون الأمور بخير سننظر الي ماضينا ونشعر بفخر أننا لم نستسلم"
بيل غيتس...
_______________
تسارع في الأحداث...بعد أسبوع
طرق الباب بتكاسل ويأس لتفتح له أخته وعلامات الحزن تكسو ملامحها أيضا
لاحظت جمود ملامحه والحزن الذي لا يزال مسيطرا عليه منذ أسبوع..منذ أن تركته ووعدته أن تعود
همست بحزن: كريم
عرفتوا حاجة عن مني
هز رأسه بخزي نافيا ثم تخطاها متجها الي غرفته تحت أنظار باقي أسرته ليهتف والده بتساؤل عندما رأه: ها ياكريم في أخبار عنها
علي نفس الحال هز رأسه نافيا ليكمل سيره نحو غرفته دالفا اليها لتحتويه بكل احزانه وانكساراته ودموعه التي أبت عيناه التمسك به لتفر هربا علي وجنته كل ليلة بعد عودته من المخفر
تذكر آخر لقاء بينهما وتذكر نظرة الوداع التي رأها بعيناها وكاد أن يقسم ليلتها أنها لن تعود ولكن ماينهش بقلبه دون رحمة هو كرهه وسخطه علي نفسه يلعن غبائه
لماذا لم يمنعها لماذا لم يتمسك بحب حياته لماذا تركها ترحل رغم يقينه أنها لن تعود
لم يتحمل جموح تفكيره أكثر ليبكي بقوة كاتما شهقاته بالوسادة التي إحتضنها كل ليلة ليبث بها أحزانه ودموعه
"يبقي الرجل بلا نقطة ضعف حتي يحب
وتبقي المرأة بلا نقطة ضعف حتي تكره!"
اضغاث_قلم
: : : : : : : : : : : : :
بالخارج...
هتفت بغضب وحزن علي حالة أخيها: منها لله كسرت نفسه بعد كل اللي عمله عشانها
لترد والدته بحزن وقلة حيلة: فيروووز بس حرام عليكي بطلي ولولتك دي شوية احنا في اي ولا في اي
نغم بحزن: مني صعبانة عليا اووي انا خايفة تكون عملت حاجة في نفسها بعد كل اللي حصل
الوالدة بتحذير: هششش بس اسكتي كريم لو سمعك هيجراله حاجة انتي مش شايفة هيتجنن عليها ازاي دا بيطلع م الصبح ومابيطلعش غير وش الفجر والساعتين اللي بيجيهم مابينمهمش ياابني
فيروز بضجر: انا مش فاهمة هو في اي هي سحراله ولا سحراله
الوالد بجدية: انتي مش ناوية تعدلي بوقك دا وتعرفي تتكلمي زي الناس و....
كاد ان يكمل ولكن قاطع حديثهم طرقات الباب
فيروز بتأفف: انا هفتح اما نشوف مين اللي جايلنا نص الفجر
اتجهت لفتح الباب بينما تبعتها انظار الجميع ليستمعون لصوت فيروز: خالتووو تعالي في حاجة
لتدلف للداخل وخلفها خالتها ترد: لا بس قلقت علي كريم ولما سئلتكوا قولت مابيجيش غير الفجر وماعرفتش اجي غير دلوقت هو فين
الوالدة بحزن: في أوضتي
الوالد: انا بقول نسيبه مع نفسه
الخالة: انا بقول لو فضل كدا لوحده ياعالم أفكاره هتوديه علي فين انا هدخله
وصلت لباب غرفته لتطرقه بهدوء عدة مرات دون رد
لتهتف بحنو: انا عارفة انك صاحي افتحلي
اخذت تعيد الطرق بهدوء حتي فتح الباب ليطل منه بوجه شاحب جامد
الخالة بشهقة: ييييه ليه ياكريم عامل في نفسك كدا انت خاسس خالص
تركه ليعود جالسا علي فراشه يتني قدم والأخري مدده ولم يرد وكأنه بعالم آخر
لتردد بحزن: يعني انت لما تعمل في نفسك كدا هي هترجع مثلاا
لا_رد
لتعود مسترسلة: اقولك ع الحل
رفع رأسه بجمود لتكمل بعد ان جلست قابلته وامسكت يداه بيدها لتشجعه: حط في اعتبرك انها مش نصيبك ربنا مش رايد انكوا تكونوا لبعض هتعترض علي ارادة ربنا؟
بعدين اش دراك مايمكن يكون نصيبك بنت تانية تلاقي فيها اللي مني ماعرفتش تقدمهولك
لتكمل ممازحة: بعدين يعني ماتزعلش مني البت مني دي اصلا نكدية وعيوطة احنا هنجوزك واحدة فرفوشة كدا تدلعك اومال اي اهاا
ليبتسم ابتسامة صغيرة مجاملة لحديث خالته ولكن داخله يردد
لا أريد سواكي ، عودي!
"في النهاية
سيكون معك من يحبك وليس من تحبه"
غابرييل ماريكيز...
_____________
بذات التوقيت تقريبا
كان عائدا لبيته وعلامات الحزن التي شابها الندم والشعور بالذنب
فلم يكن ذنبها ماارتكبه أبويها فهي منذ صغرها لم تشبههم ولم تكن يوما مثلهم بل العكس أحبته بشدة ولم يكن منه الا ان أنبها ولامها علي حبها له بأبشع الكلمات
والآن ليس منه الا ان يدعي الله ويرجوه ان تعود وحينها سيعتذر منها حتي تسامحه فان كان لا يكن لها مشاعر الحب والعشق فلها بذاته مايكفي من مشاعر الأخوة
يحتقر نفسه أكثر وأكثر كلما تذكرها بعفويتها وملاطفتها الدائمة لمن حولها
هو جرب الإحساس بالظلم ولم يكره شيئا في حياته أكثر منه ولكنه ارتكب هذا الإثم بحق من لم تأذيه يوما ولم تتمني له الا كل خيرا
وها هو نادم بعد فوات الأوآن
هي اختارت الرحيل والبعد عن حياة الجميع تاركة خلفها تعاسة وحزن سيطر علي أرواحهم جميعا
وصل لباب بيته وماكاد أن يطرق عليه حتي سمع همسا مناديا باسمه
التفت عاقدا حاجبيه علي مصدر الصوت كانت امراءة تلف نفسها بوشاح وسير أخفي معالم جسدها ووجهها
اقترب بتريث وداخله يدعي أن تكون هي مني
عاصي بفضول وتطلع: مين..مني ؟
ابعدت الوشاح عنها ليقع أرضا بينما اتسعت عيون الآخر بصدمة
: :
لم تسعفه كلماته من شدة صدمته وذهوله كيف أتت الي هنا وبهذا التوقيت؟!!
نظرت اليه بوجه شاحب ومخذول وعينان باكيتان وهيئة مذرية لترتمي باأحضانه تاركة لنفسه عنان البكاء فانهارت بشهقات عالية تتشبث بظهره بيداها لينطق أخيرا محاولا ابعادها عنه
عاصي بثبات: ريم
لا رد فقد فشلت محاولاته في ابعادها
عاصي بتأفف:ابعدي عني وفهميني في اي وبتعملي اي هنا في وقت زي دا
تشبثت به أكثر لتهتف ببكاء وانهيار: عااصي ماتسبنيش انا محتاجلك اووي انا اتكسرت
عقدت الدهشة حاجبيه ليهتف باستنكار: اتكسرتي؟! وضحي كلامك ياريم
أخذت تشهق بعنف وأنفاس متقطعة ليردد الآخر: طب تعالي ندخل جوا وتحكيلي
تشبثت بذراعه بعنفه واخذت تهز رأسه نافية: لل لاء لاء مش عايزة ادخل
عاصي باستغراب: ليه؟ بعدين ماتقلقيش والدتي جوا ومراتي كمان
نظرت له بصدمة: مم مراتك! انت اتجوزت
عاصي بسخرية: من بدررري ، ها ندخل
صمتت قليلا لتؤمي برأسها ايجابا فلقد ساورها الفضول لرؤية من فازت به
_________________________
انتي بتهزري يااروي؟ يعني جمعتينا هنا الساعة 5 الصبح عشان تقوليلنا نجري؟
اروي بابتسامة: ايوااا بالظبط ياحظابط
يوسف بعصبية طفيفة: اروي انت مش ناقص جنانك اعقلي كدا ويلا نتطلع نتخمد
اروي: لا ياحبيبي مفيش خامدة تاني احنا هنخرج حالا انا والبنات وبما ان الوقت لسه بدري بقولك تعالي معانا لو مش عاوظ اوكيه هنروح لوحدنا مفيش مشاكل ، مش كدا يابنات
هنا ونجمة: ايوااااه
تأفف بضيق ليرد من بين اسنانه: اللهم طولك ياروح
يلااا قدامي
لتهتف الثلاثة بمرح: هيييييه
اتجهوا للخارج ليفتح باب سيارته وقبل ان يصعد بها هتفت به: انت رايح فييين؟
يوسف بحدة: هركب
اروي بابتسامة باردة: لا ياحبيبي احنا هنجري
اقترب منها بغضب يحاول كبحه لينظر لها بقوة هاتفا: نعم يااختي تجري فين
هنا في الشارع قدام الفيلا
يوسف: احنا في كومبوند ياحبيبتي يعني كل واحد عينه ع التاني
اروي: لا ياحبيبي دا بيتهيألك محدش مركز مع حد بعدين كله نايم وفي مكان مخصوص للمشي
يوسف بغيرة وصراخ: ماهو بيبقي مليان شباب
نظرت له لبرهة متناسية امر الفتاتان لتلف يداها حول عنقه هامسة بدلال: اي دا انت بتغير يابيبي؟
يوسف بعبث: فك م الجري والكلام الاهبل دا وتعالي فوق وانا اقولك بغير ولا لاء
أنهي حديثه بغمزة
ليسمعان صوت شهقات ليستديران للفتاتان التي وضعت كل منهم يدها علي فمها هامسة للاخري: قلة أدب!
أروي بارتباك: انا بقول نمشي بقا قبل ماالناس تصحي
يوسف: برضوا هتعملي اللي في دماغك
اتجاهوا للباب ليقفوا صفا متوازي..
اروي: يوسف انت عد
يوسف بتنهيدة: 1 ، 2 ، 3
ليبدوء بالركض اربعتهم لمدة لم تتجاوز الأربعة دقائق حتي
قاطعهم صوت رجولي محمحم: احم صبااح الخير
هنا بتفحص: انت بتعمل اي هنا
علاء بتفاخر: انا كل يوم هنا لازم اجري نص ساعة ع الاقل
يوسف بنصف عين: ياراااجل؟! دا من امتي
علاء بتوتر: من زمان طبعا عشان احافظ علي صحتي
هنا: ماانت زي الشحط اهوو هتحافظ عليها اكتر من كدا
علاء: الله وأكبر ايوا طبعا احافظ عليها
ليغمزها بمكر: أصل انا داخل علي جواز وأهم حاجة الصحة
تملكها الخجل ولم ترد ليهتف "علاء" مكبرا وكأنه فاز باحدي الجوائز: ااااالله أكبرررر دي بتكسف يعني في أمل
ليضحك الجميع حتي نجمة ضحكت بمحبة لهم ولمزاحهم فلقد اشتاقتهم رغم مامرت به ولم تكن بحاجة أكثر من هكذا عائلة وأصدقاء ليزيحوا عنها ماتحملته لسنوات ماضية
"سأعيش علي أمل أن كل شيئا سيصبح جميلا مادام لنا ربنا يقول كن فيكون"
نجيب محفوظ....
_____________
اهدي كدا عشان أفهم منك أنا مش فاهم حاجة وانتي بالحالة دي
هتف بجدية
بينما كانت تتابعه "سلا" بنظرات نارية مشتعلة بمشاعر جديدة عليها لم تتعرف عليها بعد
ردت الأخري ومازالت علي حالتها: ينفع نبقي لوحدنا
اؤمي بايجاب لينهض مشيرا لها نحو احدي الغرف
بينما نهضت طفلته كما أصبح يناديها مؤخرا
لتهتف بتذمر: انتوا رايحين فين انا جاي معاكوا
نظر لها بتفحص قبل ان يقترب منها هامسا بحنو عندما استشعر غيرتها: خليكي هنا ياسلا هشوفها عايزة اي وأجي
اقتربت منها هامسة بحنق: لاء ماتروحش البت دي شكلها سوسة
نظر لها بابتسامة واسعة علي عفويتها ليرد بمهس مقلدا لها: مالناش دعوة بيها انا هشوفها عايزة اي بس
سلا بغضب: هاجي معاك
تنهد بنفاذ صبر: سلا
خليكي هنا هخلص معاه بس وارجعلك روحي ياحبيبتي وانا جاي
لم يعطيه فرصة الرد لينسحب نحو "ريم" والتي كانت تتابع مايحدث بغضب فتلك الطفلة المدللة اخذت ماليس لها ^من وجهة نظرها^
دلف للداخل وخلفه هي ليجلس علي طرف الفراش مشيرا لها ناحية الكرسي في مقابلته: اقعدي وقولي في اي
جلست بانكسار لتعود لبكائها هاتفة: معدش في ليا حد اروحله بعد اللي حصل بس اوعدني مش هتقول لحد
عاصي بتنهيدة: ماشي ، اوعدك
ريم بنبرة باكية: انا اتخطبت ل سعيد بس عشان اهلي جبروني هو كان مفهمهم انه راجل غني لحد ماعمهم بالفلوس وباعوني ليه والاسبوع اللي فات اهي اهي هو قالي انه عايز يخرج معايا وانا رفضت بس ماما صممت وماكانش في قدامي حل وخرجت معاه بس اهي الواطي دا خدني خخ خدني بيته وحصل اللي حصل
لتنهار باكية بينما الأخر فتح عيناه بصدمة ليتساؤل بعدها: ليه عمل كدا ماانتوا مخطوبين وكنتوا هتتجوزوا و
ريم ببكاء: نصاب
عاصي باستغراب: اي؟
ريم: طلع نصاب وسوابق كمان
حدق بها قليلا بنظرات احتقار لم تخفي عنها: وانتي جايلي ليه بعد عملتك جاي تفضحي نفسك قدامي ولا مستنية مني استر عليكي
نظرت له ببكاء: عاصي انتي بتكرهني؟
رد ببرود: ابداا
كادت ان تبتسم لكنه عقب: ولا بحبك
يعني مش حاسس باأي حاجة اتجاهك خالص مفيش عندي اي مشاعر نحيتك
ردت بانكسار متغاضية عن كلماته حاليا: بعد ماروحت واهلي عرفوا بااللي حصل ورغم انهم كانوا هما السبب ضربوني وطردوني وماعرفتش اروح فين غير هنا
عاصي بشك: وعرفتي بيتي منين
ريم: بعد مااتخطبت انت غبت عن الكلية فترة فسألت علي عنوانك عشان اجيلك و واعتذرلك
تنهد ليرد: وانا اي في ايدي اعملهولك دلوقت؟
ريم برجاء: ممكن اقعد معاكوا بس يعني كام يوم لحد ماالاقي مكان
نهض واقفا ليرد بجدية: موافق بس اوعي تفكيرك يخونك انا هساعدك كأني بساعد اي حد....من الشارع
رماها بنظرة احتقار من طرف عينه ليغادر تاركا اياها
_____________
يشعر بالحيرة والتخبط كل ماكان يريده هو ان يبني حياة ناجحة بمكان هادئ هل طلب الكثير؟!
اتجاه لغرفته طامعا ببعض الراحة التي لم ينعم به منذ اختفاء "مني"
فتح الباب ليجدها قابلته تجلس علي طرف الفراش وتعقد ذراعيها بغضب امام صدرها وتمسك بدميتها وحاجبيها معقودان
ابتسم من هيئتها الطفولية ليأخذ نفسا عميق قبل ان يغلق الباب خلفه مرددا بنبرة هادئة: انتي زعلانة؟؟
لا رد
ليرد بقلة حيلة: طب كنتي عايزاني اعمل اي مش هي اللي طلبت تتكلم معايا لوحدنا
نظرت لها بغضب لتهتف بنبرة مغتاظة: دي صحبتك الجديدة صح؟
ابتسم بحنان لها ثم جلس بجانبها بينما كانت تعطيه ظهرها ليمد يده محتضنا خصرها ليديرها له ثم همس بحب: انتي صحبتي الوحيدة ياسلاا
حاولت ألا تبتسم لكلماته ولكن لم تستطع
لترتسم علي شفتيها ابتسامة واسعة مع عيناها التي أضاءت بلمعة شغف
لترد بهمس: بجد؟
عاصي بهمس وعينان لامعتان بحب وشغف: بجد ياسلاا
تبادلا النظرات قليلا والتي كانت مشبعة بحب كل منهما للآخر وكلمات لم تعترف بها ألسنتهم بعد لتتولي عيناهما الأمر
رجع بظهره للخلف ومازال محيطا خصرها بذراعه ليتمدد ويجذبها لتتوسد صدرها ويده محتضن خصرها بتملك مقربا اياها له بعينان يهيجان بحبها هي فقط
بمجرد أن وضع رأسها علي صدره شعرت بدقات قلبه العنيفة
لترفع رأسها بطفولة ودهشة: اي دا قلبك بيدق جامد!!
عاصي باأنفاس مثقلة وعينان دافئتان: بيدق ليكي ياسلا...ليكي انتي وبس!
"المرأة العظيمة تلهم الرجل العظيم ، بينما تثير المرأة الذكية اهتمامه ، وأما المرأة الجميلة فلا تحرك في الرجل الا الاعجاب
بينما تحتفظ المرأة العطوف بالرجل العظيم في النهاية"
ويليام شكسبير...
_____________________حلمي العاصي-البارت السادس والعشرون
في اليوم التالي....
سطعت الشمس بأشعتها الذهبية مداعبة جفونه ليفتح عيناه ببطئ
شعر بثقل فوق جسده فابتسم عندما رأها مستلقية فوقه غارقة في النوم كعادتها تظل تتقلب طوال الليل حتي يستيقظ في اليوم التالي ويجدها نائمة فوق جسده
داعب وجنتها برقه لتعقد حاجبيه بغضب وانزعاج ليبتسم لحركتها العفوية ثم عاد وقرصها من وجنتها برفق لتتملل في نومها حتي فتحت عيناها
رفعت رأسها لتتطالعه بنعاس
ابتسم هامسا: ينفع كدا بتسيبي السرير كله وتنامي فوقي حد قالك اني مرتبة؟
ضحكت بخجل لتبتعد عنه جالسة قابلته لتنظر له بحب: صباح الخير
عاصي بابتسامة: صباح الجمال
سلا: مش انت كان وراك مشوار انهاردة
عاصي: ايوا
سلا: ينفع تاخدني معاك والنبي ومش هعمل دوشة
عاصي بحنان: هبقي اخدك مكان تاني بس النهاردة مش هينفع دا شغل
سلا برجاء: والله مش هتشقي وهقعد ساكتة بليييز
عاصي رابتا علي رأسها: معلش ياحبيبتي خليكي هنا النهاردة وبكرا وعد هخرجك المكان اللي تختريه
سلا بغضب: انا عايزة اروح معاك مش بعرف اقعد من غيرك انت بتتاخر برا
حدق بها قليلا لينطق بهمس خبيث: ليه بوحشك؟
سلا باندفاع: بتوحشني خالص و....
وضعت يدها علي فمها شاهقة بخجل لتنظر له بارتباك: انا يعني اقصد مش اقصد....
قاطعها عندما جذب يدها لتستلقي بين أحضانه مجددا هاتفا بحب: وانتي كمان بنوحشيني خاالص يا طفلتي
رفعت رأسها لتحدقها بنظرات زائغة بعثرت ذاته: بجد بوحشك
رد بهيام هامس ونبرة ثقيلة من فرط مشاعره: انتي بقيتي خطر عليا يا سلا كل مدي بغرق فيكي أكتر
سلا بعدم فهم: بتقول اي؟
عاصي بتنهيدة: مفيش ياسلا انسي
ليضمها اكثر اليه مشددا من احتضانها ليقربه أكثر له وكأنه يود رسخها بين ضلوعه
سلا بتساؤل: مش هتروح المشوار
عاصي مغمغما: اممم هروح بس مش دلوقتي
سلا: طب اروح اقول لعمتو تحط الفطار؟
عاصي: لا....خليكي كدا في حضني
_____________________
طرق الباب بطرقات ثابتة ليأذن له بالدخول
حمحم ليلفت إنتبه بينما رد الأخر وقد تركزت حواسه كلها معه: عرفت يبقي مين؟
رد بمهنية: آيوا سيادتك قدرت أوصل لإسمه وعنوانه تحب يبقي عندك ولا أخلص أنا
رد الآخر بنبرة ساخرة: تؤ تؤ كفاية انه يبقي ادامي النهاردة ، مش برضوا بعتله الرسالة اللي كفلتك بيها ياجابر
جابر: حصل ، بس ممكن مايجيش ياحسن بيه
حسن بلؤم: ازاي؟! دا هو اللي طالب يجي وأنا لبيت طلبه خصوصا ان أسلوب عجبني!
ليعود بأنظاره ل "جابر" متساؤلا بفضول ونبرة باردة: اسمه اي
جابر: عاصي
ابتسم بخبث ولمعت عيناه بغضب دفين ليردد اسمه وكأنما يتذوقه: عاصي! لاء لايق عليه
جابر بفضول: اللي يشوف سيادتك ساعة الخطاب اللي بعته مايشوفكش دلوقتي وانت متحمس كدا انك تقابله ، هو في اي؟
حسن بجمود: مش شغلك ياجابر
ليحمحم الآخر بحرج مستأذنا ليغادر
بينما ثبتت عينا الآخر علي اللاشئ ليهمس بجمود والشرر يتطاير من عيناه بتحسب: عاصي! نورت اللعبة اللي رميت نفسك فيها يابيه!
__________________________
التفوا حول المائدة شارعيين في تناول فطورهم بهدوء حتي هتفت "عيشة" بنبرة قلقة: ماعرفتش أسألك إمبارح ، عرفتوا حاجة عن مني؟
عاصي بثبات: لاء
عيشة: ماجربتوش تسألوا الناس يمكن حد شافها
عاصي: عملنا كدا والبوليس ماسبش بيت وسألوا ماحدش شافها
عيشة بحزن: لا حول ولا قوة الا بالله والنبي البنت دي صعبانة عليا دفعت تمن أغلاط أبوها وأمها
عاصي لنفسه بشرود: "أخطاء الأباء يتحملها....الأبناء"
عيشة مقاطعة بتساؤل: معرفتوش حاجة عن رائف كمان دا مختفي بقالوا فترة برضوا
ريم بتساؤل ممررة انظارها بين عاصي ووالدتها: خيير هو في مشاكل عندكوا؟
نظرت لها سلا بشرر لترد بغضب: وانتي مالك انتي بينا انتي هتقعدي هنا شوية وتمشي
عيشة بحدة طفيفة: سلا! عييب
بينما ابتسم عاصي بمكر ليمد يدها ممسكا بيدها هامسا: لاء ياسلا ماتقوليش لريم كدا دي برضوا....صحبتي اوي
شدد علي كلمته الأخيرة مثيرا حنقها لتطالعها بحدة بينما ابتسمت الأخري بسذاجة
لتهتف سلا بتذمر: صحبتك؟! المعفنة دي صحبتك؟
شهقة "عيشة" وشهقة "ريم" بصدمة مما تفوهت بها تلك الطفلة المدلله ذات اللسان الطويل
لتصدح ضحكات الآخر بمرح
عيشة بحدة: عاصي ماتضحكلهاش اللي عملته دا عييب
لتزيح نظراتها عنه ناظرة لها بتوبيخ: وانتي ياسلا اي قلة الأدب دي ازاي تقولي كدا لضيفة عندنا وأكبر منك ينفع اللي عملتيه دا؟
نظرت لها "سلا" بنظرات مخذولة وحزينة لتنسحب من الفطور بحزن وخزي وبيدها دميتها وأنيستها
نظر عاصي لوالدته بلوم هاتفا: ليه ياماما زعلتيها كدا انت عارفة ان سلا ماتقصدش واللي بيجي في دماغها بتقوله
عيشة بتصميم: ماينفعش ياعاصي اللي عملته مايصحش
نهض عن المائدة تاركا الطعام ليلحق بها متوجها نحو غرفته
فتح الباب ليجدها هذه المرة جالسة ارضا عاقدة قدميها وذراعيها واضعة دميتها بحجرها وتبكي..
نظر لها قليلا متأملا هيئتها الطفوليه ليتوجه منها بخطي بطيئة ليصبح أمامها
نزل علي ركبه واحدة ليناديها بنبرة حانية: سلا
لم ترد وبقيت علي حالها عيناها ورأسها لأسفل بتذمر وحاجبان معقودان وشفاه مذمومة بسخط
نادها مرة أخري ولكن بلا فائدة
ليمد سبابته رافعا ذقنها اليها ليثبت عيناها بعينيه هامسا: انتي زعلتي ليه؟ يعني هزئتي البت اللي برا دي وكمان شتمتيها وزعلانة
سلا بغضب: عشان هي كدا فعلا ومش معفنة بس دي معفنة وملزقة ومسهوكة
صمتت قليلا ومازال سبابته أسفل ذقنها لتطالعه بنظرة حزينة: عاصي
عاصي بشرود في ملامحها: نعم
سلا: البنت دي وحشة ماشيها
عاصي: همشيها ياسلا همشيها
سلا بابتسامة واسعة: بجد ياعاصي
عاصي بهيام: بجد ياقلب عاصي ، لسه زعلانة
سلا بفرحة: لا خلاص طالما هتمشيها
عاصي بخبث: طب انا عملتلك اللي انتي عايزاه اهوو كفأيني بقا
سلا بحيرة: أكفأك؟! اعمل اي يعني؟
ترك ذقنها مشيرا الي وجنته: بوسيني
سلا بصدمة: اعمل اي؟!! مستحييييل
عاصي بتمثيل: ليه؟ اعتبريني لولا وبوسيني يلا
لا__رد
عاصي بلؤم: كدا؟ خلاص مش همشي ريم وهتبقي صاحبتي كم....
لم يكمل جملته حتي طبعت قبلة سريعة خجولة علي وجنتها
لتحمل نفسها ودميتها راكضة للخارج وهي تهتف بخجل وحدة: انا وبس صحبتك امنا الغولة دي لاءء
ابتسم بعذوبة ولمعت عيناه بسعادة لم يجربها من قبل فهي كالبلسم له ولآلآمه كان بحاجة لطفلة مثلها تزيل القليل من مر حياته وتخفف عنه حدة مايمر به ولم يحرمه القدر هذه المرة منها لتكون قدرها وزوجته وابنته...
"الحب هو المخرج من اللاوجود الي الوجود"
أفلاطون..
_________________________
علي الشاطئ...
وكعادته الأيام الماضية يأتي ليقف أمام البحر واضعا يداه بجيبي بنطاله عله يأخذ القليل من همومه وسط بحره الواسع
يقولون أن الناس لا تأتي للبحار للاستمتاع وقضاء الوقت فقط ، بل ليقذفون به ببعضا من همومهم وأحزانهم
كان يطالعه بشرود حتي هتف أحدهم مخرجا اياه من أفكاره: لسه برضو ماعرفتوش حاجة عنها
هز رأسه نافيا دون النظر اليه
ليحدق به الأخر هاتفا مجددا: كريم
كريم: والنبي بلاش حكم ومقالات ياآدم
آدم: مش جاي اقولك حكم ولا مقالات..عايز اقولك انك مزعل نفسك ع الفاضي مني ياكريم عمرها ماكانت ليك وعمرها ماحبيتك ولا حتي فكرت فيك فحاول...حاول تتقبل الواقع وانها اصلا لما كانت موجودة كانت ولا كأنها موجودة أصلا في حياتك
كل مااستوعبت أكتر انها مش ليك ولا حياتها وحياتك هيبقوا حياة واحدة هترتاح
كريم بشرود: مش عايزها في حياتي ومش عايز سكتنا تكوم واحدة...عايز بس أطمن عليها
أطمن انها بخير وانها بتاكل وبتشرب وصحتها كويسة
ساعتها هكون مبسوط وراضي ومش عايز اكتر من كدا
ادم بحزن مشددا قبضته علي كتفها: كدا مش هتعرف تعيش وتشوف حياتك انساها ياكريم عشان تقدر تكمل حياتك انساها
لم يرد فقد مل التوضيح وكيف يخبرهم أن الأمر ليس بتلك السهولة
ليس سهلا ان ينسي روحا ربطت بروحه وفتاة تمناها حتي في غفوته
كيف يشرح لهم ان نسيان شخصا رسخ اسمه بقلبه وليس عقله ليس صعب بل مستحيل!
"كيف للروح تكف عن الروح والروح في الروح تقيم!؟"
_______________________
دقت الباب بطرقات مهذبة حتي أذن له لتدلف معلنة عن وصوله ليأذن لها رب عملها باادخاله علي الفور بعد ان انهي كل مافي يده ليستقبله بحفاوة
فتح الباب مجددا ليدلف بهيئته التي رغم بساطته وصغر سنه الا انه يتمتع بهيبة لا يتسم به أغني الرجال او اشدهم
تقدم بخطوات مدروسة ونظرة واثقة بينما تأمله الآخر بتفحص ليهتف دون ترحاب: زي ماتخيلتك بالظبط!
عاصي بسخرية يحسد عليها: وتخيلتني ازاي بقا يا...حسن بيه مرتضي ولا أقول ياحمايا
حسن بنظرات ثاقبة: اقعد
عاصي جالسا: وأدي قاعدة...خير
حسن بسخرية: اظن انت اللي عايزني وانت اللي باعت الخطاب ولا انا غلطان
عاصي وقد زم شفتيها هاتفا: اممم من ناحية انا اللي باعت الخطاب ف ايوا لكن من ناحية اني انا اللي عايزك فاأظن انت ماقلبتش عليا اسكندرية دا لو مش براها كمان عشان تلاقيني وانت مش عاوزني!
حسن بحدة: ياتري بتهددني بالخطاب دا واللي فيه
عاصي: ابداا ، دا انا عايز اعرف بس واحد زيك في مركزك كان في ايده يأمن حياة بناته ببساطة ليه يرميهم في الشارع لكلاب السكك والفقر؟!
حسن بحزن وصدمة: أنا؟!! انت عارف بتقول اي؟
عاصي بجمود: عندك تبرير؟ قدرت تلاقيني في اسبوع من غير لا اسم ولا عنوان ولارقم يبقي مش قادر تلاقي عيالك
حسن بحزن: مكانش ينفع ، انا كنت صغير وقتها وماكانش في ايدي اي وسيلة الاقيهم بيها
تنهد بتعب ليهتف بنبرة متحسرة: انا تعبت ودوقت المر لحد ماوصلت ل اللي انا فيه وكنت بعمل كل دا وانا في نيتي اني عايز اوصلهم لكن لما وصلت للمكانة دي بقا حواليا عقارب كتير وعيون ماستنياني علي غلطة وكذا سبب منعوني عنهم
ساعتها ماكانش في ايدي غير اني اسكت واختار انهم يكونوا بعيد عني
عاصي باستهزاء: واضح انك بتاع مصلحتك من زمان!؟
حسن بعصبية: قولتلك ساعتها كنت صغير كنت يدوب 18 سنة وداخل ثانوية عامة وبسبب اللي حصل حياتي كلها ونفسيتي اتدمروا
عاصي بااستغراب: 18 سنة؟!! ازاي؟! والدة سلا قالت انها كانت 17 وانت 20
تنهد بحزن ونفاذ صبر: وأكيد قالت بقا اني اعتديت عليها مش كدا؟
عاصي بصدمة: اومال اي
حسن بشرود: هتفضل طول عمرها كدابة ومنحطة كل اللي قالته محصلش حتي جوزنا كان رسمي
عاصي بصدمة: كمان؟!!
حسن:من 23 سنة اللي انا من ساعتها ولحد اللحظة دي كل يوم بعدهم سنة سنة كنت راجع من درس متأخر ساعتها كنت ثانوية عامة بقا وهي كانت اكبر مني بسنتين او تلاتة وبالصدفة ماكنش في حد في البيت غيرها هي وخدامة تانية
ساعتها حاولت تتقرب مني بكذا طريق عشان تغريني
وانا كنت حايلا حتة مراهق واستسلمت لأساليبها الرخيصة وحصل اللي حصل
ساعتها بقت تهددني وتقولي انها هتقول لأهلي علي اللي حصل وبقيت تبتذني عشان تاخد مني فلوس وانا كنت زي الأهبل وخايف منها بقيت اخود فلوس دروسي ومصاريفي واديهاله لحد ماطلعت بملحقيين واهلي اتصدموا خصوصا اني كنت طالب شاطر
نفسيتي ادمرت لحد مافي يوم جت بتعيط وقالتلي انا حامل وانا ماكنتش فقيه بالعكس كنت ساذج جدا وتخيل انا اللي عرضت عليها الجواز...واتجوزتها رسمي من غير ماحد يعرف
وخدتها تعيش في اوضة اشترتها بالفلوس اللي جبتها لما بعت عقد أمي الدهب اللي سرقته وفضلت عايشة لوحدها لحد ماخلفت وبدأت تزيد عليا طلبتها وياما انفذ ياما تقول لأهلي وساعتها هي الكسبانة
لحد مرة طلبت مني حقوقها كزوجة الأول رفضت لكن اصرت وبأسالبها بقا عرفت تضعفني وكل دا عشان تحمل تاني وتربطني بيها وفعلا عملت اللي في دماغها وبدأت طلبتها تزيد وتهديداته تزيد لحد ليلة جبت آخري ومسكتها اداتها علقة موت وسبتها ودخلت اوضتي نمت صحيتي مالقتهاش
ساعتها بنتي كان عندها حوالي 7 او 8 سنين وكان اسمها سبا وهي تشهد اني كنت ونعم الأب ليها
حدق به بصدمة وعجز لسانه عن الرد...
ليقاطع صمتهم صوت السكرتيرة بعد ان طرقت الباب وأذن لها بالدخول: أنسه جني برا وعايزة حضرتك توقع علي اوراق ضروري
حسن: دخليها مفيش مشكلة
لتخرج وتدلف للداخل فتاة في منتصف العشرينات ذات شعر أحمر
حسن: هاتي ياجني الأوراق
جني: اتفضل
رفع رأسه ملتقطا أنفاسه لتصتدم عينه بتلك الواقفة هناك
أخذ يتأمله قليلا ويحدق بها بقوة محاولا التذكر أين رآها تلك ذات الشعر الأحمر؟!
فتح عيناها بصدمة ليهتف لنفسه: سباا!!؟
دلف لمكتب أحد الضباط هاتفا بعجلة: ياباشا ياباشا
الضابط بتفحص ونبرة جامدة: في اي ياعسكري
ليرد: في مسجون عمال يزعق علي آخرها من امبارح بس حالته شكلها بقت خطر
الضابط بانفعال: ومستني اي روح هاتوا اما اشوف ماله
بانصياع: امرك ياحظابط
ليخرج عائدا بعد قليل ممسكا ب "كامل" الذي كان يتعرق بشدة وممسكا بمعدته
اقترب منه الضابط بنظرات فاحصة ومدققة ليهتف بتساؤل: مالك يامسجون
كمال بتعب: بطني...بطني ياباشا من امبارح هتموتن....
لم يكمل جملته حتي سقط فاقدا الوعي بينما هتف الضابط بحدة: اطلبلوا الإسعاف شكله تسمم ولا اي
العسكري: حاضر ياباشا
!
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
تعليقات
إرسال تعليق